• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
الأحد, 08 حزيران/يونيو 2014

نظرة على الحياة الاجتماعية في العراق القديم - الجزء الاول

  حامد خيري الحيدر
تقييم هذا الموضوع
(3 عدد الأصوات)

بالرغم من طول الفترة التي مرت على أكتشاف حضارة وادي الرافدين وحجم الاكتشافات الاثرية الضخمة فيه على مدى قارب الثلاثة قرون و التي أوضحت للعالم عظمة شعبها و الخدمة الجليلة التي قدمها للبشرية متمثلة بانجازاته الحضارية الهائلة من علوم وآداب وعمارة و قوانين و فنون مختلفة وغيره الكثير الكثير مما من شأنه وضع اللبنات الاولى للحضارة الانسانية ، لكن ما يؤسف له أن معظم الكتابات و المؤلفات عن هذه الحضارة أقتصرت وتركزت بشكل أساسي على الاوضاع و النظم السياسية والاقتصادية و سيَّر الملوك و الحكام والاوجه الحضارية و الدينية المميزة ، ناسين أو متناسين الانسان الذي بنى كل ذلك الصرح الحضاري الهائل ... كيف كان يعيش .. كيف كان يفكر .. ماهي معاناته .. طبيعة حياته اليومية .. أفراحه .. أحزانه .... كل ذلك كان يتم التطرق اليه بشكل هامشي على الرغم من القناعة التامة بأن الانسان هو دوماً العامل الحاسم في مسيرة التاريخ وتقدم الحضارة . و مع أن بعض المؤرخين و الباحثين قد تطرقوا لهذا الموضوع ألا أنها كانت محاولات محدودة قياساً الى الجانب الآخر ، لكنها مع ذلك تبقى محاولات رائدة في هذا المجال.
طبيعة المجتمع
أخذ شكل المجتمع العراقي القديم بالوضوح في مطلع الالف الثالث ق.م بعد أن أخذت الانظمة السياسية بالاستقرار ، الذي ادى بالتالى استقرار الاوضاع الاقتصادية .. ثم انعكست هذه المتغيرات بمجملها بالتالي على طبيعة المجتمع العراقي بشكل كبير ، فتعقدت وتشابكت علاقات أفراده مع بعضهم خاصةً بعد أن أصبح مجتمعاً متعدد الطبقات كنتيجة طبيعية لتطور وثبات مبدأ التخصص في العمل .... في بداية تكوين المجتمع حددت علاقاته الاجتماعية الاعراف والتقاليد والنظم الموروثة للافراد من مرحلته القروية السابقة خلال الالف الرابع ق.م ، والتي كانت تسّير حركة المجتمع آنذاك ، ثم ما لبثت هذا المجتمع كونه على درجة كبيرة من التعقيد و التباين بين شرائحه وطبقاته أن أصبحت تلك الموروثات لا تتلائم مع التطورات و التغيرات السريعة في بنيته ، لذلك ظهرت الحاجة الى وضع نظم و قواعد جديدة من قبل السلطات الحاكمة للسيطرة على المجتمع الجديد وتنظيم علاقات أفراده وتحديد واجباتهم و التزاماتهم أزائه ، لذلك ظهرت القوانين تلبية لتلك الحاجة فأصبحت بالنسبة للباحثين نافذة تطل على عموم المجتمع آنذاك .. ويمكن القول أن قسماً كبيراً من معلوماتنا عن طبيعة المجتمع العراقي القديم أنما مستمدة من تلك القوانين ... أضافة الى النصوص المسمارية الاخرى كالعقود و الوثائق الاقتصادية و النصوص الادبية و الدينية ، كذلك المنحوتات والتماثيل والمسلات التاريخية و الآثار المعمارية واللقى الاثرية ، وكل المواد التي واكبت تطور المجتمع منذ بداياته الأولى فرسمت صورة واضحة نوعاً ما عن طبيعته آنذاك .... من خلالها يمكن القول بعجالة أن المجتمع العراقي القديم لايختلف كثيراً عما هوعليه الان من حيث تناقضات حياته و حدّة مزاجه من جهة ، و طيبة قلبه وانسانيته من جهة أخرى ، المتأتيان بالأساس من تناقض طبيعته و بيئته ، و الظروف القاسية التي مر بها على مدى تاريخه الطويل و واكبت مسيرة حياته ... و ما أختلف فقط الشخوص و أدوات الحياة . لذلك يتراود الى الذهن قول أبو العلاء المعري....
من ساؤهُ سببٌ أو هالهُ عجبُ......فلي ثمانون َ عاماً لا أرى عَجبا
الدهر' كالدهرِ و الأيامُ واحدة ٌ......و الناسُ كالناس ِ و الدُنيا لمن غَلبا
التكوين الاجتماعي
المجتمع العراقي القديم كأي مجتمع آخر كان يتألف من طبقات و فئات متعددة منها الحاكمة ، وهي المتنفذة سياسياً و اقتصادياً و دينياً ، أو المحكومة والتي على مدى تاريخها الطويل تحاول استرداد حقوقها وأثبات وجودها....
1_ الطبقة الحاكمة.... على رأسها العائلة الحاكمة ، التي كانت المسيطرة على دفة تسيير مجريات الحياة اليومية للمجتمع والمهيمنة على القسم الاكبر من موارده الاقتصادية ، أضافةً الى أنها كانت تتمتع بنوع من القدسية على اعتبار أن الملك ممثلاً عن الالهة لينوب عنها في حكم البشر و أن الالهة هي التي اختارته لهذه المهمة . لذلك كانت هذه الطبقة جل ّ اهتمامها هو البقاء في الحكم بأي ثمن مما دعاها بأستمرار لشن الحملات العسكرية للقضاء على الثورات و حركات التمرد داخل البلاد وفي الاقاليم البعيدة المحتلة ، فكان يؤدي ذلك دوماً الى أستنزاف الكثير من موارد الدولة الاقتصادية .
2_ الطبقة المُترفة .... و تسمى بالأكدية (أومانو) وهي في الغالب أصل كلمة (أمناء) العربية ، تضم في مقدمتها الوزير الأكبر الذي يسمى بالأكدية (سكال ماخ) الذي يعتبر اليد اليمنى للملك أو الأمير ، و يلقب أحياناً باسم (صرماخ) و يعني الرأس الأكبر ، ومن الطريف أن نذكر هذه التسمية لازالت متداولة بين مفرداتنا العامية ، حيث يكنى (كبر الرأس) أو المسؤول و الشخص كبير المنزلة باسم (صماخ) .... كما و تضم هذه الطبقة أيضاً كبار التجار ، المُلا ّك ، موظفي القصر ، قادة الجيش و على رأسهم الحاكم العسكري الذي يسمى (شكنا) ، حكام المقاطعات ، كبار الكهنة و الذين يسمون بالسومرية (سانكًا كًال) ... وكان لهذه الطبقة حقوق و أمتيازات خاصة حيث أن لها دوراً كبيراً في أدارة المرافق الحيوية للبلاد من النواحي السياسية والاقتصادية و الدينية ، وتساعد العائلة الحاكمة في عملها ، لذلك فأن مصالحهم و مصائرهم ارتبطت (كما هو الحال دوماً) بمصير الطبقة الحاكمة.
3_ عامة الناس (الطبقة المحكومة) .... و تتكون من فئتين :
الاولى : الاحرار أو المواطنين العاديين ... و يسمون في اللغة الاكدية (مشكينم) وهي أصل كلمة (مسكين) العربية ، كان هؤلاء يمثلون الجزء الاكبر من المجتمع ، وهم العاملين في الحقول والمزارع والمحال التجارية الصغيرة و الكتبة و الشغيلة البسطاء و الحرفيون و صغار الكهنة وبقية الشرائح الفقيرة المعدمة والتي تعتمد في عيشها على جهودها اليومية .. وكانت هذه الطبقة كحالها في كل زمان و مكان صامتة و مغلوب على أمرها همها الاكبر توفير المعيشة لعائلاتها ، يتوضح ذلك بشكل جلي بالمثل السومري البليغ (الفقراء هم وحدهم الصامتين في سومر)..... وبالرغم من فقر هذه الطبقة أو محدودية مستواهم الاقتصادي الا أنهم كانوا من الاحرار يتمتعون بكافة الحقوق و الامتيازات التي أقرتها القوانين ، لكن تبقى حريتهم مقيدة بظروفهم الاقتصادية الصعبة الغير مستقرة.
الثانية : العبيد ... كان العبد يسمى (سوبارُم) أو (سبرُم) و اصل الكلمة يعود الى اسم المورد الاول الذي كان يتم جلب العبيد منه وهو (بلاد سوبارتو) التي كانت احد المناطق الجبلية في شمال شرق دجلة وكان سكانها يسمون بنفس اسم منطقتهم .. و هذا ما يوضحه أيضاً أول رمز في الكتابة الصورية لمعنى كلمة (عبد) ، فكان يرسم رمز الجنس /ذكر أو انثى (عبد أو عبدة) و الى جانبه صورة جبال .. لم تكن هذه الطبقة تؤلف نسبة كبيرة أو ذات تأثير فعال في بناء المجتمع أما مصادرهم الاخرى أضافة الى ما سبق فكانت على الاغلب من أسرى الحروب ، أو من الاحرار الذين يصبحون عبيداً لأقترافهم جرائم خاصة أو وقوعهم تحت طائلة الديون و عدم تمكنهم من سدادها . وكان ينظر الى هؤلاء على أنهم من الاشياء المملوكة و يعاملون معاملة خاصة أمام القانون و يميزون عن بقية أفراد المجتمع (الاحرار) أما بأسلوب قص شعورهم أو بوضع علامات العبودية المميزة على أجسادهم كالوشم أو الكي . وكانت شخصية العبد غير كاملة الأهلية بالنسبة للمجتمع ، ومع ذلك أعطت بعض القوانين شيئاً من الحقوق لهم فلم تسمح بتعذيب العبد أو ضربه ضرباً مبرحاً ، كما لم تسمح بقتلهم حتى من قبل أسيادهم ، و كان يحق لهذه الطبقة تكوين أسرة شرعية ، فأذا تزاوج العبيد فيما بينهم كان الاولاد عبيداً مثل أهلهم أما أذا تزوجوا من طبقة الاحرار فأن الاولاد يكونون أحراراً . وكانت العبدة تحصل على حريتها أذا أعترف مالكها و سيدها بأولادها كأبناء شرعيين له . وفي الالف الاول ق .م أجازت بعض القوانين الاشورية و البابلية المتأخرة للعبد من العمل لحسابه الخاص و أمتهان حرفة خاصة به (بعد موافقة سيده) لقاء نسبة معينة يدفعها له لكي يستطيع أن يفتدي نفسه و حريته بالمال . وتذكر بعض النصوص المسمارية المتأخرة أن بعض العبيد تقلدوا مراكز وظيفية لدى البلاط والحكومة و البعض منهم أمتلك أموالاً منقولة و غير منقولة بل و حتى امتلاكه العبيد.
الاسرة
كانت الأسرة تمثل الوحدة الأساسية في بنية المجتمع العراقي ومن مجموعها يتكون و يأخذ صفته وطابعه العام ...و تتكون كما هو معتاد من الزوج (الاب) والزوجة (الام) و أولادهم ، وقد تضم أخوة وأخوات الزوج و والديه و أحياناً تضم الاسرة بعض العبيد الذين يعيشون الدار نفسها . يقف على رأس الأسرة الاب وتكون بيده جميع السلطات والصلاحيات بصفته المسؤول عن أعالتها وتوفير ما تحتاجه و يساعده في ذلك الأولاد الذكور القادرين على العمل ، لذلك كانت رغبة الأسر بشكل عام الاكثار من أنجاب الذكور ... وكان احترام الاب و طاعته فرضٌ مقدس على جميع أفراد الأسرة ، فكانت تصل عقوبة الابن العاق لحد العبودية كما وردت في بعض نصوص قانون حمورابي . تأتي الام في المرتبة الثانية وكانت مسؤوليتها مقتصرة على أدارة شؤون البيت و تربية الاطفال وكانت سلطتها على أولادها كبيرة خاصة ً الاناث و يتوضح ذلك من خلال المثل السومري (أطع كلام أمك كأنه أمر إلاهي) . وقد جائت بعض النصوص القانونية لتحدد واجبات الزوجة أتجاه زوحها و أيضاً لتحد من سلطته وتعسفه عليها الى درجة أعطت الحق للزوجة بطلب الطلاق في حالات معينة.
لقد نصت القوانين العراقية عل أحادية الزواج بالنسبة للرجل إلا في حالات خاصة أهما عدم قدرتها على الانجاب أو لأصابتها بمرض لا يرجى شفائه ، و في مثل هذه الحالة تكون الزوجة الأولى هي المتنفذة و صاحبة الكلمة الأولى في البيت و كذلك على الزوجة الثانية و ذريتها .. و أيضاً في حال وفاة الزوجة كان له أن يتزوج بأمرأة ثانية ... أما في حالة وفاة الزوج كان يحق للزوجة أيضاً أن تتزوج من بعده ، فأذا كان لها أولاد من الزوج الاول كان يجب أخذ موافقة القضاة في ذلك ، حيث كانوا يأخذون تعهداً مكتوبا ً من الأم و زوجها الجديد يلزمهم برعاية الاولاد بصورة حسنة و المحافظة على أموالهم الموروثة من أبيهم المتوفي حتى كبرهم ، أما أذا كانت بلا أولاد فأنها كانت تتزوج من دون أخذ تلك الموافقة.
الزواج و مراسيمه
كان الزواج في المجتمع العراقي القديم حق مشروع لكل أنسان كامل الاهلية ووصل مرحلة البلوغ بما فيهم العبيد (بعد موافقة سيدهم) ، علماً أنه لم يرد نصا ًواضحا عن سن البلوغ للرجل و المرأة لكن يعتقد بعض الباحثين أنه سن السادسة عشرة ... فقط حُرم الزواج على كاهنات المعابد اللواتي يكرسن حياتهن لخدمة الآلهة في حالة مشابهة براهبات الكنيسة المسيحية.
كان أساس الزواج في الاسرة القديمة هي احادية الزوجة كما اسلف .. أي ليس من حق الزوج أن يتزوج بأمرأة ثانية ألا في حالة وفاتها أو في حالات خاصة نصت عليها القوانين مثل ... عدم قدرتها على أنجاب الاطفال ، مرض الزوجة بمرض لا يرجى شفاؤه ، أنكارها لزوجها و الخروج عن طاعته و عدم تلبيتها الواجبات الزوجية.
و لكي يُعترف بقانونية الزواج و شرعيته يجب أن يكون محررا ً بعقد مكتوب و مشهوداً عليه من قبل شخصين ، مثبتاً عليه موافقة والدي العروسين التي هي شرط أساسي لأتمام الزواج . وكان للزواج قدسية خاصة من قبل المجتمع لذلك كانت تعتبر الخيانة الزوجية من الجرائم الكبرى ، وقد عاقبت القوانين مرتكبيها من الزوجين الى عقوبات صارمة تصل أحيانا الى حد الموت.
أما مراسيم الخطبة و الزواج فتتم بعد أختيار الفتاة المناسبة من قبل والدة الفتى ، بعدها كان على الوالد أن يقدم المهر اللازم لتزويج أبنه ، أما والد الفتاة فكان عليه أن يقدم الهدايا و التجهيزات الخاصة لزواج أبنته ، علماً أن المهر وهدايا الزواج من الطرفين كانت تثبت في عقد الزواج المبرم ... وكان الاحتفال بالخطبة يتم في بيت الفتاة وعلى الخطيب أن يجهز خطيبته بالملابس و الحلي الثمينة ويتحمل نفقات الحفل من مأكولات و مشروبات وبقية اللوازم الاخرى كالعطور و البخور... وتتم مراسيم الخطبة بصب الخطيب الزيت و العطر المقدس الذي يجلب من المعبد على رأس خطيبته ويسكب بعضاً من النبيذ الأحمر على قدميها لتعلن الخطبة بشكل رسمي من قبل أحد الكهنة الذي يحظرها كشاهد عليها.
ومن المهم ذكره أن الزواج كان ينظر ليه على أنه ارتباط بين عائلتين ، لذلك كان في حالة وفاة أحد الخطيبين كان يحق لاخوانهم أو أخواتهم الارتباط بهم بعد موافقة الطرفين وبنفس المهر والهدايا السابقة و الحفل الاول .... وفي يوم الزواج تتم مراسيم أخرى داخل المعبد يقوم بها كبير الكهنة يؤدي فيها كلا ً من العروسين القسم باسم الأله على الوفاء والمحبة فيما بينهم ...بعدها تنتقل العروس الى بيت زوجها ، عندها يقدم لها المهر الذي يضم أموالا ً نقدية وعينية وكذلك بقية هدايا الزواج ... و يعتبر المهر و مواده من حق الزوجة بعد زواجها فاذا ما توفيت الزوجة تؤول هذه الاموال الى أبنائها و أذا لم يكن لها أولاد تؤول الى الزوج . أما هدايا والد العروس لأبنته فهي أيضاً تعتبر ملك و حق للفتاة وتمثل حصة الفتاة من تركة أبيها ولها أن تحتفظ بها في كل الظروف فأذا ماتوفيت تؤول الى أولادها و أذا لم يكن لها أولاد تعاد الى والديها .

يتبع في الجزء الثاني

الدخول للتعليق