• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الأحد, 14 نيسان/أبريل 2013

المربي الكبير نعيم بدوي

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

الكتابة هذه عن هذا المربي الكبير ، ليس لمن يحبون النرجسية او يرجون خداع النفس او الغير، ليس كتابة عن عبادة الذات، ولا هي محاولة تسويقية للتمجيد، ليس قطعة من الغزل بماضي انسان تشكل حياته تاريخا لنا نحن المندائيين في كل مكان، كما انها ليست دفاعا بالحق او الباطل عن رجل لازلنا الى يومنا الحاضر نحمل اعتزازا كبيرا له اسوة باعتزازنا برجل اخر من رجالنا الكبار وهو عبد الجبار عبدالله. ان الكتابة عن واحد من اعلام ثقافتنا الكبار، يمثل عرضا يقرن المحاسن، ويشخص مواقع القوة، ايمانا بوطنية هذا الرجل الشمولي، الذي امتلك جرأة المفكر الذي عرف دوره فتقدم لادائه دون ان يقف به مطمع او يحرفه هوى.
نعيم بدوي شخصية عراقية رحبة الافاق، ذات تاريخ مفعم بالمتغيرات، وهي في جوهرها الاساسي تقيّم على ضوء الدور الثقافي الذي لعبته وعلى النمط الاجتماعي وفعاليته وعلى الطموح السياسي الذي قادته خارج التقليد
وظل هذا الرجل طيلة سنواته التي تجاوزت التسعين ( 1911- 2002) موضوع مثالي لما امتلكه من تاريخ حافل، ولا يزال هذا التاريخ ينتظر من يبحث به ويستخرج مواقع الابداع فيه، فحياة الرجل لازالت ارضا بكرا على المستوى الاكاديمي المتخصص والثقافي العام معا. وما اقل ما يعرفه ابناء طائفته بشكل خاص والفئات المثقفة من العراقيين عن جغرافية هذا الرجل الذي يعد ابرز مربي الاجيال العراقية، بعد تأسيس الحكم الوطني في القرن الماضي . ولنا به مثلا يمكن ان يحتذى دون مواربة او تزلف، خاصة وان عراقنا بكل تشكيلاته المتنوعة، تربويا وثقافيا يجتاز هذا اليوم اخطر مرحلة، حيث يساق ويدلف الى احرج اختناقة في تاريخه الحديث وربما القديم كله. ان هناك انقلابا تاريخيا في مكان العراق اليوم، نحو الاسفل ولربما للوراء، نراه جميعا رؤية العين ولكن يبدو ان الاخرين متفاهمون بالصمت.
كان الراحل نعيم بدوي في محاضراته ورسائله الشخصية، يؤكد على الدوام بان الوحدة الوظيفية في اي مجال لاتأتي من الوحدة التركيبية المجردة والمنعزلة لاي بناء، بل ايضا من التنوع التركيبي داخل المجتمع او الطائفة، وهذا بالدقة ما يعرف بمبدأ التنوع او الوحدة بالتنوع. كان ينظر الى الشخصية المندائية عبر تجانسها في المقومات الاساسية لوحدة المجتمع العراقي ككل. كما كان يركز على الجوانب الثقافية في نمو وتطور وتحديد ملامح الشخصية المندائية، ولم يشجع الولاءات الضيقة او روح الاقليميات في وجه الولاء الوطني او على حسابه، ولم يمهد في طروحاته لنعرة طائفية منعزلة فكريا وسياسيا بقدر ما كان يضيف الجزء الى الكل من خلال العزة الوطنية الواسعة. كان يؤكد على التجاور المثمر في الثقافات العراقية، جنبا الى جنب ، كما تتجاور الحياة والموت، لقد ابصر كباحث ،ازاء حالتنا النادرة كطائفة دينية عريقة جنبا الى جنب الطوائف العراقية الدينية والقومية الاخرى من حيث السمات والقسمات والتقاليد والثقافات التي تجتمع فيها، كثير من العوامل المشتركة مع الاخر، لكن الاختلاف بوجهة نظره يجعل من كل من هذه الفسيفساء مخلوقا فريدا فذا، ثم هي تأتي عادة النموذج المثالي والمثل الكلاسيكي في كل شيء يحمل شراكة الوطن الواحد. مركزة مكثفة متضاغطة على نفسها بدرجة نادرة، بهذا وبذاك معا تجمع بين الحد الاوسط على الاقل من التعميم والتخصيص.
ان كل هذه الافكار التي كان يطرحها هذا المفكر ذات مغزى كبير في ارض يشترط انها ارض المتناقضات او الاضداد، الا انها تجمع بين اطراف متعددة غنية متألفة بكل جوانبها الخصبة، بين ابعاد وافاق واسعة تؤكد التجانس، وتؤكد في الوقت نفسه من خلال مسيرتها تلك الموهبة بسر بقائها وديمومتها وحيويتها على مر العصور، وهو ما يمنحها كذلك سمة التفرد.
يؤكد نعيم بدوي على اطروحة" النهر الكامل" فحياة كل الطوائف هي النهر، ولا وجود لاي طائفة بدونه، وزمن كل واحدة يرتبط بزمن وعوامل داخلية، تتميز بين الشد والجذب لتخرج شخصية العراقي الذي تحول الى عامل جغرافي موجب على مدى قرون طويلة، يغير ويشكل ويعيد تركيب ارضه الطبيعية باستمرار، ويمزج الطبيعي والبشري، الجغرافي والانساني، في هذا النهر الكبير الذي نطلق عليه وادي الرافدين.
التجانس بعد التكاثف تلك هي الكلمة –المفتاح والنغمة الاساسية داخل هذه البلورة المركزة والمضغوطة في وصف العراق التي كان يرددها هذا المفكر، وهي في كل هذا تبدو طبيعيا وبشريا، من التضاريس والمناخ حتى العرق والعقيدة والقرية والمدينة، جسما متجانسا الى ابعد حد ممكن، لا تتطور نحو التباين التدريجي الا على الاطراف التي تشكلها وثقافة هذه الاطراف المتنوعة، وعدم تغليب ثقافة على اخرى واو قسر ثقافة لاخرى، حيث تبزغ او تبرز الملامح المحلية الوطنية بكل نضجها الحضاري، اما الابتعادات الخاصة المفرقة فهي لاتتسع لتخلق التناقض والتصادم ،الا من خلال الاستبداد والطغيان، فلا شك ان الديكتاتورية هي النقطة السوداء والمشوهة في شخصية العراق، وهي منبت كل السلبيات والشوائب المتوغلة في الشخصية العراقية، لا على مستوى المجتمع فحسب، ولكن الفرد ايضا، لا في الداخل فقط ولكن في الخارج كذلك. والشيء المؤكد الذي يصر عليه نعيم بدوي بان العراق لا يتغير جذريا، ولن تتطور حضارته لتستعيد مجدها وتتحول الى دولة عصرية حقا يسكنها شعبا متعدد الثقافات الا حين تدفن ظاهرة احتقار وانكار الاخر الشريك، لان مجتمع الاكفاء الانداد والافذاذ، هي التي تقرب الجميع الى وحدة النهر، لتتحول جغرافية التنوع الى ملحمة حضارية، ثمرة تزاوج الثقافات المتعددة، فهي محكومة بمثل هذا التنوع، وسوف تخسر نفسها ومصيرها ورصيدها الحضاري الكبير، ام هي تناست هذا المبدأ لترتفع الى مستوى التحدي والمسؤولية
انها شهادة مفكر شجاع في زمن التردي والتخلي وحكم صغار العقول، قدمها هذا الرجل وهو يعي تماما الوعي، ان الحاكم بالنظرية او بالتطبيق بالوراثة او الممارسة، بالانقلاب وبالدم يتوهم بان العراق دائما ملكا له، ضيعته او قريته الكبرى، هو الدولة وهو الوطن، والولاء للوطن هو الولاء للنظام، وكل نقد موجه لنظامه موجه له شخصيا، وبالتالي فهو خيانة وطنية.
عسى ان يجد كل عراقي نفسه في هذه الطروحات

ولد الراحل نعيم بدوي في قرية المجر الكبير في مدينة العمارة عام 1911
اكمل المرحلة الابتدائية في مدينة العمارة
درس في دار المعلمين الابتدائية في بغداد وتخرج منها عام 1931
مارس مهنة التعليم الابتدائي لمدة ست سنوات في القرى والارياف في قلعة صالح والمجر الكبير
دخل دار المعلمين العالية وتخرج منها عام 1941 وبقي في التدريس الثانوي لمدة سنتين
انتقل بعد ذلك الى التفتيش الابتدائي قرابة ستة اعوام
احيل الى التقاعد بسبب نشاطاته السياسية
يعتبر من مؤسسي الحركة اليسارية في العراق
عمل في التدريس الخصوصي حتى عام 1958
بعد ثورة 14 تموز اصبح مديرا عاما للتجارة في وزارة الاقتصاد
عمل بالتعليم المهني ثم عمل في المفتشية العامة متخصصا باللغة العربية
احيل الى التقاعد بعد انقلاب 1963
رأس اول تشكيلة ادارية لنادي التعارف لابناء الطائفة المندائية
ترجم جنبا الى جنب صديقه وزميل عمره الراحل غضبان رومي كتاب الصابئة المندائيون
قام بالقاء عدد كبير من المحاضرات عن المندائية
كتب العديد من الدراسات والمقالات في الصحف والمجلات العربية
ظل يؤكد على اهمية تعليم اللغة المندائية للاجيال الجديدة كاساس لحفظ المندائية وتماسكها الديني والثقافي
ترجم العديد من اعمال الكاتب الروسي انطون تشيخوف الى العربية
اعتبر من ابرز المربين اللغوين العراقيين في مجالات اللغة العربية
وهو احد اعضاء مجمع اللغة العربية
قضى فترات طويلة من حياته في السجون، نقرة السلمان/ سجن الحلة/ السجن المركزي

 

كلمة عن نعيم بدوي القاها الاستاذ جاسم المطير بمناسبة وفاته

لا أظن أن بإمكان أي واحد منا غير أن ينتابه الصمتَ وهو يتذكر نعيم بدوي. تلوح الآن بقعة نور تضيء أمامي بعض جوانبَ حياةِ أنسان لم تتعب قدماه ذاتَ التسعين عاماً من مواصلةِ السيرِ في ذات الطريق النير .. لم يذهب بصره إلاّ نحو النور ..ولم تسكنه حالة يأسٍ .

بهذه الصورة قابلته أولاً عام 1964 مثلما قابلته آخر مرة في عام 1996 وأنا مصمم على مغادرة الوطن .لا أستطيع ولا غيري يستطيع أن يلخص تسعين عاماً من سيرة رجل حمل في صدره سر الوطنية الحقة .تجاوز كل مداهمات الظروف القاسية ومدلهماتها منذ أول أنتمائه للحزب الشيوعي في بداية الأربعينات ومذ أصبحت تشع في عينيه أنوار الحرية في خضرة منهمرة على نهر دجلة في مدينة صغيرة ، مجرها كبير ، لا تتجدد فيها الحياة كما في مدن العالم الأخرى .داخل المدينة الصغيرة تحركت أفكار بضعة معلمين وهم يحاولون تنوير عقول سكانها نعيم بدوي كان أحدهم . لنقل كان طليعتهم ..

بادئاً منذ منتصف الثلاثينات يصارع ظلمة الجهل الدفينة بين شطري تلك الأرض مكتشفاً بؤس سكان أهوارها الذي يعانون ظلم توأمين : الفقر والمرض عليه أن يضرب سراً هو ومجموعته ، كل ما يعيق تقدم الأفكار الوطنية بين صفوف الناس المساكين ، لكنه يريد الخروج من عالم النضال السري الى المجادلة العلنية مع الحياة والناس فنقل الى مدرسة قلعة صالح .كان مديرها غضبان رومي فصار بنور نعيم بدوي عنصراً تنويرياً في المدرسة وفي المدينة كلها .آمنا معاً بأن كل شيء في الحياة دائب التحول . آمنا أن لا شيء يهبط من السماء غير النجوم ولا يقضي على ظلام الحياة غير نور البشر .
لستُ أدري كيف ومتى نمت روح جديدة في قلعة صالح متحولة الى قلعة للوطنية الصلبة مخترقة الطريق الصعب نحو شعبها .لستُ أدري كيف ومتى أستطاع نعيم بدوي أن يُنبت بذور أفكاره في عديد من القرى وفي عقول عديد من الناس فيها ، لكنني أعرف أنه أقتحم عقل مدير الناحية قاسم أحمد العباس فحوله الى عقل شيوعي .
لا اعرف كيف ومتى صافح بكفيه كفيّ رجل العلم العظيم عبد الجبار عبد الله لكنني أعرف أن تأثير الصغير على الكبير كان فاعلاً. لا أعرف كيف ومتى أقتحم عالم الأدب لكنني أعرف جيداً أنه بدأ كتابة الشعر في أول شبابه .
لا أعرف كيف ومتى وأين تعلم اللغة الإنكليزية فأتقنها لكنني أعرف أنه صار مترجماً قديراً ، منها وإليها ، ساعدته على التقدم خطوة خطوة نحو عالم الثقافة الكبير ينهل منه كل ما هو مثمر لمسيرته في حياة الكفاح المضني من أجل قضية شعبه في الحرية .
لا أعرف كيف ومتى ولماذا أدخل الى سجن نقرة السلمان لكنني عرفتُ أن الصلابة معدنه وأن الإصرار إرادته ، وأن الإبداع كماله ، وأن الربيع غبطته ، وأن عشق الوطن شأنه ، وأن الجنوب قيثارته ، وأن الشمال فضته . لا أدري متى وكيف وأين التقينا في منتصف السبعينات لكنني أعرف أننا غدونا صديقين فراقنا قليل ولقاؤنا كثير .
لا أدري كيف ترجم كتابه مع رفيق عمره غضبان الرومي عن ديانة الصابئة لكنني عرفت أنه ضليع في تواريخ الأديان كلها
لا أدري بأي حبر كتب سطور إهداء كتابه أليّ ، لكنني أحفظ كلماته عن ظهر قلبي المليء بعنفوانها وهي تقول : يا صديقي .. ثمة نور وافر في الحياة يجب ان نظل باحثين عنه إن في السماء أو بين صخور الأرض.. رغيفنا نور ، وبستان وطننا نور.. وتراث شعبنا نور ..حريتنا نور ..
**
هذا هو صديقي لأربعة عقود نعيم بدوي..
يا للمنفى البغيض يمنعنا من السير خلف جنازته مودعين. عانقته ضراوة الموت ونحن اصدقاؤه في المنفى ..
لا نطوي ورقات ذكرانا معه في هذا الاحتفال ، بل نفتحها ورقة ورقة من قلب المتحدثين وسط عالم الموت الصامت كي يظل لمعان البرق في رحاب نعيم بدوي الىالأبد ..
***
جاسم المطير
  

في رحيل الخال العزيز والمربي الكبير نعيم بدوي

لم نرثيك بالدمع أيها الرجل الكبير...
بل بالحزن العميق بعد ان أخذك الموت عنا في رحيل نحو المطاف الأخير
فقد علمتنا بان لا نلطم على الصدور.. لا نبكي موتانا
بل سنرثيك بالكلمات كما كتبت لي يوما ما
كنت أراك من بعيد وكان الوجع في روحك والدمع في قلبك وأنت تعترض مكابرا على ضربهن لصدورهن باللطم في مأتم والدتك الحنون الذي شهدته دارنا الطيبة هناك في البعيد ببغداد الحبيبة.
......
الكلمات تخشع أمام لغتك التي أشعلت في قلوبنا منذ ان كنا صغارا أبجدياتنا الثقافية الأولى، فعشقنا مفرداتك لنتعرف من خلالها على مواقع أنفاسنا في جنبات كل الأمكنة والأزمنة التي مررنا بها.
.....
في تلك الأيام التي غادرتنا فيه الطفولة، أغوتنا أحاديثك وكتاباتك فتبعناها الى عالم الأسرار للبحث عن الحرية كما أوصيتنا.. في الدهاليز والسجون والبيوت التي كان يلفها الشجن والأسى
.....
كنت تحفر في التاريخ والجغرافيا لحضورنا ليحتفظ كل لنفسه نافذة مفتوحة
بكلماتك ووصاياك ودأبك المتواصل لتخرجنا من أتون التخلف والأوهام وما ابتلت به الأعمار، وما تعلق بالنيات كي لا نقع في متاهات التعصب والضلال.
....
فكنت رمزا وسحرا مارس تأثيره على أجيال متعاقبة.. فوقفت جميع عربات حياتنا، فتية وكبارا، رجالا ونساءا في محطتك للتزود بوقود معارفك الواسعة، الا انك غادرتنا بعد ان بقيت مفترشا مساحة هائلة من وجدان وعينا
...
ونذكرك ايها الرجل الكبير الذي نود جميعا الاقتداء بجوهره الطاهر وأنت حاملا مفاتيح النضال من اجل حرية وكرامة الإنسان بكل معانيها السياسية والاجتماعية، فقد كنت نهرا عذبا ارتوت منه أجيال.
....
لن نخونك بالنسيان فذاكرة قلوبنا تختزن بمحبتك.. وذكرى أقوالك عن الناس، حروبها وافعالها وبغضائها وأمجادها ومعاركها.. لازالت منذ زمن بعيد معلقة في قلب كل من احبك
....
رافقتنا ونحن نؤسس لنهضاتنا الفكرية والمعرفية فقد أغويتنا وتبعناك الى عالم الأسرار للبحث عن حريتنا وكان هذا درسك الأول لنا
....
هكذا تصطفي الأشياء يا أبا المعرفة وتذهب أنت بعيدا عنا... أيها النقي الهادئ الصادق الوقور لتمضي جسدا ، وتبقى ذكرى بسعة الوطن البعيد
....
وكنت مع الذين رحلوا عنا من المبدعين الكبار من أبناء بلدي،
كنت حيا وستظل حيا بعد الرحيل، وما غيابك الا استراحة بين موتين افتراضيين بينهما تكمن الحياة
....
هكذا تمضي من أمامنا ونحن في مدن الاغتراب حيث تتواصل أحلامنا في عناد بعدم نسيان تلك المسافات التي سعيت أليها، وذلك الزمن الذي أسسته لنا جميعا الذي لا زال يمتد من القلب الى حدود القلب
.....
أينما كنا ، وبكل الأعمار والأسماء والانتماءات... نفترش أحلامك الكبيرة بانتظار صباحات جديدة لنتذكرك كواحد ممن حمل مفاتيح الحرية بكل معانيها والتي أخرجت العديد منا من مستنقعات الانغلاق وعشق الذات والظنون
.....

علمتنا منذ ان كنا صغارا بان زياراتك الصباحية التي تخلدت في القلب في أيام الأعياد، لم تكشف لنا ونحن كبار عن هذا السر العجيب الذي لا يزال يضج في شرايين القلب
سر الخيط الذي لا نزال نتمسك به ببعضنا، ونرنو الى آخره فاذا على امتداده يشد صحبتنا وقرابتنا، ويخضّر أعمارنا التي تيبّست قبل الأوان
.....
وجاء الموت ليخطف محطة المعرفة.. ليخطف الشجرة التي تظللنا بفيها.. ليخطف من نحب بدون استئذان ... يمر من أمام أنظارنا بدون كلام ولا سلام فالموت يمضي كعادته مثل البرق.. انه زائر يمضي لكنه سيعود
....
ستظل عوالمنا بعدك موبوء بالنسيان والحروب ونكبات الأمهات، الا أننا سنعلم أولادنا من تلك المعارف التي علمتنا إياها، بأنها نور في عتمة هذا الزمن الرديء
سوف نفرش من تلك الأحلام التي ناضلت وسجنت زمنا من اجلها أشجارا كبيرة ليتفيأ أولادنا بظلالها.

الدخول للتعليق