• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
الجمعة, 05 نيسان/أبريل 2013

الديمقراطية وحقوق الانسان في سومر

  مثنى حميد مجيد
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

بعد ان روى لجلجامش تفاصيل الأحداث التي أدت الى الطوفان قال أتونوبشتم ـ والان
من سيجمع الالهة من أجلك ـ
ياجلجامش ـ لكي تنال الحياة التي تبغي ؟ ـ يرى أحد علماء الاثار الماركسيين
الروس ان المقصود بذلك انحسار وغياب النظام الديمقراطي المشاعي الذي ساد في
سومر في بداية الألف الرابع قبل الميلاد . والمقصود بالالهة ـ الأنوناكي ـ
نواب المزارع الذين كانوا يجتمعون دوريآ للتداول في شؤون مزارعهم التي تدار
جماعيآ وكان المعبد الذي يشيد عادة وسط هذه المزارع بمثابة البرلمان الصغير ،
وكانت مثل هذه المعابد منتشرة في كل أرجاء سومر وهي الشكل الاجتماعي للنظام
السياسي الذي كان قائمآ في سومر القديمة.لكن تراكم الأنتاج وتقسيم العمل وتطور
أدواته وبسبب قساوة الطبيعة التي تتمثل بالفيضانات أدى تدريجيآ الى ظهور
الملكية الخاصة ومن ثم نشوء طبقة من الأسياد وطبقة من العبيد الذين كانوا في
الغالب ممن يتم أسرهم في الحرب أو بالابتياع وكانت هناك فئة وسطية تتمثل
بالأحرار ، وهذه الفئة الأخيرة هي التي صاغت لنا ، بشكل أساسي التراث الأدبي
والعلمي والحضاري الذي وصلنا والذي هو فخر كل عراقي.
ان ما نقوله عن هذا النظام الديمقراطي الذي ساد سومر القديمة ليس اجتهادآ أو
تخمينآ بل أثبتته الاف الأختام واللقى الاثارية وكان المعبد يقوم مقام البنك
بعد تفكك المشاعية وانحسار دوره كبرلمان مصغر ، وبدأ الحاكم السيد ـ لوغال ـ
يسلب الكاهن الاعلى دوره أو يشاركه به أو يقصيه كما حدث لاوتونوبشتم ـ نبي الله
نوح الذي أنقذ البشرية من الطوفان .ومن المؤكد ان أنكي أو أيا هو الاسم
التوحيدي لله في ذلك الزمن وهو ذاته ـ الحي أو هيي
الذي تقترن عبادته بطقوس الخصب القديمة والتعميد ،في ذلك الزمن السحيق كان
الصابئة يدخلون في صراع مع الحكام الذين أرادوا تحويل المعابد من مكان لعبادة
الخالق وممارسة الديمقراطية وسيادة مبادئ الأخوة والعدالة الى بنوك ومراكز
للأوثان والأصنام.
كان جلجامش أقدم متصوفة التاريخ وكان في بحثه عن الله يبحث عن الديمقراطية التي
غابت للتو ، يبحث عن العدالة والقيم العليا التي بدأت تنحسر في مجتمعه ، وكان
هو نفسه حاكمآ مستبدآ اثمآ لكنه وفي لحظة من استيقاظ الوعي عندما تواجه بموت
صديقه أنكيدو قرر أن يبحث عن الخلاص ، عن الدين الذي تنزل في صحف ادم ـ ع ـ في
فجر التاريخ البشري جنوب العراق وبشكل خاص ، وكما تؤكده الاثار المكتشفة الى
الان ، في قرية أريدو بالذات ، حيث تؤكد السيدة دراور التشابه الشديد
والتطابق بين خارطة المعبد في أريدو مع المعبد المندائي وخاصة في بركة التعميد
التي ترتبط بنهر الفرات بمجرى على يمينها واخرى للبزل على يسارها لاحداث تيار
من الماء الجاري الضروري لطقس التعميد المصبتا ـ ، ولا تستبعد السيدة دراور أن
الطقوس المندائية ذاتها كانت تمارس في ذلك المعبد في ذلك الزمن القديم ، نهاية
الألف الخامس ق.م.
وبعد أسفار طويلة قام بها جلجامش استطاع خلالها قتل ـ خمبابا ـ أو الروح
الشريرة ـ الروهة ـ كما يطلق عليها في الماثر المندائية ، وبعد ان تعرفت نفسه
المضطربة على شعيرتي البراخة والرشامة ـ أي التبرك والصلاة ـ وفائدتهما في
تهذيب نفسه وتحقيق مبتغاه في بلوغ الحقيقة ، متبوعة بدعوات امه الطيبة ،
والكاهنة الرفيعة المستوى في أوروك ، ننسون المرفوعة الى الله بشفاعة الملاك
شامش ، بعد كل ذلك يصل جلجامش الى ـ أورشنابي ـ المسؤول عن مفاتيح خزائن
المعرفة التي خلفها للبشرية نبي الله ادريس ، أو أنانوخ المندائي ، أو بالصيغة
السومرية ـ أدابا ـ حيث توصله هذه المعرفة ـ أو الناصروثا الاصيلة الأولى ـ
الى هدفه ليلتقي باوتونوبشتم الذي يحاول تكريزه الى درجة دينية عليا معادلة
لدرجة الترميذا المندائية لكن جلجامش يفشل في الاختبار وفي طريق عودته الى
اوروك يفقد ما أوصى له به اوتونوبشتم من عشب دائم الخضرة ـ ويرجح أن يكون الاس
ـ كتعويض عن اخفاقه وسلوى لروحه المتطلعة الى الحق و الحياة الأبدية.
هكذا ، اذن ، يفشل جلجامش في بلوغ مبتغاه حيث من المستحيل عودة التاريخ الى
الوراء ،الى عصر كان فيه المعبد مكانآ لعبادة الله الحق ـ كشطا ـ للديمقراطية
والعدالة والأخوة بين بني ادم ـ ع ـ مكانآ للخير وتوزيع الثروة الاجتماعية بشكل
انساني ، مكانآ لتربية وتأهيل دعاة الرحمن وتزويدهم بالمعرفة الربانية الأصيلة
والقديمة المنزلة في الصحف الأولى.ومأساة جلجامش تؤرخ وتوثق أول انفصام في
التاريخ بين ايمان الانسان والمحتوى الاجتماعي لهذا الايمان ، الخالق ومخلوقه ،
شريعة السماء وشريعة الأرض .
في ذلك الزمن كانت المرأة مازالت تتمتع بحقوق كثيرة ، اجتماعية واقتصادية
ودينية ، ونلمس ذلك بشكل خاص في خطاب صاحبة محل الاستراحة الى جلجامش ، حيث
يفصح كلامها عن معرفة بطبيعة ذلك العصر فتسدي لجلجامش نصائح ذات طابع عملي
قائلة له ـ كن فرحآ مبتهجآ نهار مساء ، وأقم الأفراح في كل يوم من ايامك ،
وارقص والعب مساء نهار ، واجعل ثيابك نظيفة زاهية ، واغسل رأسك واستحم في الماء
، ودلل الصغير الذي يمسك بيدك ، وافرح الزوجة التي بين أحضانك ، وهذا هو نصيب
البشرية ـ.
ان شعبنا العراقي صاحب ومبدع هذه الحضارة العظيمة لا يطلب من حكامه الجدد اليوم
غير تمكين العراقي من العيش بكرامة وفق نصائح هذه المرأة العراقية ، أن يوفروا
للعائلة العراقية المقومات الأساسية للحياة وهي الأمن والسلام والماء والكهرباء
والعمل للفقراء الذين أنهكتهم حروب صدام ومجاعاته وجورة لكي يفرح الطفل وتسعد
الزوجة تمامآ كما جاء في نصيحة هذة الامرأة العراقية التي عاشت في نهاية الألف
الخامس ق .م
أما صدام الذي يحمل بالتأكيد الروح الشريرة للروها ـ أو خمبابا السومرية ـ
والتي ظن جلجامش عبثآ انه قضى عليها ، في حين انها لا تفتأ تتوالد وتتناسخ عبر
العصور أبناء وأحفادآ ، فالأجدر بحكامنا تقديمه مع أتباعه وكل عناصر الشر
والجريمة الى العدالة وتنفيذ ارادة الشعب بحقهم .

ملاحظة ـ سوف نذكر المصادر بعد الجزء ـ 2 ـ من هذه المقالة وصور اثارية
وتوثيقية مع تدقيق علمي ولغوي مقارن لما ورد فيها.

الدخول للتعليق