الإثنين, 06 تشرين1/أكتوير 2014

هل من امل للاستجابة؟

  موسى الخميسي

 

موجة واسعة من الإحباط تسود الشارع المندائي، لا سيما في أوساط الشباب الذي انخرط في مشروع التغيير والتعبير والملائمة مع المستجدات الحياتية الجديدة التي يعيشها. من السهل متابعة ذلك في كل أشكال التعبير، ولا سيما العزوف المتزايد عن المشاركة في الكتابة والتعبير عن المواقف ووجهات النظر من قبل عدد كبير من شبيبتنا، وايضا من مفكرينا ومثقفينا. مفكّرون كبار بثقافتهم وسمعتهم وسلوكهم ،استشعروا المنزلقات الخطيرة لهجمة المتعصبين والمنغلقين من وارثي نزعة الاستبداد والإنابة عنه. بعضهم تحفظ باكراً على حركات تغيير تنطلق من مؤسسات التجمعات المندائية التقليدية التي لا تخلو فيها روح التقدم. بعضهم الآخر تحفظ على ثورة اصلاح تشمل التقاليد وما شاب الطقوس الدينية من زيادات اضرت بسمعة ونقاء المندائية واصالتها .

في مثل هذه الأيام وما سيأتي من بعدها في المستقبل القريب، تسود حالة من الضبابية والضياع والاحباط هائلة جداً. اختلطت المواقف والآراء وتصادمت وتغيّرت. واعداد كبيرة منّا ، مذهولة مندهشة مخيّبة، بين دعم قوانين الديمقراطية في انتخاب رئاسة الطائفة، وبين اراء تدعو الى العودة لحالة وراثة الكرسي بحجة الظروف الصعبة والحرجة ، بعضنا يدعم القيادة الحالية واخر يدعو الى الخروج من خسارات وهمية، يسب ويشتم ويزايد على الجميع ، كما هي العادة. مثقفون نقديون أعادوا النظر في أفكارهم ذات اليمين وذات اليسار، واخرون يهيأون انفسهم للتصفيق تحت يافطات اكل الدهر عليها وشرب.
تفككت تجمعات، وبنيت اخرى، انقسمت، تصارعت، وتأسست جماعات اخرى، وتيارات دينية واجتماعية جديدة. بدأت مرحلة مختلفة من التفكير الاجتماعي ومن العمل الاجتماعي ذاته، تنازعت على نحو غير مسبوق شرعيتي «العمل المدني» المستقل و«العمل الديني"الاصيل والنقي، تولّد يمين سافر وشرس داخل العمل الاجتماعي المندائي الجديد، وكذلك تعزز دور يسار معتدل وواعي لموازين المعادلة الجديدة التي تعيشها المسيرة المندائية، الا انه ينأى بنفسه عن المعارك يوما بعد اخر. وفي لحظة ما، ظهرت الحركة المدنية الحقوقية المندائية المعاصرة تحت يافطة اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر، لتضع «حجتهاالموضوعية» و لتشكل «بديلاً من ضائع» تصاغ من حوله فكرة رد التحدي وإزالة آثار ما لحق بالطائفة من تفتت وتشرذم. فاستطاع هذا البناء المدني الحقوقي الجديد املاء فراغ قرابة عقدين من الزمن ، ساهم في إطالة عمر الأمل المندائي من اجل خلق فرص الوحدة المندائية ، كبديل امام فرص الضياع المتعاظمة.
بعد احداث 2003 بدأت حروب مندائية مندائية، اشعلها نفر يعد باصابع اليد الواحدة، بعد ان فقد امتيازاته، بذريعة نحن الاولى ونحن الافضل وبالاستثمار الانتهازي لفكرة المندائية عائلة واحدة التي رفعها اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر قبل اكثر من عشر سنوات، كانت ولا تزال الى يومنا هذا تمتلك الجاذبية الأكثر شرعية وعدالة. ولأنها كذلك كان الفرز حولها من قبل عدد من المتربصين واصحاب الانا المتضخمة المتورمة ،الأكثر خداعاً وتضليلاً. وقف الجميع مع شعار الاتحاد حتى ضاعت الجبهات والخنادق لفترة ، لتبرز من جديد هذه الايام ، باسلحتها الجديدة التي ارتفعت باموال ودعم وعمليات استقطاب ،شراء ذمم، وشعارات رعناء بائسة تمتدح هذا تسقط ذاك، تصول وتجول باسماء اكبر من حجمها..
لا نبحث عن تشبيه ولا عن دروس وأمثلة. الأحداث التاريخية الكبرى هي بصورة أساسية فوضى تهدم القديم، تخلخل الوعي، تخض التفكير، تسقط المسلّمات أو اليقينيات، تنشر الشك وتفتح الأسئلة. من هنا ، ومن باطن هذا المخاض الصعب المعقد، يحدو العديد الكبير من ابناء الطائفة المندائية في الداخل والخارج، الامل في رؤية ، ولو بداية بدأ أي مشروع للتقدم التاريخي حتى لو ظهرت على السطح حالة التوازنات السياسية وكأنها تعيد البناء على القديم وتدعيمه.
أياً كانت مسميات الأحداث العاصفة التي تعيشها المندائية في الوقت الحاضر وتوصيفاتها فهي انتقلت بالتجمعات والمنابر الاجتماعية والثقافية المندائية من زمن إلى زمن آخر، ومن معطيات إلى معطيات أخرى.الاغلبية المندائية قالت كلمتها في الحراك الحالي الواسع والصاخب، وهذه التجمعات والجماعات والتنظيمات والمنابر تصرفت بما لديها من إمكانات لرفض القمع والمواجهة، لكنها باتت تتحدث لغة تحمل معنى المشكلات والتحديات. ليس مهماً النيات ولا حسن النيات، المشكلات الآن في واقع التجمعات المندائية في بلدان الاغتراب ،أثقل وأصعب وأعقد وأعمق من قضايا ومشكلات الماضي. لا يستطيع تنظيم مدني وحقوقي واجتماعي ،أو قيادة دينية او مدنية أن تمارس الحكم بصرف النظر عن الوسيلة التي جاءت بها إلى الحكم ، لتقدّم أجوبة للمستقبل، إذا كان المطلوب من هذه الاجوبة هو، شكلاً من أشكال الاستقرار الاجتماعي للمندائية.

حتى هذه اللحظة، ومهما ما قمنا به منفردين او مجتمعين ، تحمل قلوبنا وعقولنا جملة تسويات ،أو قمنا بانتخابات تتجللها حالة الديمقراطية باوضح صورها ، كما هو الحال في كل مؤتمرات اتحاد الجمعيات المندائية ، و تكون قادرة على رسم أفق للاستقرار في أي بلد يتواجد فيه نفس مندائي ، يقف أمامه هول اعباء التشتت والتمزق الذي يتفاقم مع الأحداث السياسية والأمنية التي يعيشها كل من العراق وايران. فاننا نكاد نجزم أن الأزمات بهذا المعنى تنتقل وبشكل لولبي ما بين الأطراف الداخلية والخارجية التي شاركت في هذه الأحداث، واي كان موقعها وبعدها الجغرافي.

وعلى هذا المستوى من التفكير الذي يتجاوز اللحظة الحرجة التي تمر بها طائفتنا،يطرح السؤال نفسه وبالحاح شديد: هل هناك امل بـإعادة شعار«المندائية عائلة واحدة» ليولد من جديد قد لا تكون صورته والأرجح أنها لا تكون مشابهة لكل تصورات الفاعلين في هذا المخاض من نقطة الدائرة إلى محيطها الأوسع؟ .

المهم الآن أن تتوافر نخب دينية واجتماعية وفكرية وثقافية قادرة على طرح المشكلات بموضوعية وواقعية من علاقات أطراف النزاع إلى احتمالات وأشكال الحلول، إلى أشكال الصراع الجديدة وكيفية التعامل معها ومع ومصيرها، إلى الشروع في خلق برنامج مرحلي، كما رسم ابرز جوانبه اتحاد الجمعيات المندائية في المهجرفي الفترة الاخيرة الماضية، حول عمل الموسسات المندائية، الدينية والمدنية في المستقبل يصب في ترصين العلاقات المندائية المندائية، وما تولد فيها من عداوات طارئة فرضتها الانتماءات السياسية السابقة، إلى العلاقات االجديدة التي تسمو وتطمح الى تعزيز هذا الشعار النبيل الذي لايزال اتحاد الجمعيات المندائية برسم صورته النبيلة يوما بعد آخر، لتكون الطائفة حقا على شكل عائلة، لتتلقي وعلى صعيد الواقع المتعثر الحالي موجات مادية واخلاقية تتعامل بمبدأ التسامح، بعيدة قليلا من تأثيرات الجوار الايديولوجي السياسي، الذي نعتبره الاكثر صعوبة وحراجة ، لان الجميع يفترض به أن يبحث عن مصيره، عن موقعه حيث أصبح ملحقاً بمنظومات أكبر منه. ومن الخطأ الارتجال بالحديث عن «هوية جديدة للمندائية» أو عن «دور ثابت» أو عن «رسالة» وعن " تصالح" ما دام في هذه الحال من الانقسام بل من التفكك والانهيارالذي يصرّ عليه البعض، ليس فقط في مؤسساتنا الرسمية، بل كذلك في تضارب أهوائنا واتجاهاتنا التفكير فيه. ولن يكون الإنقاذ أو الخروج من هذا المناخ مرهوناً فقط بتسوية جديدة على اقتسام ما يراه هذا البعض "السلطة" بين مكوّناتها القائمة، بل من خلال البحث الجدي عن نظام، ولنقل برنامج عمل مرحلي يناسب كل هذه التحديات. وهذا ما عمل ويعمل عليه اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر.

 

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016