الأحد, 05 كانون2/يناير 2014

ثمن الحريّة

  موسى الخميسي

لايعني ان الزمن الحاضر الذي نعيشه هذه الايام لم ينطوِ على صعوبات ٍوعثرات. ولكنها عثراتٌ جُزئية اذا ما قورنت بالعديد من الإنجازات، والهزائم موضعيّة غير ذات تأثيرٍ ، اذا ما قورنت بالأزمات الكبرى التي عاشتها طائفتنا في مسيرتها التاريخية الطويلة. من هنا لم يكن بالإمكان على العقل المندائي أن يُنكر مراجعة التاريخ، ولا بد لأيِّ مناقشة ألّا تنحصر في الجُزئيات من قضيتنا، اذ إننا إذا حصرنا أنفسنا في زوايا معينة ثابتة وجعلنا هذه الزواية، هي المنطقة الوردية في مسيرتنا، فإن مثل هذه الرؤية ستكون خاطئة، وهي في حقيقة الأمر لاتهدف إلّا إلى تغطية المبررات تحت ستارٍ من ضجيج مفتعل من الدعايات والأوهام ،والشعارات الفارغة وأحلام اليقظة ،والعظمة الكاذبة؛ ليتمكّن البعضُ من إخوتنا أن يصبغ أقواله وإدعاءآته بصفة الشرعية والنزاهة ،ومحبة الدين أكثر من غيره؛ لأجل ترسيخ بعضٍ من مفاهيمه ونواياه غي المعلنة .
إن بعض الإهتزازات التي تتعرض لها الطائفة بين الحين والاخر، وما يرافق ذلك من ضجيجٍ بأصوات عالية ،بعضُها يحملُ الصدقَ والنزاهة ، والبعضُ الآخر وهو { النشاز} يُريد التأجيج والتفكيك لوحدتنا ؛ لغرضٍ مبيتٍ في نفسه، ولكنه لا يستحقُّ كلَّ هذا التوقف ولا يستحقُّ كلَّ الصراخ، وكلَّ هذا الشتائم على الآخر؛لأن مثل هذا الضجيج ينطوي في أحيان كثيرة، على غرض مُبّيت غير معلن ، لايشجع على تعزيز التضامن الجماعي بيننا، ولايقدّم للعمل الجماعي أهدافا ثابتة مقبولة ؛لأنه يمكن أن نضع في إعتبارنا ما حدث قبل ايام وما سيحدث في المستقبل من إهتزازات، هو صورة حقيقة العمل الديمقراطي الذي لايجب أن يُخيف البعض ؛ فقد إستعادت الطائفة خطةَ صعودها الجديدة، وتجددت عمليةُ الوعي من خلال هذه الممارسات الديمقراطية التي لم نعهدها في السابق، لتصبح أولوية التحليل للصراع ما بيننا والذي يتجسد في تحليل آليات التعامل مع كل الظواهر ومظاهر التغريب والإعتراض ومحاولة فرض الهيمنة وتمزيق وحدتنا. لقد تغيرت نظرتنا لطبيعة العلاقات التي تربطنا، وتغيرت نظرتنا إلى المهمات التاريخية التي علينا أن نلعب دوراً متميزاً ومحفزاً ؛ لإنجاح مسيرتنا المندائية، فلم يعد يشغلُ الكثيرُ منا الشعار والخطاب التعبوي المبطّن لأجل قضايا لاتمسُّ قضيتنا المصيرية، ولم تعد تُخفي عن حدسنا ،وشكوكنا دعاوى لتفكيك المبادىء التي تقوم عليها ديانتنا المبجلة والمعاني المرتبطة بها. نستطيعُ الآن أكثر من ذي قبل أن نرصدَ التباعد بين الثقافة المُعاشة وبين الثقافة النظرية ، وخاصة تلك المرتبطة بالأهواء والمزاجات القومية التي ورثها بعضُ إخوتنا ، ولازالت فاعلة في اجنداتهم، وأدت ممارساتها إلى إستلابٍ مزدوج أصاب هذا البعض من إخوتنا بالتحجر والجمود في العديد من المواقف والطروحات، وأفقدهم القدرة على إمكانيّة فهم واقعنا والنفاذ إليه ، والتعامل معه بحسٍ إنساني منفتح، وجعل هذا الأمرُ البعضَ الآخر يرى في كلِّ إهتزازٍ تتعرضُ له الطائفة ، بأنه إنذارٌ للتقهقهر أو نقطة تقاطع مع الخراب، وإعلان القطيعة مع الآخر، ومن هنا تظهر لنا بين الحين والآخر صعوبةُ عمليةِ إصلاح العطب وترميم شظايا التشتت ، ليس بالتنكر له وإنما بعدم تهويل الأمور ورسم نهايات مفزعة، وعدم مجابهتها بثورةِ المصطلحات وإطلاق صفة التخوين و( العصابة ) والإرتداد عن المندائية لكلِّ من يُريدُ أن يرفعَ صوتَه . إننا في إتحاد الجعيات المندائية نستهجن رفع مثل هذه الأصوات؛ لنشازها وقبحها كما حدث مؤخرا في قضية مطالبة بعض الافراد بالتمرد على وحدة الطائفة الممثلة بتنظيمهم ،{ إتحاد الجمعيات المندائية في المهجر. }
علينا أن نتحررَونترفّـعَ عن لغةِ السَّبِّ والشَّتم والقدح ؛ فإنها لاتليق بنا، كبشرٍ أولاً ،وكمندائيين ثانياً وهي لا تغيّر من ميزانِ قوانا ثالثـأً ؛ فالحريةُ التي نوفرُها في شبكتنا المندائية { الياهو كُروب} وموقع إتحاد الجمعيّات المندائية في المهجر ليست للمتاجرة وليست سلعة جاهزة للتسويق ، وليست فكرة مجردة ؛ فهي في مضمونها الحقيقي الخاص بنا كمندائيين، هي المقاومة، مقاومة التعسّف المُسّلط على أبناء الديانة المندائيّة من قبل قوى الظلام، التي تُمارس سياسة التهميش، وفرض السيطرة علينا قسراً ، ونحن نتحدث عن المقاومة ضد تهديم هذا الصُرح التاريخي العريق للمندائية، التي أعطينا لها مدى وزخم اعلامي كبير خلال السنوات الماضية في المحافل العراقية والعربية والعالمية، فاننا نُعطي للحرية شروطها ومعناها ؛ باعتبارها موقفا يمنعُ إستسلامنا لما يريده الظلاميون، انها بعبارة اُخرى تشكّـل اُفقَ عملِنا التاريخي الرّاهن، لذلك يجدر بنا جميعا وبدون إستثناء ، مصارعة كلِّ تيارات التهديم ، وأن إمكانية تجسّيد هذه الحرية وتحقيقها في شكليها الداخلي والخارجي، ليست مكتوبة مُسّبقا ، وليست معطاة هديّةً لنا سلفاً، وإنما هي مرتبطة بقدرتنا جميعاً على الوقوف في وجهة إبادتنا ومصادرتنا كدينٍ وكشعبٍ له مقوماته وله أنبياؤه ، ولسنا بالعاجزين في إكتشاف وسائل ومنابع متجددة ؛لمقاومة فكرية وثقافية لكلِّ من يُحاول أن يخمدَ أنفاس هذا الدين ؛ فمعركتنا دائمة وحظنا في كسبها يتوقف على ما نستطيعُ أن نعدَّ لها من قوى موحدة ، بعيداً عن الأهواء والمزاجيات؛ فمقاومتنا السلمية النزيهة، هي أولى مراتب الحرية.~

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016