الثلاثاء, 31 أيار 2016

الحماية المطلوبة للأقـليـات العـراقيـة

  هيئة التحرير

قد يكون المجتمع العراقي هو الأستثناء الواضح بين مجتمعات المنطقة من ناحية تعدد القوميات والأديان والمذاهب التي تؤلفه، وان ذلك النسيج المجتمعي يعطي تميزا ونكهة خاصة لشعب وادي الرافدين الذي تتعدد لغاته ولهجاته ايضا. ومن تلك الأديان والقوميات التي يتألف منها المجتمع العراقي يبرز على الصعيد الأجتماعي والسياسي والديني الفئآت الأكبر والأقوى، فيما يتراجع دور الفئآت الأضعف والأصغر (الأقليات)، التي قد يتلاشى دور بعضها في حياة المجتمع الى حد كبير بسبب الأنعزال والتجاهل والتهميش. الا ان جميع الطوائف تشترك في انتمائها لذات الأرض والوطن ولها حق المشاركة في خيراته وثرواته، ومن حق أبناء الأقليات المساهمة في صنع القرارات وفي إدارة شؤون حياتهم (مجموعاتهم) بعيدا عن المنغصات وفي المشاركة الفعلية في بناء البلد من خلال منحهم المناصب الأدارية التي يستحقونها. سوى وان أغلب الأقليات العراقية هي من المجموعات السكانية الأصلية لوادي الرافدين، كالصابئة والآشوريون والكلدان والآيزيديون وغيرهم، يجمعهم مع الطوائف الأخرى التعايش المشترك والأعتزاز بالأنتساب الى الوطن الواحد.

ان الفئآت الصغيرة والضعيفة طالما تكون ضحية للنزاعات والحروب وهي الجانب الخاسر والمنكسر والأكثر تضررا في أي صراع، فحين يكون هنالك صراع أهلي او طائفي بين أبناء البلد الواحد فان الخطر الأكبر يقع على أبناء الأقليات سواء كانت أقليات دينية أو أثنية، اِذ طالما يتعرض هؤلاء الى التصفيات والقتل والسبي والتكفير والأكراه على تغيير ديانتهم، هذا إضافة الى مايواجهونه من تهجير قسري ومصادرة للأملاك بالقوة أو مهاجمة وتدمير لدور العبادة، الى غير ذلك من وسائل العنف والأضطهاد التي تنتهجها المجموعات المسلحة والتنظيمات الدينية المتطرفة في ظل وضع أمني متدهور وضعف للسلطات الحاكمة. وهذا مايحصل بالفعل للأقليات العراقية منذ عقد ونصف تقريبا مما أدى الى نزوح اعداد كبيرة منهم الى خارج مدنهم أو الى خارج العراق وادى كذلك الى مقتل وتغييب اعداد كبيرة اخرى منهم.
في ظل ظروف كهذه تكون لمسألة الحماية الدولية للأقليات العراقية وللفئأت الضعيفة ضرورتها وأهميتها ومن واجب المجتمع الدولي توفيرها. فهؤلاء بحاجة ملحة ودائمة الى المساندة الدولية والى الدعم والحماية المستمرة في مناطق تواجدهم طالما كانت الحكومات المحلية قاصرة وغير قادرة على توفير تلك الحماية. والحماية المطلوبة للأقليات لا تقتصر على زمن الحرب فقط بل هي مطلوبة في زمن السلم أيضا الذي لاتختفي فيه مظاهر العزل والتخويف والتهديد إضافة الى الأضطهادات والمضايقات والتمييز والتفرقة العنصرية التي تُشعر الأخر أنه ضعيف ومنبوذ ومصنف من البعض بأنه مواطن من الدرجة الثانية. لذا فلابد من منح أبناء الأقليات الحماية الكافية من اية اعتداءآت نفسية أو جسدية. ومن هذا المنطلق وجب تعزيز دور المنظمات الحكومية والمدنية والشعبية في توجيه الأنظار الى تلك الناحية والى بذل الجهود في إرساء روح الأخوة والمحبة والتواصل بين أطياف المجتمع الواحد وإقامة حوار متحضر دائم بين الجميع لزيادة اللحمة المجتمعية.

ولابد كذلك من وضع حد للتمييز ونبذ العنصرية المقيتة المسيئة لأبناء الأقليات ورد الأعتبار لهم واحترام توجهاتهم وأعرافهم الأجتماعية والمساواة بينهم وبين الآخرين في جميع مجالات الحياة انطلاقا من اِحترام الأنسان كقيمة عليا، ومنحهم حق التمتع بطقوسهم واعيادهم وثقافتهم الخاصة وهو الحق الذي منحه الدستور العراقي للأقليات. وجدير بالذكر ان الأقليات العراقية قدمت للساحة الوطنية العديد من المناضلين والثوار والشهداء، كما قدمت للثقافة العراقية أسماء لامعة من الأدباء والمفكرين والفنانين وغيرهم من المبدعين في مجالات أخرى لازالت أسماء البعض منهم مضيئة في سماء الثقافة والأبداع العراقي، كما قدموا العلماء والأطباء والمهندسين، وضحى أبناء الأقليات من أجل وطنهم العراق في مناسبات عديدة وساهموا في بنائه وارتقائه.

ان حماية الأقليات العراقية من العنف والأضطهاد ومنحها حقوقها المشروعة يعتبر من العوامل الأساسية والمهمة في مسألة تحقيق الأستقرار وفي المحافظة على التنوع في البلد الواحد. كما انها تقود البلد الى منطلق سليم في توحيد أبناء الأمة ولم شملهم والأرتقاء بهم.

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016