• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
السبت, 10 أيلول/سبتمبر 2016

إستذكار الفنان القدير مكي البدري .. وداعاً

  عزيز عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كنّا وما زلنا نستذكر رواد الفن والثقافة الميامين في ذكرى رحيلهم ونقلب اوراق اعمالهم الفنية والثقافية وما قدموه لنا خلال مسيرتهم الفنية الحافلة بالمنجزات والعطاءات الثرة التي مازال الجمهور العراقي يستذكرها وتحتفي بها الاوساط الفنية والمنظمات الثقافية وفاءً منها لرواد الفن الذين نذروا حياتهم يقدمون الإبدعات والعطاءات الفنية .
من هؤلاء الفنانين الأوفياء لوطنهم ولأبناء جلدتهم الفنان العراقي الراحل مكي البدري ، انه فخر لنا لأنه إبن المندائية وإبن العراق .
رحل في غربته حيث وافته المنية في المستشفى المركزي لمدينة يوتوبوري ( غوتنبيرغ ) السويدية عن عمر ناهز ( 89 ) عاماً ، حيث كان يقيم فيها أحد أبنائه الثلاثة ، هاجر الراحل الى السويد قبل ثلاث سنوات وقد ظل وحيداً في بغداد بعد وفاة زوجته ورفيقة دربة في الحياة أم أولاده ، والذي كتبت عنه الصحافة بإسهاب ، وتحدثت عنه نخبة رائعة من الفنانين والكتاب المبدعين ، الذين نعتوه بالغرس الطيب والإنسان النبيل والرجل الكريم وصاحب الاخلاق الفاضلة . بحيث لا توجد كلمات تفي طيبته ونبلهِ وحبه لوطنه الأم ، ويؤكدون على إن النقطة المضيئة في حياته إنه كان مخلصاً مع نفسه ولعمله .
ولد هذا الفنان القدير في محافظة ميسان عام 1925 ، ينتمي الى عائلة اشتهر رجالها بكونهم علماء دين من الطائفة المندائية كان آخرهم والده الكبير الشيخ كميت ، كانت وظيفته الحقيقية مدرس في وزارة التربية حيث كان يعمل مسؤولاً لقسم التمثيل بالنشاط المدرسي في وزارة التربية . اضطر الفنان مكي البدري بعد ان انهى دراسته الثانوية الى العمل معلماً عام 1974 . لعدم استطاعته السفر الى بغداد والحصول على شهادة الجنسية العراقية بسبب فقر حاله ، عُين معلما على الملاك الدائم ، بعد دورة تربوية قصيرة ونقل الى قضاء (جصان) ثم (بدره) من اعمال الكوت ، بعدها نقل الى بغداد في سلك التعليم.
عن مسيرته الفنية يتحدث الفنان عن نفسه بالقول : بدأت رحلتي الفنية منذ الخمسينيات بقرية (جصان) احدى قرى مدينة الكوت ، قدمت هناك عملين مسرحيين هما مسرحية (عودة المهذب) تأليف شهاب القصب ، وفصل من مسرحية (قيس وليلى) للشاعر احمد شوقي عرضناهما في مقهى واستخدمنا رحلات الصفوف لمدرسة ابتدائية لعمل مصاطب للجمهور وخشبة للتمثيل ، وتم رصد ريع العملين لكسوة طلبة المدارس الفقراء ثم قدمنا مسرحية ( في سبيل التاج ) تأليف مصطفى لطفي المنفلوطي بمنطقة (بدرة ) داخل مدرسة مهجورة ، رسمنا المناظر على الحائط وقدمنا الريع للطلاب إيضا. بعد ذلك قدمنا مسرحية (البخيل) للكاتب الفرنسي موليير إخرجها رشيد قسام, تلك الاعمال كانت قبل ستينيات القرن المنصرم ، بعد التحقت بمعهد الفنون الجميلة ، فرع التمثيل ، وانتميت الى النشاط المدرسي فيه ، شاركت بالتمثيل بمسرحية (الجوكر) التي اخرجها الاستاذ جاسم العبودي ، وهو طالب في المعهد انتمى الى تجمع (نجوم المسرح) عام 1958 ، التي يرأسها الفنان ابراهيم الخطيب ، وهذا التجمع يضم اضافة الى مكي البدري كل من : طه سالم ، منذر حلمي ، خليل شوقي ، وداد سالم ، محسن العزاوي ، قاسم محمد ، سعدون العبيدي .
وبعد قيام ثورة 14 ثموز عام 1958 اجيز التجمع باسم (فرقة الشعلة للتمثيل) وبقي فيها مع نفس كادر التجمع السابق . وساهم في اعمل الفرقة الجديدة انتمى الفنان مكي البدري بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة في العام الدراسي 1960 _1961 ، الى فرقة المسرح الفني الحديث عام 1966 التي أسسها الفنانين ابراهيم جلال ، سامي تيلا ، وخليل شوقي بتاريخ 13 حزيران عام 1966 ، وساهم في التمثيل بمسرحية (مسرحية في القصر ) تأليف فيرنك مولنز ، واخرجها محسن السعدون ، وقدمت على المسرح القومي في بغداد ، من ممثلي المسرحية ، فاروق فياض ، وداد سالم ، منذر حلمي كريم عواد ، وعلي فوزي ، وللفرقة ذاتها مثل البدري في مسرحية (فوانيس) عام 1967 والتي كتبها طه سالم واخرجها ابراهيم جلال وقدمت على المسرح القومي في كرادة مريم واعيد تقديمها في الكويت . في فرقة اتحاد الفنانين التي تأسست في 6 آب 1967 وكانت للفنان مكي البدري جولات وصولات لاتنسى في الفن المسرحي ، وآخر مسرحية كانت بعنوان " انتبه .. قد يحدث لك هذا " وكانت من اخراج الفنان محسن العزاوي في 2010 م.
ساهم الفنان الرائد مكي البدري مع العديد من الفنانين منهم جعفرعلي ، ونور الدين فارس وقاسم حول ونجيب عربو وغيرهم في تأسيس فرقة مسرح اليوم عام 1969 وشارك معها في اعمالها المسرحية والتلفزيونية ، كما انه غذى الفرقة بآرائه وتوجيهاته التي كان الجميع يحترمها ويآخدها مأخد الجد ، لانها آراء وتوجيهات صائبة جاءت نتيجة تراكم العمل الفني والعمل مع عدد من الفنانين المتنورين والمثقفين ، هذه الآراء الأخد بها يؤدي الى تقدم الفرقة وتألقها. امتاز الفنان مكي البدري بإمكانيته العزف على العود بشكل جيد ، كما انه يمارس الرسم برسمه لعدد من الوحات التي ابهرت العديد من الفنانين التشكيليين كما يمتاز فناننا ايضا بأتقانه لبعض الصناعات اليدوية ، كصنع المطرزات ، والخرازة ، واعمال الخوص ويعد مكي البدري من افضل صناع علب الهدايا في العراق ، فضلا عن الديكور في محلات الصياغة خصوصاٌ .
كان للفنان الرائد مكي البدري نصيب جيد في السينما العراقية حيث انه مثل دور الحارس في فيلم ((الحارس)) الذي كتب قصته قاسم حول وأخرجه خليل شوقي عام 1967 ومثل فيه قاسم حول وزينب وعلي فوزي وكريم عواد ، وحصل على جإزة مهرجان ((قرطاج)) في تونس عن دوره ، وجائزة تكريمية في بغداد ، ومثل ايضا الدور الرئيسي في فيلم ((بيوت من ذلك الزقاق)) الذي اخرجه قاسم حول ومثل فيه ايضا علي فوزي وسعدية الزيدي وآخرون ، انتج عام 1977 ، ومثل في فيلم ((القادسية)) للمخرج المصري صلاح ابو سيف عام 1981 وقام بادوار هذا الفلم : شذا سالم وعزت العلايلي وسعاد حسني وغيرهم ، وفي عام 1985 مثل دوراٌ مهما في فيلم (العاشق) من اخراج فنري فزي بمشاركة الفنان جواد الشكرجي ، ومثل في فيلم (عريس ولكن) عام 1990 .
وفي التلفزيون مثل في العديد من السهرات التلفزيونية والمسلسلات منها مسلسل الحارس الذي اخرج الحلقات الخمسة الاولى عبد الهادي مبارك والخمسة الاخرى المخرج المصري ابراهيم الصحن ، كما مثل في مسلسل ((حكايات من الزمن الصعب)) مع الفنان بهجت الجبوري ، ومسلسل ((ليالي الشتاء المر)) مع بهجت الجبوري وفاطمة الربيعي وبدعوة من فرقة المسرح الوطني التي تأسست في السبعينيات من القرن الماضي شارك الفنان مكي البدري للعب دور يتناسب مع قدراته الفنية ، ومثل في المسلسل التلفزيوني "حكايات المدن الثلاث" ، مع يوسف العاني ، سامي قفطان ، وقام بدور السلطان مدحت باشا ، كما قدم للتلفزيون مسلسل " الأماني الضالة " في سنة 1989 ، كما قدمَ مسلسل " أبو ميعاد " في عام 1990.
وطاقاته التمثيلة في مسرحية ((بطاقة الدخول الى خيمة)) من تأليف عبد الامير معلة واخراج بدري حسون فريد ، كان البدري ممثلاٌ مميزاُ في هذه المسرحية نال اعجاب المشاهدين والنقاد معاٌ ، ومع (فرقة مسرح الجماهير) جاءته فرصة جديدة للتمثيل في مسرحية ((الصرخة)) من تأليف الدكتور ابراهيم البصري وإخراج عبد القادر الدليمي وقدمت عام 1981 على مسرح بغداد ، ومثل ايضا في مسرحية (تاجر البندقية) لشكسبير واخرجها سامي عبدالحميد لحساب قسم المسرح في مصلحة السينما والمسرح وقدمت على المسرح القومي عام 1965.
لقد أهُمل هذا الفنان الكبير من منحه أي دور في مجال التلفزيون او السينما او المسرح طيلة 14 عاماً ، وبحجج واهية منها التضرع بِكبر سنه وغيرها . كان يشكوا دائما هذا الاهمال المتعمد والمقصود ، وهم يعرفون جيدا ظروف الفنان العراقي في حالة عدم توفر فرص عمل فنية كونها عصب حياته ورزق عائلته وهي كيانه ووجوده . ان احاديثة ونداءاته المتكررة كانت وما زالت صرخة حق ضد التهميش والنسيان لكل الفنانين العراقيين بمختلف انتماءاتهم الفكرية او الدينية ، الذين ذاقوا الأمرين من الإهمال والعوز في ظل بلد يمتلك من الخيرات الكثير ، ولاقوا مصيرهم المحتوم في البلدان الغريبة ، لا أحد يتكرم بالسؤال عنهم ويتحدث عن معاناتهم وعن ظروفهم المعيشية هناك ، ولا من منجد لهم ولعوائلهم ولا توجد حاضنة تجمعهم وتدافع عن حقوقهم وعن عطاءهم الزاخر طيلة حياتهم الفنية ، ومنذ عام 1997 لم يعرض عليه ولم يشترك باتي عمل تلفزيوني او مسرحي في داخل العراق . واخر نشاطاته هنا هو حضوره مهرجان مالمو للسينما العربية وكان ضيف شرف في المهرجان.
قال عنه الفنان الدكتور حسن السوداني أثر سماعة خبر وفاته في بلاد المهجر : نعم .. ذهب الحارس الملاك ليلة الأمس وباتت ليالينا الطوال بعده أكثر برودة وضجرًا .
وكتب عنه صديقه الفنان قاسم حول وهو من الفنانين الرواد الكبار بالقول : انه إنسان موهوب وفنان من طراز خاص . وتناوله الكاتب والناقد المسرحي أديب القليه جي بالقول : التقيت به هناك ، حين قدمت محاضرتي عن المسرح بدعوة من (البيت الثقافي العراقي) في يوتوبوي في 7 ايلول 2013 حضنته وبكينا سوية . بكينا على حالنا وعلى غربتنا .. نحن ابناء العراق الغيارى على بلدنا ، والمضحون من اجله قدمت له كتابي الاول عن تاريخ المسرح العراقي هدية لفنان عراقي كبير اكن له كل الحب والاحترام والتقدير . هذا هو مصير المبدعين في العراق للأسف الشديد ، الجوع في العراق الذي يطفو على بحر من الذهب الاسود ، والتهميش في العمل الفني ، والحرمان من العطاء والابداع .
لقد اعطى مكي البدري الكثير لوطنه ولفنه ، وكان المفروض ان يكون معززاً مكرماً في بلده في شيخوخته ، لا ان يحتضن من دولة لا تجمعه بها آي جامع .. غير جامع الانسانية فقط ، شيء مؤسف ومؤلم في آن والاكثر ألماً وفاة الفنان الكبير مكي البدري هذه القامة الفنية الرائدة في مدينة يوتو بوري السويدية التي يعيش فيها .. ودفن في مقبرة بعيدة عن وطنه واصدقائه ورفاق العمر ، وعن مسرحه الذي اعطاه كل عمره الخلود لأبي انور .. مكي البدري الذي توفي ليلة السابع على الثامن من ايار 2014 .. وداعاً.

المصادر المعتمدة :
• صحيفة الزمان العراقية / الكاتب / فائز جواد .
• صحيفة إيلاف الصادرة في لندن / الكاتب / عبد الجبار العتابي
• جريدة الحقيقة / الفنان مكي البدري في أربعينيته .
• الكاتب والناقد المسرحي / أديب القليه جي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلم مكي البدري وداعات الغربة من اخراج الفنان عدي حزام عيال
https://www.youtube.com/watch?v=ZuoOlzKAR8g

 

الدخول للتعليق