• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الجمعة, 05 تشرين2/نوفمبر 2021

وداعا استاذ مؤيد سعيد

  فائز الحيدر
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)
من الذاكرة
 
مؤيد سعد رهيف العبيدي
 
مسيرة تربوية حافلة بالنجاح وإستاذ يشار له بالبنان
 
 
     في الأول من تشرين الثاني / 2021 غادرنا الى عالم الأنوار اٍستاذنا واخينا المربي الفاضل مؤيد سعد رهيف العبيدي / ابو وسن وبرحيله انطفأت شمعة من الشموع المندائية التي تركت بصمة لا تنسى على مسيرة الطائفة عموما"، ولكي نحيي هذه المسيرة الطويلة لابد من الكتابة قدر المستطاع عن هذه الشخصية المتميزة واعطائها حقها لمن يجهل مسيرة ابو وسن التربوية طيلة عقود .
 
     ونعود بذاكرتنا الى قضاء الفلوجة / محافظة الأنبار مدينة الطفولة، تلك المدينة الصغيرة التي عرفت بأنفتاحها الأجتماعي والديني واحتضنت  العشرات من العوائل المندائية الوافدة إليها من المناطق الجنوبية الذين هجروا مدنهم في جنوب العراق هربا" من جور الأقطاع والأضطهاد الديني والمعاناة التي كانوا يمرون بها من قبل جيرانهم أو لإدخال أبنائهم المدارس المتوسطة والثانوية التي لم تكن متوفرة في مناطق سكنهم  خاصة في المحافظات الجنوبية بشكل عام ،  ومن العوائل المندائية التي سكنت الفلوجة هي .. عائلة عبد الرزاق صكر الحيدر واخوته وعائلة المرحوم ( سعد رهيف العبيدي ، شمخي جبر شبيب وغيرهم العشرات لا يسع المجال هنا في ذكرهم جميعا".
 
      ولد الفقيد مؤيد سعد العبيدي في قلعة صالح / محافظة العمارة عام 1931 ودخل الأبتدائية عام 1937 وتخرج منها عام 1947، ونظرا لعدم تواجد متوسطة وثانوية في قلعة صالح اضطر للأنتقال الى بغداد وسكن في دكان والده في شارع النهر ودخل المتوسطة المركزية والتي سميت لاحقا"( باعدادية النضال ) وبعد تخرجه منها دخل الأعدادية المركزية عامي 1946 ـــ 1948 وكان مديرها هو ( الاستاذ علاء الدين الريس )، وبعد تخرجه من الأعدادية لم تكن هناك جامعة لذلك تقدم الى كلية الهندسة ودار المعلمين العالية وقبل في الأثنين ولكنه فضل الأخيرة لوجود قسم داخلي فيها .
 
      وبعد تخرجه من دار المعلمين العالية تم تعينه في ثانوية العمارة للفترة من عام 1952 الى 1954 وبعدها تم نقل خدماته الى ثانوية الفلوجة ( متوسطة الملك فيصل للبنين)، الواقعة على الجانب الأيسر، والتي تجاور مدرستنا ( مدرسة أبن خلدون الأبتدائية للبنين) حيث نسب اليها ( الأستاذ مؤيد سعد رهيف العبيدي ) أستاذا" لمادة الفيزياء من عام 1954 ولغاية 1958. وفي تلك الفترة وبالتحديد عام 1957 حصل على كورس للفيزياء في الجامعة الأمريكية في بيروت واجتازه بنجاح لذلك حصل على تثمين وزارة المعارف حينها.
 
        ففي السنة الدراسية 1953 / 1954، كنت طالبا" في الصف الثاني الأبتدائي، في تلك السنة وفي نهاية الدوام الرسمي للمدرسة تعرفت لأول مرة على أستاذنا مؤيد سعد العبيدي، عندما كان يلتف حوله اعدد من الطلبة دون غيره من الأساتذة خارج المدرسة بعد انتهاء الدوام متوجها" لداره مما يجلب إنتباهنا نحن الطلبة الصغار، وكنت في البداية اتصور انه يتشاجر معهم كل يوم!! الا ان هذا التصور سريعا" ما تلاشى بعد ان فهمت من اخي إنه ( إستاذ صبي ( مندائي )، إنه الأستاذ مؤيد سعد العبيدي، مدرس الفيزياء في المتوسطة، وان طلبته لا يكتفون بحصة المادة السلسة التي يقدمها لهم في الفيزياء داخل الصف بل يواصلون أخذ المعلومات منه حتى خارج الدوام .
 
      وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 نقل الى بغداد ونسب الى ثانوية الأعظمية للبنين لمدة سنة ودرس في بيوت الأمة المسائية في مدينة الكاظمية وثانوية الأمريكان للبنات والمدرسة الجعفرية وحتى عام 1959 حيث نقلت خدماته لتدريس مادة الفيزياء في الاعدادية المركزية للبنين للفترة من عام 1959 ولغاية 1979 وكان مديرها في ذلك الوقت هو الأستاذ ( حسن جاسم العزيز) وملاك تربوي من خيرة الاساتذة في مختلف المواد، اضافة الى التدريس  في ثانوية الوثبة للبنات عام 1960 وفي تلك الفترة وبالتحديد عام 1961 حصل على زمالة دراسية لدراسة الدكتوراه في الطاقة الذرية في جامعة براغ / جكسلفاكيا ولكن طلبه رفض لأسباب سياسية..   
 
 بعد أكمالي الدراسة المتوسطة ( متوسطة الوثبة للبنين ) كانت أمامي مهمة البحث عن الثانوية المناسبة حتى وجدت ضالتي بالأستاذ مؤيد وهو أحد أساتذة الأعدادية المركزية المعروفة وكانت له مكانة مرموقة فيها وأبدى إستعداده لمساعدتي في القبول في الفرع العلمي بعد أكمال الملف وإستقبلني ذات صباح عند باب غرفة الأدارة ورافقني معه إلى داخلها حيث يجلس المدير على مكتبه وليقدم له الملف ليكتب عليه موافق، كانت فرحة كبيرة لا تعوض لأنه ليس من السهل الحصول على قبول بهذه الأعدادية بتلك السهولة .
 
      كانت السنة الدراسية 1962 / 1963 سنة صعبة للغاية والوضع السياسي ملتهب والقوى القومية والرجعية وحزب البعث قد وحدوا أنفسهم للقيام بإضراب طلابي الغرض منه شل الوضع السياسي الذي تجسد بانقلاب 8 شباط / 1963  وإسقاط حكم عبد الكريم قاسم تبعه حملة التصفيات والأعتقالات التي شملت كافة الوطنيين والشيوعيين وكان نصيب الأستاذ مؤيد سعد العبيدى الأعتقال لفترة طويلة وسحب اليد من الوظيفة أسوة بالكثير من المدرسين وبقيت المدرسة تعاني من نقص في عدد المدرسيين لفترة طويلة لغاية اطلاق سراحه فدرس حينها في التلفزيون التربوي من عام 1964 ولغاية 1966 ثم دخل عدة دورات في الفيزياء العالية والمختبرات وحصل عندئذ لقب (مدرس اول) وهو اول لقب يحصل عليه مدرس عراقي .
 
     ومرت السنين العجاف تلك وبعد عدة محطات صعبة مرت على الفقيد مؤيد سعد غادر العراق الى بريطانيا لدراسة الهندسة المدنية ولكنه لم يفلح في ذلك لاسباب عدة لذلك توجه الى كندا عام 1988 لكنه لم يسترح وهو المدرس المتقاعد بل واصل مهنته التي احبها وحصل على شهادة مدرس احتياط ثم شهادة للتدريس في المدارس الثانوية الكندية ووضع كل خبرته في هذا المجال.
 
    اما في جانب خدمته لطائفته المندائية بعد وصوله لكندا فقد اسس اول جمعية مندائية في مدينة تورنتو في التسعينات وانتخب رئيسا" لها عدة مرات وقامت الجمعية خلال فترة ترأسه لها بنشاطات وامسيات عديدة في مجالات مختلفة كما حصلت الجمعية في وقته على قطعة ارض خصصت لتكون مقبرة لأبناء الطائفة وبذلك ونتيجة لخدماته لأبناء الطائفة حصل على لقب ( المندائي الأول في العالم عام 2014 ) وحصل على شهادة تقديرية موقعة من رئيس الطائفة.
 
       كما انه كان عضوا في الجمعية العراقية الكندية، وتيار الديمقراطين العراقين في كندا، والمركز العراقي الكندي لحقوق الإنسان وغيرها من الجمعيات وكان دائم الحظور في احتفالات تأسيس الحزب الشيوعي العراقي والفعاليات التي يقيمها الشيوعيون والديمقراطيون العراقيون في كندا وأغلب مناسبات الجالية العراقية، وكانت من امنياته هو حلول السلام  والوئام في الوطن وان يكتب من عرفه من تلاميذه وزملاءه عن ذكرياتهم معه ليدونها في كتاب خاص.
 
     وبالرغم من ان الأستاذ مؤيد سعد العبيدي قد رحل عنا وترك فراغا" كبيرا لا يمكن تعويضه لما قدمه من خدمات في السلك التربوي لسنوات طويلة خاصة ولأبناء طائفته المندائية وللجالية العراقية في كندا عموما" لكنه سيبقى في الذاكرة والوجدان دوما"....
 
 
 
 تعازينا لعائلته ومحبيه ولجاليته المندائية في كندا.
 
 
 
كندا / لندن
الدخول للتعليق