• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الجمعة, 27 آذار/مارس 2015

خاتم من الآس

  نــعـــيم عــربــــي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

مـنـذ نصف ساعة والسيارة الكبيرة تنهب الأَرض نهباً ، انطلقت بهم من مدينة بعقوبة قاصدين( المندي) في بغداد ، والذين في جوفها من النسوة والرجال والشباب .. بعظهم وجـوه مقفلة ذابلة تـنوء بتعـب السنين ، واخـرى نـضرة مشرقة بالضحك والإِبتسام .. الكل يستعجلون الوصول إِلاّ هـو فـقد كان يود لو طال الطريق ساعات حتى يتخلص من حالة القلق والإِضطراب التي تنتابه والتي لم يجد لها تفسيراً معيناً
منذُ يوم أَمس السبت حيت جرت الحفلة وهو فريسة لهذه الحالة .. منذ أَمس والهرج والزغاريد تصمُّ أُذنـيه وتكاد تثقبهما .. زغاريد .. زغاريد وثرثرة متواصلة تملأُ جوف السيارة صخباً يُـزيدُ من ضجره وتوتره .. إِنـه يـحسُّ الآن بجسده يابساً متخشباً كجدولٍ نـضبَ ماؤه .. وهـو سارح مع افكاره شعر كأَنه يسمع صوت حبيبته ( أَريج )ـ
النقية كـزهرة بيضاء معطرة بالحب والبراءة والجمال تناديه من بعيد معاتبةً إِيـاه على زواجه ونسيانه إِياها .. ارتسم على شفتيه طيف ابتسامة وقال مع نفسه : ( لا لا يمكن أَن أَنساك يوماً .. أَنت حبي الأَول ، تباً للظروف التي سرقتكِ مني ).. إنه
يتذكر الآن جيداً ذلك الحوار الذي دار بينه وبين أَصدقائه قبل عدة سنوات ــ هل الإِنسان يخلق ظروفه أَم الظروف هي التي تخلقه .. وكان هـو يصرُّ على أَن الإِنسان يجب أَن يخلق ظروفه الجيدة وعندما يغيرظروفه يـغيرُ نفسه في ذات
الوقت .. استمر مخاطباً نفسه : ( هـا .. ماذا تقول الآن يافائز ؟ لقد أَخضعتك الظروف القاهرة لسلطانها وتحكَّمت في حياتك .. وتابع حواره الداخلي : إِن الظروف
السيئة تكون أَحياناً أَقوى من إِرادة الفرد ) كان سارحاً مع أَفكاره التي تنهال كوابل المطر .. فجأَة انطلقت الزغاريد وسمع بعظهم يقول ـ وصلنا بـغـداد ـ وأَردف أَحـدهم
بعد ربع ساعة نكون في ( المندي ) ، أَحسَّ بجفاف شديد في حلقه ، فتناول جرعة ماء صغيرة بـلَّ بها ريـقه .. في المندي ارتدى الملابس البيضاء على عجلٍ وارتباك
.. ـ . دخل النهر بصحبة الشيخ الجليل وراح ينزل في الماء حتى وصل إِلى صدره رفع يده اليمنى ، محدقاً في خاتم الآس باعتزاز واحترام .. شعر بتيار دافق يجتاحه ويسري في جسده مثل خدر لـذيذ ، وحينما رفع رأسه إِلى الأَعلى سقطت نظراته على
وجه الشيخ المغطى باللثام الأَبيض لم يَـرَ لـه ملامحاً واضحة بل رأى شيئاً أَشبه بهالة بيضاء .. وعـندما راح الشيخ يتلو بكلماته الطقسية ، لم يفهم هو منها شيئاً
وصَـعُـب عليه ترديدها .. لِأَول مرة يـرددُ كلماتاً لا يفهم معناها ..داهمته ضحكة
أَوشكت أَن تنفجر غير أَن جلال اللحظة ، جعل هاتفاً يصيح في داخله ــ ما هذا الذي تفعله ، إِمسك نفسك يا فـائز ــ كان الشيخ بجانبه يحاصره ويكاد يستحوذ على
كل مشاعره ، جعله يحسُّ بشعورٍ غامضٍ مهيمن عليه ويلتفُّ رويداً رويداً ويقمطـه
فجاَةً راحت ذاكرته تومض مضيئةً بأَشياء قديمة ، منسيةٍ لكن لم يستطع الزمن أَن يمحوها ، أَعادته إِلى أَيام الشباب الغض ، حيث كانت الحياة حلوةً ، رائعةً .. المرح
والحب والكتب والفن ونزق الصبا .. طالما خاطب أَصدقاءَه قائلاً : ــ مـا هذه الطقوس
التي خـلَّفها لنا أَجدادنا الأَقدمون ؟ إِنها قاسية ، متعبة وُجِــدَت مـنــذُ عهود سحيقةٍ ، حيثُ كانت أَدوات الإِنسان من الطين والحجر وأَغصان الشجر ، ولا تتلائم مع عصر
عصر الفضاء والذرة والكمبيوتر والأَنترنيت .. أَلا يمكن جعل هذه الطقوس أَسهل فكل
شيئ في الحياة والطبيعة يتغير ويتطور ــ .. كان أَصدقاؤه يؤيدونه في كل ما يقول
ويتحمسون لِأَفكاره ، فهو يرسم لهم آفاقاً واسعة وصوراً جميلةً للمستقبل .. عندما خرج من النهرويده بيد الشيخ غمره في الحال شلال دافئ من شعاع الشمس . في هذه اللحظة تراءى له مرة ثانية وجه( أَريـــج ) ضاحكةً كأَنها تقول لـه : أَرأَيت يا عزيزي فــائز حال هذه الدنيا ، أَنا تزوجت شخصاً رغـماً عني ، وهـا أَنـت أَيضاً تتزوج
رغـماً عـنك وبالطريقة التي كنت ترفضها ــ وخشيَ أَن تحضرَ فعلاً في هذه اللحظة وتراه في هـذا المشهد .. جاشت في صدره مشاعر الحب القديم .. إِنه مشتاق إِلى
ضحكتها وإِشراقة وجهها التي كانت تـنـثر البهجة في حياته ، وإِلى حديثها الذي يدغدغ روحه ويـداعب أَوتار قلبه .. إِنـه متأكد انـه ما زال يسكن قلبها فهي لم تتركه
راكضةً وراء المال والجاه .. لا إِنها لم تـفـضلْ عـليه أَي إِنسان آخـر ، بل أَرغِـمَت
وهي الـوديعة الخـجولة التي تخاف سطوة الأَهل وجاههم وعلاقتهم مع السلطة الغاشمة .. إِنـه يتذكر الآن جيداً عـنـدما جاءت إِلـيه ، قبل خطوبتها بـعـدة أَيام باكية
محطمة تتوسل إليه أَن يعمل أَي شيئ لإِقناع أهلها .. وكيف قال لها ببرود اليائس المحطم : ــ ما ذا أَعـمل أَخبريني أَنـت .. إِن اهـلك الأَغـنياء رفـضوني وفـضَّـلـوا إِبن خالـتك المهندس إِبن صاحب المحل الكبير للمصوغات والمجوهرات عـليَّ أَنا الموظف
البسيط .. ماذا أَعمل اخبرين بـربكِ ؟ هـل أَختطفكِ مـن أَهـلكِ ونهرب إِلى مكان مجهول ؟ ــ فصرخت مذعـورة وولـت هاربـةً ، ومـنذ ذلـك اليوم لـم يتقابلا قـط . بـعـد أَن انتهى مـن المراسيم الـطقسية ، اجتاحته موجة من الفرح البارد لِأَنه اجتاز هـذه
المتاهة وأَلـقى عـن كاهـله حملاً ثقيلاً كان يعاني منه .. أَمسك بيد الفتاة التي صارت
للتـوِّ زوجته ونـظر إِلى وجهها بإِشفاق ورسم على شفتيه ابتسامة ، وكان هناك صوت يجأَرُ بالتأنيب في داخله . راح مرةً أُخـرى مع الذكريات حيثُ كان يـقول لِأَصدقائه : ــ كل الـثـديات والطيور وحتى الأَسماك لا تصنع قيوداً لحياتها بل تهتدي
بالحب والفطـرة وحـدهما ، فـتـتـآلف وتكون أُسـراً سعيدة محلقةً في أَجـواء الطبيعة .. فلمـاذا نـحن نغالي بـصنـعِ قـيودنا التي تـقصُّ أَجـنحة الـحب فـينا ، بل وتحطمه أَحياناً
بالإِتفاقيات والـشروط المـعقـدة ــ إِنـه يُـمـجــدُ أَجـدادنا القدماء لِأَن حياتهم كانت مليئة بالحب النقي الخالي من الذهب والماس ، يتنفسوه هـواء الفطرة النقية والبساطة والتآخي وهم بين الماء النور والخضرة وعـطر الورود والرياحين والآس ، يلبسون قلائداً وأَساوراً وخـواتماً ليست من ذهــب أَو ماس بل من الورد والآس.. ـ

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014