• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الخميس, 18 نيسان/أبريل 2013

الدكتور سلمان سيف اول طبيب بيطري مندائي

  سوسن سيف
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ولد الدكتور سلمان سيف في قلعة صالح وكان من بين ستة اخوة وابنتين أخوته الذكور, الدكتور فرحان سيف واستاذ الفيزياء المعروف نعيم سيف خريج الجامعة الامريكية في بيروت والباقين ناصر سيف وعبد الجبار سيف وثامر عملوا في عالم الصياغة .. وزوج اخته الصغرى الاستاذ الكبير الراحل غضبان الرومي أمتازت عائلة ابي ان جل اولادها أتخذوا مهنة الطب مثل أبي والدكتور فرحان سيف أختص بطب العيون والدكتور عبدالجبار سيف ابن اخت ابي والدكتورتين سهام الرومي وليلى الرومي والدكتورصهيب الرومي والدكتور نصير سيف وآخرين والدكتور ساطع ابنه الكبير والدكتورة همسة كريم وبعضهم مهندسين مثل ابنه لامع والمهندس قادر عبد الجبار سيف والمهندس نصر والمهندسة سلوى الرومي والدكتورة خولة الرومي موفق الرومي والمهندس أكرم الرومي والمهدنس نزار نعيم سيف وآخرين وكان اصغر أخوته استاذ الفيزياء الكبير نعيم سيف الذي تخرج من الجامعة الامريكية في بيروت وكان عالما في الفيزياء وله مؤلفات في الفيزياء
كان ابي يملك شخصية متميزة بين القوة احيانا وبين الرقة أحيانا أخرى ولعل شخصيته القوية جاءت بتأثير الجيش عليه فحين يدخل الى البيت يسيطر علينا الصمت والسكون حيث ننتظره للغداء فنجلس جميعنا علىالمائدة ويأخذ بطرح النصائح والحكم وحتى كان أحيانا يكتب على قطع من الكارتون ما يريد ان يوصله لنا ويلصقها على الجدران اذكر مرة كتب عبارة فكر واعمل وعندما نام ساعة القيلولة ذهبنا واكملنا العبارة لا تفكر ولا تعمل وفي المساء تلقينا علقة رائعة بالعصا التي يضعها الى جانبه وكانت عصا جميلة تنتهي برأس من الفضة كان يحملها حين يذهب الى العمل وكان هذا شئ معروف ويتميز به رجال الجيش آن ذاك وكنا نهاب تلك العصا التي كانت ترافقه كثيرا
كان ابي صالحا ويهتم بأمورنا كثيرا حين كنت صغيرة لم اكن اجيد رسم الاشياء الصعبة فقد طلبت مني المعلمة ان ارسم للصف صورة حدائق بابل المعلقة وطلبت من ابي ان يساعدني جلس معي واخذ يرسم في تلك الصورة ساعات طويلة وحتى منتصف الليل وبقيت الى جانبه نائمة وهو يرسم بقلم الرصاص والالوان الخشبية وكانت النتيجة صورة اعجبت المعلمة كثيرا وعلقتها في الصف هل كان ابي فنانا ام لا ؟ حيرني هذا السؤال بعد ما رأيناه يرسم فقد اجاد الرسم تماما
كان يجبرنا على كل شئ وكان هذا التصرف يزعجنا كثيرا فرض علي القراءة وانا من العمر خمسة سنين كان يلصق صور الاشياء على قطع كارتون ويكتب الحرف الذي يبتدأ به اسم ذلك الشئ وكنت اخاف ان اقرأ امامه كنت اخشى ان أخطأ ولكن يعود الفضل له في تعلم الكتابة والقراءة قبل دخولي المدرسة واخذت اقرامجلات السندباد المصري لأطفال وكانت سعادتي كبيرة وانا اذهب معه لنشتري مجلة السندباد وانا في الصف الاول بعد وهو الذي جعلنا نعشق الكتب والكتابة والقراءة
وكان يفكك الالعاب التي يحظرها لنا ويطلب منا اعادة تشكيلها ابي كانت له امور تربوية ,كان يريد ان يعلمنا الصبر والمثابرة ولربما الف كتبا في هذا المجال لوكانت لديه الفرصة .
كان يصطحبنا في طفولتنا الى السينما كثيرا في مدينة كركوك والسينمات في الصيف في باحة مفتوحة وفوقنا السماء والنجوم ونحن نشاهد الفلم كان هو شغوفا بأفلام التاريخ وافلام الكوميديا والدراما القويه والتي كان يصعب علينا فهمها ,لا زلت اذكر كيف اصطحبنا لفلم المأخوذ لكريكوري بيك وفبلم سوزان هيوارد سأبكي غدا وفلم عن نابليون وبطلته جريتا جاربو وكنا لا نفهم تلك الافلام لكنها بقيت في ذاكرتنا حتى هذه الايام
لكنه كان قاسيا معنا ونحن صغار لكني اليوم ارى الامر مختلفا بعد ما اصبح لي اولاد يومها فهمت سر قسوته
اول مرة ابي يشتري لنا سيارة في عام 1958 وكانت ماركة فورد قديمة ويوم تعلم السياقة دخل بنا في بستان نخيل في البصرة وعلى صراخنا وهو يرتطم بأشجار النخيل وهو يتجه الى الامام ويتجه الى الخلف حتى حول السيارة الى خردة واظطر لبيعها , في اليوم الثاني اذ قاد السيارة من غير ان يعلمه احد بعد ذلك واشترى اخرى بعد اشهر وبدأ يقودها بأتقان لكنه لم يسق طوال عمره اكثر من سرعة درجة الاربعين وكان هذا مثار جدلنا معه وعراكنا في كل مرة ولم نفلح
ابي احب السفر كثيرا عمل رحلة في عام 1953 حول العالم اخذت منه عدة أشهرسافر على متن باخرة سانت ماريا وذهب فيها الى ايطاليا واليونان وجزر كثيرة اخرى ومدن كثيرة لا اذكرها اذ كنت صغيرة جدا سافر كثيرا في فترة السبعينات فذهب الى مدن الاتحاد السوفيتي وبقى يدور بها اشهرا وذهب الى دول الخليج عدة مرات والى الكويت كثيرا حيث كان يذهب لولديه ساطع ولامع خيث عاشا سنوات هناك
احب مساعدة الناس وخصوصا المحتاجين منهم رغم انه لم يكن ثريا وكان حين يذهب لفواتح الناس يضع مبلغا من المال في مظروف من دون ان يكتب اسمه كان يقول ان هذا ليس دين ابدا وكان من اصدقائه المميزين الراحل ابو عاصف والمهندس خلف منصور وصديقه في الجيش سالم هامل والشخصية المعروفه عزيز شريف وكان يحب كثيرا الراحل قريبه نعيم درع الشخصية التي لا تنسى والخال ابو جرير او زكي البادي اخا زوجته و الذي كان شخصية فذة ايضا
احب احفاده كثيرا وكان يخرج في حر بغداد اللاهب ليشتري دمية لأبنتي أكبرمن حجمها ويتمشى معهم مسافات طويلة وكان يشتري الفواكة اول ما تنزل للأسواق بأغلى أسعارها ويوزعها لأولادي قبل ان يتذوقها
كان يريد تطوير عمله وتطوير العاملين معهم حين كان في الجيش فقد ساعد الذين كانوا يعملون معه ويساعدونه من
الجنود الذين عملوا معه وكان معظمهم أكراد من الشمال في تعليمهم العربية والانكليزية ومختلف العلوم فقد فتح صف لذلك
وكان يريد ان يرفع من معنويات اولائك الجنود وكان يعمل لهم المآدب في رمضان والمناسبات العامة ويغدق عليهم الهدايا.
كان يصطحبنا الى مقر عمله حيث كان طبيب للخيول هناك وقد علمنا ركوب الخيل طيلة تلك الايام وكنا نحب تلك الرياضة
وكنا نشاهد مباريات سباق الخيول النتي يقيمها فنذهب معه , حيث كان يشرف على تلك المباريات في كركوك عليها ويوزع على الفائزين الهدايا أذ كان شخصية مغروفة في ذلك المجال آن ذاك.
كان يذهب الى مقر عمله في مدينة كركوك على حصان ياتي به جندي كل صباح وبعد ذلك وضعوا له سيارة جيب عسكريه كانت تحت تصرفه وانابعد طفلة صغيرة أذكر جيدا كيف كانت أحتفالات الجيش وكنا نرى أبي وافقا في سيارة جيب عسكرية بنياشينه واوسمته والنجمات الذهبية تتوهج على كتفيه وطوق الورد على صدره وكان هذا ايام الملك فيصل الثاني في مدينة كركوك .

أبي عاش بداية طفولته في قلعة صالح بين عائلة متدينة جدا فقد كان اباه سيف المناحي رجل يتبع تقاليد الدين المندائي بشكل كبير وواسع واكمل دراسته الثانوية في مدينة العمارة وتقدم في بعثة دراسية الى مصر لدراسة الطب البيطري
في جامعة عين شمس بقى في مصر خمس سنوات كان يحكي لنا عن مصرالجميلة وذكرياتها وكان له البوم كبير لتلك الفترة من الزمن واختفى الالبوم بعد تركنا العراق اذ لم يهتم بحاجاتنا وأغراضنا وصور ابي الفوتغرافية احد ولم يبقى من تلك الذكريات شئ , ويتذكر الكثير كيف ذهب وكان يعاني من النحافة حين ذهب لمصر وبسبب الفول المدمس الذي عرفت به مصر الذي أحبه اكتسب وزنا من كثر ما اغرم به وقد حظر حفل تخرجه مع زملائه ان ذاك الملك فاروق وله صورة في الزي التقليدي المصري حين ارتدى الخريجون الطربوش المصري الذي كان في ذاك الزمان مثل الملك فاروق وقد رأيت تلك الصورفي الماضي , وكان اول طبيب بيطري لدى الصابئة المندائين وحين عاد التحق في الجيش العراقي كطبيب وتسلسل في الرتب العسكرية الى درجة عقيد في الجيش , واشتغل في عدة محافظات منها مدينة الديوانية المعروفة اليوم بالقادسية وعمل في شمال العراق في الموصل وكركوك انتشر مرض الجمرة الخبيثة بين الخيول واستطاع بجهودة الكبيرة بالقضاء عليه , ونال ما يستحق على ذلك المجهود .. عمل بدرجة معاون مدير البيطرة العام ورشح الى مدير البيطرة العام ان ذاك في عهد الملك فيصل ولكن لاسباب لا نعرفها لم يستلم المنصب الذي يستحقه كمدير عام للبيطرة فاستقال من عمله الدي كان يحبه جدا وكان متفانيا فيه ترك العمل الى الابد وهو يشعر بالاسى وهو ما زال في السابعة والاربعين وبدرجة عقيد في الجبش العراقي ترك عمله بمرارة ما زلت أذكرها
واستقر في البصرة سنوات بعد التقاعد وواشترى محلا تجاريا هناك ووضع فيه بضاعة مختلفة من الملابس لمختلف الاعمار وكنا نزوره في المحل من وقت لآخر ..
كانت له مكتبة كبيرة تضم الكثير من الكتب النادرة التي لم يبقى منها شئ .. أحب من الكتاب جرجي زيدان وحسننين هيكل والمنفلوطي وجبران خليل جبران والكثير من الشعراء مثل عمر ابن ابي ربيعة والمتنبي واحمد شوقي والرصافي والجواهري وابن زيدون وكانت لديه الكثير من كتب الفلسفة والطب القديم والحديث والكتب المترجمة
واغرم بالكتب المترجمة امثال كتب فكتور هوجو واسكندر دوماس الكبير وجوتة وقد كان لديه كل مجلدات الهلال والمختارالتي أغمرت بها انا وحفظتها على ظهر قلب
اغرم بالغناء القديم وخصوصا المقامات العراقية والتركية والغناء المصري وكانت لديه الكثير من الشكل المعروف للأسطوانات القديمة وجهاز قديم معها يمتاز بشكل البوق القديم المتميز وكانت لديه اسطوانات سلامة حجازي الذي أغرم به كثيراو للكبنجي وزكية جورج والمقامات التركية والفارسية واكثر من هام به من المغنين العرب كانت ام كلثوم وكانت عينيه تغرقان بالدموع وهو يستمع الى يا ظالمني ويلي كان يشكيك انيني والاول باالغرام والامل لأم كلثوم وكذلك أسمهان وكنت اسمع اعجابه حين يردد بصوت عال.. الله الله .. وهو يسمعها في باحة الدار .. وكان يحب محمد عبدالوهاب وخصوصا حين يغني للشاعر المصري الكبير امير الشعراء احمد شوقي تعلمت من ابي الكثير في القراءة وفي الاهتمام بتراث الغناء تعلمت من ابي ان استمع لأم كلثوم وانا بعد في العاشرة نجلس معا ونسمعها وهو يمتص كأسه ببطأ وانا اتكأ على كتفه كنت أهاب ابي وأخشاه لشخصيته القوية لكنني احبه واتقرب اليه دائما في أيام الصحو وكثيرا ما كنت اشاهده وهو اراه يقهقه بصوت عال بكل بساطة ويبكي لفلم درامي فلا أصدق.
أصطحبنا كثيرا الى أقصى شمال العراق اذ نبقى هناك اشهرا في تلك القرى النائية وهو يذهب للتمارين العسكرية وسافر بنا عدة مرات الى لبنان وسورية ولم انسى تلك المناظر الرائعة وانا اتمشى مع ابي ممسكة بيده في تلك الاماكن بأحضان الجبال

شارك في حرب فلسطين سنوات وفي حرب شمال العراق وتعرض لأخطار كبيرة تحت وابل من القنابل..
وكان رفيقه في الحرب وصديقه المميز الزعيم عبدالكريم قاسم وقد كان يزور الزعيم عبد الكريم قاسم ايام حكمه في مقر اقامته في وزارة الدفاع كما يزور اي صديق فقد ربطتهما صداقة حميمة وقد كانت لدينا صورة لهما جمعتهما في تلك الايام اختفت مع الكثير من الذكريات أيضا .
تزوج امي وكانت طالبة في معهد المعلمات يومها وانجب اربعة ابناء هم ولدين وابنتين ابنه الاكبر الدكتور ساطع وابنه الاصغر المهندس لامع وابنتيه سوسن و سمر وكانت بغداد مقره الاخير بعد البصرة وعاش بين اولاده واحفاده ولكن في سنواته الاخيرة افتقد ولديه كثيرا حين قررا العيش في الكويت سنواتولم يستطع رؤيتهما بسبب الحرب التي عملها الدكتاتور صدام حسين حين منع السفر لثمان سنوات وحرمه من رغبته الاخيرة ..................................وتوفى في مدينة بغداد في مستشفى اليرموك وكنا انا وامي معه في المستشفى عام 1983 يوم رحيله مع صراع طويل مع المرض فقدنا فيه صوته الذي كان يهز به اركان البيت .. توفى عن عجز الكلى الحاد عن عم يناهز احدى وسبعين عاما. ودفن في بغداد وكان يكره يوم الاحد من ايام الاسبوع ومات فيه كأنه يدري...

كتبت له هذه القصيدة بعد رحيله بسنين
والدي لم يغب
والدي
لم يعد
هذا المساء
وانتظرناه
طويلا للعشاء
ووقفنا
عند باب الحجرة الحالية
نسأل ألليل الطويل
هل سيأتـي؟
لا رجاء

ترك أشياءه الصغرى هنا
سجائره.. معطفه والحذاء
والجريدة
وزجاجات الدواء

وجهاز الهاتف
لم يخبرنا
آه كم عز النداء

أصبح الصمت صراخ
ونواح
وتسائلنا جميعا
هل سيأتي
قبل ان يأتي الصباح

سكب الليل
علينا دمعه.. مطرا
لم تكن في الافق غيمه
كل ذاك المطر
كان بكاء
كنا في الصيف
وما كان شتاء
ونباح الكلب
في ذاك الفناء
ونشيج الحزن
في ارض الشقاء
وبكيناه جميعا
لا رجاء

والدي
لولاه ما كنا نكون
صوته الريح
اذا جاء الينا
حرك كل السكون

وارى وجهه
في كل ركن
متعب الشكل
رقيق النظرات
عذب الصوت
شجي الكلمات
كيف نلقاه
بهذه العبرات ؟

قدح الماء
الذي لم يشربه
خيل لي باقيا
في الركن
منذ سنوات

لم يعد
لم يطرق الباب
ولم نلمح الوجه
الذي كان مليئا بالحياة
لا .. أصدق
لا أصدق أبدا.. انه مات

ووقفنا عند باب الحجرة الخالية
كل أشياه الصغرى ستبقى دكريات
لم يعد
انما الريح تهز اباب
في ذاك الخواء
فتصورنا جميعا
انه والدنا الان.. جاء

الدخول للتعليق