• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
السبت, 17 تشرين2/نوفمبر 2012

قمران: مدينة الملح والمخطوطات

  أسامة العيسة
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

البحر الميت: قبل نحو خمسين عاما لم يكن يعرف (خربة قمران) سوى الرعاة والسكان البدو في المناطق القريبة من البحر الميت.

ولكن بعد أن اكتشف صبيّان من عرب التعامرة ما عرف باسم مخطوطات البحر الميت، أصبح اسم قمران اسما عالميا، لم ينقطع زوارها حتى الان، ويجيء سياح ومغامرون وصحافيون وباحثون إليها مقتفين أثار الراعيين الذي اكتشفا المخطوطات، واحدهما واسمه محمد الذيب توفي قبل سنوات في الأردن والثاني اسمه محمد حامد يعيش على بعد كيلومترات معدودة منها ولكنه لا يستطع الوصول إليها بسبب الحصار الإسرائيلي.

بيضاء مخضرة
تقع خربة قمران شمال غربي البحر الميت، وتبلغ مساحتها 2 كلم. يخترقها واد سحيق ممتد من بيداء بيت لحم ويصل البحر الميت، وتطل على جبال مؤاب الأردنية، لذلك فهي تشكل موقعا استراتيجيا هاما مثلها مثل المنطقة المحيطة بها.
وتحيط بها مغر قديمة جدا، وجميعها كما يعتقد الباحثون طبيعية، باستثناء إحدى المغر التي يرجح بأنها حفرت باليد وعثر فيها على مخطوطات كثيرة.
وتقع قمران ألان تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الذي أهل الموقع وحولها إلى منتجع سياحي، بعد أن أغلقها بعد الاحتلال في حزيران 1967، وبنى فيها مرافق سياحية مختلفة كالمطاعم والمتاجر السياحية، ويدير هذه المرافق كيبوتسات استيطانية موجودة في المنطقة، وتتقاضى حكومة الاحتلال رسوم دخول وتقدر اربحاها السنوية من ذلك بنحو خمسة ملايين دولار، وهي بموقعها على مرتفع يطل على البحر الميت تشكل موقعا سياحيا ملائما يضفي عليها عبق التاريخ النابض من الكهوف والتلال، لمسة سحرية أخرى.
والوصول إلى قمران ألان يتم عبر الطريق العريضة الموصلة إلى البحر الميت، ومن هناك يتم الانعطاف يمينا في طريق صغيرة تتدرج ارتفاعا حتى الوصول إلى المرتفع الذي اختاره الاسينيون موئلا لهم، وهم طائفة دينية اختارت الحياة المشاعية فيما بينها وما زال الباحثون مختلفون حول طبيعتهم الدينية.
وحسب الباحث الأثري الدكتور لويس حزبون فان "قمران اسم عربي، لعله مشتق من كلمة قمرة أي لون البياض المائل إلى الخضرة نسبة للون أرضها الكلسية البيضاء الضاربة للون الأخضر لما يتخللها من النباتات المفيدة للرعي، وآخرون يرون ان قمران مثنى قمر إذ يعكس القمر ضوءه على سطح البحر الميت المجاور للمنطقة، فيظهر وجهان للقمر ومنهما جاءت كلمة قمران، إلا انه ليس لهذا الاسم وجود في الكتاب المقدس، والأرجح أن قمران كانت تدعى سكاكة أو مدينة الملح المذكورتين في جدول مدن يهوذا في سفر اشعيا".
ويعتقد انه في القرن الثامن قبل الميلاد بنى يوتام بن عزيا مدينة الملح في المنطقة المعروفة ألان قمران، للدفاع عن القوافل التجارية المارة بالقرب من البحر الميت.
ويضيف حزبون "مع مرور الزمن انقرضت هذه المدينة، وفي عام 150ق.م. بدأت ثورة المكابين لتطهير الدين اليهودي من العناصر اليونانية. إلا أن حكم الحشمونيين عمل على إعادة العناصر اليونانية، مما آثار غضب اليهود الأتقياء المعروفين ب(الحاسديم)، ومنهم من تكيف مع الوضع الجديد ومنهم من قطع كل صلة مع الكهنوت الرسمي وانعزلوا للحياة المتقشفة في قمران وهم الاسينيون، وكان عددهم خمسين شخصا ولهم رئيس يلقب بمعلم الصلاح، وأعاد الاسينيون بناء قمران على الأنقاض السابقة".

سحر الموقع
ربما من الصعب وصف السحر الذي تحمله هذه البقعة الصغيرة المطلة من عل على قاع العالم واخفض نقطة فيه وهي البحر الميت.
يشاهد الزائر على المدخل الرئيس لقمران برجا للدفاع مكونا من ثلاثة طوابق، الطابقان السفليان من حجر والثالث من قرميد، بني البرج عام 103 قبل الميلاد وأعيد ترميمه بعد زلزال عام 31ق.م. ومكن الرومان دعائمه، ومن على البرج يستطيع الزائر أن يلقي نظرة شاملة على المنطقة، حيث قنوات كانت تنقل المياه من خلال نفق محفور في الصخر إلى قناة أخرى، ومن ثم إلى بركة كبيرة، يبدوا أنها كانت تستعمل لترسيب الطين الممتزج بالماء قبل أن يجري في قناة المياه الرئيسية إلى جميع الآبار الأخرى.
وكان للدير بركتان للاستحمام تصلهما المياه من خلال القنوات التي كانت تستخدم من قبل طائفة الاسينين الذين سكنوا المنطقة وكتبوا المخطوطات التي اكتشفت.كحمام طقسي قبل الدخول إلى غرفة الطعام، إذ كان للطعام طابع مقدس، وبجوار غرفة الطعام مخزن الأواني الخزفية والمؤن وجد فيه 770 أناء، مرتبة كل دزينة على حدة، و210 صحون و75 كأسا، واوان أخرى للطعام والشراب.
يقول حزبون (لجماعة الاسينين نمط حياة ديمقراطي كما يبدو من غرفة المجلس ومنها ينتقل المرء إلى غرفة الكتابة أو حجرة النساخ في الطابق الأول عن طريق درجات، وتحتوي غرفة الكتابة على طاولة يبلغ طولها 5امتار، ومحبرتين، وقد نسخ هنا كثير من المخطوطات التي اكتشفت).
وفي الجانب الشرقي هناك ساحة صغيرة يحيطها مطبخ و غرفة لغسل الملابس ومكوى ومستودعات كبيرة مطلية بالكلس، وجنوبي هذه البنايات توجد غرفة الطعام والاجتماعات، ومخزن الأواني الخزفية والمؤن وأحواض مياه أخرى ومصنع للأواني الخزفية مع فرنين، أحدهما يستخدم للأواني غير المستعملة لكل يوم فستخر للجرار الكبيرة، بعد غسل الفخار في حوض، كان يوضع في حفرة دائرية فيها دولاب يدور بحركة الرجلين فتشكل الأواني الفخارية بقوالبها المختلفة ثم يوضع في الفرن لجعله صلبا، وبالقرب من الأفران بئر شق على اثر زلزال حدث عام 31ق.م.
ويحيط الجانب الشرقي سور من الحجارة يفصل المباني عن المقبرة، التي تقع على مسافة 50مترا شرقي الدير باتجاه البحر الميت، وتحوي 1100 قبرا للذكور لم تتجاوز أعمارهم الأربعين، وبين القبور ممرات مستقيمة، وكل قبر موضوع نحو الاتجاه الشمالي الجنوبي، وكان يدفن الميت على ظهره في حفرة يبلغ عمقها مترا واحدا، وللتدليل على القبر يوضع فوقه حجر على شكل بيضوي، يرمز إلى حضور الإله المتعالي الواحد-كما يذكر حزبون.
والى الشرق منها تقع مقبرة أخرى تحوي قبور غير منسقة نبش فيها عظام سبعة نساء وطفلين واكتشفت مقابر أخرى إحداها شمالي دير قمران وجد فيها عظام للنساء والرجال.
وعن ملاحظة وجود مقابر للنساء، رغم أن طائفة الاسينين الذين كانوا يعيشون في قمران لم يكونوا يتزوجون، يرى البعض أن ذلك يدل انه ربما عاشت بجوار الجماعة الرئيسية، جماعات أسينية أخرى كانت تمارس الزواج.
وهناك أيضا في الجهة الغربية بئر ماء ومطحنة وإسطبل له معالف تكفي لثمانية حيوانات، وفرن للخبز، واثنان من صهاريج المياه، أحدهما دائري تصلهما المياه عن طريق سد مبني في وادي قمران مرتبط بقنوات واقنية تصل كل الآبار.

مدينة المخطوطات
أنتج الاسينيون، الذين سكنوا قمران، المخطوطات التي اكتشفت فيما بعد وبعد ألفي عام، واعتبرت من أروع المكتشفات الحديثة التي يمكن أن تعيد كتابة التاريخ وتلقي اضواءا كاشفة على الميثولوجية الدينية.
ومن بين المخطوطات المكتشفة:
*كتاب النبي اشعيا: نشرته المدرسة الأميركية للأبحاث الشرقية عام 1950، وكان مكتوبا بخط عبري قديم على رق طوله سبعة أمتار وأربعة وثلاثين سنتيمترا.
*تفسير حبقوق، وهو أحد أنبياء اليهود، والتعليق عليه والذي يتحدث عن الفواجع التي ستحل بالجيل الأخير الذي سيشهد نهاية العالم.
*كتاب النظام: وهو يمثل عقائد طائفة من اليهود فيها معاني التضحية وحب المساعدة.
*حرب أبناء النور مع أبناء الظلام: وفي هذا المخطوط ما وجد من تشابه بين صفات معلم الخير أو معلم الصلاح المختار من الله مخلصا للعالم ووقوفه في وجه الكهنة، وبين السيد المسيح (عليه السلام) الذي واجه اليهود والرومان.
*مخطوط لامك والد النبي نوح: وهو مكتوب باللغة الآرامية ويتضمن تعليمات لإدارة الحروب بين أسباط لاوي ويهوذا وبنيامين المدعوين بأبناء النور والايدومين والمؤابين والعمونين والفلسطينيين والإغريق المدعوين بأبناء الظلام.
*مزامير التسبيح والشكران: وتبلغ عشرين مزمورا وتشبه مزامير العهد القديم.
*قطع أخرى من أسفار متنوعة وشملت كتب (الابوكريفا) ويقصد بها كتب التوراة التي رفضتها الكنائس المسيحية لعدم صحتها كما اعتقدت هذه الكنائس (تسمى الأسفار غير القانونية)، وكتابات أخرى تتعلق بمذاهب سكان قمران من الاسينين الذين عاشوا، حسب تاريخ المخطوطات من القرن الثاني قبل الميلاد حتى عام 70م، ومن هنا أهمية الكشف عن مخطوطاتهم ومحتوياتها، ولأنها أقدم بألف عام من أقدم مخطوط للعهد القديم المعروف ألان بالإضافة إلى اختلافها عنه، باستثناء ما يعتبره السامريون المقيمون فوق جبل جرزيم في نابلس أقدم مخطوط للتوراة لديهم وهو مخالف على أية حال للعهد القديم المعروف والمتداول.
*الوثيقة الدمشقية: وسميت بذلك لان محتوياتها تشبه محتويات وثيقة دمشق التي عثر عليها في كنيس يهودي بالجيزة قرب القاهرة، وهي خاصة بجماعة تعتقد بان الله أرسل أليها معلم الحق ليخلصهم من ذنوبهم فخرجوا إلى دمشق وسموا أنفسهم أبناء العهد الجديد.

صراع وعلم

بعد أن اكتشف الصبيان المخطوطات الأولى في قمران، بدأت جهود حكومية أردنية للبحث في تلك المنطقة، ومعها بدا ما يعرف باسم تهريب المخطوطات، حيث سعت إسرائيل منذ البداية للحصول عليها.
نجحت بالفعل في شراء بعض هذه المخطوطات، وعندما انتصرت في حزيران 1967، كان احد أهداف الجيش الإسرائيلي الوصول إلى المتحف الفلسطيني في القدس الشرقية المعروف باسم (متحف روكفلر) حيث توجد المخطوطات، وتم نقلها إلى متحف الكتاب في القدس الغربية، حيث اشرف على دراستها السياسي والباحث يغئال يادين.
وتتهم اوساط علمية كثيرة إسرائيل بعدم الكشف عن محتويات جميع المخطوطات، لان من شان هذا الكشف أن يهدد الركائز الراسخة حول تاريخ اليهودية.
والواقع أن الخلاف ليس فقط بين إسرائيل وعلماء أجانب ولكن أيضا بين الباحثين والعلماء الإسأيضا كانتنفسهم، الذين اتهم بعضهم حكومته باستغلال المخطوطات لأهداف سياسية ودينية.
ورغم هذا الجدل فان المخطوطات المكتشفة جعلت من قمران أسطورة حية على مدى الأجيال.

ولم تكن قمران والبرية المحيطة بها فقط المكان الذي اختزن كل تلك الثروة من المخطوطات، بل أيضا كانت بحيواناتها وطيورها، مجالا حيويا للباحثين البيئيين لإجراء بحوثهم.
ولا يعرف ماذا تختزن قمران ومنطقة البحر الميت من أسرار لم تكتشف حتى الان

الدخول للتعليق