أنتَ ! أنتِ ! أي نعم أنتِ ، بلى ،أنتَ أنتَ ،وهل أراكَ أمامي حقـــا ! وأنتِ أنتِ أم وهمــــاً وخيالاً جميلاً أرى !
أين كنتَ ، أين ياهذا كنت ؟ . لقد يبس قلبي وانا أبحث عنك ، قلبتُ الدنيا رأساً على عقِب ، ولم أجدك ؛ ففي كلِّ مكان بحثتُ فيه يكون الجوابُ واحد ، سؤالٌ واحدٌ وجوابٌ واحد : أين حبيبي ؟ ... مفقود ، نعم الجواب ( مفقــــود) أنت مفقود !ُياربَّ الأكوان ، ياخالقَ الخلق ، أين حبيبي ؟ ....مفقود . يا صليبَ الأحمر، أين حبيبي ؟ ....مفقود . يا هلالَ الأحمر ، أين مهجة قلبي؟ ...مفقود . أيتها الأممُ المتحدة ، يا مجلسَ الأمن ، يا كــــــــــــــلَّ من عرف قلبي و فؤادي ، أين هو ، أين مؤنسي ودافعُ وحشة الليالي عني ؟ والجواب واحـــــدٌ لا يتغيّـــر ( مفقود ) فأين أنت وأين كنتَ يا مفقود يا....... ؟ُ
كنتُ مفقوداً ، كنتُ رقمـــاً بين الأرقام ، كنت واحـداً من بين الآلاف ،كنتُ وكان معي اليأس ، وعذابٌ الموتُ منه أرحم ، كنت في قفصٍ، الحيواناتُ نفسُها لا تُطيقه ، كان ليلي كنهاري ، شقاءٌ دائم ،وعذابٌ قائم ، ونهاري غائم ،بصيصُ الضوء لا يأتي إلا بأمر وعدمه لايأتي أبداً !
- أين كنتُ ؟
كنتُ سجينــــاً ، ليس كباقي السجناء ، كنتُ أسيراً بلا حولٍ ولا قوة، لا حكومةَ تسأل عني، ولاقوّادَ يكلّفُ نفسه بالبحثِ والتقصي ، الكلُّ يتمتع ، الكلُّ يحتسي الخمر ، ويقول إنَّ السكرَ حرام ، الكلُّ يُحشش ،ويقول من يستخدم الحشيش عقوبته الإعدام !
ومع ذلك أين كنتَ يا مهجة روحي التي راحت من كثرة البكاء والنواح !
مفقوداً كنتُ ! غيرَ مسجّلٍ في أيِّ سجّلٍ أو دفتر ، غيرَ موجودٍ كنتُ ، حتى للأرقام وجود ، لكني لم أكن رقماً لأعد ، ولا إسماً لينُطق ، ولا بشراً لأُعرف !
كنتُ...... ، ولم أكن غير مفقودٍ ،مفقودٍ مفقود ، معزولاً بين جدران أربع ،أو في فضاءٍ رحبٍ ممتدٍ إمتداد الصحراء الغربيّة ،معزولاً ، أو منزوٍ في جحرٍ تخافُ القطط ُ فيه من الفئران ، والكلابُ تنهشُ الأحياء والميتين ! كنّا أربعة ، ولم يبقَ سواي ! لا أعرف ماهو مصيرهم ، ثلاثةُ رفاقٍ اختفوا، ثلاثةٌ من البشر ذابوا ، كنّا أربعة ، وصبحّتُ واحدا ، في مكانٍ لا يُوصف بأكثرَ من كلمةٍ واحدةٍ ( الموت) لكني لم أمت لأنهم أرادوا ذلك .....من هم.... ؟ لا أدري ! لماذا ...؟ لا أدري ! ، ماذا أخذوا منّي ... ؟ أ وتسألين ماذا أخذوا منّي ! وكيف اُعطي ما لا أملك ........
وألقت برأسها تحت ذقنه ؛ لترفعها ولتقول له بلا كلماتٍ : ( أموتُ فيك ، وحتى الموتُ لن يفرّقـــــــــنا ) .