• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
الخميس, 08 شباط/فبراير 2018

أيامٌ وساعاتٌ لا تنسى من سجل البعث الإجرامي

  فوزي صبار طلاب
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كنتُ طالبا في الصف الخامس الإعدادي من ثانوية الناصرية، عندما سمعتُ من جهاز الرايوالبيان الأول المشؤوم، فهرعتُ الى بيت عمي ( ناهي طلاب) القريب من دارنا، حتى نُصغي سوية للحدث الاجرامي الجلل، أخذ الواحدُ منّا ينظر للآخر باندهاش، واستمر الحالُ الى أنْ أخذتْ جموع الناس تزحف الى مركز المدينة ليلا ، وهنا كانت مناوشات لمناضلي الحزب مع اعوان تلك الزمر الشرسة.
كنتُ أحد الموقوفين في سجن شرطة الناصرية الذي يتوسط المدينة، بعد ليلة موحشة ومؤلمة بين لكمات وصفعات فصائل الحرس اللاقومي خصوصا من بعض الطلبة الذين كانوا معي في الثانوية ، تفاجأتُ بعدد الموقوفين المندائيين في السجن الذين بعثوا في نفسي الاطمئنان والهدوء والأصدقاء الآخرين وفي ساعة متاخرة من الليل ، في النوم لتلك الليلة كنتُ معلقا بعض الشيء بين الأجساد المتراصة مع بعضها لاحدى جنبيّ، كلّ هذا كان يبدو تمرينا لقادم الأيام .
خرجتُ من التوقيف بعد مدة الخمسة أشهر بعد تنقلات متعددة في سجون الناصرية والبصرة بفعل أنّ المحاكمة التي أجريت للطالب الذي طعنني بالسكاكين وكنتُ حينها على شفى الموت ، قبل حدوث الانقلاب باسابيع على اثر الإضرابات الطلابية ، جرتْ المحاكمة في محكمة كبرى في البصرة ، وكان المرحوم المندائي (خيري والد الابن الطيب حكمت) المسؤول عن ذلك السجن فوجدتُ راحتي بفعل مساعدته لي ، فضاعتْ عليّ سنة دراسية كاملة من الدراسة .
بعد أشهر من خروجي من التوقيف أعادوني الى مركز الحرس اللاقومي ، وجدتُ أمامي المرحوم شاهين بدن وابنه المرحوم مانع، فصعب عليّ تمييز قسمات وجهيهما واحمرار كل القسمات في كل زاوية منهما، فكان هذا تعريفا لمصيري ليلا أيضا ، وهو الذي حدث .
لكنّ تلك الليالي والساعات الأصعب في حياتي عندما أخذوني ليلا الى مركز الحرس ونقلوني بسيارة مع بعض الموقوفين ليلا الى الضفة الثانية من نهر الفرات وهي المنطقة التي تقابل محلتنا (محلة الصابئة) في وسط أشجار النخيل، كانت هناك مدرسة ابتدائية أفرغتْ من الطلاب ، في صفوفها ترى أنواع الأدوات للتعذيب فشبّ الذعر فينا وشعرنا بدنو اجلنا فحتى الرصاص لا يُسمع له صدى ، استمرّ التحقيق بعد أنْ جيء باعداد أخرى وكانت التهمة توزيع منشورات جديدة ووجوب معرفة منْ قام بالكتابة والتوزيع، كانت الأساليب الأولية في التعذيب يمكن تحملها للأجساد القوية التي وهبها لنا الله (بغير رضانا) شؤم علينا .
بعد ليلتين تفاجأنا باجساد معلقة من الايدي من جهة الظهر والدماء تسيل والجسد بحركات اقرب الى السكون، قال لنا احدهم اليوم ليلا سيكون مصيركم هكذا .
ليلا جاء احدهم وشواربه كثة قصير القامة بدين قليلا ويبدو عليه السكر محاطا بحماية يحملون الرشّاشات ، قال بتهكم واستهزاء ساطلق الرصاص عليكم ببساطة وأخذ بالسب والالفاظ النابية ونحن مصغون لا حراك فينا .
فُتحتْ الباب وجاء أحدهم مخاطبا هذا المجرم : لقد اكشفنا سيدي من قام بالتوزيع وهما اثنان خبازان في احد الافران في الناصرية .
لم نكن ندري، نحن الواقفين امام هذا المجرم، في السماء ام الأرض ، استدار هو وذهب و حراسه الى صف آخر حيث الشهيدين ( دفن هذان الشهيدان وهما لا يزالان على قيد الحياة وتم اخراجهما من مقابرهما بعد الإطاحة بزمرة البعث من قبل عبد السلام عارف وتم تشييعهما ) ، قضينا تلك الليلة وعيوننا مسمرة الى الباب خشية أنْ تنفتح مرة أخرى .
للآن يرن أنين أولئك الذين التقيتهم في تلك الاقبية من الأستاذ مدرسي (فائز / مدرس اللغة الإنكليزية ، والأستاذ العضاض مدرس الاقتصاد (نسيتُ اسمه) وكثيرون غيرهم .
بعد ليلتين تقريبا لا أتذكر بالضبط ارجعونا الى مركز الحرس وبكفالة من الخيرين سمحوا لنا بالرجوع الى بيوتنا .
لكم الخلود أيها الشهداء دماؤكم لا تزال تروي ارض العراق، ولولا تضحياتكم لما كتب لسجل انتسابكم، الشرف الرفيع في التاريخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طيلة تلك السنوات لذكرى مجازر البعث المجرم لم استطع كتابة تلك الذكريات المؤلمة لأرتجاف جسمي في تذكرها، لكن ما كتب الأساتذة والاخوة قبلي هذه السنة من تلك الذكريات ، دفعني للكتابة .

الدخول للتعليق