• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
الإثنين, 21 كانون1/ديسمبر 2015

أضواءٌ على الصابئةِ المَنْدائيين

  اعداد فاروق عبدالجبّـار عبدالإمام
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

كلمةٌ لابد منها :
للتاريخ نكهةٌ رائعةٌ ؛ كلمّـا شممناها نزدادُ ثقةٍ بأننا لن نبخسها حقَّها ، بل سيكون من الأفضل أن نديمَها ، وأن ننشرَ أريجَها على جميع الأحبّـــــة ؛ فيشاركوننا تلك البهجة ؛ وبذا نكون قد أدينا ما علينا ، ونترك للآخرين التمتع أو رفض ما قدمنا ، لكني لعلى ثقةٍ تامةٍ بأني لن أخـذل متابعي هذا المقال ~
في هذا المقال الذي شغل مني أكثرَ من ثلاثةِ أشهر قراءةً وتهميشاً وتشكيلاً لأواخر الكلمات ، وهدفي الأول كان تبيان المقال بأفضل صورة ؛ وهو- كما ستلاحظون - ذو قيمةٍ متجددة ؛ وكأنه قد كُتب للتو ؛ لما فيه من معلوماتٍ وافية ، وأفكارٍ تصلحُ لكلِّ وقت ، ولا ريب في أن إلمام الاستاذة ناجية غافل المراني بمعظم ما كُتب عن الديانة المندائيّة - حينَ النشر-، مكّنها من اجتياز عقباتٍ كثيرة، وأهمها تبعثرُ المعلومات في بطونِ كتبٍ ومراجعَ متباعدةٍ متناثرةٍ في مختلفِ مكتباتِ العالم ، لكنها وبجهد الباحث المتأني الباحث عن الحقيقة جمعت شتات ما تبعثر وعقدت مقارنات بحثيّة أظهرت من خلالها مقدرة ننحني قدامها بكلِّ إجلال وإكبار ؛ فلقد لخّصت الباحثة الأفكار التي طرحها الذوات مؤلفو الكتب الأوربيين والتي تُعنى وتهتم بشأن الدِّين المندائي ، إضافة لما تناوله الكُـتّابُ العربُ الأقدمون منهم والمحدثون على حـدٍ سواء ، بالشرح والتعليق ، ودراسةِ كلِّ ما يتعلّقُ بشؤونِ الصابئة المندائيين وتبيان تأثير البيئات والمحيط الذي وجد المندائييون أنفسهم فيه ،من هجرةٍ ونزوحٍ وتوطّن .
ومع هذا الكمِّ الكبيرِ من المعلومات ، لم تنسَ السيدة المراني الدورَ الكبير للمندائيين خلال فترة الخلافة العباسيّة ، وكيف كان التأثير الإيجابي لوجود هؤلاءِ المندائيين في أروقة دواوين الخلافة العباسيّة الغاصّة بالأدب والإنفتاح الثقافي الذي شمل جميع العلوم المعروفة آنذاك ، ولقد أشادتْ بدورِ المندائيين في الطبِّ والفلكِ والترجمة والجبر والهندسة . لكنها - مع الأسف - لم تشأ أن تخوض فيما حاق بالصابئة المندائيين من ظلمٍ وحيف وإضطهاد على يدِ جيرانهم وأقرب الناسِ إليهم ، واظن إن السبب يعود للجوِّ العام السائد آنذاك في العراق ، وما يُمكن أن يجره عليها حديثُها من ويلاتٍ فيما لو أشارت لذاك الموضوع .
والملاحظة التي أثارت إنتباهي تلك الحادثة التي وقعت بعد رحيل أبي أسحق الصابيء ؛ فحينما رثى الشريف الرضي* أبا إسحاق الصابيء * سمِع ممن يحيطون به لغطاً ؛فخاف الشريف أن يبوح بما كمُن في صدره من ألمٍ لفقده صاحبه ومنارة من منائر العلم والخلق الرفيع ؛ لذا لجأ إلى قول ( إنما رثيت فضله) وذلك بعد لامه بعضهم على ذلك الرثاء! - وهو حسب ظني - كأنه أراد أن يُبعدَ تهمةً يُمكن أن تطاله و تشوه تاريخه المجيد ، وهو سليل الدوحة الهاشميّة !
لقد قرأت رأياً للأستاذة ناجية ، جعلني أقف عاجزاً عن تجاوزه ؛ فهو رأي ما زال متداولاً ، وأرجو ألا يبقى طويلاً ؛ كي نبعد هذه الفكرة التي تقول :
{ورجالُ الدِّينِ عندنا لا يعوزهم الإخلاصُ والحِسُّ الديني ، إنّما تنقصهم الثقافةُ الحديثةُ والتخصص في اللاهوت ؛ لكي يستطيعوا تفسير الطقوس والشعائرتفسيراً صحيحاً ،ويبتعدوا قليلاً عن تجميدها وجعلها أشبه ما تكون بمسرحيّة رمزيّة}
بهذه العبارات الموجزة وضعت الأستاذة المراني إصبعها لتجسَّ نبضاً و تُشخّص حالة القائمين على الدين المندائي وعلى- الطبقة - التي يجب أن تقود قطيعها نحو برٍّ فيه من الأمان الشيء الكثير ، وفهمـاً لحاضر يجب أن يُخطط لغده بشكلٍ عقلاني سديد ، كتبت الأستاذة هذا قبل أكثر من أربعة عقود ، وهاهو الحال ومع الأسف بقي على ماهو عليه .
في هذا المقال المنشور عام 1974 و- اعتقد - بأنه كان أحد اللبنات الأُول لإنجاز كتابها القـيّم { مفاهيم صابئيّة مندائيّة }- والذي أتأسّف الآن ؛لأني لم أتشرّف بقراءة ذلك الِسفر الذي خطته الخالدة ناجية غافل والذي ترك أثراً رائعاً على كلِّ من قرأه وتعلّـم منه ، سنجد عرضاً قيّماً ذا فائدة قلّما نجدها في مكانٍ آخر . لقد بذلت الاستاذة ناجيّة جهداً مميزاً في جمع وتبويب مادتها التاريخيّة؛ متوخيةً الدقّة والأمانة والحرص على إعطاء كلِّ ذي حقٍ حقه ؛ فلم تبخس أو تجامل أو تمدح أحداً إلا بمقدار ما قدمه من عطاءٍ في إغناء المعلومة التي يدور البحث عنها .
ليس لي في هذا العمل من فضلٍ سوى إعادة النسخ و تصحيح بعض العبارات والتي - وأظن - أنها حدثت بسبب الأخطاء المطبعيّة ؛ لجهل مصففي الحروف آنذاك ببعض العبارات المندائيّة الآراميّة ، إضافة لما سبق ذكره إني قمت بتشكيل أواخر الكلمات ؛ بغية تسهيل القراءة وبالتالي سيكون من السهل معرفة الغاية مما أوردته السيدة المراني ، كما قمتُ بعض الأوقات باضافة تعريفٍ لبعض الأسماء الواردة في البحث لغرض التعريف ليس إلا ،وبتالي سهولة الرجوع للمصدر الأصلي لغرض الزيادة في الإستيعاب ؛ لأن السيدة لم تورد معظم الحديث في بعض الأحايين ، لكنها اكتفت بالإشارة إليه ؛ تاركةً الباب موارباً لكل من يحبُّ الإستفادة ، وكان دليلي بالتعريف موقع { وكيبيديا }، والذي لو كان موجوداً في عهد الراحلة ؛ لكانت أولَ من ولج في بحره .
لكن ومها يكن ؛ فلقد أنجزتُ ما وددت نشره قبل هذه الفترة ،ولن أغفل الإشارة إلى أمر جعلني أشعر بالزهو ؛استعمال الأستاذة المراني مفردةً أجدها في غاية الجمال والروعة إلا وهي إستخدامها مفردة - بلاد النهرين- عوضاً عن بلاد الرافدين المتعارف عليه ؛ باعتبار إن النهر هو الأصل ، وما الرافد سوى واحد أو أكثر يصب في النهر .
ورأي آخر جديرٌ بالإشارة إليه ؛ فلقد أوردت الأستاذة (ولا يُستبعد أيضاً أن يكون قد بقي بعضُ الموحّدين في أرض حران ، وفي العراق وبمدينة الطيب بالذات مما دعا الآتين من الغرب إلى الإلتحاق بجماعتهم في الشرق ، وفي ذلك يكون ما ذكره مؤرخو العرب عن حران وعن الطيب ، وكذلك عن نسبة أبي إسحاق الصابئ إلى متشولح بن إدريس بن شيت صحيحا.)
ومما لا أستطيع أن اتجاوزه دون ذكره ؛موضوع حلول الروح في جسد آدم وهو النص العاشر من موضوع الخلود ؛ ففي النص سنجد موضوعاً رائعاً متكامل الجوانب يشرح كيفية إحلال الروح في جسد آدم الرجل الأول
كانت بعض أعداد مجلة التراث الشعبي إحدى أهم الكنوز التي جلبتها معي إلى ديار الغربة ، لكنَّ أموراً كثيرة حالت دون أن اقوم بما يجعل هذا الأثر يرى النور من جديد ؛ فلجميع أحبتي سيداتٍ فُضلياتٍ ، وسادةٍ أكارم أُهدي هذا الأثر ، عسى أن يجد الإهتمام اللازم ليأخذ مكانه الطبيعي في كل المواقع المندائيّة ؛ لما للراحلة الأستاذة ناجيّة غافل المرّاني من مكانة رائعة .


9-11-2015

 

أضواءٌ على الصابئةِ المَنْدائيين

بـِقلـــم
الأُســــتاذة

نـاجيّة غافِـل المرّاني*

مُــقَـدّمِـــة :
{{ منذُ القديم وحتى يومِنا الحاضر ، والناسُ -عامتُهم ومفكروهم – يستفسرون ويتحدثون عن ماهيّة الصابئة ومعتقداتِهم وأصلهِم ؛ فهناك من صنَّفهم مع المؤمنين الموحّدين ، وهناك من قال إنهم من عبدةِ الكواكبِ المُشركين ، وفئةٌ قالت إن موطنَ الصابئة هو القدس ، وفئةٌ اُخرى ذكرت إنهم سُكّان العراقِ القدماء ، هذا كلُّه والصابئةُ عامتُهم ، ومفكروهم أيضاً ، ومنذُ القديم ، وإلى يومنا هذا ، أقول إن الصابئة لم يزيدوا على ماقاله أبو الطيّب المتنبي* حين قال :
أنامُ مـلءَ جفوني عن شواردِها ويسهرُ الخَلقُ جرّاها ويختصمُ
إن سببَّ هذا السكون كما يبدو لي ، لا يعودُ إلى تحللٍ ديني ؛ إذ لو صحَّ هذا لما بقيَّ الصابئةُ عِبرَ القرون يحتفظون بهويتِهم وطقوسِهم ومفاهيمِهم ، إن السببَّ في سكوتِ الصابئة وامتناعهم عن التحدّث والكتابة في اُمورِ دينِهم يعودُ إلى حرصِهم على قولِ الحقيقة، ونفورِهم من كلِّ ما عداها ، وحقيقةُ دينِ الصابئة غيرُ واضحةٍ لمثقفيهم ، وذلك ليس بسببِ قصورٍ في فَهمهم ،لكن بسبب إنصرافِهم عنها إلى غيرها مما يَرونه أجدى وأجدر باهتمامهم حسب ما تحتمه عليهم البيئة والظروف التي يعيشونها ؛ فمنهم من إنصرف الى العلمِ ومنهم من هوى الأدب .
ويخبرنا مؤرخو الإسلام إن ثابتَ بنَ قرة بنِ زُهرون الحرّاني الصابئ* انتقل من حرّان إلى بغدادَ واشتغل بعلومِ الأوائل ؛ فمهر فيها وبرع في الطبِّ ، وله تآليفٌ كثيرةٌ في فنون العلمِ ،مقدارَ عشرين تأليفاً حتى قال فيه السَّريُّ الرفّاء* الشاعر :
هل للعليلِ سوى إبنِ قـرة شافي بعد الإلهِ ، وهل له من كافي
فكأنه عيسى بنُ مريمَ ناطقاً يَهبُ الحياةَ بأيسرِ الأوصافِ
أمّا إبنه إبراهيم فقد بلغَ رتبةَ أبيه في الفضل وكان من حذّاق الأطباء ومقدمي أهلِ زمانهِ في صناعة الطبَّ حتى قِيل عنـــــه :
برز إبراهيمُ في علمـه فراح يُدعى وارثَ العلمِ
أوضح نهجَ الطِّبِّ في معشرٍ مازال فيهم دارسُ الرسمِ
إن غضبت روحٌ على جسمها أصلحَ بينَ الروحِ والجسمِ
ومنهم إبراهيمُ بنُ سنان بنِ ثابت بن قُرّة الصابئ *، وكان ذكيّاً عاقلاً فهِمـاً عالماً بأنواعِ الحكمة ، والغالب عليه فن الهندسة ِ، وقد كتب مقالةً فيها إحدى وأربعون مسألةً هندسيّة من صِعاب المسائل في الدّوائر والخطوط والمثلثاتِ وغير ذلك ، سلك فيها طريقَ التحليل من غير أن يذكر تركيباً إلا في ثلاثِ مسائل احتاج إلى تركيبها ، وكتب مقالةً ذكر فيها الوجه في استخراج المسائل الهندسيّة بالتحليلِ والتركيب وسائرِ الأعمال الواقعة في المسائل الهندسية، ومما يعرضُ للمهندسين ويقعُ من الغلط نتيجة الطريق الذي يسلكونه في التحليل إذ اختصروه على حساب ما جرت به عادتهم ، وكتب أيضاً مقالةً في رسم القُطوع الثلاثة ،بيّن فيها كيف تُوجِدُ نقط بأي عددٍ شئنا على أي قطع أردنا من قُطوع المخروط .
أمّا أبو إسحق الصابيء ؛فهو أشهرمن الذين استهواهم الأدبُ العربيُّ والثقافةُ الإسلاميّة ، وهو صاحبُ الرسائل المشهورة ، والنَّظم البديع ، كان كاتب َ[ ديوان ] الإنشاء ببغدادَ عن الخليفة وعن عز الدولة بن بختيار بن معز الدولة بنِ بويه الديلمي ، وتقلّد ديوان الرسائل سنة تسعٍ وأربعين وثلاثمائة . كان متشدداً في دينه ، وقد جهد عليه عزُّ الدولة أن يُسلم فلم يفعل ، وكان يصومُ شهر رمضان مع المسلمين ، ويحفظ القرآن الكريم أحسنَ حفظ ، ويستعمله في رسائله .
وقد رثاه الشريفُ الرضيّ في فصيدته [ قصيدته ] التي مطلعُها :
أرأيتَ من حملوا على الأعوادِ أعلمتَ كيف خبا ضياءُ النادي
قيل: وعاتبه البعضُ في ذلك لكونه شريفاً يرثي صابئـاً ، فقال لهم : ((إنما ريثتُ فضـله )).!
هذا ما كان قديماً ، أمّا في زمننا هذا ؛ فلم يختلف الأمرُعمّا كان عليه ؛ إذ إنصرف معظمُ شبابِنا إلى العلمِ واستغرقهم ذلك إستغراقاً ألهاهم عن التفكير بأمورالدين . أمّا الذين إستهواهم الأدب فلم يبتعدوا كثيراً عن الخطِّ الذي سار عليه أبو إسحاق الصابيء ؛ فهم مولعون بقراءة القرآن والتراث العربي المجيد ولا ريب إنَّ إهتماماتهم وميولهم وإتجاهاتهم الفكريّة هي جزءٌ من الإتجاهات السائدة في البيئة التي يعيشون فيها ، لكنهم جميعاً يعانون من عقدة الدين ؛إذ على الرغمِ من التطور الفكري الذي أحرزه الإنسان الحديث إلا أنه لايزال يجعل من الدين عقدةً وسبباً للتفرقة والتمييز . صحيحٌ إن هناك من الكثير ممن يقدرون الإنسان لفضله كما فعل الشريف الرضي قبل قرون ، لكن هناك الكثيرون أيضاً ممن يعاتبون أمثالَ الرضي حينما يفعلون ذلك .
لقد قاسينا ، ولا زلنا نقاسي الكثير ؛ لا لكوننا صابئة فحسب ،وإنّما لكوننا نجهل كلَّ شيء عن ديانتنا ؛ فنحنُ عاجزون عن إجابة أسئلةٍ مازالت تُطرحُ علينا في كلِّ زمانٍ ومكان :
( ما دينكم ؟ من نبيكم ؟ لماذا تتعمدون ؟ ما تعني أعيادكم ؟ ) نحنُ نعرف إننا نعبدُ الله ، لكننا لا نتجرأ أن نتعدى ذلك إلى تفسيرٍ[ آخر] ؛ وإلّا وقعنا في أخطاءٍ جـرّت الشك بنا ، وربما الهُزء منّـا .
إنَّ كتبَنا الدينيّة مخطوطةٌ باللغة المندائيّة وهي لهجةٌ من الآراميّة إحدى اللغات الساميّة ، ومعظم التراتيل والأدعية والصلوات جاءت بلغة أدبيّة ملؤها الرموز وأنواع المَجاز ، وهي بذلك شبيهةٌ بلغة العهد القديم والعهد الجديد ، ورجالُ الدِّينِ عندنا لا يعوزهم الإخلاصُ والحسِّ الديني ، إنّما تنقصهم الثقافة الحديثة والتخصص في اللاهوت ؛ لكي يستطيعوا تفسير الطقوس والشعائرتفسيراً صحيحاً ،ويبتعدوا قليلاً عن تجميدها وجعلها أشبه ما تكون بمسرحيّة رمزيّة تُعرضُ أمامَ جُمهورٍ لم يسمع بالرمزيّة قطُّ ؛ فيأخذ كلَّ حركةٍ بمظهرها ، وتكون حصيلة ذلك فكرةً مشوهة عمّـا يُريدهُ الكاتب .
لقد قـام الكثيرون من المتخصصين باللاهوت والمستشرقين مـُنذُ أوائل هذا القـرن [ القرن العشرين ] بترجمة الكتب المندائية إلى اللغات الأوربيّة وباجراء بحوث وكتابة تآليف حول ماهيّة المندائيين وأصلهم ومعتقداتهم ؛ فقد نُشر في اوربا بين [ الأعوام] 1930 – 1966 مئة وإثنان وأربعون تأليفاً في هذا الموضوع ، ستةٌ وستون منها في ألمانيا ، وأربعة وعشرون تأليفاً في بريطانيا ، وخمسةَ عشرَ في فرنسا ، وتسعة في إيطاليا ، وستة عشر في اسكندنافيا . وهناك مقالات صدرت في امريكا بقلم سيروس كوردن ، أمّـا أشهر المهتمين والمتخصصين في هذا الحقل فهي السيدة ( لزابيث دراوور ) ولها مايربو على العشرة مؤلفات بين تأليفٍ وترجمة . وهناك السيد لدزبارسكي الذي ترجم الكثير من الكتب المندائيّة والّف كُتباً في الموضوع ومن المهتمين بهذه البحوث السيد ماكوش الذي اشترك مع دراوور في تأليف قاموس مندائي – إنجليزي ، ويجد القاريء في نهاية هذا البحث فهرست بأسماء أهم الأعلام في هذا الحقل ، وإني مَدينةٌ لكتّابها من القدامى والمحدثين ، العربُ منهم والأجانب في حصولي على معظم المعلومات الموجودة في هــــذا البحث .
أمّـا في محيط الطائفة نفسها ؛ فقد قام أخيراً السيدان غضبان رومي ونعيم بدوي ببعض المحاولات في هذا الحقل ؛ فترجما كتاب السيد [ ة ] دراوور الأول ( مندائيو العراق وإيران ) ونشرا بعض الأساطير المندائيّة ، كما نشر السيد غضبان رومي كُرّاساً صغيراً يحوي تفسيراً لبعض الطقوس وإجابةً لبعض الأسئلة. إن الأعمال آنفة الذكر تُعتبر خطوة محمودة في هذا المجال ، إلا أن كتابَ دراوور المشار إليه لم يكن علميّاً بالمعنى الصحيح ؛ إذ اعترفت المؤلفة نفسها في كتبها اللاحقة فقالت إن معلوماتها باللغة المندائيّة كانت لا تزال بدائيّة حين كتابيتها الكتاب . وأيّد ذلك ما جاء في مقدمة الطبعة الثانية من الكتاب المذكور ومن اعتماد المؤلفة المعلومات التي استقتها شفهيّـاً من بعض أفراد الصابئة وهم جُهلاء لا تتعدى أقوالُهم الأساطير المفككة التي لا رابط لها ولا معنى .(4)
لقد يسرّت لي معرفتي اللغة الإنجليزية قراءةَ ما كُتب حول الصابئة المندائيين وما تُرجم من مخطوطاتهم ،مع مقارنته بالأصل المندائي الموجود ضمن الكتب المترجمة ؛ فأحسست أني قادرة على أن اعمل شيئاً ذا فائدة .
ملعون هو الإنسان الذي يمتلك القدرة على العمل الإيجابي ولا يعمل ، لقد جاء في في إحدى تراتيلنا الدينيّة حثُّ الإنسان على العمل ، حيثُ تقول الترتيلة : لكلِّ حسب ما قدّمت يداه ، حيثُ أن من تعب وقاسى طويلاً سينال بكلتا يديه ، أمّا ذلك الذي لم يشقَ ولم يعمل يقف خالي اليدين ، ولسوف يطلب ولا يجد ، ويسأل ولا يلقى ؛ فلقد كان قادراً على العطاء وما أعطى ؛ لذلك سوف لايجد إن هو طلب ، أنت المسبّح ايها الربُّ ؛ لأنك لا تترك محبيك .
1 - تسمية الصابئة المندائيين :
إن الذي دعاني إلى إتخاذ { الصابئة المندائيون } موضوعاً لبحثي هذا ؛ هو كون الأسمين أُطلقا ولا زالا يُطلقان على مسمّى واحدٍ ؛ فكلُّ فردٍ من أفراد طائفتنا يُعرف أنه صابئي مندائي . أمّـا كلمة مندائي فمأخوذة من ماندا الآراميّة وتعني المعرفة ، وكل فرد من أفراد الطائفة هو مندائي أي عارف بالدين الحق ، وقد وردت في كتبنا الدينيّة كلمة الناصوري بالإضافة إلى المندائي . والناصوري هو رجل الدين المُحنّك بتعاليمه . وكلمة ( نصروئة ) تعني معرفة الرب والإيمان الصحيح ، وهي كلمة عُرفت بهذا المعنى قبل زمن المسيحية ؛ إذ تخبرنا دائرةُ المعارف البريطانيّة إن الناصوراي كان معروفاً قبل المسيحية كشخصٍ عرف الرب وأخذ على عاتقه واجباً دينياً مقدّسا ، وهو يتميّز بعدمِ حلاقةِ شعرهِ وامتناعه عن شرب الخمر . وتفسير دراوور - ماكوش لكلتا الكلمتين مندائي وناصوري مُطباقاً لِما ذكرنا أعلاه .
ويُعرِّفُ المندائيون أنفسَهم باسم الصابئة ، كما يُعرّفهم العربُ بهذا الإسم أيضاً ؛كفئةٍ دينيّةٍ متميزة . وقد وردت في كتبنا المقدسة كلمةٌ مشابهة لفظاً ومعنى ، صبَّ يصبُّ الماء ، وتلك الكلمة هي ( صبا ) الآراميّة ومعناها غطس أو اصطبغ ، أو تعمّد بالماء ومنها (مصبوته ) وتعني التعميد . إلا أن المعاجم العربيّة عمدت إلى إشتقاق كلمة الصابئة من الفعل المهموز صبأ صبوءاً ؛ إذ أن الجوهري يذكر في تاج اللغة وصحاح العربيّة مايلي : صبـأ صبوءاً أي خرج من دين إلى دينٍ ، وصبأ أيضـاً إذا صار صابئاً ، والصابئون جنسٌ من أهل الكتاب السلام ، ويذكر الفيروز بادي [ أبادي]* في قاموسه المحيط مايلي : صبأ صبوءاً أي خرج من دينٍ إلى دينٍ ، وصبأ أيضاً إذا صار صابئاً ،والصابئون جنس السَّلام ، وقبلهم [ قبلتهم ] من مهبِّ الشمال . ويرى إبنُ منظور في لسان العرب نفس الرأي السابق . امّـا إبنُ خلكان فيقول في ترجمته حياة ابي اسحق الصابئ ، أن الناس إختلفوا في نسبة الصابئ ؛ فقيل إنها إلى صابئ بن متشولح بن ادريس عليه السلام ، وكان على دين الحنفيّة الأولى ، وقيل صابئ بن ماري ، وكان بمصر الخليل عليه السلام ، ويتحدّث الشهرستاني عن وجود صنفين من الموحدين في أيام الخليل ، هما الأحناف والصابئة ، وقد ورد ذكر الصابئة مقروناً بذكرِ مدنٍ معينة كانت مراكز لعبادات صحيحة كحران والطيب ، في منطقة واسط ، وميسان وغيرها ، وسوف نأتي على تفصيل ذلك قريباً .
مما رأينا يتضحُ إن اسم الصابئة كان قد اُطلق على أتباع الدين المندائي من قبل العرب ، وبقي ملازماً لهم نتيجة وجودهم في البلاد العربيّة منذُ نشأتهم الأولى وحتى يومنا هذا ، وأن الصابئة كانوا في مستهل الرسالة النبويّة يُشكلون فئة دينيّة متميّزة واضحة العقيدة الأمر الذي إستدعى تصنيفهم مع المؤمنين وذوي الديانات السماويّة ، وذلك في ثلاثِ سور من القرآن الكريم كما سنرى .

2 - تاريخُ الصابئـة المندائيين :

الأردن ، القُدس ، حـران ، طيب ، ميسان تلك أسماءٌ ترددت على مسمعي مذ كنتُ طفلة اُصغي إلى والدي يشرحُ فقرات من كتاب ديني كان يقوم بنسخه آنذاك ؛ لذلك لم يكن غريباً عليَّ وجود مثل هذه الأسماء خلال بحثي تاريخ الصابئة المندائيين ومعتقدلتهم ، سواء أكان ذلك في كتبهم الخاصة أم في الكتب التي تحدث مؤلفوها عنهم .ومما لاشك فيه إن الصابئة كانوا في أحدِ تلك الأماكن ،أو في الآخر خلال فتية من فترات الزمان . وقد أجمع كتّاب التراث العربي على وجود الصابئة في بلاد مابين النهرين قبل الفتح الإسلامي؛ فقد ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان إن الصابئة كانوا في بلدة الطيب الواقعة بمنطقة واسط إلى أن جاء الإسلام.
يقول ياقوت الحموي :
(طيب بُليدةٌ بينَ واسط وخوزستان، وقد حدّثني داوود بن أحمد سعيد الطيبي التاجر رحمه الله فقال : المتعارف عندنا إن الطيب من عمارة شيت بن آدم عليه السلام ، وما زال أهلُها على ملّـة شيت وهو مذهب الصابئة إلى أن جاء الإسلام فأسلموا )
وذكر زكريّا بنُ محمّدٍ القزويني في كتابه آثار البلاد وأخبار العباد الخبرَ نفسهَ عن بلدةِ الطيب وورد في كتب الصابئة المندائيين ما يؤيد ذلك ؛ إذ إن معظم ناسخي تلك الكتب يذكرون إنها نُقلت عن نسخةٍ مخطوطةٍ ببلدة طيب3 هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى فأن الصابئة المندائيين يقدّسون شيت بن آدم ، ويعتقدون بأنه يُمثّل الكمال في الجنس البشري ؛ لذلك فأن نفوس البشر تُقارن بنفسه يومَ الدينونة ؛ فمن شابهت نفسُه نفسَ شيت عُـدَّ من الصالحين ، وكُتبَ له الخلود معهم . ونجد في تراتيل العماد إن الأب شيت يُعلّم طالبي التعميد من المندائيين ألا يتخذوا من الشمس والقمر والنار شهوداً لتعميدهم ؛ لأنها زائلةٌ باطلة ، وهو ينصحهم بالإيمان الحق فقط . وسوف نكتب الترجمة الكاملة لتلك الترتيلة في فصلٍ قادم 4 . هذا عن بلدة الطيب ، أمّـا عن وجودهم في ميسان وتأييد عبادتهم الله ؛ فقد كتب إبنُ النديم في مَعرِض حديثه عن تأسيس المذهب الماني أو المانوي فقال : إن مؤسس هذا المذهب حين أتاه هاتفٌ يأمره بهجر عبادة الأصنام ، ترك قومه في طيسفون والتحق بالمغتسلة الذين كانوا يُقيمون في ميسان .
يقول إبنُ النديم : ماني بن فتق أو فاتك مؤسس المانويّة ، كان في طيسفون وهناك بيتٌ لعبادة الأصنام ، فأتاه هاتفٌ : لاتأكل لحمـاً ،ولا تشرب خمــرا ، ولا تنكح بشرا ، تكرر عليه ذلك ثلاث مرّات ؛ فترك الاصنام والتحق بقومٍ كانوا بنواحي دست ميسان ،يُعرفون بالمغتسلة ، ولا يزالون إلى يومنا هـــذا )5 .
ويؤيد الباحثون المعاصرون في الغرب هذا الرأي ؛ فيؤكدون إن التراتيل المانيّة [ أو المانويّة] مُستمدة بل مترجمةٌ عن التراتيل المندائيّة التي كُتبت في وقتٍ أسبق منها بكثير 6 . ويتحدّث إبنُ النديم عن المغتسلة ويسميهم صابئة البطائح ؛ فينوه باحتمال انتسابهم إلى صابئة حرّان ولكنه لا يجزم بذلك . أمّـا الصابئة الحرانيون فيتحدّث عنهم حديثاً مُستفيضاً في مستهل بحثه أنواع الملل والمذاهب التي عرفها ويذكر عنهم رواية الفيلسوف المشهور الكندي وتقييمـه معتقداتهم 7 .
ولا شك بأن تردد الكاتبِ العربي بنسبة صابئة البطائح إلى صابئة حران ، ناتجٌ عن الإختلافِ بينهما إختلافاً سببه التباين في المستوى المعيشي والثقافي لكلٍّ منهما ، ومثل هذا الإختلاف لا يزالُ قائمـاً حتى اليوم بين صابئة أهوار الناصريّة وميسان وعربستان وبين الطبقة المثقّفـة من صابئة بغداد ؛ حتى يُخيّل إلى الباحث أو المشاهد إنهما فئتان مختلفتانِ إختلافـاً كُـليّــاً . إن المعلومات الواردة في كتب الصابئة المندائيين تؤيّد كون صابئة حران وصابئة الأماكن الأخرى في بلاد ما بين النهرين هـم فِئة واحدة ؛إذ أن تلك الكُتب تُشير إلى هجرة ستين ألف مندائي ناصوري من القدس إلى حران وتفرّق جماعاتٌ منهم إلى جهاتٍ مختلفةٍ على شواطيء الفرات ودجلة وكارون .وتقول المصادر المندائيّة إن حران إستقبلتهم وكان فيها جماعةٌ منهم ؛ فسكنوها وبنوا فيها معابد لهم وقد أنحدر [ ت] جماعات منهم؛فسكنوا أماكن مختلفة من وادي ما بين النهرين 8 . ولا يزال الصابئة حتى اليوم يذكرونفي صلواتهم على على نفوس [ أرواح ] موتاهم ( ذخرنان )وأثناء تناول الطعام المشترك ، اؤلئك الآباء القدامى كآدم وسام وهابيل وشيت ويوحنا ، ثم الثلاثمائمة وستين أباً الذين قدِموا من مدينة القدس إلى حران 9. أمّا ما أورده المؤرخون عن حران فيؤيد إن تلك المدينة كانت مركزاً لعبادة الرب منذ أقدمِ الأزمنة ؛ فقد ذكر الطَّبري الرواية القائلة إن حران هي المكان الذي ولد فيه ابراهيمُ الخليل وإن هاران أخاه هو الذي بنى المدينة 10. وكتب صاحبُ معجم البلدان عن المدينة : قيل سميّت بهاران أخي إبراهيم الخليل عليه السلام لأنه أول من بناها ؛ فعرّبت فقيل حران ، وذكر قومٌ إنها أول مدينة بُنيت بعد الطّوُفان وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل ، وقال المفسرون في قوله تعالى ( إني مهاجرٌ إلى ربّي )[ سورة العنكبوت] إنه أراد حران ، وقالوا في قوله تعالى ( ونجيّاه ولوطاً الى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) وهي حران ) 11. [ 71 الأنبياء ]
ويذكر الشهرستاني في كتابه الملل والنحل إن صنفين من الموحدين كانا في زمن الخليل في حران وهما الأحناف والصابئة مع فارقٍ واحدٍ بينهما ، كون الصابئة لا يضعون وسيطاً بشراً بينهم وبين الله 12 . وقدذكرنا في قول ابن خلكان في نسبة أبي اسحاق الصابيءإلى صابيء بن متوشلح بن إدريس الذي كان على دين الحنفيّة الأولى ، او إلى صابيء بن ماري وكان في عصر الخليل عليه السلام .13
إن هذه الترجمة البسيطة لتُشير إلى أن الرجل ينتمي إلى فئة مؤمنة موحدة وقد توجه الأفذاذ من أبنائها إلى بغداد ؛فساهموا في النهضة العلميّة والأدبيّة في القرنين الرابع والخامس للهجرة . وتخبرنا دائرة المعارفُ الإسلاميّة إن جـدهم الأعلى هو زهرون وأن أبناءه وأحفاده كانوا أطباء ومهندسين وكيمائين وفلكيين وفلاسفة ومؤرخين .ومن الملاحظ إن ( زهرون ) هو علمٌ [اسم ] خاصٌ بالصابئة وموجود في مخطوطاتهم ومعناه مقارب إلى نوري في اللغة العربيّة وما زال اسم زهرون متداولاً بين الصابئة حتى اليوم .
مما سبق يتضحُ إن الصابئة المندائيين سكنوا حران وأماكن أخرى من بلاد ما بين النهرين قبل الفتح الإسلامي ، ولا يزالون في بعض تلك المناطق من عربستان حتى وقتنا الحاضر .أمّـا كون منشأ ديانتهم الأصلي هو القدس وما جاورها من حوض الأردن فأمرٌ يؤيده معظم الباحثين المعاصرين ومنهم دراوور ، لدزبارسكي ، كيرت رودلوف، رودلوف ماكوش ، وغيرهم ، كما تؤيده المخطوطات المندائيّة التي تُحدثنا عنها قبل قليل ؛ إذ إن المخطوطات تتحدث عن نزوحِ القوم من القدس إلى حران تحت حماية الملك الفرثي أو ( البارثي)أردبان نتيجة إضطهاد اليهود إياهم . وتقول المخطوطات المندائيّة إن الرب عاقب اليهود آنذاك بخرابِ القدس الذي يضعه المؤرخون سنة سبعين للميلاد ، أمّـا التاريخ السياسي للفرثيين فيقول إن خمسة ملوك منهم باسم أردبان حكموا بلاد ما بين النهرين ، وإن الصابئة المندائيين توجهوا إلى تلك البلاد مع الملك أردبان الثالث الذي امتد حكمه من السنة الثانية عشرة قبل الميلاد حتى الثامنة والثلاثين بعد الميلاد . وقد وُجدت في الجنوب الشرقي من العراق قطعُ نقودٍ تحمل كتابة مندائيّة تعود إلى سنة خمسين ومئة بعد الميلاد . كما عُرف عن الفرثيين تسامهحم الديني واطلاقهم حريّة العبادة بل ومنحهم الإستقلال الذاتي لبعض المدن في البلاد التي يحكمونها .
إن هذه التواريخ مع الوقائع التي ذكرها مؤرخوالعرب لتُعطي فكرةً واضحة عن وجود الصابئة المندائيين على ضفاف دجلة والفرات منذُما يقارب العشرين قرناً .
أمّـا الأدلّة التي تؤيد نشوء دينهم في منطقة القدس ؛فكثيرة ، أهمها حديثهم المتكرر عن القدس وسيناء والكرمل وأرز لبنان والأردن ، وغيرها من المواقع خلال صلواتهم وتراتيلهم وكتابة بعض تواريخهم ؛ فمخطوطاتهم مثلاً تتحدّث عن عن ولادة يحيى بن زكريّا( يوحنّـا) فتقول إن ذلك حدث في بمدينة ثمارا وهي مدينة صغيرة كانت تقع الى الجنوب الشرقي من البحر الميّت ؛ حيثُ تكوّنت بذرةزكريا الصالحة في رحم اليصابات ، ومنها جاء إلى الدينا طفلٌ ، نبيٌّ ،يُنبيء بأمر الربِّ المتعالي إلى ابراهيم ابن القدرة الكبير ، واخذوا الطفل وعمّدوه في الأردن ، وحين صار عمرُهُ سبعَ سنواتٍ جاء ملاك الرب وعلّمه الحروف الأبجديّة آ ، با ، كَا ، دا ..... وحين صار عمرهُ عشرين عاماً علّمه الدين الحق ( النصروتا ) حينئذٍ عَمَـدَ يحيى يوحنّـا إلى الأردن وبماءِ الحياة المقدّس بــدأ يُشفي المرضى ويفتح عيون العُمّي المقعدين بقوة ملكِ الأنوارالأعظم تبارك اسمهُ .17 والأردن ( يردنا ) هو الأسم الذي يُطقله الصابئة حتى اليوم على الماء الجاري أثناء مزاولة طقوسهم الدينيّة كالصلاة والتعميد والزواج وغيرها مما يُشير إلى أن أول ماء استعملوه في طقوسهم هو ماء الأردن . وإن تلك الصلوات والتراتيل المرافقة لها قد انشئت [ نشأت] . والصابئة يُطلقون اسم الناصوريين أو ( الناصريين ) على رجالهم المتعمقين في الدين ، وأحياناً على الطائفة نفسها .
ويرى الباحثون المختصون حديثاً إن هذه التسميّة وحدها تُعيّن مكان وزمان نشوء ديانتهم ، وذلك في القدس وقبل المسيحيّة 18 وهناك دليلٌ لايقـلُّ أهميّة عمّـا ذكرنا وذلك هو اللغة التي جاءت بها مخطوطاتهم والتعابير التي احتوتها .فقد كتبت السيدة دراوورتقول إن اللغة المستعملة في الكتب المندائيّة مألوفة لدينا في العهد الجديد والعهد القديم معا ؛ فمثلاً حفنة [ جفنة ] العنب ( كَفنا ) التي استعملت رمزاً لجماعة المندائيين ورمزاً للمؤمن الصحيح مستعملةٌ في الكتابات المسيحيّة وتُعطي المؤلفة مثلاً لذلك قول السيد المسيح { أنا الكرمةُ الصحيحة }19
إنَّ الأسماء والتعبيرات الواردة في التراتيل المندائيّة تُشير بوضوح إلى مكانِ نشوئها كما قُلنا ففي إحداها ما يلي :
صعدتكُ يا جبل الكرمل
ارتقيتكَ يا جبل الكرمـل
إثنتا عشر جفنةٍ كانت بانتظاري
رأتني الكروم
وعندما رأتني الكروم إزدهرت
ونشرت عناقيدها 20
وعنما رأتني الكروم ازدهرت
أمّا أول ترتيلة من تراتيل العماد فتقول :
باسم الحــيِّ
وباسم معرفة الحـي
وباسم الوجود الأزلي الذي سبق الماء
وكان قبل الضوء و السَّنى
ذلك الذي نـطق فكانت كلمات
والكلمات كانت كرومـا
وكانت الحياة الأُولـى21
وهنا ترتيلة حول إلتماس النفس سُلّماً من الأعمال الحسنة كي ترقـى بواسطته إلى مستوى الكمال ؛ حيثُ يُـخـلّد الصالحـون :
هناك جفنةٌ ليشتٍ وأُخرى لأنوش
لشيتٍ كرمةٌ هناك في أرضِ الحقِّ
مثقلةً بالثوابتِ والعطايا
مُثقلة بالإيمان
تحملُ صلواتٍ وتراتيلَ قُدسيّة
وعندما ارتفعتُ من مكاني
إلتسمتُ إلتماساً عظيماً
إلتمستُ سُلّمـا
لكي أسنده بجانبِ الجفنة وأصعد
لأسنده على الجفنة وأرقـى
لأصلَ إلى جفنتي
لعلها تُزهرُ
لعلي آكلَ منها واستظلَّ بظلالها
واتمتعُ بإيراقها
لعل إكيلاً يُحاكُ من براعمِها
فيوضعُ على رأسي 22

وهناك مفرداتٌ وتعبيراتٌ في الكتب المندائيّة مطابقةٌ نصّــاً وروحاً لمفرداتٍ وتعابيرَ واردة في الكتبِ المسيحيّة ، ومنها الطلبُ إلى السامعين إن يستأصلوا الكرومَ السيئة ، ويزرعوا الحسنة ،ومثل قولهم : أبناء النور ، وأبناء الظلام ، الماء الحي ، والحياة الأبديّة ،خبز الحياة ، الراعي والرعيّة ، يوم الدين ، فتش تجد ، واطلب تلقَ ، وتكلّم تسمع ،وغيرها 33
إن القرائن والأدلّة السابقة تُشير إلى أن الصابئة المندائيين سكنوا وادي النهرين منذُ عشرين قرناً حاملين معهم تُراثاً شفهيّاً ومخطوطاً نشأته الأصليّة القدس وما يجاورها ،وإن المدن والأماكن التي اقترن ذكرهم بها عُرفت عبر التاريخ كمَواطِن لعبادات صحيحة .
وسنتكلّم في الفصل التالي عن شيءٍ من معتقدات القوم ؛ وذلك في محاولة للكشف عن حقيقة اُخفيت طويلاً ؛ فتعقّدت كثيراً نتيجة الإخفاء .
3 -هجرة أم عَودة :

ان النتائج التي إستخلصتها حتى الآن أثارت بفكري سؤالاً مُلحّـاً يقـول : أكان توجه الصابئة إلى حران وإلى جنوب العراق أمراً عشوائيّاً ، أم إن هناك علاقةً ما جذبتهم إلى تلك الأماكن بالذات ؟ لقد مرَّ بنا القول إن حران استقبلتهم وكان فيها جماعةٌ منهم ، وقرأنا إن بلدة الطيب كانت من عمارة شيت بن آدم ، وإن سكانها كانوا على ملّـة شيت وهم من الصابئة ، فهل هناك مصدرٌ آخر يؤيدُ مثل هذه الأقوال ؟
أن أقدم تجمّع بشري عَـرف التَّوحيد كان مركزه العراق .يُخبرنا بذلك الكتابُ المقدّس أي العهد القديم والعهد الجديد ، وهو أقدم كتاب تحـدّث عن تاريخ البشر. فقد ورد في الإصحاحِ الرابع من سّفر التكوين إن آدم عرف امرأته ؛ فولدت ابناً أسمته ( شيت ) ، قائلة إن الله قد وضع لي نسلاً آخر عوضـاً عن هابيل ..(( وولد لشيت ولدٌ فدعا اسمه ( أنوش ) حينئذ ابتديء إنه يُدعى باسم الرب )) .
ومن أولاد أنوش يأتي نوح وأولاده سام وحام وياقث [ يافث ] الذين نجوا معه بعد الطوفان .
ويقول الإصحاح الحادي عشر إنهم سكنوا بابل ، ويعدد أولاد سام حتى يصل إلى تارح وأولاده ابراهيم وناحور وهاران ، ((وولد هاران لوطا .مات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في اور الكلدانين ، واتخذ ابراهيم و ناحور لأنفسهما إمرأتين ، اسم إمرِأة ابراهيم سارة ، واسم إمرأة ناحور ملكة بنت هاران . وأخذ تارح إبنه ابراهيم وخرجوا معاً من اور الكلدانيين ؛ ليذهبوا إلى أرضِ كنعان ؛ فأتوا إلى حران وأقاموا هنا ك ، ومات تارح في حران . ثم جاء في الإصحاح الثاني عشر من سِفر التكوين أيضاً إنهم خرجوا من حران بأمر الرب وتوجهوا إلى أرضِ كنعان .

أن الصابئة المندائيين الذين كانوا ولا يزالون يذكرون في صلوتهم كُلّاً من آدم وهابيل وشيت وسام ويوحنا والناصريين الذين أتوا من القدس ، هؤلاءِ الصابئة لا يُستبعد أن يكونوا من أتباع اولئك الذين تركوا العراق في وقتٍ مّا متوجهين إلى حران ومنها إلى القدس ؛ فلما بعُدت الشِقّة وطال الزمن جاءهم يوحنا المعمدان ؛ فآمنوا به وحفظوا أقواله وتعليماته ، ونشأت لديهم ثروة من التراتيل والصلوات هناك حملوها معهم بعد وفاة يوحنا عائدين بنفس الطريق التي سلكها أجدادهم الساميّون القدامى إلى حران وإلى اُور العراق ، ( لا يزال الصابئة يسمون أولادهم باسم ، آدم ، شيت ، سام ، ابراهيم ، يحيى حتى الآن )، ولا يُسبعد أيضاً أن يكون قد بقي بعضُ الموحدين في أرض حران ، وفي العراق وبمدينة الطيب بالذات مما دعا الآتين من الغرب إلى الإلتحاق بجماعتهم في الشرق ، وفي ذلك يكون ما ذكره مؤرخو العرب عن حران وعن الطيب ، وكذلك عن نسبة أبي إسحاق الصابيء إلى متشولح بن إدريس بن شيت صحيحا .

4 - شيءٌ عن معتقداتِ الصابئة المندائيين :
التَّوحيـدُ وخُلودُ الـرُّوح

الصابئة المندائيّون يعتقدون بخالقٍ عظيمٍ أزلي،إنبعث من نفسه ، وانبعثت من لدنه الحياة ، وإليه تعود وبه تتحد بعد أن يكتمل قدرها .
هذا الذي أقوله ليس جديداً ، وذلك ؛ لأن إيمان الصابئة بالله واليوم الآخر منصوصٌ عليه في القرآن الكريم ، ومُؤيَّد من قبلِ أشهرِ مُفكّري وفلاسفةِ الإسلام ، وهو حقيقةٌ موجودةٌ في جميعِ المخطوطاتِ المندائيّة التي يتوارثها الصابئة جيلاً عن جيلٍ ؛ مما دعا المختصّين في هذا الحقل من كُتّاب الغرب إلى الاعتراف بها .
إن القرآن الكريم أورد ذِكر الصابئة مع الذين آمنوا بالله واليوم الآخر ، وذلك في ثلاثِ سورٍ مباركة ، هي سورة البقرة ،وسورة المائدة ،وسورة الحج .
ففي سورة البقرة ورد قوله تعالى : ((إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعَمِل صالحاً فلهم أجرهم عند ربِهم ، ولا خوفَ عليهم ولاهم يحزنون )) .
وفي سورة المائدة جاء قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى مَنْ آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوفَ عليهم ولا هم يحزنون ) . وورد ذكر الصابئة في سورة الحج ، إذا تقوم القيامة ؛ فيكون الله هو الفصل بين المؤمنين وبين المُشركين . والآية في هذه السورة الكريمة - كما في سابقتها - تضع الصابئة قبل النصارى ؛ وبذلك يتعيّن كونهم من فئة المؤمنين لا المشركين ؛ حيث يقول الله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصلُ بينهم يومَ القيامة ، إن الله على كلِّ شيء شهيد ) .
أمّـا كُتّاب العرب وفلاسفتهم ؛ فقد ذكروا الصابئة في كتبهِم ومعاجمهم ، وقد قرأت إبنَ النديم ، وإبنَ خلكان ، والبيروني والشهرستاني والحموي والدمشقي ، ورأيتُ المعاجم التي ذكرتها في الفصل السابق ؛ فوجدتُ إن المدن التي اقترن ذكرها بذكر الصابئة كانت كلها مراكز لعباداتٍ صحيحة عبر الأجيال كما قلنا سابقاً . ووجدتُ إنَّ أصح الروايات بخصوص معتقدات الصابئة هي الرواية التي وردت بخط أحمد بن الطيب والتي حكاها عن الكندي ، وقد أشرنا إليها قبل الآن . إن الكندي* أبا يوسف يعقوب بن إسحاق من عظماء الفلاسفة وأفذاذ المفكّرين ، كان يعرف السريانيّة واليونانيّة والهنديّة والفارسيّة . أمّـا تلميذه الذي روى الحكاية فهو أحمد بن الطيب الفيلسوف ؛ فالكندي وتلميذه كلاهما مصدرُ ثقة .
كتب أبنُ النديم في مستهلِّ حديثهِ عن الصابئة في حران ما يلي :
حكاية من خط أحمد بن النديم الطيب في أمرهِم حكاها عن الكندي ، اجتماع القوم على أن للعالمِ علّةٌ لم يزل واحدٌ يتأثر ولا يلحقه صفة شيء من المعلولات ، كلف أهل التمييزمن خلقه الإقرار بربوبيته ، وأوضح لهم السبيل وبعث رُسلاً ؛ للدلالة وتثبيتاً للحجة ، أمرهم أن يدعوا إلى رضوانه ويحذروا من غضبه ، ووعدوا من أطاعَ نعياً [ نعيماً ] لا يزول ، وأوعدوا من عصى عذاباً واقتصاصاً بقدر استحقاقه .
ويستطرد إبنُ النديم فيذكر قول الكندي إنه نظر في كتابٍ يقرّبه هؤلاءِ القوم وهو مقالات كتبها أحدهم لإبنه في التوحيد ( لا يجدُ الفيلسوف إذا أتعب نفسه مندوحة
عنها ) 1 وقد عدد ابنُ النديم في مقالته تلك مذاهب ومعتقدات ..غير واضحة.. قد تكون [ شتّى ]..* ثم كتب قطعةً قصيرة عنوانها ( المغتسلة ) ذكر فيها إنهم صابئة البطائح ، وقال: ( إنهم عامة الصابئة المعروفين بالحرانين ، وقد قيل إنهم غيرُهم ) 2 وقد وضّحنا في الفصل السابق إن الصابئة والحرانيين فئةٌ واحدة كما ذكرابن النديم أولاً ، وإن تردده الذي تلا كان نتيجة إختلاف الفئتين الثقافي والمعيشي ؛ مما جعل الباحث يشكُّ بنسبة إحدى الفئيتين إلى الأخرى .
إن الآراء التي وردت في المصادر الإسلاميّة حين كان الفكر الإسلامي في أوجه لها ما يا يماثلها و يقابلها في المصادرالأوربية المعاصرة ؛حيثُ الفكر الأوربي في أوجّه . وسأكتفي مما كُتب في هذا الموضوع برأي السيدة دراوور إذ يعتبرها المعنيون بالأمر حجةُ ومرجعاً في ديانة الصابئة المندائيين .
لقد كتبت دراوور في مقدمة كتابها ( آدم الخفي ) أهم ما استخلصته من دراساتها الكتب المندائيّة فقالت : إن اهم ما يُميّز معتقدات الصابئة هو:
( 1) إعتقادهم بربٍ مُعظّم ،آياته خلق الكائنات الروحيّة والأثيريّة والماديّة .
( 2) إعتقادهم بأن الروح في الجسم أشبه ما تكون بالأسير ، وهي لابدَّ عائدة إلى موطنها الأصلي حيثُ تتحدُ بالذات العظمى في عالمِ الأنوار .3
حين نعود إلى كتب الصابئة المندائيين نجد أن الذي تحويه من صلواتٍ وأدعيةٍ وتراتيل وطقوس كلها مبدؤة باسم الحي الأعظم ، ومختومة بحمده وتسبيحه ؛ فكتاب (كلاستا) الذي بين يديّ الآن مثلاً هو خلاصة أو مجموعة الصلوات والتراتيل المستعملة في التعميد والصلاة والزواج والقُدّاس على نفس الميّت ، ويحتوي هذا الكتاب أكثر من أربعمائة قطعة مبدؤة ومختومة باسم الرب أو بتبريكه وتسبيــحه كما يلي :

بريخت ماري - مباركٌ المولى
بشما أدهيي - بسم الحـي
هي زاكن - الحيُّ مُزكّـى ، أو منتصر ومهيمن
مشبين هيّ - الحـي مُسبّح
مشبـا ماري - المولى مُسبّح

وفي هذا الكتابِ وغيرهِ من كتب الصابئة ما يؤكـدُ إن الصابئي المندائي يُعرِض إعراضاً تامّـاً عن عبادةِ أية صورةٍ أو خيالٍ أو صنمٍ من الطين أو نصبٍ من خشب ، ويتوجه خاشعاً ومتواضعاً وطالبـاً الرحمة والعطاء والمغفرة من ربٍّ لايُخيّبُ سائليه ولا يخذلُ مريديه ؛ وهو إذ يطلب الرحمة والمغفرة والعطاء إنما يطلبها لنفسه وأصدقائه وأصدقاءِ أصدقائه ، ولجميع المندائي [ المندائيين ] المتبعين سبيل الحق وذلك ما نلاحظه في الدعاء المترجم أدناه وهو دعاء يُـذكر أثناء التَّعميد وفي مناسباتٍ اُخرى . يقول الصابئي في دعـــائــه :

سعيتُ رافعاً عينيّ وذراعيّ إلى موطنِ الحياةِ والنور والمجد ،
المكان الذي يُهدي قاصديه ويَسمع محدثيه ويُجيب سائليه ،
يومـاً يومـاً وساعةً ساعة ،هذه الساعة أدعوك يا مولاي دعوةً مخلصةً واسعةً من أجل عبادِك الراكعين إلى الأرض والرافعين أيديهم اليك ، الهاجرين النابذين كلَّ خيالٍ أو صورةٍ أو صنمٍ من طينٍ أو نصبٍ من خشبٍ أو شرعبة [ شريعةٍ ] باطلةٍ ، والمتوجهين المتعبدين اسم الحيِّ المتفرّد المقدّس ....كلُّنا أمامك عبيدٌ مُخطئِون ، كلُّ يـدٍ من أيدينا سارقة ، وكلُّ شفةٍ من شفاهنا كاذبة ، وأنت ذو الرحمةِ .
حين تكون معنا ؛فلا سيطرةٌ لأحدٍ علينا ، وحين تبررنا لا يخطئنا أحـدٌ . احكمنا بقضائك لا بقضاء الأرض ، واغفر لنا جهالاتنا ، ولا تحشرنا مع السادرين في غيهم من الناس ، لقد قست علينا الحياة الدنيا و لكننا لم نقع؛ لأننا مزودون بالحقيقة ، حقيقتك أنت ومنها نستمدُ الثقة . أنت الذي أسمعتنا كلمتك وأمرتنا بأمرك (( اطلبوا على الأرض وسأزودكم من ثمرات السماء ، فتشوا تجدوا . فتش وسوف تجد لنفسك لأصحابك لأصحابِ اصحابك ولهؤلاءِ الذين يحبون العائلة الإنسانية جمعاء ))
أنت يا أبا الملائكة ، انت الملجـأ والمنار ، عِرق الحياة وشجر الوجود ، أنت العالِمُ ما في القلوب ، والفاهمُ ما في الأفكار وفي الضمائر ، ولايخفى عنك حتى ما تخفيه أعمق الظلمات . مَنْ ينشدك يجد ، ومَنْ يسألك يلقَ ، انت يا فاتح الأبواب المغلقة ، هناك في دنيا الأنوار ستغفر خطايانا وذنوبنا ، وتُقوّم عثراتنا ، ستقبلنا طاهرين لا مُذنبين ، وفاضلين لا رُذلاء .
ندعوك أن تدع قبساً من نورك يُضيء دربنا ، وشيئاً من جلالك يغمرنا . أنت الشافي فوق كلِّ مَن يُشفي ، والرافع فوق كلِّ من يرفع . أنت يا من فتحت أبوابَ الحقيقة وكشفت الغامض وأوحيت بالحكمة وأريت آياتك العظمى في القدس . عظيمٌ هـو إسمك ومسبّح ، أنت الوجود الأزلي ، وأنت العِـرق وأنت الأب ، وأنت فوق الأرضِ والسماء ، وأنت المُهيمن ) 4

أن الصابئي المندائي الذي ينبذ عبادة الأصنام والأوثان والآلهة الباطلة يُنكر أيضاً وينبذ عبادة الشمسِ والقمر والنار ، ويعتقدُ إنها باطلةٌ زائلة ، وإن عابديها زائلون ، نجد ذلك في تراتيل العماد .
والترتيلة تشكّل محاورة بين الأب شيت وهو المُعمـِّد وبين جماعةٍ من طالبي التعميد ،وفيها يرفضُ الأب المُعمِّد عبادة الشمس والقمر والنار واتخاذها شهوداً للعماد ، ويكتفي بمستلزمات طقس التعميد وهي الانصراف إلى العبادة الحقّـة . واليك ترجمة الترتيلة ل :
باسم الحي نهضت ،
نهضتُ ، ولقيتُ جمْعاً من الناس
يُحيطون بأبينا شيتٍ ويقولون لـه :
(باسم الحي يا أبانا شيت ، تعالَ معنا إلى الأردن ؛ لكي نتعمّد).
(إن ذهبتُ معكم لتعميدكم في الأردن ؛فمن سيكون شاهدُكم )
( الشمسُ المشرقةُ علينا ستكون شاهدنا )
ليستِ الشمسُ مطلبي ، ولا تهواها نفسي ؛
فالشمسُ التي عنها تتحدثون ،
تُشرقُ في الصباح وتغربُ في المساء ،
الشَّمسُ التي عنها تقولون ،
ماهي إلا باطلٌ زائلٌ سيأتي إلى نهايته ِ
الشَّمسُ ستنتهي إلى لا شيء ، وعابدو الشَّمسِ سينتهون إلى لاشيء )
باسم الحي نهضتُ ،
ولقَيتُ جمعاً من الناس ،
يُحيطون بأبينا شيت ويقولون له :
باسم الحيِّ يا أبانا شيت ، تعالَ معنا إلى الأردن لكي نتعمّـد)
( إن ذهبتُ إلى تعميدكم في الأردن فمن سيكون شاهدُكم ؟)
( القمرُ الذي يُشرق علينا سيكون شاهدنا )
(ليس القمرُ مطلبي ، ولا تهواه نفسي ؛
فالقمرُ الذي عنه تتحدثون
يرتفعُ في الليل ويهبطُ في النَّهار ،
القمرُ الذي عنه تقولون
ما هو إلا باطل زائل سيأتي إلى نهايته
القمرُ سينتهي إلى لا شيء ، وعابدو القمر سينهون[ سينتهون] إلى لا شيء )
ويتكرر السؤال والجواب عن النار ؛ إذ يرفضها الأبُ المُعـمِّد شيت ، وأخيراً يكون جواب طالبي التعميد وجواب الأب شيت كما يلي :
الأردن وشاطائاه ستكون شهودنا ،
لقمةُ الغذاء، وجرعةُ الماء ، والإيمانُ الحقُ ستكون شهودنا ،
الأحدُ ، وهذه الصدقات ستكون شهودنا ،
هذا البيتُ الذي يجمعنا للعبادة والصدقات التي نجمعها
ستكون شهودنا
وأبونا ورئيسنا سيكون شاهداً لنا .)
( هذا هو مطلبي ، وهذا ما تصبو إليه نفسي
فحينما تصعدُ أرواحنُا إلى دارِ البقاء ؛ فيسألني الحـيُّ
ستأتي تلك الشهود وستكون شهود حق ) (5)
إن التعميد هو الطقسُ الرئيس لدى الصابئة ، وأهميته تتمثل فيما يرمزُ إليه من خلاص النفس من آثامِ الدُّنيا وشرورِها خلال الفناء ( الغطس تحت الماء ) وقيامه ( الصعود إلى الشاطيء ). وبين ذلك الفناء وتلك القيامة يرددُ المتعمِّد والأبُّ المُـعمِّـد صلواتٍ وتراتيلَ تؤكـدُ توبة المتعمِّد ،وطلبه الرحمة والغفران من الرب الأعظم ؛ فالمندائي بعد التعميد يستقبل حياة جديدة صالحة تجعله يتحدّى المصاعب والعقبات ،وينظر إلى السماء حيثُ يكتفي بذاته الحقيقية ، بضميره ، بجوهره الذي هو نسخة أو كلمة من لَدن الذات العظمى ، هذه المعاني يُمكن أن تُستاشف من الترتيلة الآتية ، وهي من تراتيل التعميد :
باسم الحي
( ما الذي عمله أبوكَ من اجلك أيها الإنسان
في اليوم العظيم الذي بـه وُلدت؟ )
(أخذني إلى الأردن ، وعمّدني ، ثم رفعني ووقف على الشاطيء ، نطـق اسمَ الرَّبِّ، وقسّمَ الرغيف ؛فأعطـاني ،
بارك قـدحَ الماءِ وسقاني
وضعني بين ركبتيه ، ونطيق عليِّ اسم الحي الأعظم
مضى قبلي صاعداً الجبل ، ونادى عاليـاً لكي أسمع :
إن كانت لديك قوةٌ أيها الإنسان ؛فتعالَ)
(إن تسلقتُ الجبل َ ؛فسوف أقعُ في الهاوية
سأموتُ وتتلاشى حياتي على هذه الأرض .)
رفعتُ عيني إلى السماء وتطلّعت نفسي إلى بيتِ الرّب ،
تسلقتُ الجبلَ فما وقعتُ
أتيتُ ؛ فوجدتُ حقيقة ذاتي (6)
ويتكررُ مثلُ هذا النِّداء ، السؤالُ والجواب ، ويستطيع الشخصُ بعد التعميد أن يخترق النارَ والبحر ، كما استطاع أن يرقى الجبل ، ولا يهلك ؛ إذ إنه في كلِّ مرةٍ يتطلّع إلى السماء ، ويستشعر جوهرَ إنسانيتهِ القادرِ على قهر مصاعبِ الدنيا والإنتصارِ على عقباتِ الحياة إن هو خلعَ عن نفسهِ حماقاتِها وصغائرَها وأتي اللهَ بقلبٍ سليم ؛ - فالإنسان - كما يعتقد المندائي -هو نفسٌ أو كلمةٌ من الذاتِ العُليا ، كما قُلنا سابقاً ، وهو نبتةٌ من نبتاتِ الجنانِ حلّت [ في ] جسد آدم ومعها شيءٌ من جلالِ موطنِها الأصلي وجمالهِ ، من سناه ونوره ، من كماله ووحدته وانسجامه وإخلاصه ونظامه ، وسلامه .
جاء شيءٌ من عالمِ الأنوارِمع النفس يرافقها ، يُبهجها ، يُطهرها ، ويُحيطُ بها ؛ ليعينها ضد شرور الأرضِ ومغرياتها . وحلّت مع النفس في جسدِ آدم روحُ الشّرِّ أيضاً ، ومعها كلُّ ما في دنيا الظلام من خبثٍ وكذبٍ وشُرةٍ وفساد . (7)
فتطلّعت النفسُ إلى باريها معترفةً بضعفها عن مواجهة هذه الشُّرور وعجزها عن جني الخيرِ والسَّلام والمحبّة المُودعة فيها . لكنها لم تلبث أن اُلهمت بأنها نفسُ الإنسان ، والإنسان هو المُختار من لدن الرَّبِّ الأعظم ، وقد خلق الرَّبُّ هذه الدُّنيا وهذه الأفلاكَ والشَّمسَ والقمرَ كلَها من أجلِ الإنسانِ ، وعليه أن يثبتَ ويصبر وستجد ( الشجرةُ المثمرةُ من يجني ثمارها ،وسوف يجدُ اليتيمُ من يرعاهُ ويأخذ بيدهِ ) حتى يحين حينه ويكمل قدره ؛ فتعودُ النفسُ إلى عالمها الأصلي ، عالمِ الأنوارِ الخالدِ الذي لا تنطفيء شمسهُ ولا تخبو مصابيحُه ، ذلك ما نجده في صلاةِ الأحد التالية :

( مسكينٌ أنا ، نبتةٌ من نبتاتِ الجنانِ
اُبعدتُ عنها إلى هذه الأرضِ
وقدرٌ عليَّ أن أعيشَ في موطنِ الشَّرِّ المليء بالخطايا
لا أحبُّ هذا المكان ولا أرغبُ البقاء فيه
فبئس المكان هذه الأرض
لقد حللتُ هذه الدنيا بكلِّ ما لديَّ من قدراتٍ وخير
ولكني سأبقى فيها غريباً عنهـــا
فقد وقفتُ فيها كيتيمٍ بلا أبٍ ، وكشجرةٍ مثمرةٍ دون فلاّح
سّمِعَ الحيُّ صرختي ؛فأرسلَ لي منقذا
أرسلَ لي ملاكاً أثيريّاً مُشفقاً وحانياً ، مُخلصاً ومُخلّصا
حدَّثني بصوتهِ الطّاهرِ النقي ، تماماً كما تتحدثُ الملائكةُ في عالمِ الكمال
وقالَ لي لا تخفْ أيها المسكين ولا ترتجف
لا تقل أنـا وحدي ،
من أجلكَ أيها المسكين إرتفعتِ السماواتُ،واستوت الأكوان
وخلقت النجوم
من أجلكَ أيها المسكين أوجدت الأرضُ وتصلّبت واُلقيت في البحار ،
على حسابك أيها المسكين أضاءت الشمسُ وظهر القمر
على حسابك أيها المسكين خُلقت الكواكبُ والأفلاكُ
في يدك اليمنى أيها المسكين حلَّ السناء، وفي اليسرى حلَّ النُّور
قِف صابراً صامداً حتى يحين ميعادُك
فآتي إليكَ ومعي رداءٌ من النورِ تشتهيه الدُّنـا
سأجلبُ رداءً نقيّاً من النُّورِاللامتناهي ،
سأنقذك من الأشرارِ وأخلّصك من المذنبين
واُعيدك إلى المكانِ الأقدس ، المكانِ الذي لا تغربُ شمسُه ولا تخبو
مصابيحُهُ ، سأخلّصك )
( سمعتُ صوتَ الشُّرورتهمسُ وتقول :
( ما أسعد هذا اليتيم الذي وجد له أبـاً ، وتلك الشجرة التي وجدت من يرعاها)
طوبى لذلك الذي يعرفه الرّبُّ
وويلٌ لذاك الذي يُنكره ،
طـوبى لذلك الذي يحفظُ نفسهَ بعيداً عن فسادِ الدُّنيا ،
دُنيا الشَّرِ ، حيثُ يتبوأ الأشرارُ عروشَ الفساد،
ويعملون أعمالهم بطيش
ويُقيمون الحروب من أجلِ الذَّهبِ والفِضّـة
ويملأون الأرضَ خِصاما
سيذهبون إلى النّـارِ وسيبقون فيهــا ) 8

هذا الإنسان الذي من أجله خُلق الكون ، واستوت الأفلاك يتمثّـل لنا مرةُ اُخرى بشخصِ آدم ؛ فنجده يتعالى إذ يجـد نفسهَ ملك الأكون ، ولكن سرعان ما تواتيه معرفة الرّب الأعظم ؛ فينكفيء على وجهه متواضعاً وطالباً الرّحمةَ .
نجد ذلك في كتاب { آلمـا رشيا ربّــا }أي العالم الأول الأكبر :
إستيقظ آدم متأملاً وقال : ( انـا ملكٌ بدونَ نظير ـ أنا سيدُ هذه الدنيا كلِّها)
حينئذٍ إنكفأ عن [ على ] وجهه قائلاً : ( إن لم يكن هناك من هو أعظم منّي وأقوى ؛ فمن أين أتت هذه المياه الحيّـة الجارية دون حدودٍ ولا حساب )
ثم قال : ( أأنـا الذي قلتُ أن ليس هناك من هو أعظم منّـي ؟ لقد عرفتُ الآن إنَّ في الوجودِ واحداً أعظم منّـي وإني ألتمسُ أن أقتديَّ به وأن أتخذه لي رفيقا )9

أمّا الصّلوات التي تُقامُ على نفسِ الميّتِ ؛فتؤكدُ إيمانُ الصابئة المندائيين بالخالقِ الأعظم ، وبخلودِ الروح في العالمِ الآخر ، عالمها الذي انطلقت منه ، وإليك مثلاً من تلك الصلوات :
حين وقفت النفسُ بين النورِ الإلهي وبين الملائكةِ
حين وقفت النفسُ ووقف الملائكةُ الأثيريون ؛يستجوبنها ،
قالو لها :
تكلّمي أيتها النفسُ ، انطقي وقولي أيتها النفسُ
من بناكِ وأتمَّ بناءكِ؟
مَنْ
هو المُنشيءُ والباني والمُكوّن ؟
مَنْ أوجدكِ ، مَنْ خلقكِ ؟
قالت النفسُ لِمن إستجوبها !
( أبي ، وهو واحدٌ ، واحدٌ هو الذي خلقني ،
ثمَّ أخذني أحدُ الطّيبين المخلصين ؛
فلفني برداءٍ من نورٍ وأعطاني لآدم
حللتُ [ في] الجسدِ المُعَدِّ للفناء
وبقيتُ أنتظرُ وأنا في ضيافةِ هذا الجسد
حتى أكملتُ قدري )
حين أكملت النفسُ قدرها ،
جاء من يُطلقها ،
أطلقها وحملها بعيداً إلى عالمِ الأنوار،
العالمِ الذي لا تنطفيء شمسهُ، ولا تخبو مصابيحهُ
هناك العالمُ الأبديُّ الخالد،
والرَّبُّ هـو المُهيمن )10
يتضحُ مما سبق إن الصابئي المندائي ،يُنزّه نفسه عن عبادةِ الأوثانِ والأصنامِ والنّـارِ ، وعن السجودِ للشمسِ والقمر والكواكبِ وأمثالهِا، وهو يعتقدُ إنها إنمّـا خُلقت من أجلــه . وهو يعهتقدُ إن في الإنسانِ شيئـاً من الـذّاتِ العُظمـى ؛ ومـا عليه إلا أن يتحرّك وأن يعملَ مـا عليه إلّا أن يطلبَ ؛ فيجد ، وأن يسألَ ؛فيلقى ، وأن يقرعَ ؛ فتتفح أمامه أبوابُ السعادة ، والسّادة المؤقتة على هذه الأرض ، والسّعادةُ الدّائمة في السَّماء؛ فهو يقولُ في بعضِ أدعية التَّعميد :

( في اليّومِ الآخِر ، ستعودُ النُّفوسُ التي انبعثت منـهُ إليه
بعـد أن تفارقَ أجسادها ، ستغتبطُ بـه ، ستعنقه ، وسترتفعُ إلى الأثيرِ الأعلى وإلى دارِ البقاء ) 11}}}}}}}
إلى هنا أنتهى المقال المنشور

المصدر الرئيسي
مجلة التراث الشعبي الصادرة في بغداد المركز الفولكلوري في وزراة الإعلام - العدد التاسع -السنة الخامسة 1974الصفحات من 9-32 دار الحرية للطباعة بغداد

الـــمراجع كما أثبتته الباحثة
Xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

المقدمة :

1-وفيّات الأعيان لأبنِ خلكان ، تحقيق إحسان عباس ج1 ، 52-54 ، 313-315،وانظر كذلك تاريخ الحكاء للقفطي ، مكتبة المثنى ، بغداد ، 49- 51
2-انظر :
E.M Yamauchi. "The Present Studies of Mandaeans".
(JNES, 1966) Vool.25, 88-96.
3-انظر فهرست المرجع في آخر البحث
4-انظر مقدمة الكتابين أدناه :
E.S Drower, "The Mandaeans of Iraq and Iran." Second Ed.'
Leiden, 1962and the Haran Gawaita, .Citta Del Vaticana1953
5-كلاستا ،مندائي 156، انكليزي 17
Drower .Trans. The Canonical Prayer hood OF The Mandaeans.
Leiden .E.J .Brill.1959

(1)تسمية الصابئة المندائيين :
انظر قاموس داوور - ماكوش
E .Drower and R .Macuch, A .Mandaic Dictionary,
Oxford at the Clarendon Press, 1963.285- [2]86.
2-ابن خلكان المصدر المذكر،52-54
3-كتاب الملل والنحل للشهرستاني ،تحقيق سيد كيلاني ، ج1،230-231
(2)- تاريخ الصابئة المندائين :
1-معجم البلدان لياقوت الحموي ، دار صادر في بيروت ، 1956،مجلّد4 ،53.
2-آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ، دار صادر في بيروت ، 1960 ،417.
3-كلاستا ، مندائي 46، انكليزي 16
-4
- Drower. The Secret Adam .Oxford .at the Clarendon Press.1960.34-36
انظر كذلك : كلاستا ، مند\ائي 46،انكليزي 16
5-الفهرست لابن النديم مكتبة خياط في بيروت 357
Yamauchi, Ibid, 92 6-
7-ابن النديم ، المصدر المذكر ،318-320
8-حران كًويثا :
Drower. Trans. The Haran Gawaita 3; and The Secret Adam, xiii-XIV
9- كلاستا ، مندائي 200انجليزي 152
10 - تاريخ الرسل والملوك للطبري ، دار المعارف بمصر ،1960،23
11-ياقوت الحموي ، المصدر المذكور ، مجلّد 2 ، 325
12-الشهرستاني ، المصدر المذكور ،ج1 ، 320-331
13-إبن خلكان ، المصدر المذكر ، ج1 ، 52-54، 313-315
14-انظر :
Drowerو The Secret Adam -XV; 84-87.
K .Rudolph, Problems of a History of Development of the Mandaean Religion, Vol8. No.3,(Feb1962),211-212.
E.Segelberg, Mastbita, Studies in the Ritual of the Mandaean Baptisam,
Upsala, 1958,182.
C.H, Kraeing, (The Origin and Antiquity Of the Mandaean), (JAOE, 1929), 212-217.
W.F. Albright .From the Stone Age to Christianity, Garden City, Anchor Books.1957, 366-367
15 - انظر رقم -8 أعلاه وانظر - حران كَويتا

18-انظر رقم 14 أعلاه
DROWER, THE SCRET ADAM 19-انظر الفصل التاسع من كتاب:
20-كلاستا ، مندائي:167-168، انكليزي 125-126
21- كلاستا ، مندائي 1-انكليزي1
كلاستا -مندائي 229-،انكليزي181
23-انظر رقم 19 أعلاه
(3)شيء من معتقد\ات الصابئة المندائيين
1-الفهرست لإبن النديم 318-320
2-المصدر نفسه 345
-DROWER, The Secret Adam - 3
4-كلاستا ، مندائي 49، انكليزي 34
5-المصدر نفسه مندائي 26-29 انكليزي16-18
6-المصدر نفسه ، مندائي 39-41، انكليزي 24-25
DRROWER ,Trans, The Thousand and Twelve Question, A Mandaean
Text , Akademi -Velag -Berlin 7-ألف وإثنا عشر سؤالا مندائي
8-كلاستا ، مندائي 189-193 ،انكليزي 143-146
9-من كتاب ( آلمارشياربا )، انظر :
Yamauchi, Gnostic and Mandaean Origin, Harvard U.P, 1970, 18
10-كلاستا ،مندائي 80-82، انكليزي54-55
11-المصدر المذكور، مندائي 13،انكليزي9z
فFFFFFFFFFFFFFففففففففففففففففففففففففففففففففففف~~~~~~~
c~hg

نـاجية غافل المراني

كتبت وكأنها تؤبن نفسها مستبشرة بما سيكون :
في غــٍد يا أهلُّ إن حم ّ َ الرحيلُ ......... وانثنى خـلُ لتوديــــــــــع الخليــل
و استقرت خفقة فــــــــي جانحي ......... واهتدت روحي إلى النبع ِ الأصيل
اذكروني وابسموا لا تحجموا ......... إنما الذكرى مـــــــــــن اللقـيا بديل
و احفظوا الـــــود َ الــذي خلفته ُ ......... فــــــي كتاب ٍ عندكم حفظ الجمـيل
كتب عنها
نشأت المندوي
(ناجيه غافل المراني) عراقيه بامتياز ولدت سنه 1918 في مدينه (العمارة )جنوب العراق
مربيه واديبه من طراز ممتاز,متنوره وزاهده منذ صغرها كانت تجمع الحناء من حدائق مدينتها وتنحاز للحق بمطلقه وتتعفر بالوشم والقصائد فاضحت قريبة من وجع الناس و من ضحكاتهم.عزفت الزواج وصار ديدنها ان تفرح لمن يناديها بكلمه( عمة) صغار كانوا ام كبارا...كانت تحتظنهم بعيون متلآءلآ كاولادها فلا غرابه ان دللوها بعد الموت بلقب تيريزا الطائفه فيما كانت روحها تصعد باريها يوم 28-6 -2011

-- See more at: http://elaph.com/Web/opinion/2011/7/667339.html#sthash.fuePmSDk.dpuf

كتب لها يحيى الأميري:

لم يقهرها جور السنين وقسوتها . يُضفي عليها الشيب وقاراً على وقارها ، رغم تقدمها بالعمر ، وما تحمله على كاهلها من إجهاد السنين القاسية لم تزل عالية الهمة متقدة الفكر ، متجددة العزيمة ، وفوق هذا تمتاز بنباهة عالية واضحة ، لم يبهرها نجاحها وحب الناس لها بل زادها تواضعا" وطيبة وتقديم المزيد من الخدمات .
إلى من لها في كل حديث روعة
تدخلين القلب بيســـر وســـرعة
وبهدوء بال تهدر .... كلماتك كالشلالات منفعة
جاعلة ً الحب َ دوما ً ..... متقدا ً ممتعا
ناجية انك ابتسامة بديعة ... يا أرق من زهرة ياسمين يافعة
لقد جئت بتحليلات بارعة
يا رب أحفظ لنا هذه الصانعة
و أنك بمقام أمي ... وليس لكلامي مرغبا ً لصانعة ..... وأنه رأيّ وليس لي به من راجعة ..... وسأجعل أولادي وكل من أعرفهم أن يعرف من هذه المرأة الرائعة .

(الكت
معلومات اضافيّة :
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
*الشريف الرضي أبو الحسن، محمد بن الحسين بن موسى، ويلقب بالشريف الرضي (359 هـ - 406 هـ / 969 - 1015م) هو الرضي العلوي الحسيني الموسوي. شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها. عمل نقيباً للطالبيين حتى وفاته
* ابو إسحاق الصابيء صاحب الرسائل
توفي 384 هـ هو أبو اسحق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبون الحراني الصابىء، صاحب الرسائل المشهورة والنظم البديع.

قال عنه ابن خلكان في "وفيات الأعيان": ((أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبون الحراني الصابىء، صاحب الرسائل المشهورة والنظم البديع؛ كان كاتب الإنشاء ببغداد عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه الديلمي ( موقع الحكواتي )
*ابن زَهْرُون (283 - 369 هـ / 896 - 980 م) هو طبيب عراقي.
هو أبو الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الصابيء. ولد في الرقة، ونشأ وتعلم في بغداد. له «إصلاح مقالات من كتاب يوحنا ابن سرافيون». توفي ببغداد.[1]
*سنان بن ثابت
أبو سعيد سنان بن ثابت بن قرة الحراني (ولد 880م وتوفي 943) طبيب وعالم فيزياء ورياضي وفلكي، وهو أبو إبراهيم بن سنان، انتقل إلى بغداد في القرن الرابع الهجري،
*برع إبراهيم بن سنان في الهندسة المستوية، وله معرفة بالطب، كما أنه ذكيا عاقلا شهد له معاصروه بأنهم لم يروا أذكى منه، فقد بدأ يؤلف وهو في سن السادسة عشرة من عمره كتاباً في الفلك أسماه: "آلات الإظلال" وأطال فيه إطالة كرهها بعد ذلك فخففها، وجعل كتابه على ثلاث مقالات، وصححها وهو في سن الخامسة والعشرين من عمره. وأثناء ذلك كتب كتابه الثاني عن الرخامات المسطحة. ثم ألف بعد ذلك كتاباً نقد فيه بطليموس في بعض المسائل الخاصة باستخراج اختلافات زحل والمريخ والمشتري تلك المسائل التي اعتقد إبراهيم بن سنان أن بطليموس قد عالجها بتسرع، وكان يرى أن بطليموس عليه أن يسلك فيه طريقا غير طريق القياس المنطقي الذي اتبعه. وقد أتم إبراهيم بن سنان كتابه وهو في سن الرابعة والعشرين من عمره. إبراهيم بن سنان، عاش في الفترة(296-335هـ / 908 –946 م)
*أبو الطيب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمدُ بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد[1]، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لانتمائه لهم. عاش أفضل ايام حياته واكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان أحد أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها،
*السَّريُّ الرفّاءأبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الرفاء الموصلي شاعر مشهور؛ كان في صباه يرفو ويطرز (يعمل خياطا) في دكان بالموصل ولذا سمي بالرفاء أي الخياط،

مجد الدين الفيروزآبادي*
أبو طاهر مجيد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي الفيروزآبادي، صاحب اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب، والقاموس المحيط، والقابوس الوسيط، الجامع لما ذهب من كلام العرب شماميط. ولد بكازرون وهي بلدة بفارس سنة 729 هـ ، مات في زبيد ( اليمن ) سنة 817 هـ ـ

*ابن منظور (1232 م - 1311 م) ‏ (630 هـ - 711 هـ هو محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الأفريقى ـ

* أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي (185 هـ/805 - 256 هـ/873)
في الرياضيات، لعب الكندي دورًا هامًا في إدخال الأرقام الهندية إلى العالم الإسلامي والمسيحي،[5] كما كان رائدًا في تحليل الشفرات، واستنباط أساليب جديدة لاختراق الشفرات.[6] باستخدام خبرته الرياضية والطبية، وضع مقياسًا يسمح للأطباء بقياس فاعلية الدواء،[7] كما أجرى تجارب حول العلاج بالموسيقى، لا يزال الكندي يعد من أعظم الفلاسفة ذوي الأصل العربي، لما لعبه من دور في زمانه، لهذا يلقب بـ "أبو الفلسفة العربية" أو "فيلسوف العرب".[10]
انتهت المراجعة والتصويب في 8\11\2015
وعسى أن اكون قد وفقت
بيان بر مليحة
مليحة بث أنهر
فاروق عبدالجبار عبدالامام

الدخول للتعليق