• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
السبت, 16 شباط/فبراير 2013

الصابئة و مخطوطات البحر الميت

  فاروق عبدالجبار عبدالامام
تقييم هذا الموضوع
(2 عدد الأصوات)

كثيرة هي الكتب التي كتب فيها أصحابها عن الصابئة المندائيين باعتبارهم أصحاب دين قديم ولغتهم تختلف عن لغة من جاورهم قبل أن تطغى اللغة العربية لتكون لغة الخطاب اليومي ولعدم وجود نصوص مترجمة من كتبنا الدينية أو الحياتية آنذاك لخوف رجال ديننا من اشكاليات لربما كانوا سيقعون فيها لو قام بعض الذين لا يفقهون في الديانة المندائية في عملية الترجمة و نحن في غنى عنها ؛ لذا آثروا السلامة ولم يحاولوا أن يكون لهم هذا الدور الذي يعتبره البعض دورا" سلبيا" جعل الآخرين يتقولون ويتكهنون ويصورون ما طاب لهم ذلك دون أن ينبري من يرد عليهم أو يحاول توضيح الصورة الحقيقة لهذا الدين ؛ فآثروا السلامة على أن ينزلقوا في مهاوي نحن في غنى عنه ،وقد يكون هنلك سبب آخر وهو أن بعض رجال الدين لم يكن لديهم الالمام الكافي باصول ترجمة النصوص الدينية والتي بواسطتها نستطيع أن ندافع عن أنفسنا وعن ديننا وبالتالي عن وجودنا وبذلك نستطيع أن نقطع الشك باليقين ؛ لقد تعددت الاسباب والخاسر الوحيد نحن المندائيين الذين نحاول الآن وبكل ما اوتينا من قوة لإثبات وجودنا وترسيخ مبادئ ديينا القديم ، لقد كانت هناك هوة بين رجال ديننا وبيننا وحاول البعض رأب الصدع هذا ، وحاول البعض الآخر زيادة الفجوة بما يضمن له أو لهم مكانة الرئاسة والتصرف بمصير الطائفة كل حسب أهوائة ونواياه ؛ حتى ظهر من طرق باب التحذير منبها" المندائيين جميعا" من خطر داهم بات يهدد وجود هذا الدين وهذه الطائفة والتي باتت تطفو على سحابة صيف سريعا" ما تتلاشى وتتبخر ليسقط من عليها في قرار لا يعرف قراره ؛ ألا وهو الهجرة التي كتبت علينا والتي اضحت هاجسا" يؤرق الكثيرين وبات الكثير من المندائيين يبحث عن السبل التي بواسطتها سينجو هو وأفراد عائلته ومحبيه من مصير لا يعرف أحد كيف سيكون بعد لحظة زمن .

لقد قادني الـى ما قلت كتاب جمع فيه مؤلفه {{ محمد عمر حمادة }} ما قاله الأقدمون والمحدثون عن الصابئة وعن دينهم وذهبوا مذاهب شتى تختلف من زمن لآخر ومن فكر الى فكر آخر لا يمت الى ما سبقة بأي فكرة واضحة المعالم ؛ فالكل يدلو بدلوه والكل يفسر ما يراه وما سمعه عن الآخرين دون أن يكلّـف نفسه عناء البحث والتقصي والاستقراء فالكل يعتقد أنه العارف ببواطن الامور واليه انتهى العلم وأن ما سيقوله سيكون هو الأصح وهو على يقين بأن ليس هناك من ينبري له للرد عليه لتعزيز رأيه أو لتوضيح ما التبس عليه وليعيد كتابة المفاهيم الخاطئة بما يتناسب والحقيقة التي نريد لها أن تظهر للعيان ودون أن نخشى في قول الحق لومة لائم ، وقد أكون مخطئا" متجنيا" فيما ذهبت اليه لذا استغفر الحي الازلي اذا ما شططت في قولي هذا فقد يكون هناك من كتب ومن أفتى ومن دافع وكافح لكن لم يكن هناك من وسائل النشر والايصال الى الآخرين ما صار متيسرا" في هذا الوقت ، أو قد يكون هناك من بيده السلطة وله ان يمنع أو يسمح في النشر . لكن ومن ناحية آخرى فأن الكتب التي طبعت أو نشرت خلال الخمسين سنة المنصرمة من القرن العشرين لهي دليل قوي على ما استطاع المندائييون من انجازه ليوفروا لنا المناخ المناسب الذي بواسطته استطعنا أن نصل الى ما نحن فيه الآن ، واستطاعوا من انارة الظلمة التي كانت تكـتنف الافكار المتوارثة والتي كان يطيب للبعض تكرارها واجترارها بمناسبة أو بدونها لغرض في نفوسهم المريضة .

يقول الكاتب والباحث ( محمد عمر ) : ( حين التحدث عن الصابئة يحلو للكثيرين محاولة الظهور بالعالم العارف ببواطن الامور وظواهرها ، وكأنهم واضعوا تلك العقيدة وموؤسسوها ، فيبدأون بالحديث عن عبادة النجوم والكواكب ،وما اليها من مكانة إلهية عند الصابئة . فهل لهذا الحديث من أصل في الحقيقة أو الموضوعية ؟

حين تجولت في بين الصابئين في اماكن تجمعهم في عدة مناطق كالناصرية والعمارة والبصرة وسوق الصاغة في بغداد وغيرها ، تبيّن لي أن الصابئة يؤمنون بإله واحد قادر ، لا أول له ولا آخر، ولا بداية له ولا نهاية ، وهو الخالق والصانع ،والحي والباقي الذي لا يموت وهو نور السماوات والارض ، ونوره يعم الكون ، وجميع المخلوقات في الدنيا والآخرة ، ولولا نوره الذي يبدد الظلام ، لما كان هناك وجود كوني ولا وجود انساني ، ولهذا يصبوا الصابئة ويتعبدون ليلا" ونهارا" ،و يتقربون الى الله بالعمل الصالح ، وبملائكته وبالأنبياء وبمبدعاته المدهشة في السماء ، حتى ينالوا الوصول الى الجنة ( عـالم الـّنور ) المنور بنور الله تعالى ، وليس هذا التقرب بعيدا" عن العقل والمنطق ؛ فكل أصحاب الديانات السماوية وغير السماوية يتقربون الى الله بالذي يعتقدون بأنه يقربهم من الله ، ولينظر كل منا في عقيدته ليتأكـد من ذلك ؛ فهناك من يتقرّب بالرسل والملائكة والكتـب المقدسة ،وهناك من يتقرّب بالتعاويذ ، وأصحاب الطرق الصوفية أو العارفين والواصلين ، أو المتحدين بالذات الإلهية ، ومنهم من يتقرب الى الله بالانصاب والأزلام و الاحجار والاخشاب ؛ فأصبحت من القدسية والإجلال ما يساوي القدسية الإلهية ، بل أصبح المساس بها كفرا" وخروجا" عن العقيدة ، لا يساويه المساس بالذات الإلهية ، إذا" هي إجتهادات في التقرب الى الله والكل على حق وصواب الا الصابئة فإذا تقربوا الى الله بشمسه ونجومه وملائكته ، أصبحوا عبدة النجوم والكواكب والملائكة . )1*-

هذه شهادة من رجل باحث آثر أن يرى بنفسه على ان يسمع من الآخرين ما يقولون دون تمحيص أو تدقيق .

في موضوع مخطوطات البحر الميت والتي وجدت في وادي قمران في الاردن نجد الباحث الكاتب يقول : ( ليس من المستغرب أن نجد أفكارا" تشابه أفكار الصابئة في مخطوطات البحر الميت ، التي اكتشفت في عا م 1947بالقرب من البحر الميت ؛ فاللـفائـف المخطوطة التي وجدت ، تتحدث عن عقيدة الطوائف التي عاشت في كهوف بعيدا" عن اليهود واضطهادهم لأصحاب العقائد ، فتعاليم يوحنا المعمدان نجدها واضحة في هذه اللفائف ؛ ففكرة المعمودية وطقس الماء والاستحمام والتنبيه الى أن التطهير والاستحمام لا يزيل الذنوب ما لم يسبقه تطهير روحي , وهناك تشابه بين انتظار يوحنا المعمدان للمسيح وتعميده ، وما جاء في مخطوطات البحرالميّت ، فقد تنبأ يوحنا بأن الذي سيأتي بعده سيحكم بعقوبة النار ، وهذه الفكرة واضحة بصراحة وقوة في أحد مزامير الشكر ؛ إذ تقول : ( أن اعاصيرالشيطان الرجيم سوف تلتهم بالنار حتى اسس الجبال )2* وجاء في المخطوطات ( أن حركة يوحنا بزغت بين الكهنة والرهبان ، لكنها تحررت منهم فيما بعد ، مثلما وقع لطائفة قمران على الأرجح ، وكان يوحنا يوجه كلامه الى الشعب بأجمعه بعكس القمرانين والاسنين ) *3 . بـعدهايمضي الباحث الى أمر يجعل ليس مجرد تشابه هو المعوّل عليه حسب لكنه أمر مفروغ منه بأن المخطوطات تعود

الى الصابئة حيث كتب : ( عقائد الجماعات التي عاشت في الكهوف ، هي أفكار وعقائد قريبة من عقائد الصابئة منها : ( لاتدع رجلا" يغتسل بالماء القذر ، أو بما لا يكفي لتغطيته ، كما لا يجوز أن تطهّر بالماء المستعمل أي وعاء ، كل نقرةٌ في الصخر يجب أن يغطى ماؤها ؛ فإذا لمسها رجل قذر زالت طهارته )4*وتنطبق هذه مع عقائد الصابئة حيث يؤمنون بأن المتطهر يجب ان يغطي الماء الانسان بكامله . ... (كل آلة كالمسمار أو الوتد في الحائط لامست الأموات تصبح نجسة ) *5 والانسان عند الصابئة حين يقترب من الموت يغسل قبل موته ؛ لانه بعد الموت يصبح جسدا" غير طاهر بمجرد خروج الروح منه .

ويستمر الكاتب محمد عمر بايراد النصوص القديمة التي ظهرت في مخطوطات قمران ومدى التشابه بينها وبين عقيدة الصابئة المندائيين فيقول : ( ومفهوم الروح في المخطوطات يتطابق تماما" مع مفهومه في العقيدة الصابئة : ( الروح عبارة عن شرارة من النور الإلهي اجتمعت في عالم المادة المظلم ) *6 فتؤكد المخطوطات على تسمية الصالحين بأبناء النور والاشرار بأبناء الظلام ، وهي نفس عقيدة الصابئة ؛ فأبناء النور هم الفائزون ؛ اصحاب العقيدة الصحيحة أما أبناء الظلام فهم الكفرة غير المؤمنين وهي تسمية مازالت مستعملة حتى الآن العقيدة الصابئة . ويطلق الصابئة على النبي يحيى لفظ معلم الحق ؛ ذلك أنهم لايعتقدون أن الله يرسل نبيا" من عنده ويعطيه اللفظ الذي سيتحدث به ؛ بل ان الله يلهمه قول الحق ومثل ذلك جاء في المخطوطات ( ان المستقيمين هم الذين استمعوا الى معلم الحق وأما الأشـرار فقد رفضوا الاستماع اليه والشئ الضروري للخلاص مجرد الأيمان برسالة معلم الحق والوفاء لتعاليمه ) 7*.

والروح عند الصابئة محبوسة في جسدها ، وحينما تنطلق من الجسم فأنها تتخلص من السجن ومثل هذا جاء في المخطوطات ( أن الأجسام تفنى وأن المادة التي عملت منها ليست خالدة لكن النفوس هي الخالدة والتي تعيش الى الأبد ، وعندما تتحرر من ربقتها ؛ كأنها مربوطة بأجسادها وكأنها في سجن بقوة سحرية ؛ عندئذ تذهب الأجساد الى الفناء وتذهب الأرواح الى الخلود ) 8*.

ويخلص الباحث ( محـمد عـمر ) الى استنتاج مفاده الى أن ألواح قمران ماهي الا ألواح مندائية فيكتب : ( مما مر بنا من الفقرات الواردة في مخطوطات البحر الميت يتبين لنا أن هذه الفقرات تحمل أفكارالصابئة أتباع العقيدة التي جاء بها النبي يحيى على الرغم من أن هذه المخطوطات لم تشر بوضوح الى انها تمثل عقيدة يحيى ، ألا انها تشير بوضوح كامل الى أنه آراء طائفة تعرضت للاضطهاد من قبل اليهود، وتؤكد أن هذه الجماعة هاجرت بإتجاه الشمال ، و هذا يتوافق مع الأحداث التي مرت بها طائفـة الصابئـة .،فالرأي الثابت لدينا أن الصابئة المندائية الموجودين في العراق وجنوب إيران أصحاب عقيدة كتابية توحيدية .)9*

بهذا القدر غير القليل أكتفي من اقتباس ما أورده الباحث ( محمد عمر حمادة ) والذي أشار فيه بما لا يقبل الجدل على مبدأ التوحيد الذي إعتنقه المندائيون منذ أن فتح الإنسان الأول عينيه ليرى نور الحق لاول مرة . يتوضّح لدينا ما ذهب اليه الباحث من بحث أجاد فيه وأنصف ولم يتجن أو ينحاز بل حكّـم العقل والمنطق ليخرج بتلك الاستنتاجات المنطقـية والتي تؤكد كلها أن المندائيين لم يكونوا يوما" ما عبدة للنجوم والكواكب بل هم عبّـأد الواحد الأحد والذي منه وبقوته وببركته انطلقت العوالم ، وبفضله سبحانه وتعالى خلقنا من طين وله أرواحنا تعود وتبقى أجسادنا لتعود الى الطين .

* عضو رابطة الكّتاب والصحفيين والمترجمين والفنانين الصابئة المندائيين

14 / 1 /2007

هذاالاقتباس عن كتاب :

تاريخ الصابئة المندائيين . / محـمد عـمر حـمادة / دار قتيبة –بيروت_دمشق/ ط /1 / 1992

الهوامش:1*2 -65

*3-66

الدخول للتعليق