• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
السبت, 25 تموز/يوليو 2015

الأختيار

  حسني الناشيء
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

خاطبني بصوت يقطر ألماً:
- لا فائدة.. ها أنا أخيراً رأيتني وأنا أبكي.. أعذريني فلست قادراً على دفع أحزاني.
أجبته بعطف وقد صيرتني المفاجأة أكثر رقة:
- أنا التي أعتذر.. وما كنت آتية لولا برقية مستعجلة كنت بحاجة إلى رأيك فيها لغرض إبراقها.. إنني..
رفع لي نظراً مبللاً بالدموع.. قال كأنه يحادث نفسه بصوت متعب لا رنين فيه سوى الحزن.
- تلك قصة.. حاولت نسيان أحداثها.. إلا أنها تهاجمني بين الحين والحين.. ويقولون إن الزمن كفيل بأمور كهذه..
ولكنه في هذه القضية استسلم هو الآخر.. وما عادت أيامه تثير شيئاً غير الشجن.. ناهيك عن الليل، فذاك له حديث وغصة.. ولكن أي حديث؟!.
كان المكان خالياً.. والحديقة واسعة وأماسي الصيف تترك لزوجتها واضحة على كل شيء.. حتى النفوس.. راح يحدق في دخان سيجارته المتصاعد بدون نظام.. المنتشر إلى كل الجهات.. دافعت مشاعر غامضة.. هذا الرجل تملكني.. لم أعد أستطيع نسيان نشيجه.. وهو منكفئ على مكتبه.. عندما تزاحمت كلماته المتراخية عبر سماعة الهاتف.
- أريد محادثتك.. وأرجو أن لا أكون قد تعديت حدود الزمالة..
كانت المفاجأة أكبر مني، ومازالت كلماته تتساقط متعبة متراخية.
- لقد شجعني على هذا الطلب ما لمسته من اهتمامك بي..
أجبت.. وكأن حالته أصابتني.. ونقلت إلي عدوى صوته المتراخي.
- إن كان ثمة ما يتطلب حضوري، فإنني قادمة ومعي بعض الأوراق.. أرجو أن تطلع عليها.
" أكذب على نفسي وعليه.. وأنا أعلم ما يقصد تماماً..."
جاءتني كلماته وهي تكاد تسقط إعياءً..
- لا.. ليس هنا.. هناك ما أود أن أقوله.. وما ينبغي أن تسمعيه..
لم تكن علاقتي به قد توطدت بعد على الرغم من كثرة ترددي على حجرته بسبب أمور العمل، إلا أن شيئاً ما جعلني أشعر بأن هذا الرجل قد رأيته.. وأحببته، وعشت معه دهراً من الزمن.. أين.. ومتى لا أدري..
جلب انتباهي إحساسه العميق بالحزن والغربة.. أجده غارقاً في معاناته.. سارحاً حد التلاشي.. ثم لا يلبث أن يتنبه ويتألق.. فيعتذر ويداوي الموقف بابتسامة يرسمها على زاوية فمه.. فتبدو هي الأخرى خجلة.. ثم يمضي الحديث في شؤون العمل والإدارة.. كان يبدو كمن نهض تواً من نوم عميق.. قطع صوته تداعياتي أسقطني في قرار عالمه.
- لا أدري لماذا وضعت ثقتي بين يديك.. إحساس هو أبلغ من كل كلام وتفسير.. كنت أعرف مدى اهتمامك بي..
" تصاعدت الدماء إلى وجهي.. حولت نظري إلى جهة أخرى أتشاغل بما أرى.. ريثما يمر تأثير الكلمات.. أكمل بعد توقف قصير.. كان يرى تأثير كلامه على الآخر.."
- كنت أرى عينيك تبكيان بدموع هي نفس دموعي.. ولطالما تملكني شعور بأننا نبكي معاً.. آه.. قد نختلف في الأسباب.. لكننا نتفق بالنتيجة.. ثم.. اتخذت قراري..
" رجل يزهو بكبريائه.. كأنه أثر باذخ من حضارة.. يداعب مشاعري.. يهبني التوهج.. يزيدني وضوحاً وثقة.. ولكن.."
- كنا في طريقنا إلى بغداد.. بعد أن أمضينا إجازة قصيرة عند أختها في محافظة البصرة..
الصمت عذاب.. لابد أنه تعذب كثيراً قبل أن يتخذ قراره.. ويتكلم..
- زوجتي..
ثم بصوت خفيض- رحمها الله -:
- إلى جانبي.. وفي حضنها طفلنا البكر ذو الأشهر العشرة.. تناغيه بسعادة.. ويبتسم لها.. كأنه ملاك.. الطريق سالكة.. والحياة تتدفأ بشمس تنشر خيوطها في كل الزوايا.. كنا كمن يسافر في سفينة فضائية ويمضي بها عبر تضاعيف الفضاء..
- متى نصل إلى بيتنا.. يا علي..؟
ضحكت لسؤالها.. ثم خاطبتها:
- الطفل ينام.. فأريحيه على يديك..
قالت مشاكسة:
- لم تجب عن سؤالي..
- كل الأرض بيتنا.. سعاد.. إن شئت.. فنحن الآن في بيتنا..
ردت بحبور وعيناها تلتمعان برغبات قوية..
- أيها الماكر..
يعود الصمت يدق أبواب القلق لتهب عبرها عواصف الدهشة والمفاجأة..
- هنا.. أقص عليك الحكاية لأتخفف من وزرها.. أريد من أبثه شكواي.. قتلني الصمت..
خرجت كلماته لاهثة من بين شفتيه.. فأكمل كأنه يطارد الأفكار وتطارده.. يصارعها.. فتصرعه تاره.. ويتغلب عليها تارة أخرى.. كانت تعابير وجهه تواكب إنثيال مشاعره..
- كنت أحبها لا بطريقة كل رجل لامرأته.. كلا.. كانت صديقتي.. وحبيبتي.. وزوجتي.. وكان فادي بيننا يلون الحياة بالزهو.. ويطرزها بالسعادة.. كنت أغرق في ألق عينيه الواسعتين الممتلئتين حياة.. توقفنا قليلاً عند حقل يمتد إلى مسافة طويلة بجانب الشارع.. تجولنا قليلاً.. ثم ركبنا السيارة ثانية.. وضاع الطريق تحت عجلاتها المهووسة..
تطاير دخان سيجارته وملأ جو المكان.. رأيته كالحلم قبالتي.. ثم كالمستحيل هذه المرة.. طال صمته نظرت إلى عينيه فهمست أعماقي" أي مطر في عينيك.. وأية رياح تولول في داخلي.." قلت كأني فارقت حلماً ممتعاً:
- أنت صورتها الثانية.. لقد مضت مع فادي إلى غير رجعة.. ولكني وجدتها فيكَ.. ووجدتك فيها.. لا أدري.. واعذريني.. فأنا لا أملك نفسي في بعض الحيان..
" هذه هي القضية إذن.. أنا الشبيهة.. والرجل يعيش على الذكرى والخيال.. ويقترب الخيال من صورتي ليصبح الاثنان هي.. وأعيش معه في الظل.. أهتز مع اهتزاز ذكرياته.. صورو شاحبة لماض لا يريد أن ينتهي.. أو هكذا يشاء هو.. أو يريد.. ومع انهمار مشاعري في داخلي.. فإنني وجدت نفسي أيضاً.."
- هناء.. لقد اخترت.. وأرجو أن ينال اختياري القبول..
لقد أعدت لي الفرحة من جديد..
الصخب يهدر في الأعماق.. وأعرف أن الليل بحر يغرقني بعذاباته..
لكن سكينة آتية تقول إن نهاراً آخر قادم.. من بين عذاباته.. سألني..
- هناء.. لم ترد بعد علي...
- ها أنا أولد من جديد بين يديك الحزينتين.. ولابد لك أنت الآخر من ولادة جديدة.. فالماضي ليس هو كل الحياة بالتأكيد..
قلت:
- دعنا نذهب.. أعتقد أنك تخففت كثيراً..
رد باستغراب..
- هناء..
قاطعته..
- هيا.. وإلى أن يصبح الماضي جزءاً من الحياة وليس كلها.. عندها قد نلتقي..
قلت في نفسي ونحن في طريق العودة..
هكذا تهجر السواقي اليابسة.. وهكذا يكون الأختيار.!

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014