• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الثلاثاء, 15 آذار/مارس 2016

مشاهد تعني لي الكثير تُذكّرني بالراحل المناضل والمفكر عزيز سباهي

  د. خالد ياسر صكَر الحيدر
تقييم هذا الموضوع
(8 عدد الأصوات)

مشهد رقم1 / كنت صبياً بستينات القرن الماضي بمرحلة الدراسة المتوسطة ... خرج إبن عمي الشهيد ستار خضير من (ديوانية) دارنا الواقعة، في بغداد بمحلة الصالحية منطقة بستان البيجات بعد فض الإجتماع الحزبي مع رفاقه وكما يبدو من الكادر المتقدم بالحزب وخروجهم من الدار واحدا واحدا ، وهو يبحث عني أو أحد من إخوتي داخل الدار مناديا ... خالد أكَدر أكلفك، فرِحتُ وأشرتُ له فورا بالإيجاب فأخبرني تاخذ هاذي الرسالة المهمة (ظرف مغلق)، تندل بيت عمك (أبو حميد) حيدر صكَر في منطقة حسون أغا (وهي مجاورة لمنطقتنا)، قلت طبعا نعم ، فوصف لي دارا مجاورة لبيت عمنا هناك، فتذهب الى تلك الدار المعنية ولا تسلم الرسالة هذه لأحد إلا لشخص إسمه عزيز سباهي وتتأكد منه قبل تسليمه الرسالة، هل عرفت الدار وهل فهمت، أجبته رأسا بأني أعرفه كون نفس الدار يسكن صديقي الحميم عاطف عبد الشيخ ، قال نعم جيد ... يالله سبع خذ الظرف وإذهب الآن وأنا بإنتظارك ، ذهبت وأديت المهمة بنجاح حيث سلمت الظرف لأبي سعد شخصياً مع ابتسامة شكر طيبة مُعبّرة منه وعدت مسرعا لأطمئن العزيز أبو مي ففرح وشكرني وغادر دارنا بهمة وحذر وهدوء كعادته

مشهد رقم2 / أيام الحرس القومي السوداء الحالكة بحقبة البعث الأولى ، إنتشر خبر بين الأهل والعمام مفاده نيّة تسفير إبن العم أبو ظافر (المناضل النقيب المتقاعد جبار خضير الحيدر - من الضباط الأحرار والشقيق الأكبر للشهيد ستار خضير) من سجن رقم 1 الى سجن نقرة السلمان عن طريق محطة قطار البصرة بمنطقة السكك بالكرخ، فهبّت عوائلنا من بيت الحيدر وباقي الأقارب والمندائيين والمعارف الطيبيين ليودعوا أبو ظافر ورفيقه المناضل الأستاذ عزيز سباهي ... لإراهما وبكل ألم وحرقة وهما مقيدان في كلبجة واحدة كما أتذكر وكأنهما تؤمان لا يتفارقان وسط حشد من الشرطة والأمن والإنضباطية مما حزّ في نفسي ، مع هذا ورغم تألمي لكني سررت بفخر حينها حيث لم أنسى تلك الإبتسامة التي تبعث على الأمل يوماً والمعنويات الشجاعة العالية من كل من البطلين المناضلين أبو سعد له الذكر العطر وأبو ظافر له الصحة والعمر المديد

مشهد رقم3 / في بداية الثمانينات من القرن الماضي كنا أنا وأخي د.موفق نعمل بجامعة سطيف بالجزائر والتي تبعد حوالي الخمس ساعات عن العاصمة الجزائر وكان علينا يوما الذهاب مساءا الى العاصمة على أن نقضي بعض الحاجات والأوراق الرسمية بالصباح لنعود بعدها الى مكان اقامتنا وكنا قد رتبنا أمور قضاء ليلتنا هناك عند بعض الأصدقاء الفلسطينيين ، وعلمنا بأن بيت الفقيد الراحل الأستاذ عزيز سباهي وعائلته الطيبة بنفس ذلك الحي بالعاصمة (حيث كان يعمل أستاذا بمعهد عالي هناك)، فعزمنا على زيارتهم لا سيما وقد اتصل اصدقائنا بهم (وهم أصدقائهم أيضا) ليفاجئونهم بأننا ضيوفهم فألحوا علينا بزيارتهم ، فزرناهم بذلك المساء لشرب الشاي عندهم فرحبوا بنا أيما ترحاب لا سيما وهم كانوا قد عاشروا لفترة ما بالجزائر شقيقي موفق وتولدت علاقة محبة ومودة رائعة أخوية بينه وبينهم فقضينا سهرة ودية طيبة رائعة قلّبنا مواجعنا وتذكرنا الأهل وبغداد والأصدقاء وأحاديثنا كانت لا تخلو من المواضيع السياسية وظروف العراق الصعبة والحرب الدائرة، وكانوا حينها فائقي الكرم وحسن الضيافة

مشهد رقم4 / بعد وصولنا أنا وعائلتي من ليبيا الى كندا 1997 كان الأستاذ المؤرخ والباحث عزيز سباهي قد أصدر كتابه المشوق (إصول الصابئة المندائيين) وعمل له المندائيون وباقي أبناء الجالية العراقية الطيبون أمسية ثقافية بمناسبة صدور كتابه المذكور في قاعة حكومية جميلة كبيرة بتورونتو تليق به ، وكانت محاضرته مفيدة غنية بحثية بحته وعلمية رصينة وإلقاءه كما أذكر كان هادئا ودودا موسوعيا وقد تحمل بكل صبر وتفهّم بعد إنتهاء المحاضرة أسألتنا كباحث علمي وأجاب عليها بكل ترحاب وتوضيح وترافقه إبتسامته الودودة المعهودة ، مؤكداً في مجال بحثه هذا بعد سؤال قد طرح عليه مفاده ، ما مستقبل المندائيين في وضعنا الشائك الحالي وبظل أي وضع سيتم تأمين مستقبلهم وإستمراريتهم، فأجاب لا مستقبل لهم كما لغيرهم من المكونات العراقية الأصيلة إلا بظل نظام إشتراكي مدني يحميهم ويحفظ لهم كرامتهم ويصون حقوقهم الثقافية والدينية

مشهد رقم5 / في أحد التجمعات المندائية الصيفية لشمال أميركا، كان الفقيد أبو سعد سعيدا جدا عند جلوس بعض المهتمين بكتاباته وأنا منهم سوية معه لنناقش كتابه الرائع الصادر حديثا حينها حول إصول الصابئة المندائيين ونقاط بلوغ النهاية لبحثه هذا من دون الإستمرار أبعد من ذلك، فكنت ألح عليه وأترجاه بأن يحاول أن يستمر في بحثه ليكمل جزء لاحق لما تضمنه كتابه المشوّق ذاك وليصل الى أبعد مما وصل اليه في بحثه حيث توقفه عند ذلك يجعل القاريء متشوق جداً للتوغل أبعد لمعرفة خفايا ما قبل شعوب البحر الميت وتاريخهم!؟
فأجابني بكل إهتمام وثقة كباحث علمي أمين يعتمد أسس البحث الرصين مستندا على المصادر الموثوقة لتلك الحقبة وما قبلها وأخبرني بأنه لم يجد تلك المصادر العلمية الواضحة الرصينة ليستند عليها للتوغل في بحثه بشكل أقدم ما قبل تلك الحقبة ولهذا السبب قد توقف هناك ولم يجرأ على الذهاب أعمق ، فزاد إعجابي برده وبه لإمانته العلمية كباحث رصين لا يعتمد على هشاشة وفرضيات غير علمية بما يكتبه وإنما على كتب علمية وبحوث رصينة، ففرح بكلامي هذا وقدر اهتمامي بالموضوع وتقييمي له ولكتابه بهذا الشأن، وكان فرِحا متواضعاً ودوداً كعادته دائماً

هذه أهم المحطات التي تذكرني بهذه القامة الشامخة أستاذنا الكبير المناضل عزيز سباهي، وأنا يزيدني فخراً وأنا أتذكر تلك المشاهد بتواضع وإعتزاز جعلتني أُعجَب بشخصيته تلك إضافة لتواصلي ومواضبتي لتتبع ما كان ينشره هنا وهناك من مواضيع سياسية وإقتصادية وزراعية وتاريخية ونضالية مُشرِفة، وأكثر ما أعتز به بأن الفقيد كان متابعاً جيداً لنشاطات تيارنا الديمقراطي في كندا من أجل العراق المدني الديمقراطي وشعبه، مباركاً لتأسيسه حينها مثمناً نهوضنا بمستواه

مجداً وخلوداً فقيدنا العزيز أبا سعد، المفكر والمناضل المبدأي النقي والباحث الرصين

الدخول للتعليق