• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013

وعاد منتصرا , مِحكَان المِهوال

  مديح صادق
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

المهاويل وقت الحرب أصناف ثلاث, أولها ذلك الذي يشعل الفتيل قبل أوانها بما يسوغ اضطرامها, ويشحذ النفوس كي تتهيَّأ لحمل ما بأيديها من سلاح, يزين الباطل حقا, ويقلب الحق على العكس؛ فيحشد من ذلك الوقود لنار آكلة بانتظار أن تحرق الجذر والبذر, وحتما ذلك الوقود هم المساكين؛ إما لأنهم ضعفاء, أو لكونهم جهلاء .

 

والصنف الثاني هم الطبالون, نافخو أبواقها, حين يشتد أوارها, ويُحمى الوطيس, فتُنزَف الحمراء, وُتذرَف السواخن, فتُنفخ الكروش, الأرض تفغر فاها تلتهم الضيوف, وفي ليلة عرسها تنام مع الوسادة فاتنة الحي, حوراء, على أنقاضها يغني أغاني النصر, أوالفوز المزعوم هذا الصنف من المهاويل .

 

أما الثالث فهم رافعوا رايات النصر, إن كان هناك ما يسمى النصر, إذ لا أظن أن ما بعد الحرب منتصر قط, وإن لحقت الهزيمة القوم فهؤلاء هم مَن يختلق الأعذار, ويسعى جاهدا لتمرير أن الجولة التي ستأتي سوف يكون حليفها النصر, وسلاح المهاويل بكل أصنافه نفس السلاح, ذلاقة اللسان, سرعة البديهة, مقدرة عالية على التوظيف في العبارات, وهي موهبة فائقة في الضحك على الذقون .

 

أي صنف من هؤلاء أنتَ, يا { مِحكّان } ؟ تلفت حوله كي يطمئن أن لا أحد يصغي إلى حواره الذاتي مع النفس, وهو يعلم الجواب تمام العلم : كلهم - يا محكّان - أنا, فأنا الذي يُضرمها, وأنا أذكيها, والذي يغني على أنقاضها أنا, أنا مَن يواسي أراملها, أخبطها أنا ثم أشرب بعد ذلك صافيها .

 

تفقد صفَّي الرصاص المتقاطعَين على صدره, الشواجير المرصوفة بالتعاقب حول الحزام النسيجي, مسدس مُرَصِّع الغلاف بالنجوم, حربة تتدلى ملامسة عجيزته, علَّق أطراف ثوبه على الجانبين, فأفصح عن سروال من النوع الذي يرتديه علية القوم, لابد أنه بعض مما جاد به الشيخ إكراما لذلك النوع الفريد من { رقص الحروب } الذي لم ينافسه في أدائه ابن أنثى في القبيلة قط حين تحلق الرجال يضربون الأرض بأقدام كأنها طين عام بلا غيث, يقطع الحشد طولا بعرض, يُنشد الأهازيج, يلهب الحماس في النفوس, وعند الترنيمة يقفز عاليا في الجو كأنه البهلوان, يقذف المسدس في الهواء عاليا ثم يلتقطه بإتقان كي يثير إعجاب نساء القبيلة اللائي حضرن هازجات يودِّعنَ المقاتلين, ملهبات الحماس, يستبدل شاجورا فارغا بآخر ملآن, غير مبال بأن الظروف الفارغة قد داستها؛ فأوجعتها الأقدام .

 

راية القبيلة تعني الكرامة فلا يحملها إلا فارس القوم؛ فإن سقطت لحق الفزع المقاتلين, وما من مصير لهم سوى أن يولوا الأدبار هاربين, أو مأسورين, هذا إذا لم يكن نصيبهم من الأعداء الموت, وهل من فارس أهل لحملها, شامخا بها, غير { مِحكّان } المهوال, لقد أثنى عليه, باركه شيخ القبيلة, حمَّله الأمانة بأن لا يبادر مقاتل بإطلاق النار على العدو حتى تأتي الإشارة من مسدسه؛ فيُحكَم الفخ , لا ترحموا أحدا, لا أسر للمستسلمين, واغنموا من أنعامهم ما تشاؤون, ومن نسائهم ما تستطيبون, وعليَّ ببنت شيخهم, تلك التي توهمت أنها في برجها العاجي لن تطالها قبضة { اللقيط } أرأيتم حربا شعواء على مر الزمان إلا وأشعلها اللقطاء ؟

 

المقاتلون تمترسوا في الزوارق بين أكوام القصب المتشابك, والبردي, خافضين رؤوسهم, تكاد تسمع دقات قلوبهم عن بعد, كلٌّ يُمني نفسه بما سوف يغنم من تلك الحرب, وقد يُمسي تاجرا عزيز الجاه,يستبدل على هواه الزوجات بما لا يُخرجه عن حد الشرع, وفي حال مال قلبه لأكثر ففي الدين ملاذات ومخارج لذلك كثر, غنائم الحرب ليست بحرام, هكذا قال { الملا أبو حصان } لا سيما أن بلعومه سوف يُدهن ببعض مما يعود بهم الغانمون, أصابعهم على الأزندة بانتظار طلقة البدء من حامل الراية, الفارس المغوار, شجاع عصره, مِحكّان .

 

الرجال محاصرون من كل جانب, وكيف يبقى ليثا حين يُحاط غيلُهُ الليث, الكثرة تأخذ أشجع الشجعان, على رأس الواحد منهم ثلاثة أو أكثر من الخصوم, مَن لم يُقتل بالرصاص كان نصيبه قطع الوريد, أو التمثيل به وهو حي, فالثأر ثأر, ولا أخلاق في الحرب, القاتل لا يقطع الوقت كي يراجع نفسه أباطلا أم عدلا كانت تلك الحرب ؟ ألا لعنة الله, والكائنات جميعا على كل حرب, باللسان كانت, أم بالسيف .

 

تنادت على عجل قطعان الغربان مبشرة بعضها بصيد غزير, جثث تطفو على مياه طعمها مرٌّ, زوارق غاصت معانقة طمى الهور الغامق اللون, الخضيري توارى هاربا خلف السحاب صوب بلاد الثلج, القصب اغتاض فلم يَجُدْ بالذوائب لتعزف النايات, ومنه تُشيَّد الدواوين .

 

زورق وحيد, مقلوب, تقاذفته الريح لتصبغ قاره الأسود بحمرة الدم المُسال, هو الشاهد الوحيد على مذبحة الإنسان في تلك البقعة من الأرض, يد ترتجف وهي ترفع واحدا من جانبيه, أطل برأسه ليأمن أن لا موت بانتظاره مثل رفاقه الآخرين, امتطى الزورق معتدلا, جمَّع ما خلفه القتلى من عتاد, خضَّب الراية من دماء الرفاق, أعاد ترتيب صفي الرصاص, فأطلق الرصاص, والأهازيج, بالراية لوَّح راقصا, مُبشرا بالنصر, مِحكّان . . .

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014