• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الجمعة, 27 آذار/مارس 2015

تداعيات 6

  فاروق عبدالجبّار عبدالإمام
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

عِندما رأيتُ دُبـّـا
في معظم أيّام حياتنا نواجه ما لا نتوقّع ، وتصدرُ تبعاً لذلك ردودُ أفعالٍ لا يُمكن التكهن بها ؛ خاصة عندما تكون جديدة ، أو غير متوقعة الحدوث ، أو هي مما لم نتعامل معها في حياتنا اليوميّة.
وكما يقال { الذكرى ناقوسٌ يدّقُّ في عالمِ النسان } ؛ لذا سأروي لكم اليوم ما حدث قبل ثلاثين عاماً ، آسف إنها أربعون عاماً و شهرٍ واحد فقط ، - يالها من سنوات مضت ، أطيبَ من الشهد ، وأمرَّ من العلقم -!
ذلكَ الشتاء كنتُ في شمال العراق ، جندياً إحتياط للمرة الأولى بين عامي 1974\1975 .
آنذاك كنت قد وقعتُ في الحبِّ لأولِ مرة ، وهاهي أعيادُ الميلاد ورأسُ السنة ستأتي بعد يومين ، النار تأكل الحشا ، والقلبُ يضطرمُ بلوعة البُعد ؛ فلقد مضت أكثرمن ثلاث أسابيع وأنا في شمال العراق بين جبال منطقة { سفّين}* الشاهقة ،حيثُ الثلوجُ تُحيطُ بها ، وتفرشُ بساطاً أبيض يكاد يلتمعُ تحت ضوءِ قمرٍ شتائي يشكو لوعةَ بُعده عن العشّاق ، كنت يائساً حزيناً ؛ فليس هناك من بارقةِ أملٍ في الحصول على إجازة قصيرة ،أستطيع معها رؤية الحبيبة أولاً، والأهل بعد ذلك و بدأ الحزنُ يغلّفُ روحي ويخنقُ حركاتي ، لكن القنوطَ ولّد فكرةً جهنميّة ، وبحثتُ عمن يساعدني على تحقيقها ؛ فغيابي سينكشف حالاً أو بعد عدة ساعات ، لأني كنت مكلّفاً حينها بنقل الأرزاق من الخطوط الخلفيّة للسريّة وإيصالها إلى أفراد السريّة في أعلى قمّة لجبل سفين ، - ويتاج لأكثر من ساعة للوصول لقم ذلك الجبل الوعر المسالك ،وليس من له خبرة في التعامل مع( أبو صابر)** سوى المخلوق الضعيف - أنا – وكذلك صديقي الذي كان يتمتع باجازته وقت ذاك ، ووجدته ، إنه - عريفُ الإعاشة - شابٌ من أهالي مدينة هبهب يعتزُّ بي أيّما إعتزاز ، وحدّثته بما خطر ببالي ؛فتراجع فزِعـاً مما أخبرته به ، لكنه أخيراً طأطأ رأسه موافقاً بعد إقناع وإلحاح منّي ؛ لقد أقنعته بأن ننزلَ سويةً إلى بغداد ..........
ولإنجازالخِطّة كان لِزاماً علينا الحصول على نماذج إجازة ، وليس هذا بالأمر العسير ؛فطالما نحنُ ضمن قطّاع الإعاشة ؛ فالنماذج موجودة عند عريف الإعاشة ؛ فقام هو بكتابة إسمه على نموذج ، أما أنا فلقد أرسلتُ نفسي إلى مستشفى أربيل العسكري ؛ لغرض معالجة أزمة كلويّة حادة ، إضافة لنموذج إجازة مختوم ، لكنه بلا توقيع الآمر !
لكن قبل ذلك ؛ ولأُعطي نفسي قدْراً كافيـاً من الوقت كيلا ينكشف غيابي ؛أوصلت مواد الإعاشة إلى أعلى قمة جبل سفين حيثُ الجنود ينتظرون الإعاشة والرسائل بلهفة ما بعدها لهفة ، وما أن رجعت إلى الخلفيّات حتى إكتملت أركانُ خطة النزول ؛ فكنتُ أولَ الإثنين حيث كانت الأرض وكأنها غير موجودة تحت قدميّ ، كنتُ وكأنني أطير ولستُ أسير على أرضٍ مغطاةٍ بثلوج شتاءٍ كانوني ، وبعد مسيرة حوالي الخمس عشر دقيقة ، إلتفتُ لأكلّمَ صديقي عريفَ الإعاشة ، و....جمد الدمُّ في عروقي ؛ فلقد كان صديقي مُنحيناً وهو يتحدّث مع أحدٍ ما داخل سيارة ( واز قيادة )*** الصاعقةُ حلّت وشلّت حركتي وتفكيري ، يا للهول ، لقد إنكشفت خطة نزولنا إلى بغداد ، وهاهو آمر السريّة يُرسل من يُعيدنا إلى سجنِ السريّة ، هكذا وبسرعة مذهلة أرسل دماغي إشاراتٍ سريعةً أوقفت كلَّ حواسي ولم أعد أشعر بما يُحيط بي ؛ فلقد أُسدلت ستارةٌ سوداءُ وأنتهى حلمُ رؤية الحبيبة ، إنه ولا شك مشهدٌ لمسرحيّة لم تكتمل فصولها بعــــــــــــــدُ ...
و.....تسمرّتُ في مكاني ،أأهرب أم أعود ؟ العريفُ يؤشر بأن أعود ، وقلبي ينأى عن هذا الطلب ، وأنا أرددُ (السجن خلفكم والهربُ أمامكم )، لكن كيف الهرب ، وهناك سيارة سريعة يُمكنُ أن تلحقَ بي خلال دقائق ، والثلج أحاط بي إحاطةَ السوار بالمعصم ، السيّارةُ واقفةٌ ، والعريفُ يؤشر بأن أعود ، و....عدتُ كسيراً مُجهداً ، مُجتهداً لأعرف ماذا قال العريف لمن في داخل السيّارة ؛ كي أقولَ ما يطابق قوله ، لكنه بادرني والبسمةُ تعلو وجههَ الخالي من الشعر ،وأسنانه تعلوها صفرةٌ غريبة ،وبفمٍ مفتوحٍ فَرحاً قال : ( صديقي محمد سيوصلنا إلى سيطرة أربيل ؛لأنه مأمور لمهمة خاصة هناك ) ولم أعد أعرف ماذا أقول !
واجتزنا السيطرة العسكريّة بلا مشاكل ، لكن كان كراج أربيل - بغداد يعجُّ بالجنود وبالإنضباط العسكري وبرجال الأمن من كل صنفٍ ولون ، ومن شدة ذهولي بما أصابني قبل قليل أخرجتُ ورقة الإجازة لأوقعها بدل آمر السرية غير مكترثٍ بما يدورُ حولي ، وبلا مقدماتٍ نضب الحبرُّالأخضر من القلم ، وجفَّ مداده .....! وبلا تأخير وبدون وعي طلبتُ من أحدِهم أن يُعطيَني قلم جاف ، ونظر إليَّ ولم ينبس ببنت شفة ، وناولني القلم ، ووقعتُ الإجازة ووضعتها بجيب معطفي الثقيل ، أمّـا الرجل الذي أعارني القلم فكان يلتفتُ يميناً ويساراً ؛مخافةَ أن يشاهدنا من لا يتورّعُ في زجي بالسجن بتهمة التزوير والهروب من المعسكر ،ووصلت السيارة وخلال دقائق إمتلأت عن آخرها وانطلقت إلى بغداد ، ولم أنتبه أكان عريف الإعاشة معي أم لا ؛ فالمهم أن أصلَ بغداد وليذهب الآخرون إلى الجحيم !
و... وقضيتُ في بغداد ليلتين عشتُ خلالها أجمل أيام عمري ، أرتشف ألذَّ الشهد ، والمشروبات التي ومن كثرتها قادتني إلى مستشفى مدينة الطب ؛ لغرض غسيل معدتي لحدوث تسمم كحولي......
وعدتُ بعد يومين إلى أربيل ومنها إلى كوم سبان ومنها إلى جبل سفيّن ، وما أن وطأت قدماي أرض المعسكرحتى وجدت نفسي مُحاطاً بأصدقائي مهنئين بعودتي ، ومرحبين بي وقادوني بعدها إلى آمر السرية مخفوراً حاملاً معي ( يطقي ) **** حيث أعلموه بعودتي ،فأمرهم أن أحمل أغطيتي لأتم عقوبتي في السجن الواقع في مقرالسرية فوق جبل سفّين ، ولم أكن مهتماً بما سينزل بي من عقاب ؛ فلقد حققت ما أردتُ ، وهو أروع
شيءٍ حدث لي خلال خدمة الإحتياط ، وأكملت أسبوعاً في السجن والبردُ يأكلُ من أضلعي و الجنود يأسفون لما يحدث لي ، وكنت حينها معروفاً من قبل جميع من في السرية ، لأني في مكتب السرية وقائد بغل الإعاشة ، ومعلم ، وأدرس حينها في الجامعة المستنصرية ، فكنتُ ذا مكانةٍ متميزة بين الجنود ، لكن كلَّ ذلك لم يشفع لي واُطلق سراحي بعد اسبوع وكُلّفت بواجب هو من أتعس الأوقات والذي خدم في العسكرية يعرف الفترة الممتدة بين الثانية عشرة والثانية صباحاً أو الثانية صباحاً حتى الرابعة فجراً ، وأخذت مكاني في الربيّة المسقفة ببعض الجذوع التي لا تقي لا من مطرٍ ولا من ثلجٍ ولا من أي حيوانٍ جائعٍ يبحث عما يسدُّ جوعه ...الساعة تقريباً الثالثة فجراً والسيكارة العاشرة على وشك الإحتراق الأخير ؛عندما رأيتُ تحت ضوء القمر ما جعل شعر رأسي يقف ذُعراً ،إنه دبٌ ، نعم دبٌ ضخم ، ولا شك في أنه جائع وسأكون طعاماً شهيّاً له ، لقد نسيتُ في غمرة خوفي وذهولي بأني مُمسكٌ ببندقيّة نصف آليّة وفيها ثلاثون إطلاقة تُردي الدب في أقل من ثانية ، و....بقيتُ أنتظر والقلقُ والخوفُ جعل الساعةَ الأخيرة دهراً ،ولعنت خلالها النزق والطيش الذي أوصلني إلى هذا المكان ... وانقضت الساعة وهاهي الرابعة فجراً ؛ والدبُّ ما زال في مكانه ، أو لربما قد تحرّك قليلاً ولم أنتبه لتلك الحركة ، لكن يجب أن أنتبه وأُحصي أي حركة من حركاته ؛ كيلا أُأخذ على حين غرّة !
يا إلهي ، -يا للخوف ماذا يفعل ببني البشر ! وسحبتُ نفسي بخفة لأجعل الجندي الآخر يأخذ دوره في الحراسة ، وفي نفس الوقت اُحذره من الدب ، وفعلت ، ودسستُ نفسي داخل الأغطية الدافئة ، وما هي إلا دقائق حتى صحوت على صوتٍ يدعو للتجمع الصباحي ، لكن قبل أن ألتحقَ مع بقيّة الجنود للتعداد الصباحي تطلعت حيثُ مكان الدب ؛ لأعرف هل غادر أم مازال في مكانه ، ووجدته في مكانه لا يتحرّك ؛ فلقد كان جذعَ شُجيرةِ عنبٍ ويفصلُ بيننا وادٍ عميق ~

20\2\2015

* (جبل سفين ) جبل شاهق يفصل شقلاوة عن المنطقة التي كنا فيها
أبو صابر) * كنية ( البغل ) قاهرالجبال ومنقذ الجنود من الهلاك) (**
***( واز قيادة ) سيارة عسكريّة صغيرة مخصصة للضباط **
***** (اليطق ) فراش المراتب والجنود

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014