• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الثلاثاء, 17 كانون1/ديسمبر 2013

جدالٌ عقيم

  فاروق عبدالجبّار عبدالإمــــام
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كانت حرارة الجو تبلغُ حوالي الأربعين درجة ، السماء ملبّدٌة بالغيومٍ الرصاصية اللون ، والمتراصة مع بعضها ؛وكأنها تمنعُ الهواءَ من التنفس ؛ مما جعل نسبة الرطوبة تزداد كلما إزدادت حرارة الشمس التي لم تستطع أن تفتت الغيوم تحتها. ألقى سالم جسده الذي ينضحُ عرقاً على كرسيٍّ في القطار المتجه إلى جنوب البلاد ، كان سالم قد حدد وجهته بعناية ؛ فهو يعرف مسبقـاً هذا القطار ويعرف كذلك كم تستغرق المُدة بين محطة وأخرى؛ فالقطار بالنسبة لمن هم على شاكلتة أفضل مكان لإمضاء فترة من الزمن ؛ خاصة أوقات الظهيرة ؛ لذا إختار القطار الذي يستغرق زمن وصوله لآخر محطّـة أطول وقتاً ، والذي سيكون وقته أطول لو بقي في نفس القطار عائداً ؛لأن القطار سيحـوّل طريقه أثناء الرجوع لذا سيكون وقته أطول قليلاً . كان يعرف بعناية فائقة أين سيقع شعاع الشمس ؛ فليست هذه أول مرة يركب فيها هذا القطار الكهربائي ولن تكون الأخيرة ؛ ما دامت مجانيّة لمن هم في مثل عمره .

أول ما تبادر إلى ذهنه كيف سيكون رده لو حاول أحدهم إزعاجه، وحاول إيقاضه من غـفوته المحببة لديه ! ، لكنه بدل التفكير بهذا الأمر ، مطَّ شفتيه كأنه يقول : وما همنيّ من سيـزعجني مادمتُ سأغفو بعد دقائق ، أو لربما في عودتي سآخذ القطار الذي سيتجه إلى الشمال ؛ فزمن وصوله لأبعد محطّـة سيكون أطول فترة من هذا القطار الذي أنا فيه الآن؛ وليتهيأ للنوم ، أطلق زفيراً عميقـاً، و مدد رجليّه يحاول الإسترخــــــاء ؛ لينام ....وإنتبه لصوتٍ خفيٍّ يحـاول جاهداً أن يجعله لا ينام ويُـزيد إنتباهه : أ و تريد أن تنام وتنسى ما عادهتني عليه ؟

- يالك من مزعج أو تُريد الآن أن تثير إنتباهي لموضوع ، يكاد يكون في حكم المنتهي !

- ها ها منتهي ، وهل بدأ لينتهي ؟ أبهذه السهولة تتخلى عما تؤمن به من مُثلٍ وقيمٍ ومباديء تحث الآخرين على الإلتزام بها ، وأنت نفسُك لا تلتزمُ بهـــــا ! يالك من مخادعٍ تُثير القرف .....

- لا ، لا ، هذا مؤلم ، ولن أسمح لك بإهانتي بهذا الشكلِ المخزي ، فلست أنــــا من ينكصُ على عقبيه ، و لعلمك ، لم أتخلَ يومـاً ما عن عـهدٍ قطعته لأيٍ كان .....

- قف لا تتمادَ في ردٍ لا تستطيع الإستمرار فيه ، وإلّا ماذا سيكون ردُك لو حاولتُ الآن أن أذكّـركَ بأمرٍ واحـــــــدٍ فقط لا غير ، بلـى أمــرٌ واحدٌ فقط لا غـــــــير .....

- آسف ، لم أشعر بمن جلس بقربي ، يبدو أن أحدهم قد داس على قدمي ،

- أوه يالك من محظوظ ، إنها فتاةٌ في مقتبل العمر ،

- أيَّ عُمرٍ وأيَّ فتاة ! ، وماذ أفعل بفتاة أقل من عمري بأكثر من النصف !

- وهل تريدُ أن تقول بأنك وقـــــورٌ ، وأنك كبيــــــرٌ ، وأنك عجــــــوزٌ ، و....

- ألا تفهم ، أقول لك إن عمرَها يبدو لي ثلثَ عُمري ، أوأقـلّ بقليل .....

- نعم لقد صدقّـتُك ، أنتَ نظـرتَ إليها وتمعنتَ بوجهِها ، وقارنت في الحال ، بينها وبين من قضت معك أكثر من نصف عمرها ، لا لا ثـُلثي عمرها،لالا سأقـول لك لقد قضت معك سبعاً وثلاثين عاماً وعندما طلبت يدها كان عمرُها واحـداً وعشرين عامــــا ، أخ .. يبدو أني أخطأت في الحساب هي الآن في الستين ،وعليه ستكون النتيجة تساوي : تسعٌ وثلاثون سنة ، بـلــــى تسعٌ وثلاثون .. نعم ثُـُـلثـي عمــرها . وتنظر الآن لفتاة عمرها لا يتعدى .....لكن مهـــلاً ؛ ماذا لو كان عمـرها أكبر قليلاً ! .... هــل ....كُ ن..تَ...

- قِـفْ ، لقد تماديتَ كثيــــراً ، ولن أسمحَ لك بالتدخل في حياتي بعد الآن .....

- حياتُك ، ومن أنتَ لتمنعَ ، ولتسمح ! أ و نسيتَ من أنـــــــا !

- لا لم أنسَ ، وكيف أنسى ، وأنت لصيقٌ بي ، بل أنت ملتصقٌ بي بغراءٍ لا مثيل لـــه ....

- ههه ، أنتَ هو الذي ملتصقٌ بي ، ولا أستطيعُ أنا الفكاك منـك ، أنتَ قـدري .....

- قَ دَ رُ ك ! أنا قدرُك ، يالك من متباهٍ مغرور ، وكأن من خلقك لم يَخلق سواك ، بلـى أنتَ متباهٍ ومغرورٌ، وتعتقدٌ بأنك أفضل من في الكون ، لكنك.....

- إستحِ و لا تتمادَ ، وإلّا....

- وهــا أنت الآن تهددنني ... وبماذا تريد أن ....

.- لا ، لم اقصد هذا ، لكنك لو أكملت الجملة السابقة ، لكنتَ وضعتني في موقفٍ محرج ؛ خاصة وأن هذه الفتاةَ الأجنبية بعد أن داست على قدمي ، لم تعتذر منّـي ؛ لذا فأني أشعر بالمهانة ....

- قُـم وأصفعهـا ، أو إستدعِ لها الشرطة في الحال ؛ لأنها وقحـة ٌ، ولم تعتذر منك ،ولأنها لم تنتبه ؛ فلقد سحقتْ قدمَـك الضخمة والتي تُـشبه قدم الفيل ، لكن ، أنظر .. أنظر لقـدمِها الناعمةِ البيضاءَ الملساء ، أُنظر: إنها لا ترتدي لا حـذاءً ولا نعالاً ، إنها حافيـــــة ! فكيف تدعي بأنها قد سحقت رجلك ، وأنت تلبس هذا الحذاء الرياضي المتين ، إنك تهوّل الأمر كعادتك ....

- يبدو لي أنك تنحاز لهذا الفتاة التي تجلسُ بقربي وتُفضّلها عليَّ ، مع العلم أنك مَن يجب أن يكون أكثر إلتصاقـاً بي ولتدافع عني .....

- الآن فقط تعترف بأني متلصقٌ بك ،ولعلمِك لو كان الأمر بيدي لتخليتُ عنك قبل أكثر من ستين سنة ، لكني لا أقدر على ذلك ....

- سيدي ... سيدي .... لقد وصل القطار إلى آخر محطاته !

وفتح عينيه ليجد رجــلاً ضخم الجُثـّة وهـو يرتدي ملابسَ موظفي القطارات ، ينحني ليوقظه ؛ فلقد وصل القطارُ إلى آخر محطـّــاته ~

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014