• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
السبت, 18 نيسان/أبريل 2015

أبو علاوي - قصة قصيرة

  سنان نافل والي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

لم يكن أبو علاوي في عصر ذلك اليوم الصيفي الحار , جالسا كعادته أمام باب داره الكبير ذو الطابقين , بنوافذه الواسعة والمطلة على السوق الكبير حيث إعتاد أن يفعل ذلك كل يوم وهو يستمتع بجلوسه أمام البيت , واضعا ساقا على ساق ومرتديا الدشداشة الرمادية المفضلة لديه مع العقال الأسود والغترة البغدادية البيضاء ذات البقع السوداء, أما سبحته السندنوس ذات الحبات الكبيرة واللون الأصفر فقلما كانت تفارق أصابعه بينما يصدح الراديو الموضوع بجانبه على الأرض , في أغلب الأحيان بأغنيات شبابية سريعة لا يكاد يفقه من كلماتها شيئا . تجاوز الوقت السابعة مساء وبدأ الخجل يظهر على الشمس لتتوارى عن الأنظار شيئا فشيئا , وبين الحين والآخر كان أبو وسام يسترق النظر من فوق باب البيت الخارجي الى بيت جاره أبو علاوي ليرى إن كان قد خرج كعادته أم لا وقد بدأ ينتابه بعض القلق لعدم رؤيته حتى هذه اللحظة .
_ ماذا تقولين ام وسام , يعني .. نظر الى زوجته الواقفة في المطبخ والتي بدأت بتحضير العشاء منذ دقائق قليلة لأحفادها ميس وأحمد , ثم أردف .. يعني , والله إنشغل بالي عليه , نظرت إليه ام وسام بعد أن وضعت قليلا من الملح على الطعام وقالت : مسكين هذا الحجي , فوق كل هذا القهر , فهو يعيش لوحده .. آخ من هذا الزمن . هز زوجها رأسه موافقا على كلامها ووضع يديه خلف ظهره وأضاف : الله يرحمك ام علاوي ويجعل مثواك الجنة , كانت مرأة ونعم المرأة .. تذكرين ام وسام عندما سافروا كل أولادهم الى الخارج وبقيت فقط هي والحجي , بقت واقفة مثل الشجرة الخضراء لتملئ البيت بظلها ..الله يرحمها . كانت الدقائق تلهث وهي تمر مسرعة لترحب بضوء القمر الذي بدأ يبسط سلطانه على ظلام الليل الموحش ومعها كان القلق يزداد لدى أبو وسام على صديقه وجاره الوحيد . ام وسام , لا أستطيع الصبر أكثر , دعينا نذهب ونرى ما هو الموضوع ! نظرت إليه زوجته وكأنها كانت تنتظر منه أن يقول هذا ..حجي , كنت سأقول لك نفس الكلام , وضعت عبائتها على رأسها وسارت خلف زوجها الذي بدأ يطرق باب جاره بشكل مستعجل ومتكرر , وبعد عدة مرات لم يكن يجيبه سوى الصمت الذي يلف المكان من كل جانب , على الرغم أن غرفة الجلوس كانت مضاءة وكذلك أضوية الحديقة , لكن ليس هناك من وجود لأبو علاوي . نظرت ام وسام الى زوجها وقالت بصوت مرتجف : ماذا تنتظر حجي , إفتح الباب ودعنا ندخل , أنا غير مرتاحة لهذا الوضع .. وماهي إلا لحظات حتى كانوا في الصالة ليشاهدوا أبو علاوي جالسا , بهدوء وسكينة وكأنه في عالم آخر , على الأريكة العريضة بألوانها البيج وخطوطها البرتقالية , ماسكا بين يديه صورة ام علاوي وكأنه ينظر من خلالها دون أن يرفع رأسه لضيوفه الذين إقتحموا عليه البيت من دون سابق إنذار بينما حقيبة السفر الزرقاء الكبيرة كانت واقفة بشموخ بالقرب منه منتظرة من يحملها الى مكان آخر كما إعتادت أن تفعل ذلك بين الحين والآخر . جلس أبو وسام الى جانبه وعيناه لا تفارقان الحقيبة الموضوعة أمامه ثم سأل : ماهي القصة حجي , إنشغل بالنا عليك كثيرا , حتى أختك ام وسام قالت يجب أن نذهب ونعرف ماهو الموضوع ..خيرك حجي ؟ مرت لحظات من الصمت بدت للجميع أنها ساعات طويلة قبل أن يرفع رأسه ببطء لينظر الى جيرانه الطيبين وهو يخرج من جيبه بعض الأوراق ..تفضل أبو وسام , هذه هي القصة ! نظر الجار الى زوجته بإستغراب محاولا أن يفهم ما يجري ثم مد يديه ليقرأ ماهية هذه الأوراق التي قلبت كيان جاره رأسا على عقب . هذه تذكرة سفر !! قالها أبو وسام مندهشا ورجفة واضحة بدت على صوته وهو يسأله : ماهذا حجي .. هل , هل ستسافر؟! ماذا أقول وماذا أحكي ياأخي ..ردد أبو علاوي وكأنه يتحدث مع نفسه , بعد هذا العمر كله , يريدني ابني علاوي أن اسافر وأعيش معهم هناك .. توقف للحظات وبدا أنه يحاول أن يتذكر ما يريد قوله ثم أكمل : منذ مدة طويلة وهم يصرون على أن اسافر وأعيش معهم , يقولون ماذا تفعل لوحدك هناك ؟ نحن نحتاجك بجانبنا ..بع البيت وتعال , وحتى التذكرة سنبعثها إليك .. تنهد أبو علاوي ثم سأل جاره بصوته الهادئ الحنون وبنظرات إختزلت كل السنين والذكريات : معقولة يا أبو وسام .. معقولة !! طيب , أنا كيف سأتركها وأذهب ؟! كيف سأترك ام علاوي وأذهب .. كيف ؟! هز الجار الطيب رأسه عدة مرات ليؤكد ما ذهب إليه الحجي دون أن يجيب . طيب .. تردد أبو وسام طويلا قبل أن يسأل وكأنه لا يريد أن يسمع الرد أبدا : طيب , ماذا ستفعل حجي ؟ أقصد .. وشد بقوة على التذكرة بين يديه وأكمل ..متى ستسافر ؟ عندها بدأ أبو علاوي يتحدث ببطء وهو يخرج الكلمات من شفتيه واحدة إثر الأخرى كمسبحة أعتاد أن يضعها دوما بين أصابعه : طوال عمري وكل هذه السنين , كل الذي رأيته وعشته من أيام حلوة ومرة , كنت أقول دائما الحمد لله .. توقف لبرهة ثم إستطرد وهو يهز صورة ام علاوي .. حتى عندما رحلت الحجية وبقيت لوحدي , حينها قلت أن هذا قدر مكتوب وما بيدنا شيء لنفعله وبقيت أحمد الله على كل حال , بعدها تغيرت الظروف وإبتدأنا نودع أحبابنا الذين سافروا الواحد تلو الآخر .. توقف لينظر الى جاره وكأنه ينتظر منه التأكيد على ما قال : حتى إبنك وسام وعائلته , كم توسلت أنت بهم ليبقوا , لكن دون فائدة ..والان , أتى الدور علينا ..أليس كذلك ؟! لم يجب أبو وسام لكنه إكتفى بالنظر الى زوجته وهي تشيح بوجهها الى الجهة الاخرى لتحاول إخفاء ما تريد عيناها أن تقوله بدون كلام .. ضحك الحجي بإستهزاء وهو يقول لصاحبه : من سيلعب معك الطاولي بعد الان أبو وسام ..هههههه ؟!! خيم الصمت على المكان للحظات وبدأ كل واحد من الموجودين في الصالة وكأنه في عالم آخر دون أن يجروء أحدهم على الإفصاح عما بداخله , وبعد برهة من الزمن خالها الجميع أنها لن تنتهي , وقف أبو علاوي بشكل مفاجئ بعد أن وضع الصورة على الأريكة , وكأنه توصل الى إكتشاف مهم ونظر الى صديقه : هل تريد أن تعرف ماذا سأفعل ؟! نظر اليه جاره وكأنه ينتظر صدور الحكم عليه كسجين مسكين أمام قاض لا يعرف الرحمة ..ذهب أبو علاوي الى الغرفة المجاورة ليعود بعد لحظات وهو يحمل بين يديه الطاولي الذي إعتاد الإثنان أن يلعبا به أوقاتا طويلة دون ملل أو كلل . لم أفهم حجي ؟ سأل أبو وسام ثم أكمل .. يعني بصراحة لم أفهم .. يعني لم تقل لنا متى ستسافر ؟! رمقه أبو علاوي بنظرة أخوية وإبتسامة بدت عريضة على شفتيه وهو يقول له : تريد أت تعرف متى سأسافر ؟ طيب , سأقول لك متى , ثم تقدم نحوه وأخذ منه تذكرة السفر التي كانت لديه وبدأ يهزها في الهواء ثم إستطرد : أنا سأقول لكم متى أسافر , انظروا ..أمسك التذكرة بقوة ثم بدأ بتمزيقها الى قطع صغيرة ليرميها بعد ذلك عاليا في الهواء وهو يقول بصوت عالي إمتزجت فيه الضحكة واللامبالاة من كل شيء : هذا هو قراري أبو وسام ..فليذهب السفر الى الجحيم وليذهب العالم كله الى الجحيم !! أنا باق هنا , في هذا البيت ..مع ام علاوي , معكم , والان .. وقبل أن يكمل , نظر الى ام وسام وقال : اختي, بصراحة أنا جائع جدا ولم أتغدى اليوم شيئا , لذا .. وقبل أن يكمل كلامه , ضحكت ام وسام وهي تقول لزوجها : معقولة .. هيا أبو وسام , تعال أنت والحجي للبيت وبينما تلعبون الطاولي , سأكون قد حضرت لكما الطعام الذي تحبانه .. ضحك أبو وسام وبدأ يربت على بطنه : والله جعلتيني أشعر بالجوع من الان , ثم نظر الى الحجي وهو يقول له مازحا : لكن لا تزعل مثل كل مرة عندما أهزمك بالطاولي ..ضحك أبو علاوي وهو يتأبط ذراع صاحبه
ليمشي معه الى الحديقة : سنرى من سيغلب هذه المرة .

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014