• Default
  • Title
  • Date
السبت, 02 أيار 2015

برغوليزي العبقري الشاب

  ثائر صالح

أعتقد أن واحدة من أكبر الخسارات التي منيت بها الموسيقى في أوروبا، إلى جانب الحريق الذي التهم كل أعمال فيليب هاينريش أرلَباخ (1657 – 1714) سنة 1735، هي الوفاة المبكرة للعبقري جوفاني باتيستا برغوليزي (پـَرْگـولَيْزي)، فقد عاش بين 1710 – 1736، أي 26 سنة فحسب. لكن السنوات الست التي نشط فيها كانت كافية ليؤلف أربع أوبرات جادة، اثنتين من الاوبرات الهزلية، ومثلها من الفواصل الهزلية التي كانت تقدم بين فصول الأوبرات، دراما دينية واحدة، أوراتوريو واحد، قداسين، عدد من الأعمال للصلوات الليلية، ست كانتاتات، علاوة على أحد أعظم أعماله ستابات ماتر (نسبة إلى مطلع نشيد ديني عن وقوف مريم عند الصليب). ألف كذلك خلال هذه الفترة القصيرة عدداً قليلاً من الأعمال للأدوات الموسيقية الرائعة. بدأ حياته العملية في 1729 اثر تعيينه عازفاً أولاً للكمان في كونسرفاتوار نابولي، حتى قبل أن يتخرج سنة 1731 بتأليفه أوراتوريو يحلم الكثير من المؤلفين بتأليف عمل يشبهه. باشر بعد تخرجه في تأليف أول أعماله الاوبرالية، ثم كتب أوبرا كوميدية ناجحة اشتهر بها. انتقل برغوليزي إلى روما في 1734 حيث بدأ بتأليف الأعمال الدينية. لكن مرضه بالسل بدأ يعيقه عن العمل شيئاً فشيئاً، فأقام في أحد أديرة بوتسولي القريبة من نابولي في الأشهر الأخيرة التي سبقت وفاته في 17 آذار 1736، وهناك كتب أعظم عملين من أعماله: ستابات ماتر المذكور آنفاً، ونشيد Salve Regina في تمجيد مريم.
مات برغوليزي ولم يكن يعرفه أحد خارج نابولي وروما، لكن مع وصول أعماله الرائعة إلى مدن أوروبا، ذاعت شهرته، فقد غدا الفاصل الهزلي "الخادمة التي أصبحت سيدة" أحد أشهر الأعمال التي قدمت على مسارح أوروبا في القرن الثامن عشر، وكان هذا العمل السبب في قيام ما يعرف بـ "عركة" المغنين الهزليين في باريس سنة 1752، ولربما أعرج على تفاصيل هذه العركة في يوم من الأيام.

جوهرة برغوليزي الخالدة ستابات ماتر، من اداء فرقة اورفيو 55 بقيادة المغنية (كونترآلتو) ناتالي ستوتسمان. فيليب جاروسكي (كونتر تنور)، أموكه بارات (سوبرانو):
https://www.youtube.com/watch?v=qzOmPUu-F_M

Salve Regina
https://www.youtube.com/watch?v=EGSvjxwE4Nk

كونشرتو الكمان في سي بيمول الكبير
https://www.youtube.com/watch?v=r7Fn6iSReds

سنفونيا للتشلو والباص المستمر
https://www.youtube.com/watch?v=SdX3MpsP-lk

إلى اللقاء السبت القادم

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد