• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
السبت, 07 كانون1/ديسمبر 2013

هــو والكومبيوتـــــــر

  فاروق عبدالجبار عبدالامام
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كان(  وحيد) قد وصل إلى بلده الجديد يحدوه الأمل بأن يجد ما يعوضّه عمّـا فقده في وطنه الأم من أمانٍ وإستقرار،  وكذلك خشيته من أن يفقدَ ولدُه الوحيد حياته  ؛ إن هو دخل الخدمة العسكريّـة الإجباريّة  ...!

 في وطنه الجديد وجــد كلَّ ما هـو جديدٍ ، لم يكن يألفـه ،ولم يتعـوّد عليه  . ( هيّـا ؛ فلقد أذن الرحيل ، ولم يبق لدينا ما نخافُ عليه سوى إبننا )  تلك الكلمات أفضى بها همسـاً لشريكة حياته والتي شاركته تلك الرحلة المضنية في سبيل الوصول لما يحلمان به  ، وفي سبيل أن يبتعد إبنهم الوحيد عما سيواجهه لو لم يتخذا هذه الخطوة والتي عنت ( لهما ) مغامرة بكلِّ ما تعني الكلمة من معانٍ ؛ فلم يسبق لأحدهما  أن غادر أبعد من مدينته ، وإن حدث وفكّــر في سفرة سياحية ، فليس أجمل من الذهاب إلى مصايف الموصل ، أوالشمال في  شقلاوة خاصة ،  أو المدينة السياحية في الحبانــــــية   ، لكن وصول إبنهم إلى عمر السابعة عشرة جعلهما يرتجفان هلـعاً وهما  يفكّران  بالخدمة العسكرية الإلزامية التي ستُفرض على  ولدهمـا في حال  بلوغه الثامنة عشر من عمره  ، المهم ، وبعد معاناة وقسوة وما نابهم من حيفٍ ومن أذيّـة ، من قبل الجيران والمجتمع  ، على حـدٍ سواء ، وصلوا لبلدٍ العبور ؛الذي  أعتبروه القمّـــة في كلِّ شي  ، على الرغم من أنه أقل َّ ما يُقال أكثر تخلفــأً من وطنهم ، لكنهم قالـــوا  في سرهـم  : هذه محطـة إنتظار ، ولن نعيش طوال العمر فيه ؛ لذا رضوا بالمقسوم  و، تحمّلوا شظف العيش ومطادرة الشرطة لهؤلاءِ الذين إنتهت مـدد إقامتهم  في البلـد المضيّف – على حـد قولهم - بعد أن صُرف ما إدخراه لليوم الأسود  والذي تبخّـر في العام الأول من هروبهم  وباقي السنتين، فكانت النقود التي تأتيهم ؛إمّـا هباتٍ كريمةً  من ذوي  وذوات الأيادي البيضاء والذين واللواتي  لم يبخلوا  ولم يبخلن على أبناء جلدتهم ما أعانهم ليصـلوا بـرَّ الأمان ومعهم كنزهم الثمين الذي لا يقـدّر بثمن ؛ أنه إبنهمـا  الوحيـد  وها هو كابوس الهجرة قد خفّت تداعياته لتظهــــر مشكلـة صغيرة متوقّـعة وغير متوقعـــــة ......

هاهـم في  شهرهم السابع في هذا البلد الجديد في كلِّ شيء ،وعليهم أن يتعلّمـوا لغة بلدهم الجديــــــد ، لغة قـد سمعوا بها من أقربائهم أو من أصدقائهم  ، لكنهم لم يسمعوها  من قبـلُ، من أهالها الأصليين ؛ على الرغم من أن  السكان الأصليين لم يعد لهم وجود في يومنا هذا ؛ لكثرة الهجرة والنزوح والكوارث ، كما أن للتسامح وطيبة الأهل في هذا البـــلد قد هونت التأقلم مع بقيّة الناس الذين يعيشون هنا في هذا البلد المعطاء ، لكنهم ومع كلِّ تلك التسهيلات ؛ كانوا كمـا المثل القائل { أطرش بالزفـــــة } إلا أن إبنهمـا  كان أفضل منهمـا ؛ فسرعان ما اندمج  مع أقرانه ، واستوعب اللغة الحالـّة عليهمـا كغضبٍ غير مرئي  ، وبدأ يرطن مثل بقيّـة البشر المتواجدين على تلك الأرض ؛ مما حـدا بأبويه أن يطلبا منه المساعـدة  ؛ فقـدّم لهما ما يستطيع مرةً وإثنتين  ،وثلاثة ، لكنه في المرة الرابعة ،طلب منهما الإعتماد على نفسيهما ؛ لأنه هو الآخر مشغول بدراسته .

على مضضٍ ، بدأ الإثنان بتعلّم اللغة الجديدة ، لكن أصعب ما مرّا به كان من نصيب  - الأبِّ خاصـة - لما عاناه من تجربـــة قاسية كانت متمـثلة بالكومبيوتر... !   وتذكــــرالأبُّ معاناة ( حجـي راضي ) وهو يقـرأ رسالة ( غاتُم ) للغالية سهام السبتي ، [أم غانـم ] في مسلسل ( تحت موس الحـلّاق ) ، وبدأ الأب يزاحم إبنه على الكومبيوتر الوحيد، والموجود في غرفة الإبن المكتظة بكلِّ ماهو جديد على الوالد ، لكن حدثت مشكلة صغيرة بين الأب والإبن ، الأبُّ يريدُ أن يتعلّم والإبنُ يُريدُ أن يُنهي واجباته بأسرع وقت  من أجل الإلتحاق بالجامعة ،وحـلاً لهذا النزاع غير المتكافيء ؛اُضطر الأبن لأن يشتري لأبيه جهازاً صغيراً نقّـالاً قال إن إسم هذا الجهاز الصغير هو { لاب توب }  ،لاب توب ، لاب توب ، وهل سأتزوجه لأعرف إسمه !  قالها الوالد بعصبيةٍ واضحة ، وهو يضع اللأب توب على حجـــره  وأخذ يتمتم مع نفسـه :   كيف يتسنى  لي أن  أعرف كـلَّ هذه المفاتيح !  المعلمة تقول إنها أسهل شيءٍ ، وهو للأطفال في مرحلة الروضــــــــة ، الروضة ، الروضة ، ياالهي لو كان أبناؤهم في الروضة يعرفون كيف يستعملون هذا اللعين ، فلماذا أنا لا أعرف  !                 

 لذا ولكي يُبددَ مخاوفه من هذا ال(  بعبع) الأسود القابع في حُجـره، أخــــذ نفسـاً عظيمــــاً من الهواء كمن سيواجه عمليّة جراحيّة خطيرة لا تُعرف نتائجُهــا المستقبلية ؛ لــــذا  عليه الآن، أن يبـــدأ بالتعـرّف على هذا  الجهاز الذي سمِع به ، ولم يختبره سابقـــأً ، عليه إختار كرسيّـا أعتبره مريحـاً  ،ويفي بالغرض منه ، جلس وأغمض عينيه وكأنه يستجمع شجاعته ، وشرب بعض الماء ؛ فلقد جفَّ ريقـُــه ، وأحسَّ ببعض حبّـاتِ العرق تتجمعُ على جبينه الذي ملأته السنون بتجاعيدَ مختلفةِ الأطوالِ  والأشكال .

جلس ( وحيـد )   ينظر  وحيـــــــداً  إلى مفاتيح كهف علي بابا الأسطوري ؛ فلعل بكلمةٍ سحريّـةٍ تنفكُّ مغاليقُ هذه المفاتيح ذاتِ الأشكال والمساحات المختلفة .  تساؤل طغـى على تفكيره ؛ أهذه كلُـها تشتغلُ في آنٍ واحد ، أ وكلَّ هذه الأزرار سأتعرف عليها ؟  إنَّ أشكالَها تكاد تكون متشابهة ، لكنه إستدرك قوله السابق وقال :لكن والحق يُقال هناك في الوسطِ مربعاتٌ  متشابهةٌ منتظمةُ الشكلِّ والحجــم ، وبـدأ بالتعرّف على الأرقام وهذا أول الغيث بالنسبة لــه ؛ لأنه يعرف هذه الأرقـام ،  لكن ماجعل أصابعُه تتوقف عن الحركـة والتنقّـل بين المفاتيح اللعينة تلك التي مرسومٌ عليها حرف [ فF1-F2>>>F12] الإنجليزي ، وبدأ يعـدُّها ببطءٍ شديد،واحـداً إثر واحد ؛ فكانت النتيجة أثنـاعشر [  فـاء ]  وقال في نفسه : إن في هذه الأرقام ، لحكمة ؛ فهنا الربط بينها وبين البروج الإثني عشر والكواكب الإثني عشر  ، ولعل من صمم هذا الجهاز له معرفة بعلم الفك ، وإلا لماذا إختار 12 مفتاحـــاً ليضعها هنـــــا .... !  وهنا خطرت ببالـه فكرةٌ  أُخرى ، ألا وهي حساب كم مفتاحـاً أو زراً موجودٌ في لوحة هذا الطلسم  كلّـه ؛ فلعل سمسم يفتح له ما إنغلق أمامَه من أسرار ما يسمّـى بالــــ { الكومبيوتر}  إذا ما  ضمن معرفة كم مفتاحـاً  يجب عليه أن يعرفها ، قبل أن يُسمح له  بالضغط  عليها ؛ لذا وبكل حماس بـــدأ بالعــدِّ ،وبدأت أصابعُه تمسُّ مفاتيحَ بابِ القـدر؛  فكانت النتيجة التي علمها ، مذهلة ، ولم يكن يتوقعـهـا أو يخبره أحـدٌ بها  من قبلُ ؛ حتى معلمته لم تخبره بهذا الأمر ؛خاصةً وهو البعيد عن  هذا الذي اسمه { كومبيوتر }   وصرخ متعجبـاً مندهشاً من الرقم الذي توصّـل إليه تـواً  : {  85 }  خمسٌ وثمانون مفتاحـــــــاً  ...!   يالهي حروف الأبجدية أربع وعشرون أو ثمانٌ وعشرون ، وهذه بابُ خيبر  بهـا  ذا الكمِّ الهائل.   12 ( فاءً ) وقبلنـا بهـا ، وعشرة أرقام وقلنا هي بالضبط ما نحتاجه ؛ فلمن بقيـــــــّة المفاتيــــــــــح ......!

لم يكتفِ الوالد  بهذا العـدِّ والحساب ؛ فلقد بـدأ بتقليب جوانب الجهاز ؛ فلعله يجدُ أشياءَ اُخرى غير متوقعة أو قد تكون مخفيّـة ببراعة  ؛ خوفَ الإكتشاف المبكّـر ، أو  كيلا تُصيبَها العينُ بالحسد ،خاصة من أصحاب العيون الزرق ! وما هي إلا لحظـة حتى صرخ في سره ؛ مخافة أن يسمع البقيّـة ما يعانيه : فهاهو  وفي الجانب الأيمن ، يكتشف  10 ثقوبـاً مختلفةَ الأحجامِ والأشكال ، وحدث نفسه منزعجــاُ ، مالك ياهذا تبحث  { في ...عن حبِّ الرقــيّ }، أمامَك سنواتٌ طويلة ؛ فلماذا الإستعجال ...؟   لكن الإستعجال دفعه لأن يتجه إلى الجانب الأيسر فوجد شقـاً ما أن ضغط عليه حتى خرجت ما تشبه الصفيحة المربعة الشكل ،وتصبب عرقه ؛ فلقد خاف أنه قد عبث بالجهاز بالغلط ؛ مما أدى لخروج بعض أدواته الداخلية ؛ فلم يتمالك نفسه ؛ فطلب إبنه مستعطفـاً مستكيناً { حبيبي ، ولدي الوحيد ، ولدي هيثومي ، أبا الهياثم ... ، يبدو  لي أني قـــد كسرت ( اللأب توب) ؛ لذا خرج الولدُ من غرفته مسرعاً ، وهو يلعنُ الساعةَ التي جعلته يتعلّم قبل أبيه وأمه ، وما أن وصل لقرب أبيه حتى بادره متسائلاً :   ما ذا  تُريد ....، أو تريدُ أن يطلبَ الجيرانُ الشرطة ؛ لأنك بدأت بصراخ غير مفهوم ، وقد أزعجتهم لا شكَّ في ذلك ! .... وانتبه الأبن إلى أن الأب قد ضغط على مكان القرص المدمّج أو بما يُعرف بالديسك ؛ فدفعه بتؤده مخافةَ أن ينكسر ، واستقر في مكانه المتعاد ، وهنا سأل  هيثم والده : ماذا تريد ... ؟  هــا... ، - لا  ، لا ، لاشيئ لقد أردتُ أن أسالك  عن أمرٍ مـا ، لكني نسيتُ السؤال ،عُـد لغرفتك واطمئن أني لن أزعجك ثانيةً .

 كانت معالمُ الفرح تعلو مُحيـّا الوالد ، بعـد أن عرف ألا شيئ قد إنكسر ، كما عرف شيئـاً جيداً جديداً ؛ ألا وهو كيفية إخراج حجرة ( السي دي ) وإرجاعها  ، (أنها حقـاً لمغامرة ممتعة حين تتعلّم ما كنت تجهلــه )  ...هكـذا علّق وحيد على تجربته الأولى مع الكومبيوتر ، فهل إنتهــــــى  الموضوع عنـــد هذا الحــــــــــد ....!

وعادت أصابعُ أبو الهيثم  ( تداعبُ ) مفاتيح  { اللاب توب } بحنــانٍ ، وشـــوق ؛ وكأنه يمّســدُ شعرَ محبوبته ، التي طال إنتظارُها ، أومخافة أن يحـدثَ محضورٌ آخر  .....!

                                                                      

 

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014