الجمعة, 15 آذار/مارس 2013

اتحاد الجمعيات المندائية، الاهداف والمهام الملحة

  موسى الخميسي

لاشك ان سوء الاوضاع التي تعاني منها الطائفة المندائية، لاتعفي كل القوى المندائية من مسؤولياتها، بل تزيد من اعباء هذه المسؤولية وتضاعفها اكثر فاكثر. ولئن كانت الموضوعية السلبية لظاهرة التمزق المندائي في شتات العالم، قد لعب دورا رئيسيا في صيرورة الاوضاع الحالية التي بلغت في المرحلة الراهنة حالة التردي، فان العامل الذاتي المتمثل بالعديد من التنظيمات المندائية السابقة، كان على درجة من الضعف والانكفاء والافتقار الى المرونة والابتكار والمهارة في التقاط المتغيرات في اللحظة المناسبة.

ليس المهم بعد الان تبادل التهم او البحث عن المعاذير بقدر ما يهم تقييم تجربة العمل المندائي خصوصا ما يعلق بالتحالفات والاصطفافات التي سار عليها اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر بعد مؤتمره الخامس، وبروح نقدية جريئة واستخلاص الدروس واستيعابها على وجه السرعة واستبيان قوانين التغيير والتطور بدقة ووضوح وبمنهج علمي، ومن ثم اشتقاق المهام المرحلية والوسائل والاساليب المناسبة لانقاذ المندائية من المخاطر التي تحدق بوجودها. واصبح من الحيوي بالنسبة لاعضاء سكرتارية هذه المؤسسة الحقوقية المدنية ، هو الولوج في ميدان التقييم الجدي وتحديد المهام الرئيسية، بعزم وثقة.

لقد ادركنا ومنذ البداية ان جميع المهام الملقاة على عاتقنا بشقيها المدني والحقوقي تتطلب قبل كل شيء ان تعكف كل القوى المندائية على البحث والتفتيش سوية على ما يعزز واجباتها ويصون ويؤمن له الفاعلية والاستمرار ويغير في تناسب القوى لصالحها ويخلق المناخات والوسائل المؤاتية للعمل المهني والديمقراطي، وفي هذا المضمار يمكن الحديث عن مهمتين رئيسيتين لهما الاولوية على ما سواهما:

الاولى: تعزيز التحالفات المندائية وخاصة بين الاتحاد ورئاسة الطائفة الروحية المندائية

الثانية: الديمقراطية.

وبين المهمتين ترابط جدلي واتصال عضوي عميق لاتنفصل عراه. فالكفاح من اجل اشاعة الديمقراطية فتح افاقا لتعزيز تحالفاتنا ووقوفنا جميعا بخندق واحد، وبالمثل فان ادامة هذه التحالفات عزز من عملية كفاحنا من اجل الحفاظ على المسيرة المندائية، ونحن ندرك بانه من الوهم الوصول الى تحقيق هذين الهدفين بسهولة، فامامهما مصاعب وعوائق جمة.

فيما يتعلق بموضوعة التحالفات المندائية ،توجب على اتحاد الجمعيات المندائية العمل بجدية، بمثابرة لاتكل لتوفير الشروط الموضوعية والذاتية، والتغلب على تركة الماضي التي خلفتها تجربات النظام البائد، والتي تتلخص في الشكوك وفي تراث من عدم الثقة. لقد جاء عمل الاتحاد خلال السنوات الماضية مبنيا على الاعتراف صراحة ودون مواربة بحق سائر القوى المندائية الديمقراطية في التعبير عن هويتها وافكارها واهدافها، وحقها غير المنازع في الاختفاظ بعملها التنظيمي والفكري المنصب في صالح المسيرة المندائية والتعبير عن رأيها وتطلعاتها بكل حرية.

تعين علينا بعد المؤتمر الخامس لاتحاد الجمعيات المندائية تجنب الغوص في الخلافات التي تظهر بين الحين والاخر، وانحصر همنا الرئيسي في التفتيش عن القواسم المشتركة وبلورتها على شكل برنامج مرحلي يكون برنامج الحد الادنى، على اصعدة الهجرة، واقامة المجالس الروحانية، والدفاع عن حقوق الانسان المندائي، ورصد وتمتين العالم الثقافي من خلال فتح افاق جديدة لحفظ التراث والذاكرة المندائية وطبع ونشر الكتب والمجلات والدوريات، وفتح منابر اعلامية جديدة، ونظرنا الى اية خلافات تنشأ بموضوعية ومعالجتها باسلوب ديمقراطي على اساس القواسم المشتركة .

ومهما اقتضى عمل كهذا من تضحيات فانه لايعادل ما يمكن ان يحققه من انعطافة نوعية في مسار العمل الحقوقي والمدني الذي قام به الاتحاد، وغدا عنصرا فعالا في موازين كل القوى المندائية المخلصة يستحيل تجاهله، وقد استطعنا في غضون السنوات الاخيرة ان ننتزع قدرا من حقنا المندائي في التعبير عن الرأي وفي ممارسة العمل السياسي داخل البرلمان العراقي، برغم ما يكتنف ذلك من صعوبات وعدم ضمان السير بدرب الديمقراطية الى النهاية. بيد ان الرحلة في المسافات الكبيرة تبدأ بخطوة واحدة، وقد خضنا عملنا من اجل الديمقراطية بيننا بدون احلام تتجاوز الواقع الموضوعي وتعقيداته. غير ان المهم ان لانتوقف عن العمل المستمر.

في عملنا لم نروج لاساطير الوجود القاهر القادر على كل شيء، ولكننا في الوقت نفسه ابتعدنا عن صورة التخلف المتأصل كانه طبيعة ثابتة لا تتغير عند البعض. صورة الضعف والانسحاق والاحباط والتناحر والتآكل الذاتي. صورة الطبل الاجوف الذي يزعق برنينه العالي ثم يموت بغير صدى. صورة اللفظ بغير معنى، صورة الكلمة بدون فعل، صورة الانهيار الثقافي والحضاري الذي لايتوقف، صورة الاغتراب الكامل والامل المستحيل في بعث حياة مندائية جديدة متحضرة وصامدة.

من تحصيل الحاصل ان نقول الان، ان العديد من اخوتنا لايزال في طروحاته يكتب عنا وعن عملنا ومواقفنا بدون تعاطف، وبانانية ساذجة لاتخلو من خبث، تصل حد تجريح نشطائنا الذين لازالوا مواضبين على العطاء،وقد صور هذا البعض بنرجسية مفضوحة وعن جهل استعلائي، او عن انحياز كامل لكل ما يعادينا متلبسا بنزعة دينية موضوعية زائفة الافتراء على مواقفنا، ووضعها في اطار خارج سياقها التاريخي لتطور العلاقة الدينية والمدنية والحفاظ على استقلالية كل منهما وعدم تداخلهما بمهمات غيبية هي نسج اسطورة مضادة لاسطورة العقل المندائي المتحضر.

اننا نرفض وبشدة مثل هذه الدوافع والبواعث والمقاصد والاهداف، فهي لاتنطوي الا على امتثالية رجعية متخلفة، ستجر الطائفة الى مطبات ومزالق وانتكاسات مريرة في المستقبل، وتخضع لاخلاقيات الهيمنة باسم الدين من اجل التقليل من قيمة الاخرين دائما والغض من شأن عملهم، ومحاولة الوصول الى غايات نعرفها جيدا باقصر طريق واسهله. الحماسة البالغة في البداية ثم التخلي عن الهدف عند مصادفة العقبات الحقيقية، الرغبة في الانجاز السريع السهل، تملق الاعلى واحتقار الادنى، الشعور بالنقص الذي يتستر باسباغ الاهمية على النفس، والحط من انجازات الاخرين. اننا نسمي مثل هذه المواقف بعدم امتلاك اصحابها الحس التاريخي، وانعدام احساسهم بالزمان.

نحن في سكرتارية اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر ، نتشرف بمواقفنا، وبكل وضوح ضد التطرف في التفكير والرؤية، وضد التأرجح بين السلوك المنضبط والانفعال غير المنضبط ، الانفصال بين التفكير والكلام من جهة والفعل من جهة اخرى، والميل الى تفضي المثال النموذجي على الواقع الحقيقي.

بطبيعة الحال، لايمكن الرد الحقيقي على كل هذه المواقف والكتابات في مواقف واقوال مضادة لها. الرد المؤثر والفعال هو عملنا الدائم في تغيير بعض الخطوط القبيحة في صورة التضامن المندائي نفسه،ويتطلب ذلك منََّا جميعا المجابهة، من خلال الافعال الثقافية والحضارية المنفتحة، واعطاء كل مؤسسة من مؤسساتنا الدينية والمدنية مقامها ومقاسها وتحديد مهماتها، وعدم خلطها كما فعل مؤخرا اخوتنا اقباط مصر، اذ لايمكن فحسب في محاولة البعض صياغة صورة الاخر بالطريقة التي تتطابق مع مصالحه الذاتية الضيقة.

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016