• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الأربعاء, 30 تشرين2/نوفمبر 2016

مطشر تقي علوان الهلالي

  خيرية مطشر الهلالي
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

(آدم زهرن برسيمت)

ولد المرحوم عام (1903) في مدينة المشرّح (الحلفاية) في كنف أب طيب، وسط بيئة مندائية متحابة ومتماسكة.
كان وحيداً، لم يَكن له أخوة من الذكور، مما جعل والده يفكر في زيادة ذريته بزواجه من امرأتين.
في سنة (1925) أرسله والده إلى مدينة الموصل، مع صديقه وابن خاله، له الذكر الطيب {فالح مجذوب} ليتعلما فن الصياغة بشكل متقن، لهذا برع في صياغة المصوغات الذهبية والفضية القديمة مثل : (صياغة الخلخال، والحجل المنقوش "أبو الثومة" وتراچي الصفك والشباك المزخرفة والمطعمة بالأحجار الثمينة الحمراء والزقاء) التي تجلب من منطقة الرضا في إيران.
في ذلك الزمان، كان سوق الصاغة مزدهرا، ضم شخصيات مندائية، أجادوا هذة الصنعة، لهم الذكر الطيب والمغفرة، منهم (مكلف سوادي، ومهتلف سوادي، وجابك جاري، وجبار جاري، وكبيص مصبوب، وزاجي الخميسي) وغيرهم : في هذه البيئة المندائية العريقة والمتجذرة في تربة وطنهم العراق
كان أبو عبد الواحد مندائياً، قوي البنية، فارع الطول، بجمال مندائي متوارث، صوته جهوري عالي الطبقة عند اشتداد غيظه مواجهاً خصمه، أو عند رد باطل أو زيف، متواضع بسيط حين يعمل الخير, أو يدعو له، نشاطه ليس له حدود.
عاش هو ووالده {تقي علوان الهلالي} مختار محلة الصابئة في المشرح، محباً لأبناء جلدته ، مدافعاً صلباً عن مبادئ دينهم، وعن عرضهم ومالهم متضامناً معهم في كل ما يعترض طريقهم. له علاقات، مثل والده، مع شيوخ الطائفة تتمثل بالاحترام والتقدير والحب المتبادل والتواصل في كل ما يهم الدين والمجتمع المندائي. لهم المغفرة والرحمة (الشيخ جثير، والشيخ كميت، والشيخ عبدالله الشيخ سام، والشيخ الحكيم الشيخ داخل)
كان له موقع فاعل في البيئة التي تحيط الطائفة، فقد ساهم مع الموظفين والمعلمين في إنشاء نادي الموظفين في المشرح ، وكان عضواً اختيارياً لحل المشاكل التي تجابه محلة الصابئة مع المحيط الاجتماعي والعشائري والحكومي؛ لهذا كوَّن علاقات تحالف وجوار مع العشائر، وخاصة شيوخ عشائر (كنانة) (عائلة إمسلَّم الدنبوس) وكان له حضور مميز في مجالسهم التي تعقد لحل النزاعات، كانوا ينظرون له بعين التقدير والاحترام والهيبة ويسمونه (شيخ الصبَّة الفريضة)؛ لما يتمتع به من فراسة وذكاء مندائي وسرعة البديهية عندما (يشد الراية ويشخص المعتدي) بتجرد وموضوعية وشجاعة.
وفي هذه البيئة المندائية ذات الطابع القروي القريب من المدينة زاول أشغالاً عديدة، بالإضافة إلى مهنته الأصلية الصياغة.
اشتغل بتجارة الأخشاب، والقار، نظراً لازدهار صناعة القوارب التي أتقنها أبناء الطائفة من(العائلة الزهيرية) وأجادوا صناعتها. كان مطشر يمتلك عدداً من القوارب الكبيرة والصغيرة لتأجيرها للعشائر كوسائط للنقل عند مواسم الحصاد, والصيد عند هجرة الطيور الحرَّة من مناطق الثلج إلى المياه الدافئة في المستنقعات والأهوار, بالإضافة إلى تجهيز المزارعين ببذور الحنطة؛ لتزرع وفق طريقة (الديم) أي على مياه الأمطار, وكان يملك فرساً أصيلة للتنقل بها في تلك المناطق الزراعية القريبة من منطقة الطيب والفكة على الحدود بين العراق وإيران, التي لا تصلها وسائط النقل.
وشأنه شأن كل مندائي مخلص لأبناء طائفتهِ، يمد يد العون والمساعدة للمحتاجين والأرامل في ذلك العهد الذي عانى خلاله أغلب الناس البسطاء من الفقر والحرمان، إضافة إلى التخلف في كل المجالات، دون أي ضمان للحياة وللمستقبل.
ونظراً لحب الصابئة المندائيين العيش في المعالم الحضارية ومواكبة التطور نحو الأفضل؛ ولكي ينال أولاده وبناته نصيبهم من التعليم الذي يريده لهم؛ انتقل عام { 1952} مع عائلته من البيئة شبه القروية في ناحية الحلفاية {المشرح} إلى مدينة العمارة الأكثر تطورا ولكونها أيضا بيئة عامرة بمجتمع مندائي تربطه علاقات عائلية متماسكة، ويسودها الحب والتعاون والإخلاص بعضهم لبعض.
ساهم مع إخوانه المندائيين في العمارة بكل ما يخدم الدين المندائي، والمندائيين، كذلك تعاون مع باقي فئات المجتمع العماري لهذا نال الثقة والاحترام من لدن كبار الموظفين والمسؤولين لكونه وجهاً صابئياً متضامناً مع عائلته المندائية.
ومع المحيط في الرقعة الجغرافية التي يعيش فيها، دافع بشجاعة عن معتقدات أبناء الطائفة الدينية والاجتماعية والسياسية, وفي أيام الردة السوداء التي القت بظلالها على الوضع الأمني والاجتماعي في العراق؛ كان يقف ساعات طويلة مع الأبناء في نظارة الأمن سيئة الصيت، داعماً لآرائهم التقدمية والإنسانية، بشكل مقنع يجبر رجال الأمن على احترامه، سجن في (8 شباط الأسود) رهينة عن أولاده المطاردين لكونهم سياسيين تقدميين وخرج صامدا وفاضحاً الأساليب الوحشية التي تعرض لها أبناء الطائفة والتقدميين من المجتمع العماري, وحال خروجه من السجن؛ سافر إلى إيران سرا لتفقد الأبناء الذين نفذوا بجلودهم بأعجوبة من بطش وجرائم الحرس القومي، سيء الصيت، إلى هناك. وقد إستقبله إخوانه من المندائيين في الأهواز بالترحيب والاحترام للرابطة العائلية القوية التي تربطه بهم منذ زمن بعيد, ولسمعته العالية لدى المندائيين في العراق وفي إيران، ومواقفه تجاه الجميع خصوصاً عند الصعاب، واشتهاره بالكرم ودماثة الأخلاق، والتواضع، بجانب الحكمة، وسداد الرأي، والشجاعة عند اللزوم
توفى عام ( 1996). ترك عائلة كبيرة من الذكور والإناث بعدد ( 21 )فردا منهم المرحوم عبد الواحد، وشهيد الفكر كريم، والدكتور الجراح مجيد، والإخوان حميد، وحمودي، وسعيد .... وغيرهم
ويظل النسل الصالح يفخرون بمآثر الآباء وبسيرة حياتهم الحميدة التي تستحق أن تكون دروساً تنهل منها الأجيال, وعِبرا يستدل بها كل ذي عقل قويم, ويجسدون تلك السير النبيلة إلى ممارسات في أخلاقهم, وتعاملهم مع الآخرين, ومما يستحق أن نحمد الله عليه أن له أبناء يُشار لهم بالبنان فيما تركوا من آثار سواء لدينهم المندائي, أم للناس الذين عاصروهم وعايشوهم بحب واحترام وإخلاص, على مختلف البيئات التي وطأتها أقدامهم, وفي ظل كل الظروف التي مرت بهم.

الدخول للتعليق