• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الإثنين, 05 تشرين1/أكتوير 2015

في بستاننا كوبرا سامة

  خيرية الهلالي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

دقٌّ خفيف على باب الدارِ المُشيدة من الطينِ، يفتح الباب شخص وكأنه كان منتظراً لهذا الإيعاز
المُبكر، وعند فتح الباب يدخل شخص في منتصف العمر، بيده حبلٌ مربوط برقبة دابة
يُستدَل من هيئتِه وطريقة شدة رأسه و طي ثوبهِ على وسطِه فوق سروال رمادي اللون
أنهُ صيادُ سمك، ارتد جانباً وأسند ظهرَهُ على جدارِ الغرفة المبنية من الطينِ، وهي إحدى الغرف
الثلاث التي تتكون منها الدار، في الوسطِ ساحة أرضيتها من الطينِ الصلب
وعندما استقر الرجلُ ودابته كان الصمت والسكون يسود الدار كأن الرجلين يحاولان
عدم إثارة أية ضوضاء لكي لا يستيقظ من في الدار.
أسرع الرجل الذي فتح الباب ودخلَ إحدى الغرف، ثم خرج وبيدهِ حقيبة مصنوعة
من سعفِ النخيل مع غطاء من الصوفِ، شكلُ الغطاء يدل على أنه حياكةٌ يدوية
زخرفتهُ مكونة من مربعات حمراء وبيضاء وصفراء، خلفَ الرجل ظهرت امرأة
تحملُ طفلها الرضيع الذي لا يتجاوز عمرهُ خمسة وعشرين يوماً ، تلبُس السواد
بما يُظهِر أنها والشخص الذي معها غرباء عن هذه الديار، ربما حدث لهما شيء ما يدعوهما
للرحيل، وضع الرجلُ الحاجيات على ظهِر الدابةِ وأحكم ربطها جيداً،
غادر الجميع الدار بهدوء عند بزوغ الفجر قبل شروق الشمس ولم يودعهم
من في الداِرِ، حاولوا بسيرهم جاهدين الابتعادِ عن الدار والحي تفادياً لعيون المارة
وبعد سير ساعة من الزمنِ، أصبح الحي على مرمى أبصارهم.
هم الآن يسيرون على أرضٍ جرداء خالية من أي زرع ما عدا أشواكا مرتفعة قليلا عن تربةٍ
لزجةٍ تُمسك بأقدامِهم بقوة مع وخز شديد من الأشواك التي تسارع بغرس رؤوسها
الحادةَ في أي شيء يلامسها كأن التربة والأشواك يريدان معاقبتهم
قال الرجل للمرأة: تماسكي يا أختاه في السير خوفا عليكما من السقوط وكان يحاول أن
يخفي قلقهُ على سلامةِ أخته والطفل الرضيع، أما الدليل فكان يسير مُسرعا أمامهم وهو يجر الدابة بقوة والدابة هي الأخرى لا تريد السير في هذه الأرض اللزجة كأن في عينيها عتاب
لأنها تريد حريتها ولا تريد من يجرها.
بعد سير خمس ساعات متتالية بدون توقف ولا طعام إلا الرجل الدليل الذي
كان يأكل بين فترةٍ وأخرى من رغيف خبز يخرجه من كيس من القماش مع قليل من الماء
أما الغريبان، الرجل وأخته فكان همهما الوصول إلى مكان يأويهما، فقد كان السكون الموحش يخيم على هذه القفار النائية التي لا زرع فيها ولا أشجار؛ لا يبدده سوى بكاء الرضيع بين فترة وأخرى كأنه يعاتب والدته على سيرها المتمايل الذي يسبب له عدم السكينة والهدوء
مَرَّ الوقت طويلاً عليهم، نفذ الماء، قلق من المجهول بعد هذه الرحلة الطويلة
مع تأكيد الدليل لهم بأن الماء قريب منهم، وبعد سير مسافة اتجه الدليل بسيره يسارا
وقال بلهجته العامية: وصلنا إلى نبع الماء.
اعترض طريقهم نهرٌ واسع عميق سريع الجريان، لم يُخفِ الدليل فرحهُ لأن المسافة للوصول أصبحت قريبة جدا، أما الرجل وأخته فقد تضاعفت مساحة الأخطار في ذهنيهما
كيف العبور وهذا الجريان السريع للماء مع سعة النهروعمقه؟... حافاته العالية
وتعرجها من أثر عوامل التعرية ، لكن لا ينكر فضله في إسعاف من تقطعت بهم السبل
أو نفذ الماء منهم، مرت دقائق وكل واحد يخطط في فكره من أي مكان من الضفة ينزل إلى النهرلكن الدليل بادرهم بقوله: أنا أول من يعبر النهر مع دابتي، نزل من أعلى الضفة بعد أن بسط قدميه ونزل متدحرجاً إلى الماء، ثم رمى له الرجل الغريب حبل الدابة فسحبها الدليل بقوة وهي لا تريد النزول، وبعد شد وارتخاء نزلت إلى الماء وأمامها الدليل يسحبها ، في حين وصل الماء إلى كتفي الرجل، أما الدابة فلم يظهر منها سوى فتحة المنخرين، وكانت تدفع الماء خارجاً وتصارعُ الأمواجَ إلى أن تم الوصول إلى الشاطئ ، فصعد الدليل وهو ماسك بالحبلِ ساحباً دابته بقوة حيث كان الصعود أصعب بكثير من النزول، التفت الغريب إلى أخته وقال لها: أعطني الطفل كي أعبر به، ومد يديهِ فأمسك بالطفل، حدق بوجههِ وقال له: سيأتي يوم فيه تحكي لك أمُّكَ قصة وطنك الذي واجه شعبه الشدائد والمحن.
وبهدوء نزل الخال إلى النهر والطفل فوق رأسه وهو ممسك به بيديه وقد وصل الماء إلى رقبته والطفل فوق رأسهِ ملفوف بقماطه، وحين وصوله الشاطئ سارع الدليل فأخذ الطفل واستقر به
فوق ضفة النهر على اليابسة، وخلال هذه اللحظات الحرجةَ لعبور النهر كانت ملامح القلق والحيرة والخوف تنتاب الأم على طفلها، وما أن شاهدت وصوله سارعت إلى النزول إلى الماِء، ولم تبالِ بوصول الماء إلى رقَبتها، لقد كانت عملية وصولها أسرع مما تصورت من شدة خوفها على طفلها، أخذته من حضنِ خاله وقلبها يذوب رقةً وحنانا وعطفاً واختلط في ذهنها الماضي والحاضر ومجاهيل المستقبل؛ هناك تركت شعبا فريسة للقتل والسجن والتعذيب والملاحقة واغتصاب الأعراض. قال الغريب للدليل: كم هي المسافة المتبقية كي نصل لأن الشمس شارفت على المغيبِ؟ ردَّ الدليل: المسافة قليلةٌ وهذا النهر يمر بالقرب منهم.
بعد استراحة قصيرة نفض الجميعُ ملابسهم من الماء وحاجياتهم التي تبللت بالكاملة، ثم واصلوا السير والدليل يقول لهم: وصولنا يتوقف على سرعتنا في السير، وبعد سير استغرق نصف ساعة لاحَ لهم بستان ذو أشجار عالية، وعلى مسافةٍ منه ثلاثة أكواخ يحيطها سياج من القصب والبردي ويغلفها على شكلٍ دائري قرب النهر، ولا توجد بيوت غيرها في هذهِ المنطقةِ الموحشةِ، وعلى مقربة من السياج صاح الدليل بصوتٍ عالٍ: ضيوف، ضيوف، ردَّ عليه صوت :أهلاً بالضيوف حيَّاهم، خرجت لاستقبالِهم امرأة كبيرة السن، هموم الحياة بادية على َوجهِها من أثر وحشة المكان، وتعب الحياة في هذه الأماكن الموحشة، رحبت بهم وأخذت الطفل من حُضن أمه، ودخلوا وسط الدار، استقبلهم صاحب الدار وزوجته، وأدخلوهم في الكوخ القريب من باب السياج وهومبني بشكل طولي على شكل مخزن لخزن الحاجيات، أرضيته مفروشة من حصران سعفِ النخيلِ ، دخل الجميع من باب صغيرة، أسرع صاحب الدار وفرش بسطا من الصوف ووضع عليها ثلاثة وسائد من الصوف أيضاً، وأخذ الدليل خارج الكوخ وبقي في الداخل الرجل الغريب وأخته وطفلها، وبعد استراحة قصيرة قدمت لهم المرأة العجوز الماء والشاي وطبقا من أرغفة الخبز، مع إناء فيه اللبن مع الزبد كان الجميع يشعرون بالتعب من جراء هذه الرحلة الطويلة التي استمرت يوما كاملاً مع صراع متواصل مع التربة اللزجة القاسية.
نام الجميع ماعدا الغريبين، المرأة وأخاها حيث انتابهم قلق من وجودهم في هذا المكان الموحش الذي لم يشاهدوا مثله عزلة من قبل ، لكن إيمانهم بتحسن ظروف بلادهم وبعدها يغادرون هذه الأرض النائية التي لم يسمعوا بها ولم يروا مثلها في بلادهم ، وفي الصباح الباكر نهض الجميع، وعند مغادرة الكوخ لاحظ الغريب وأخته كوخاً صغيراً في زاويةِ معزولة عن بقية الأكواخ، وأمام باب الكوخ الصغير رجل جالس ظهرمن هيئته أنه مصاب بالجذام، وعلى مقربة منه كلبٌ ينظر إليه بعطف كأنما يتقاسم معه الهموم والعزلة والأوجاع، وبعد الفطور أخذهم الرجل خارج الدار لكي يريهم المنطقة التي تحيط بهم، وجه الضيف سؤالا إلى صاحب الدار عن سبب وجودهم بمفردهم في هذا المكان ولماذا لا يوجد سكان في هذا المنطقة، رد صاحب الدار وقال : منذ ثلاث سنوات رحل جميع سُكان الحي بالرغم من أنهم لم يسكنوا قربنا لاعتقاد خاص عندهم إذ فقدوا عددا كبيرا من الأنفس والحيوانات؛ اعتقادهم بأن هذا البستان العائد لنا تسكنه أرواح شريرة؛ وهي سبب موت حيواناتهم وأبنائهم...رد الرجل الضيف: الأرواح الشريرة تتلبس في نفوس بعض البشر، هم مثلنا مثلي ومثلك , لكنهم يختلفون عني وعنك وعن كل الناس الطيبين ،لهم عيون مثلنا؛ لكن نظراتها ليست كنظرات عيون البشر، نظرات عيونهم يتطاير منها الشرر، أصواتهم أصوات موت وقهر... ومن جراء أعمال تلك الأرواح الشريرة يترك الناس الطيبون بلدانهم وأوطانهم؛ ونحن من الناس الذين تركوا وطنهم لكيلا نكون ضحية لهم؛ أما أنتم فلماذا لم تدخلوا بستانكم وتتنعموا بخيراته في هذه العزلة؟
بحسرةٍ أجاب صاحب الدار: في بستاننا ( كوبرا سامة ) وهي سبب قتل الناس وتشريدهم
من المنطقة، والناس بدلا من تعاونهم على قتلها مجتمعين صاروا فرادي يلوذون بالفرار.
وهل تظن - يا ضيفي العزيز - أن الأرواح الشريرة والكوبرا تموت؛ إن لم تتعاون على الخلاص منها قوى المحبة والخير؟.

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014