• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الخميس, 01 أيار 2014

جدل سياسي لصباغ أحذية رأسمالي - مسابقة القصة القصيرة

  د.نصير عطا ناصر سيف المناحي
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

حكاية

أستوى بجلسته أمام المحقق بعد دخوله لتلك الغرفة المتواضعة بأثاثها منضدة خشبية وثلاثة كراسي

وهناك جهاز تسجيل على يمين المحقق ويجلس المترجم على اليسار منه

ما أسمك

أجاب :أسمي كأسماء باقي البشر

تاريخ ميلادك : لحظة تخصيب بويضة أمي من قبل حيمن أبي

عمـــــــرك : منتصف الطريق ما بين لحظة الولادة وساعة الممات

مسقط الرأس : في بقعةِ أرضٍ تضاريسها متضاربة متداخلة

عملك : ماسح أحذية وملمعها

أبتسم المحقق وأخبره أنه لاداعي للتوتر والخوف

فما نقوم به ما هو إلا أجراء روتيني عادي

فسأل المحقق مرة أخرى

كيف وصلت الى هنا
هي قصة طويلة مؤلمة بدقائق وتفاصيل معاناتها

لكنها قصيرة بسردها قد لاتأخذ سوى سطور قليلة

أبتسم المحقق بمهنية وقال أكمل

سيادة المحقق قد تفهم أو لاتفهم لا أعرف

حضرتك تجلس هنا متنعم ونحن هناك في جهنم

لكني سأقول بما يجول في خاطري

قُتلا أبي وأمي لعبثية اللعبة القذرة من الحرب والارهاب فتركاني وحيدا

أخذوني الى أقاربي أو قل أنا تنقلت ما بينهم

أحدهم يضربني والاخر يرفسني وغيره يبصق على وجهي

لم أجد بدٌاً من الفرارِ الى الشارعِ

ضربت طوله بعرضه تلفعتُ بالكراتين القديمة

وأكلتُ من القمامةِ وما يجود به أهل المخابز ومزابل الدكاكين عند الاقفال

والصدفة وحدها هي الصدفة

عرفتني على رجل متعب خطفت السنون ثمرة الشباب منه

فهو يسعل من تدخينٍ مزمن

وسّلٍ تمكن من جسمه وكـبـدٌ تـهَـرَّأَ من كحول قروي رخيص

كان يملك صندوقاً فيه عدة مسح وتلميع الاحذية

سكنتُ معه في غرفتهِ الصغيرةِ الرطبة ِعلى أحدِ سطوح العمارات القديمة

تقاسمتُ معه الخبزة والعمل

علمني كيف أفك الخط

وصرت أَقــرأُ وأكتب

كانت عنده مكتبة تحت السرير

كان يسميها كنز الجزيرة المسحورة

حينما يبدأ بكأسه الاول تتفتح قريحتهُ هو شاعر أديب متعلم ربما أستاذ جامعي

لم أعرف كل الذي أحسستٌ به أنه مطارد من دوائر الشرطة والامن

نجح في التخفي عنهم سنين طويلة

بمظهر ملابسه القذرة وتحدب ظهره

ماذا عمل أو ماذا فعل لم أعرف

لكن في بداية كل شهر يذهب وبعد أربعة ايام أو خمسة يعود

محمل بقربتين من الكحول وكثير من الابتسامات

ويردد سوف ننتصر سوف يرحل هذا الطاغوت أكيد سوف يرحل

لن تنفعهم حراساتهم وشرطتهم وجيشهم

وأنا أتعجب أيما التعجب

كيف لهذا المخلوق المسلول أن يهزم آلــةُ الظلم الجهنمية تلك

ذات مساء ومع بدايات أحد الشهور رحل لكنه لم يعد لا هو ولا قربتيه

وبقى صندوق العمل مركون في أحد زوايا الغرفة

إضـطرَّنـي الجوع أن أحمل هذا الصندوق وأتقلد الحزام الجلدي الرابط للصندوق حول رقبتي

وأسير في الشوارع بحثا عن زبائني

لم يستغرق مني الامر كـثـيراً من الوقت لاحتراف هذه المهنة

شئ فشي صرت أعرف أكثر الاماكن التي تدر علي أرباح كثيرة كنت أعمل ثلات ورديات

مداخل الدوائر الامنية وساحات مراكز الشرطة هي وردية الصباح الاولى

ثم أبواب المستشفيات وباحات الجامعة الكبيرة في الوردية الثانية

كم كنت أتألم يا سيدي المحقق لعدم دخولي الجامعة كباقي الشباب ووضياع فرصة أكمال

تعليمي

ما هو ذنبي أي قدر ظالم هذا الذي قسى علي

دموع غزيرة صامته تهطل من عيني

ولا أستطيع البوح بها أضيعها بطرقاتي المتكررة على الصندوق ومناداتي بصوتي العذب

كوصلة مطرب أثير بها أنتباه الطالبات قبل الشبان

أما الثالثة وهي المهمة والجزلة بمحصولها فتكون أمام أبواب الملاهي المشهورة

بعدها سيدي المحقق

تطور صندوقي الخشبي وأصبح أكبر حجم

زوقته وطعمته بمعدن النحاس البراق

وعملت موطئ القدم قياساته عريضة و مريحة أثناء الوقوف

جعلته شـيئـاً فاخر حلو بهي المنظر

سيدي المحقق

نسيت أن أخبرك أني كنت أشتري أحسن أنواع الاصباغ الجيدة

من محل الجملة البعيد كمية تكفيني لشهر أو أقل حسب العمل والظروف الجويه

قرأت الكثير عن موضوع الرياح وتصاعد الاتربة وكيف تسقط الامطار

أتابع نشرة الانواء الجوية كما تتابعون أنتم الاحداث السياسية والاقتصادية

فمواسم الامطار تجلب لي الرزق الكثير لان الشوارع تغرق بالاوحال

وتكون مصيبة الناس البسطاء مضاعفة ؛ الاوحال السياسية ,والاوحال في الشوارع المنسية

صار عندي الكثير من الزبائن من مختلف طبقات الشعب المسحوقة والمتوسطة وأحسنهم

علية القوم فهولاء يغدوقون علي البقشيش أكثر من الاجرة المتعارف عليها

سيدي المحقق

أنا لم أقامر ولم أدخن ولم أعاقر الخمرة

لم أعاشر النساء لم أتزوج فقد دفنت كل أحاسيسي ومشاعري في غياهب العدم والضياع فمن هي التي

تقترن من صباغ أحذية يتيم

كنت أقضي اليالي الباردة بين وحدتي القاتلة و بين كنوز كتب أستاذي المفقود تحولت الى فرد

يعرف كيف يفكر

والذي يفكر هو موجود

فمن أنا ومن أكون

ولم جئت بهذا الزمن تحديدا بهذا الوقت بالذات

صار عندي أحساس أنني من غير عالمي

فأنا بت أختلف عن زملائي في المهنة فكلهم من الطبقة

المسحوقة في أخر القائمة قبل المجانين والمجاذيب والمتوفين

سيدي المحقق

في أيام الجمع والاعياد كنت أفترش وصندوقي البراق عند مدخل الجامع الكبير

وفي أيام الاحاد أعمل نفس الشئ عند باب الكنيسة العريض

تكاثرت نقودي وتراكمت خبرتي صرت أعرف مستويات الاشخاص من أحذيتهم

كل حذاء شكله حجمه نوعه موديله ومن طريقة لبسه تتكشف لي شخصية صاحبه وعمله

فرجل الامن الذي يعذب المعتقلين تجد بين حواشي حذائه الثقيل

بقع دموية حمراء متجلطة كثيرة نتيجة الركل والرفس

هولاء كنت أتحاشى التحدث معهم فهم غليظيّ الشوارب والقلوب مفتولي العضلات

كئيبي التقاطيع لهم أيادي كالمطارق تصلبت من ألية تكرار الصفع

أحيانا تكون فضلات من البراز الحديث على مقدمة أحذيتهم دليل أن الركل وصل الى مناطق

حساسة من الجسم

سيدي المحقق تعرضت للمنافسة والمضايقة

كثيرة هي المرات التي يأتي نقيب او ملازم بالامن

على فكرة صرت أعرفهم جميعا هم ورتبهم وأحذيتهم لِـيأمـروني ان أترك مكاني

ليراقبوا المشتبه بهم عند زوايا الجوامع أو الملاهي

سيدي أحيانا يعملون مكياج ويقلدون صورتي وهيئتي نفس ملابسي نفس صندوقي

أنا أحتج أَغـضب أتمرد أصرخ

ولكن بصفعات أياديهم الحارة القاسية على رأسي وقفاي أعود الى رشدي وهـدوئـي الطبيعي

يوما بعد يوم صار عندي فلوس أكثر وأكثر

سيدي المحقق

من هنا نشأت عندي مشكلة رأسمالية عميقة

وكبرجوازي حديث انتقل من مرحلة الانسحاق الى مرتبة الثراء

ساورني القلق كثيرا حول مصير هذه الاموال الورقية

أين أضعها وأين أستثمرها

أسهدني عمق التفكير وجـفـاني النوم العميق كألايام الخوالي

لكن هذه ضريبة الثروة والغنى

أليس الرأسماليون والبرجوازيون ورجال الاعمال مصابون بالكثير

من الامراض الجسمية والنفسية

سيدي المحقق الان أنا أصبحت واحد منهم

بدأت بتحسين نوعية غذائي فأدخلت مشتقات الحليب واللحوم الى صحني

ولكن بسرية شديدة مثل سرية توزيع منشورات جماعة المعارضة في أنصاف الليالي

نعم كنت أراهم كيف يتبادلون الاحاديث والاوراق لكني

أكراما للاستاذ الذي رحل ولم يعد لم أفتح شـفَـتيَّ بأي شي

فهم جماعته كما خمنت

كثير ما تحصل مطاردات مابين رجال الامن والجماعة وتنتشر الفوضى وأطلاق الرصاص

أَسـاتـذة الجامعة وطلبة الكليات عندما أدردش معهم أخبروني عن أحذيتكم ومستوى رقيها وكيف أنه لسنوات لاتحتاج الى أي صبغ أو ملمع أو دهان

فشوارعكم بلا أوحال وأجوائكم بلا تراب

ما أصعب شئ على المرء أن يكون حذائه مكبل بألاوساخ والاوحال وبلا تلميع أو دهان

سيدي لاتتعجب نحن معشر هذا البلد لدينا ثقافة صبغ الاحذية

شئ طبيعي جدا أن يقف الرجل الماشي في الشارع

أي كان عمره تعليمه وضعه مركزه أمام صباّغ الاحذية ويرفع قدمه على الصندوق

بكل فخر وأعتزاز وكبرياء

وشعور بالعظمة والسيطرة والتسلط عيونه تبرق وتكشف عنه

ويتملكه شعور ( كائن من كان ) أنه في المرتبة العليا من سلم البشر

وأن صباغ الاحذية في أدنى هذا السلم

ياسيدي

كنت أتحاشى تلك النظرات أشعر بها أحسها كسياط السيد للعبد تلهب ظهري بنيران من

زمن العبودية المنقرض

أنها توجعني تؤلمني تدميني كركلات رجال الامن على مؤخرات المعذبين

سيدي المحقق

تشبعتُ من تلك النظراتِ لم أعد أطيقها لم أعد أحتملها

فكرت ماذا لو رحلت لتلك الديار التي بلا أوحال وبلا أحذية ملطخة بدماء المعذبين

وفعلا ياسيدي هذا ما حصل

هز المحقق رأسه وأبلغه أن ينتظر جواب المحكمة

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014