• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الأحد, 28 نيسان/أبريل 2013

مناضل من بلادي - مع مذكرات المناضل جبار عبود لفتة

  نعيم الزهيري
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

 لم ينس الشعب ابناءه مهما تراكم غبار النسيان ،ولم ينس الوطن ولا الحركة الثورية أولئك البناة الاوائل الذين سطروا اللبنات الاؤلى للبناء الشامخ الذي لم تتمكن معاول الشر من تهديمه ولا الايادي الخبيثة والمدعية من حجبه بستار أو تشويهه ...

لا نكشف سرا ً ؛ فهو ليس سر،بل نريد ان نرفع علما ً من أعلام حزبنا ،وما أكثرها،عَلماً ما لفه النسيان ،بل بقي شامخا بوجه الاعاصير ،ذلك هـو المرحوم جبار عبود لفته،ابو نضال ... 

فـي اواخر عام 1964 ،في سجن نقرة السلمان ،في القاعة رقم 7 ،عندما كنت في زيارة لصديقي وزميلي في اتحاد الطلبة في اواخر الخمسينات،المرحوم خلف جودة الذي توفي في الغربة ودفن في مقبرة شهداء الشعوب في برلين ،جلب انتباهي ذلك الرجل الاشقر البدين القصير القامة ذوالعينين الزرقاوين المدورتين والنظرات الحادة جدا، بضحكته المجلجلة في القاووش وصوته العالي في الحديث. لم أسأل عن تفاصيله إذ كلما اعرف عنه انه رجل مسن وشيوعي قديم. لم تتوطد بيننا علاقة آنذاك ،وافترقنا، وفي 2/ 4/ 1979، وفي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التقينا ثانية وكانت معه عائلته، وصارت لنا علاقة حميمة وأسماهـا العلاقة الرفاقية. وقد تزودتُ بالكثير من تجاربه وخبرته النضالية، ومن خبرة زوجته الكريمة (وعد) ام نضال التي استلمت بطاقة عضوية الحزب من الرفيق سلام عادل مباشرة عندما كانت في بيت حزبي .ومن الملفت للانتباه انه كان يعقد اجتماعا لعائلته في كل يوم جمعة ولمدة ساعتين وفق برنامج مرسوم يناقشون فيه: وضع العائلة والوضع السياسي ودراسة كراس ماركسي والنظام الداخلي للحزب، وما يصدر من ادبيات ... سيق ولده الاكبر نضال الى الخدمة العسكرية وهو معاون طبيب،ووقع في الاسر في ايران واطلق سراحه بعد عشر سنوات .اما ابنه الاصغرعائد فلبّى نداء الحزب والتحق بقوات انصار الحزب الشيوعي العراقي في كردستان .وفي احداث جمهورية اليمن اليمقراطية الشعبية المؤلمة والدامية غادر مع عائلته الى سوريا،وفيها توفي ودفن في مقبرة الغرباء مشيّعا من قبل العراقيين وحركات التحرر هناك ...ان ما دفعني لاعداد مذكراته هو انني قراتها عندما كنت في اليمن الديمقراطية ،وبعد ان دار علينا الزمن واخرجنا السلاح الكيمياوي من كردستان ،حيث كنت ضمن قوات انصار حزبنا الشيوعي، وعبر ايران وصلت سورية وعثرت على تلك المذكرات بمساعدة احد اقاربي . فاتصلت باخيه في السويد سامي ،ورد اسمه في المذكرات، وطلبت منه اعدادها ونشرها لاهميتها .وقد مضى على طلبي ثلاث سنوات ولم يتحرك ساكنٌ ؛ووفاء ً لذلك المناضل المقدام واسهاما مني في تغطية شيء من التاريخ السياسي لحزبنا والحركة الثورة في عراقنا الحبيب ،بذلت هذا الجهد المتواضع في اعداد هذه المذكرات ،عسى اكون قد وفيّتُ بعض الشيء.علما بانني لم اضف شيئا او اتلاعب بجوهر الاحداث صيانة للامانة واحتراما للكلمة التي دونها فقيدنا بقلمه،ولا زلت احتفظ بنسخة من المذكرات .... 

 

تقول هويته الشخصية : 

ـ الاسم الكامل جبار عبود لفته ـ ابو نضال ـ 

ـ تاريخ الولادة 1921 / العمارة 

ـ المنشأ مدينة الصويرة 

ـ الانحدار الطبقي حرفي ( والده صائغ ) 

ـ المهنة معلم، خريج دار المعلمين الريفية 

ـ تاريخ عضوية الحزب 1947 / بغداد 

ويكتب ابو نضال عن حياته السياسية والمهنية ويقـول : 

منــذ حركة رشيد عالي الكيلاني دخلنا معترك الحياة السياسية والعمل الوطني ،حيث المظاهرات العفوية في قضاء الصويرة ضد الانكليز .وجراء مشاركتي فيها اُلقي القبض عليّ وتم حجزي لمدة اربع ساعات ...دخلت دار المعلمين الريفية في الرستمية في بغداد في 1941 ،وانتقل اهلي الى بغداد ..وفي عام 1944 كانت تجتمع في بيتنا خلية من عسكريي القوة الجوية مكونة من اربعة عناصر بضمنهم اخي الاكبر خضير عبود وشخص اخر اسمه كاظم حمدان ، وقد شرح لي كاظم اهدافهم وعملهم وعن الاتحاد السوفييتي وعظمته وعن اهداف الحركة الشيوعية .فاقتنعت بما قاله لي ،وقدموا لي قصة الام لمكسيم غوركي .ومنذ ذلك التاريخ انغمرت معهم في العمل بنشاط وهمّــــــة،

بعدها قابلت داود الصائغ وصار اتصالي معه هو واكرم حسين وسلمانــــــي المطبعة 

فوضعتها في بيتي وهو كوخ في العواضية في بغداد، ومن تلك المطبعة خرج اول عدد من جريدة العمل... وفي مجرى العمل تعرفت على عبد الامير عباس، وكاظم حمدون، وخلف، وسليم الفخري، وحسين الدوري، وغضبان السعد، وحسين الوردي، وفاروق برتو وجليل صخيل، وعبد الحسين[عامل سكك] وصادق الفلاحي والكثير غيرهم... وخاصة عندما فتحت مكتبة الرابطة في شارع غازي [ شارع الكفاح حاليا ] 

ولم ينفك عملي عن جماعة المطبعة التي كانت باشراف اكرم حسين ، هذا بالاضافة الى نشاطي الحزبي في دار المعلمين الريفية. حيث كسبت العديد من الطلبة والمدرسين،كما كان بيتي ماوى لطلبة كلية بغداد في اضرابهم، ونشطت في جمع التبرعات لهم .وكنت ايضا من النشطين في مقارعة بيروقراطية ادارة دار المعلمين انذاك.وعندما توضح لي باننا نعمل في كتلة منشقة عن الحزب ،رحت ابحث عن الحقيقة اذ كان داوود الصائغ يتكلم دائما ًعن الرفيق فهد واصفا اياه بالبيروقراطي والمستبد ...كان استمراري في البحث عن الحقيقة لا يخلو من البساطة والسذاجة احيانا، واخيرا استدعيت الاخ عزيز سباهي وهو احد اقاربي واوضحت له ما يمليه عليّ داود الصائغ ،وكان النقاش بيننا يدور حول :هل يوجد حزب شيوعي في العراق ام لا ؟ ولم نتفق بادء الامر ولكن ،ومع استمراري بالعمل اكتشفت ان داود الصائغ كان يضم كل فرد يطرد من الحزب ،ومثال ذلك هو فاضل فعل الذي طرده الرفيق فهد بعد اتهامه بالتجسس لصالح الامن ،ففي احد الايام كنت جالسا امام مكتبة الرابطة واذا بجليل صخيل يستصحب معه فاضل فعل ويقدمه لداود الصائغ ،وما كان من داود الاّ قبول فاضل عضوا في الرابطة وادخاله لجنة العمال !؟ وبهذا اخذ فاضل يتحرك مع العناصر التي تعمل في مطبعة الرابطة ،وفي تلك الفترة انكشف البيت الذي يحوي المطبعة في الكرادة الشرقية واحترازا تقرر نقلها الى مكان آخر ولما لم يكن قد تهيأ بيت لها كلف داود الصائغ اكرم حسين لنقل حروف المطبعة الى بيت عبد الامير عباس لحين توفير بيت اخر ،وكان هذا التوجيه امام فاضل فعل ..نقل اكرم حسين حروف المطبعة الى بيت عبد الامير عباس . وبنفس الليلة ألقي القبض على اكرم حسين وعذب وكسر سنّه فلم يصمد فاعترف على انه نقل حروف المطبعة الى بيت عبد الامير عباس .وبعدها القي القبض على داود الصائغ وغضبان السعد وخضير عبود لفته( اخي) وآخرين .وبنفس الوقت وفي ليلة واحدة ألقي القبض على الرفيق فهد ورفاقه {{ حدثت تلك الاعترافات والاعتقالات في أيام اصدار مكتبة الرابطة كتاب الدولة والثورة للينين ترجمة سليم الفخري ،وبنفس الوقت أُصدر كتاب حياة ديمتروف من مكتبة دار الحكمة العائدة للحزب الشيوعي}}

كانت الحملة شديدة جدا ًسواءً بالاعتقالات او بمصادرة الكتب من المطابع.. وبعد صدور الاحكام على الرفيق فهد ورفاقه ،تم الاتفاق على حلّ الرابطة والانضمام الى صفوف الحزب .ذهبت الى الرفيق عزيز سباهي فاعطاني اشارة اتصال واتصلت باحد الرفاق وكان حلاقا في شارع الشيخ معروف ،واستمر الاتصال لغاية تخرجي من دار المعلمين وتعييني معلما في قرية الحفرية .

 

فــي قريــــة الحفريـــــة

 

استمر اتصالي بالرفيق الحلاق وبعدها بالرفيق صبري سباهي ،حتى سنة 1950 حيث كنت استلم الادبيات والمنشورات عن طريقه لان عملي كان ضيّق جدا لان المدرسة التي اسكنها بعيدة عن القرى الاخرى وقريبة جدا عن بيت الشيخ حامد السيد وخدمه ووكلائه ، وان سيطرته على الفلاحين كانت شديدة جدا ،تصل حد كتم الانفاس، ..... درست مع نفسي ظروف المنطقة وامكانية العمل بين صفوف الفلاحين ،منطلقا من الاحتكاك المباشر بهم وتلبية بعض احتياجاتهم اليومية ،فكنت احلق شعر تلاميذ المدرسة كما وفرت عدّة لتصليح الفؤوس والمناجل ،وكنت احصل على الادوية والضمادات من مستوصف الصويرة ،وظفتها لخدمة الفلاحين .ثم اشتريت راديو اسمع به مع الفلاحين الاخبار والتعليقات وبالاخص برامج اذاعة موسكو كما عملت حفلتين ومهرجانا رياضيا للفلاحين ثم مزرعة لتوفير الخضار ووظفت وارداتها لمساعدة التلاميذ الفقراء .وبهذا دخلت قلوب الفلاحين ،وأدى عملي الى كسب ثلاثة من الفلاحين وكونت منهم خلية حزبية ويرتبط بتلك عدد من الاصدقاء ... 

 

فـــي قريـــة الحريــــــــــة

 

في مطلع العام الدراسي الجديد نقلت اداريا الى قرية الحفرية وهي قرية تابعة الى قضاء الصويرة وتبعد عنها 21 كيلو متر ،صاحب تلك القرية عبد الله المجيد وهوشخص متعلم يدعي الديمقراطيةالبرجوازية ،ويشاع انه من جماعة النقطة الرابعة .وفي العهد الجمهوري شارك في المؤامرات ضد النظام الجمهوري ...في هذه القرية كنت مستمرا على نفس النهج ،نهج الاختلاط بالفلاحين وكان اغلبهم من الفلاحين المتوسطين الذين يملكون قطع ارض صغيرة على امتداد نهر الكَص .أنشات مزرعة قطن تصرف وارداتها للتلاميذ الفقراء ، وشراء عربة تجرها الخيول لجلب التلاميذ من الاماكن البعيدة ، ثم فتحت صفا لمحو الامية مجانا ً،ضم فلاحين فقراء وسراق .وعندما شعر الملاك عبد الله المجيد بالتفاف الفلاحين حولي ،راى في ذلك خطورة على مكانته بينهم فاتصل بمديرية المعارف بغية نقلي من المدرسة ،وبالفعل تم ذلك فنقلوني الى قرية بدعــة، بعد اربعة اشهر ... 

 

فـــي مدرســــــة قريـــــــــة بدعـــــــة

 

بدعة قرية تبعد عن الصويرة 10 كيلومتر،شيوخها ثانويون ،يسمون شيوخ الفحل وكلهم من عشيرة زبيــــد .تمكنت في تلك القرية من كسب بعض الشباب المتنورين وبشكل خاص من اولاد الشيوخ فصاروا اصدقاء للحزب ...كان مركز عملي في قضاء الصويرة التي ترعرعت فيها واكملت دراستي الابتدائية . عملت لجذب شباب المدينة من مختلف الفئات الكادحة ومن المثقفين والطلبة والمعلمين بحيث صارت لي قاعدة جماهيرية وبذلك كونت منظمة واسعة تضم لجنة المدينة وترتبط بها عدة خلايا من الكسبة والكادحين وحلقة للاصدقاء بالاضافة الى الاصدقاء الفرديين ،وكذلك كان لنا عمل مع النساء لرابطة الدفاع عن حقوق المرأة ... كانت لجنة المدينة تتكون مني ومن رسول واسماعيل حمه الخياط واخيه خليل حمه الخياط ،وكانت سمعة الحزب كبيرة جدا ولها وزنها في المدينة .لقد ساعد على ذلك التحرك الظروف السياسية المؤاتية انذاك ،حيث كان جو الانتخابات حماسيا وبالاخص المنافسة بين الشيخ حامد العجيل مرشح الحزب الوطني الديمقراطي وبين مزهر السمرمد المرشح عن حزب الدستور ( حزب نوري سعيد ) .وفي ذلك الجو المشحون بالحماس والتسابق ،قتل الشيخ حامد من قبل جماعة نوري السعيد .وقد لعبت منظمتنا دورا ً بارزا ًفي فضح مزهر وحكومة نوري السعيد وبالرغم من اعلان الاحكام العرفية ،والهجمة على الحزب وايقاع ضربة به في بغداد ،توسعت منظمتنا اكثر فاكثر ،وفي تلك الاثناء اصدر امر اداري بنقلي الى الزبيدية .... 

 

 فــي ناحيـــة الزبيديـــــــــــــــة 

الزبيدية ناحية صغيرة معزولة ومهملة تابعة الى قضاء الصويرة وفيها ملكيات صغيرة للفلاحين .بقيت في الزبيدية اريع سنوات وقد بدأت عملي في التركيز على كسب إمام الجامع "الحاج عكَار"وهو من اهالي الناحية فصار صديق للحزب ومن ثم انضم الى منظمة انصار السلام .ومن اهالي الناحية ايضا معلم اسمه جاسم بالك،كان سابقا صديقا

للحزب فصار خير معين لي في عملي ،رغم انه كثير التشكك. تمكنا من تشكيل هيئةاسميناها مجازا[لجنة المدينة]، اخذت على عاتقها العمل الحزبي، فوضعت برنامجا طموحا للعمل بين الفلاحين القريبين وبين ابناء المدينة كذلك.كانت الهيئة تجتمع مرة في الاسبوع، تنشر سياسة الحزب وتقوم بالتثقيف بشعاراته،وكانت الادبيات ترسل لنا من بغداد والمراسلة هي زوجتي ام نضال والى جانبها فاطمة زوجة عبيد محسن واخته زيدة [وقد ارغمنا زيدة على الزواج من عامل السكك عبد الله رغم عدم اقتناعها] ومن زيدة وفاطمة وام نضال شكلنا لجنة لرابطة الدفاع عن حقوق المراة. ومن الطرائف التي تذكر، كانت تاتي الينا بين الحين والاخر سينما بريطانية متحركة، تستخدم للدعاية الى بريطانية، فهاجمتها المنظمة النسائية وخربت شاشة السينما!! وتسهيلا لعملي اشتريت دراجة نارية استخدمتها في الذهاب الى الكوت والنعمانية والصويرة، وعندما توسع العمل تمّ ضم خليل حمه الى لجنة مدينة الصويرة، وعند غيابي كان يدير العمل رسول عبد الرضا[وهوبقال].

وبالرغم من اهمية اجتماعاتنا وانتظامها وبرامجها ومراجعة تلك البرامج ونقدها بشكل

مستمر لم نكن نكتب محاضرا لتلك الاجتماعات، علما ان الحزب كان يعرف عن نشاطنا بشكل جيد... وفي عام1951 صار اتصالنا بالكوت وكان مسؤول الكوت انذاك الرفيق جليل ابراهيم الاطرش [كان ناصر عبود عضو ل.م قد تزوج اخت الرفيق جليل واسمها عطية، تعمل مراسلة للحزب كوت ـ بغداد.] ولكن الرفيق ناصر طلقها بعد فترة مما اثرعلى جليل فارتد وانتقل الى بغداد واشتغل في معمل للمياه الغازية...في ذلك الوقت تكونت لي علاقات جيدة مع اشخاص معينين في مدينة الحي كان ابرزهم الرفيق هاشم جلاب مسؤول المدينة ... 

كان نشاطنا مميزا ًانذاك اعتبارا من توزيع البيانات والكتابة على الجدران والسماع الى اذاعة موسكو في المقاهي وتحدي وكلاء الملاكين،ومن ثم مقاطعة الانتخابات الصورية، وفتح صفوف لمحو الاميّة في القرى القريبة جدا من المدينة ،قيادة اضراب الفلاحين ضد اعمال السخرة ،وبهذا كتبت جريدة القاعدة مقالا ضافيا ًعنه.اقترح جاسم بالك ان نعمل باسم الحزب الوطني الديمقراطي وقد ارسلنا المقترح للحزب ،بناء ًعلى طلبه ،وقد رفض المقترح وشرحت اسباب الرفض فانزلنا الرسالة الى كل قواعدنا . 

فـــــي عام 1953 انكشف امرنا فتم استدعاء عبيد محسن وجاسم بالك الى مركز الشرطة للتحقيق معهما ،لكن مواقفهم كانت صلبة ومتماسكة ملم يُنل منهما شيء. طلبتُ من الحزب الموافقة على ذهابي الى بغداد لقضاء العطلة الصيفية،لكن الرفيق عدنان عضو لجنة لواء الكوت رفض ذلك وطلب مني الذهاب الى النعمانية حيث كانت قوى راية الشغيلة وعدد اعضائها اكثر من قوانا .كان منظم النعمانية انذاك رفيق خياط ـ لا اتذكر اسمه ـ وفي حينها كان يوزع كراس او نشرة انجاز رقم 13 الصادرة من الحزب. 

ذهبت الى النعمانية ،وبعد شهر قمنا بنشاطات تذكر من ضمنها توزيع نشرات فـــــــي اربعينية ستالين ( وهي بخط اليد )،وزعت تلك النشرات بشكل مكثف أمام بيتي مما اثار انتباه الشرطة،فقامت بتحري البيت وللمصادفة كان معي في البيت الرفيق عدنان فعثرت الشرطة على بعض الادبيات والكتب ومنها تاريخ الحزب الشيوعي السوفييتي ،وتعتبر تلك مستمسكات جرمية ،اما نحن فقد تمكنا من الهرب وافلتنا من الطوق الذي ضربوه حول المدينة .لقد ساعدني على الهرب بعض رفاقنا ومنهم الشهيد تركي الحاج صلاّل الموح وهو من اعلام ثورة العشرين الوطنية في الديوانية وبعد جهد كبير وصلت الى قرية( البو خايس ) وهي قريتهم فمكثت فيها خمسة ايام ثم ذهبت الى الديوانية بمساعدة المحامي زيد وهو الاخ الاكبر لتركي ،ومن الديوانية الى بغداد فاتصلت بالحزب واسكنني في بيت حزبي وكان معي في نفس البيت الرفيق مهدي عبد الكريم (نعمان) .كان البيت مركزا للاجتماعات الحزبية ،ويتردد علية الرفاق [ نزيهه الدليمي ، دليّ مريوش ،خضير عباس،.وغيرهم ] .وبعد مدة ارسلني الحزب مع زاير عبد(ابو كاظم)وهو رجل مسن عمره 60 سنة ويعمل حائكا ً ومن اهالي احدى قرى الناصرية ..

زاير عبـد مناضل قديم ،متدين أمي ،كان مع الرفيق فهد في حزب جعفر ابو التمن، يحب الشيوعية ويحترمها كثيرا ،كما كان مراسلا بين الرفيق فهد وثورة ريسان الكَاصد في سوق الشيوخ ...

فتحتُ دكانا ًصغيرا باديء الامر وعندما بدا هذا الدكان يعرقل حركتي ولايساعد على سرية عملي بشكل جيد ،طلبت من عامر ان يعلمني الحياكة وبالفعل علمني المهنة فاشتريت عدّة للحياكة وعملت (جومة)في البيت واخذت انتج العباءة الصوفية كأي حائك. بعد ذلك رحّل الينا الرفيق مهدي غويلي من اهالي الكوت ومعه الرفيق ورد عنبر من اهالي سوق الشيوخ فشكلنا لجنة اللواء وقسمنا العمل كما يلي : 

ـ ورد عنبر/ مسؤول عن سوق الشيوخ والقرى التابعة له . 

ـ مهدي غويلي/ مسؤول عن قضاء الشطرة وتوابعها والرفاعي وقلعة سكر . 

ـ جبار عبود / مسؤول عن مدينة الناصرية وناحية الزديناوية وناحية البوصالح والفهود 

وبعد فترة قصيرة من العمل اعترض الرفيقان ورد ومهدي على عملهما ،فطرحت فكرة ان آخذ ريف سوق الشيوخ بالاضافة الى عملي ،ومهدي على اعتباره متفرغ للعمل الحزبي يبقى في عمله ،لكنه رفض تلك الفكرة ايضا ،فاقترحت عليه ان يبقى مشرفا ًالى حين ايجاد منظم للعمل يحل محله فرفض ايضا ؛فزودته برسالة وذهب الى بغداد ،وقد جاء رد الحزب يصف فيه ذلك العمل بانه بيروقراطي فظ ،وجلب الرسالة الينا الرفيق سلام عادل ومعه والدي ومهدي ،وعقدنا جلسة فور وصوله (وصول سلام)الينا . 

لم اكن ابالي بمظهري حتى صرت وكأنني من الدراويش القدماء ؛ملابس رثة ولحية طويلة (مبهذل)،انتقدني سلام على هيئتي تلك ،ورغم اعترافي بخطأي،انتقدني بشّدة. كان سلام آنذاك مسؤولا ً عن المنطقة الجنوبية ... لقد اوضحت لسلام في الاجتماع دوافع عملي وهي احياء التنظيم سيما وان اللواء كبير وتنظيماتنا واسعة وركائزنا منتشرة في المدينة وفي الاقضية والنواحي والقرى والاهوار واذا لم نكن بمستوى المسؤولية فالافضل لنا ان نترك العمل ونجلس على التل ،اننا لانريد حزب أفندية كما قال فهـــد،بل علينا ان نعمل بنكران ذات وهمة شيوعيــة ... 

شرح سلام كيفية العمل هنا وبهذا الظرف بالذات حيث الحزب مضروب من قبل العدو وعلينا ان نعمل خطوة خطوة وبهدوء تام ويجب الاّ نفرط بقوانا . ثم قام سلام بالاشراف على تنظيمات اللواء(الناصرية)،ومن ثم استصحب مهدي غويلي معه وذهب ... وبعد ذهابهما رسمنا خطة عمل للواء تتلخص بايجاد مكتبة لكل تنظيم ،ولكل تنظيم ان يرسم خطة عمل تفصيلية له وفقا لظروفه ،كما ركزنا على جانبين هامين هما :التغلغل بين الجماهير ،وتحسين العمل الفكري .وبذلك قمنا بحملة واسعة للاشراف على التنظيمات المذكورة والاتصال بالعناصر التي تركت العمل ،كما نشطّنا عملنا بين صفوف الطلبة والمثقفين وكان اتصالهم معي مباشرة ً...

اما الرفيق ورد عنبر فاخذ مسؤولية سوق الشيوخ فقط . 

وفي الزيارة الثانية لسلام عادل الينا وكان معه عباس علوان من اهالي ابو الخصيب قام بالاشراف على مدينة سوق الشيوخ وعلى لجنة الفلاحين مؤكدا على كيفية العمل بين الجماهيرالفلاحية وتقوية التنظيمات والركائز،عندها طرح ورد عنبر وضعه الشخصي،وبعد رجوعنا الى الناصرية عقدنا اجتماعا قسمنا فيه العمل كما يلي :

ــ ورد عنبر/ مسؤول مدينة سوق الشيوخ فقط .

ــ جبار عبود /مسؤول لجنة لواء الناصرية ومشرف على لجنة الفلاحين في سوق الشيوخ ،واحياء الركائز في خط الاهوار ،اضافة الى ناحية الفهود وكَرمة بني حسن والنواحي القريبة من مدينة الناصرية مثل البوصالح والزيديناوية والشطرة .وبمسؤلية الشطرة الاشراف على الركائز الموجودة في السويجات .وبمسؤوليتي ايضا الاشراف على قلعة سكر مع فلاحيها والرفاعي .تلك كانت خطة العمل التنظيمي وتوزيعه الجديد وقد حضيت تلك الخطة بموافقة سلام عادل . وبعد ثلاثة ايام من مغادرة سلام الى البصرة ارسلنا ام نضال لجلب البريد الحزبي وكانت في ايامها الاخيرة في الحمل فجلبت البريد ووزعناه على مسؤولي الخطوط . ومن جانبي ذهبت الى ناحية الفهود ومررت بكَرمة حسن وآل شدود وآل جويبر .وهناك اتصلت باحد مناضلي 1946ـ 1947 وكان ذلك المناضل صاحب نكشة(قطعة ارض صغيرة لاتزيدعن ربع دونم)كما اتصلت باحد مختاري آل جويبر وفراش مدرسة كَرمة بني حسن وهم ركائز لنا ،ثم اشرفت بشكل مباشر على لجنة الفهود ومنظمها صبيح دابس وهو معلم ومناضل قديم ونشط واستغرقت السفرة عشرة ايام .ولدى رجوعي وقعت في كمين امام البيت ولم استطع التخلص منه ،بل تمكنت من اتلاف ما لدي من اسماء ؛كانت عندي بعض العباءات الصوفية فادعيت بانني حائك واسمي حسون منصور من اهالي النجف وابيع العباءات في قرى الناصرية ،مما اثار احتجاج كبار التجار والشخصيات في المدينة ضد التعذيب البشع الذي يلاقيه المناضلون كالسحل بالسيارة والنفخ من الشرج وغيــرها .

وقبل القبض عليّ كانوا قد القوا القبض على زوجتي ام نضال وعلى والدتي العجوز ومن جراء التعذيب ولدت زوجتي وهي في المعتقل ولدت طارق .في حينها دافعت عنها وعن المعتقلات السياسيات الاخريات ،رابطة الدفاع عن حقوق المراة ،حيث كانت معتقلة اخرى من مدينة حلبجة ايضا .فقدمت الرابطة عريضة احتجاج بـ 400 توقيع (وتلك مسجلة في مجلة الرابطة لسنة 1954 )حدثت تلك الاعتقالات نتيجة تلفون من حسين قاسم العزيز مدير ثانوية الناصرية انذاك .حيث اتصل بمديرية الامن واخبرهم بان الشيوعيين يوزعون مناشير معادية للحكومة .ونتيجة ًلتلك المكالمة القي القبض على الطالب حسين علوان ، وهو طالب في نفس الثانوية وصادف ذلك موعدا كان بين حسين علوان وبين عباس علوان عضو لجنة لواء الناصرية ،فحدثت اعترافات نالت بعض الطلبة وزاير عبد وورد عنبر.ولم يعترف الاخير على لجنة المدينة ،لانه لم يكن قد استلمها بعد ،وعندما راى عباس علوان التعذيب بعينه ،تأثر كثيرا وندم على ما فعل .

وفي المعتقل تكلمت معه وطلبت منه ان يتوقف عند هذا الحد، عندها توقف عن المزيد من الاعترافات ولم يذهب الى البصرة .

وبالنسبة لوالدتي فقد استغلوا بساطتها ففي اليوم التاسع من توقيفها عرفوا ان اهلها في مدينة الصويرة فجلبوا اخيها وعندما سمعت بهذا الخبر قررتُ الاضراب عن الطعام من اجل الافراج عن والدتي من التوقيف وايداعها لدى المختار خوفا من تأثير اخيها والتمادي في اعطاء معلومات اكثر،وبعد ايام من الاضراب تحقق المطلب الرئيسي فارسلوا والدتي الى المختار وهو احد اقاربها .بقينا في المعتقل 6 شهور أضربنا فيها عن الطعام مرتين .

قدمونا الى المحكمة فحكمت عليّ بالسجن سبعة شهور وحكمت على عباس علوان وحسين علوان بالسجن ثمانية شهور،وعلى والدتي احدى عشر شهرا مع ايقاف التنفيذ لان المحكمة اعتبرتها مراسلة للحزب ،واعتبرت ام نضال زوجة مرافقة لزوجها .ولا يجب ان يفوتني القول انني قدمت شكوى على المحقق الذي حقق معنا في المحكمة الكبرى في البصرة وتلك الشكوى احدثت ضجة كبرى بين النجفيين فقدموا مذكرة احتجاج وقعها خمسون من كبار التجار احتجاجا على التعذيب الذي لقيناه في المعتقل .

امضيت محكوميتي (سبعة شهور)في سجن بعقوبة .بعدهـا ارسلوني الى المحكمة وفقا للدعوى المقامة ضدي في النعمانية ،كان ذلك في الاول من آب /1954 فحكمت عليّ المحكمة بالسجن لمدة سنة ونصف السنة مع الابعاد عن المنطقة لمدة سنة ،وكان محامي الدفاع كاظم جعفر وكان يومها من انصار السلام (وبعد ثورة 14/تموز/1958 قيل عنه انه كان يعمل لصالح الامن ،ولم يكن له أي نشاط بعد الثورة ).ارسلوني الى سجن الكوت لقضاء محكوميتي فيه فوضعوني في زنزانة اعدام داخل السور وكان معي الرفيق عبد الله كَوران الشاعر الكردي المعروف وكذلك شهاب التميمي .فاضربنا عن الطعام وبعد خمسة ايام نقلوا عبد الله الى سجن بعقوبة وفي يوم 17 نقلوا شهاب الى بدرة اما نحن الباقين فقد استمررنا في الاضراب لمدة 30 يوما ،واضرب معنا ثمانية من السجناء العاديين ومن ثم اعلن السجناء العاديون العصيان وكان منظم العصيان عبد الرحمن زنكَنة وهو من اصدقاء الحزب ،وبذلك نفذت كل مطالبنا ونقلونا الى سجن الموقف في بغـداد. وفي ذلك السجن اضربنا لمدة 12 يوما وفشل الاضراب ولم يحقق لنا شيئا وبعد شهر واحد نقلونا ،وكنا ثمانية رفاق ،الى سجن بعقوبة فوضعوني في زنزانة انفرادية وبقيت مدة ثلاثة اشهر ومارسوا معي تعذيبا شديدا وكان مدير السجن (زين العابدين) سيء الصيت ومامور السجن فليّح ،وبعد تلك المدة نقلوني الى السجن الكبير الذي كان فيه الرفيق كريم احمد وبقيت حتى شهر كانون الثاني سنة 1956 ثم ارسلوني الى بغداد ،ولما لم ينالوا مني شيئا ( اعطاء البراءه )ارسلوني الى الكوت ومن هناك الى بدرة حيث امضيت مدة الابعاد ،وهناك جلبت عائلتي فبقيت معي لمدة ستة اشهر ثم طلبها الحزب فأسكنوها في بيت مطبعة الجبهة والذي فيه كل من محسن العاني ووسيلة ونورية شقيقة حسين الوردي .وفي اول شهرمن سنة 1957 حيث لااتذكر في ايّ شهر انتهى الابعاد ،فارسلوني الى الصويرة عن طريق الكوت ومن الصويرة اطلق سراحنا بكفالة قدرها مئة دينار . 

وبودي ان اضيف (( في اول سجني سنة 1954 عاشت زوجتي في البيوت الحزبية المتقدمة مثل بيت حميد عثمان وهادي هاشم وسلام عادل وصبيح سباهي وآخر بيت هو بيت محسن العاني ))... 

عودة الى العمل في مدينة الناصريـــــــة 

عندما وصلت الناصرية، وبعد فترة وجيزة ،اخذت ابحث عن تراث الرفيق فهـــد والحركات الثورية لجماهير المنتفك .بالاضافة الى ثورات سوق الشيوخ وعصيان آل جويبر في الهور على الحكومة ورفض اعطاء ابنائهم للتجنيد ،وعشائر اخرى عاصية على الحكومة ايضا ..حصلت على معلومات عن مدينة الناصرية فكان الرفيق زايرعبد يسرد لنا اعماله البطولية ومراسلة الرفيق فهـــد شخصيا ً، مع ريسان الكَاصد،في ايام ثورة سوق الشيوخ عام1935 وتكلم عن المظاهرة الفلاحية في نفس السنة في داخل مدينة الناصرية وكذلك عن اضراب طلابي سنة 1919 وكذلك في العشرينات حيث كانت تعقد الجلسات في دواوين بيوت الرجال الذين حاربوا الانكليز وابرز ديوان هو ديوان عبد الجبار حسون جار الله والذي زاره الانكليزي المعروف باسم ( لورنس العرب ) وكان زاير يحضر تلك الجلسات وهو متخفيا ً ويستمع لمناقشاته .وعند افتتاح الحزب الوطني العراقي حزب جعفرابو التمن في بغداد،ذهب عبد الجبار حسون الى جعفر ابو التمن وطلب منه فتح فرع في الناصرية فلُبي طلبه واول رعيل هم عبد الجبار حسون جار الله وفليـح الخياط وعبد الكريم حسّون جار الله وعبد الجبار غفوري وحميد كسار واخرين .. ثم تكلم عن اعتقال الرفيق فهــد سنة1931 على أثر اصدار المنشورالاول في الناصرية والذي وزع هناك وارسل منه نسخا الى النجف وكربلاء وهذا المنشور مذيل باسم ـ الحزب الشيوعي العراقي ـ واعترف الرفيق فهد بكونه شيوعي ودافع عن المنشور وعن الشيوعية ،وشرح لنا زاير عبد ،كذلك عن مجيء عائلة الرفيق فهد في عام1927 ، من قريتهم في شمال العراق ،وكيف تعلم الماركسية على يد احد الخياطين الارمن ،وكيف كوّن فهــد الحلقات الماركسية وكانت الواحدة لاتعرف الاخرى ،في داخل الحزب الوطني العراقي وابرزهم الاسماء المذكورة اعلاه ،ماعدا ًعبد الجبار حسون جار الله وتكلم عن الشهيدين اللذين سقطا في المظاهرة ـ ضد الضرائب ـ في سنة 1932 وكان اسم احد الشهيدين محمد السايس .وكذلك حصلتُ على كتابات بخط الرفيق فهـد .... 

العمــل فـي بغداد

بعد اطلاق سراحي ووصولي الى بغداد ،جاءني شريف الشيخ ومعه صبيح سباهي ؛ 

تكلم شريف عن محتوى رسائلي من بدرة الى الحزب والتي كانت تخص القسوة التي كان يستخدمها صبيح سباهي مع زوجتي ،عندما كانت معه وبالطبع نفى التهم ! وبعد فترة قصيرة ارسلنا الحزب الى بيت حزبي آخر فسكنا مع بيتر يوسف ويقع ذلك البيت 

قرب سدة ناظم باشا في العلوية .وهناك زارنا سلام عادل وصالح دكَلة ،تكلمت مع سلام عادل عن التحاقي بالتنظيم وثانيا حول الغبن الذي لحقني وكان يومها صالح دكَلة مسؤول بغداد وعضو لجنة مركزية ،على ما اعتقد، وبعد تلك الزيارة التحقت في لجنة عمالية كان منظمها حكمت كوتاني ومعنا كاظم علي ،ابو سلام،واجتمعنا اجتماعا واحداً فقط وكان في جدول الاعمال فقرة واحدة هي انتقاد نوري سعيد للحزب ،بخصوص المظاهرات التي خرجت في سنة 1956 كونها مظاهرات طلابية وليس عماليةوالحزب الشيوعي حزب عمالي ،وفي تلك السنة خرجت مئة مظاهرة بمناسبة العدوان الثلاثي على مصر .وقد حلت تلك اللجنة وبعدها صار اتصالي بصالح دكَله بشكل فردي وبعد فترة قصيرة خرجت من البيت الحزبي لاسباب عرفتها فيما بعد حيث القي القبض على بيت المطبعة الذي كان فيها صبيح سباهي وحزام عيّال ووسيلة وفي تلك الكبسة انهار حزام وزوجته وسيلة ،وفي الطريق ولدى انتقالنا الى الوشاش تحرت شرطة الامن السيارة التي نقلنا بها الاثاث ولما لم يعثروا على شيء تركونا فواصلنا المسيرة الى الغرفة التي استأجرناها في الوشاش القديم وكان من المفروض ان يخبروني في موضوع النقل واسبابه حتى آخذ الاحتياط الللازم .وبعد الاستقرار في الوشاش اخذت افتش عن عمل فذهبت الى رفيق لي وصديق لجاسم بالك الذي كان يشتغل وكيل لاحد المقاولين الكبار واسمه عمران ،اشتغلت عندهم بصباغة الجدران فعملت في معسكر المنصورية قرب المقدادية وكان يومها آمر المعسكر عبد الكريم قاسم ورأيت اجتماعات عبد الكريم قاسم مع بعض الضباط والنقاش الذي كان يدور بينهم كما سمعتهم عندما كنت اصبغ مقر عبد الكريم قاسم فاخبرت الحزب بذلك فردّ الحزب ان اترك ذلك الموضوع وفي يومها كان اسمي عوّاد ... 

وبعد انتهاء العمل من ذلك المعسكر ذهبت الى محل جاسم محمد بالك من اجل التفتيش عن عمل اخرفي شارع الشيخ عمر ،وعند وصولي الى هناك وبعد خمسة دقائق مرّت سيارة أمن فلاحظتنا (جاسم وانا ) لان جاسم كان مكشوفا لهم فأ لقوا القبض علينا وقادونا الى الامن العامة وبعد الاستجواب عرفوني وطلبوا منا اعطاء البراءة مـــــن

الحزب لكنهم لم يفلحوا .وبعد ثلاثة ايام ارسلوني الى الصويرة وبقيت هناك 25 يوما رهن الاعتقال ،بعدها خرجت بعد ان اعطيت رشوّة الى معاون الشرطة ...

العمــــــــــــل فــــي ثــورة 14 / تمـــوز / 1958

 بعد خروجي من التوقيف ذهبت الى بغداد في 11/تموز/1958 وبعد ثلاثة ايام كانت الثورة المذكورة ولدى سماعي نبأ الثورة خرجت من البيت على الفور متوجها الى شارع الرشيد ومعي اخوتي ندعوا الجماهير الخروج الى الشوارع وفي فترة قليلة جـــدا نزلت الجماهير الى شوارع بغداد فالتقيت برفاق عديدين امثال كاظم علي وادمون واخته وحسين الرشيد وجاسم بالك وخالص وغيرهم من الرفاق . وبعد الظهر اخذنا جانب الكرادة الشرقية خارج فكبسنا النادي الماسوني وكان فيه الكثير من اسماء ممن يدعون الوطنية مع صورهم وسلمنا السجل والتصاوير الى الحزب ،وبعد ثلاثة ايام اجتمع بنا الرفيق سلام عادل ومعه صالح دكَلة في بيت ادمون وكان عدد نا ثمانية رفاق اذكر منهم ادمون وجاسم بالك وخالص وعلي حسين الرشيد وكان الموضوع الرئيسي المطروح هو فتح ابواب الحزب الى الجماهير الكادحة ( لان اسم الحزب اكبر بكثير من حجمه ) ،كما طرحها الرفيق سلام عادل وفي هذا الموضوع كان النقاش حادّ جــدا ً . في بداية اللامر طرحت على الاجتماع تحفضي من اغراق الحزب بالعناصر البرجوازية الصغيرة وانجراره الى مواقف غير ثورية وغير صحيحة ولما اسهب الرفيق سلام عادل في الموضوع اجمع الكل على ارائه . والموضوع الاخر هو ضرورة المحافظة على الجمهورية الفتية وحثنا على العمل المتواصل .وبعد هذا الاجتماع توجهنا بكل نشاط نحو النقابات للعمل فيها وكان معي علي حسين الرشيد حيث ازحنا الهئات الادارية الصفراء وشكلنا هيئات تحضيرية وقد استلمت هذه الهيئات مقرات النقابات .وابرز النقابات التي عملت فيها هي نقابة عمال الاحذية والمياه الغازية والبناء وغيرها .. تواصل عملنا من ساعة مبكرة في الصباح حتى منع التجول ليلا .وعملت مع لجنة المفصولين من اجل افشال طلب التعهد سيء الصيت الذي تبناه عبد السلام عارف وزير الداخلية انذاك،فذهبنا الى شخصيات وطنية مثل كامل الجادرجي وصديق شنشل . 

( ولي موقف من هذا الوزير وهو من حزب الاستقلال فوقفت في وجهه بشدة حتى حاد عن تأييد ذلك التعهد ) وكذلك اشتغلت في الهيئة التحضيرية لنقابة المعلمين وكنت مندوباً عن نقابة المعلمين في المؤتمر الاول ،وفي اللجنة المشرفة على الانتخابات . 

 

 العمل التنظيمي في الكوت

بعد فترة ارسلني الحزب الى مدينة الكوت لقيادة التنظيم هناك ، وكانت لجنة اللواء مكونة من حسون الحركَاني وجليل ابراهيم عبادة وعبد الرزاق عبد الرضا من مدينة الحي .وصار تقسيم العمل كما يلي :

ــ جبار عبود / مسؤول تنظيم اللواء ،ومنظم لجنة المدينة المؤلفة من الرفاق رشيد طاهر ،معلم ، وعباس محمود وهوكاتب محاسبة في التربية وعباس طباطبائي ،متفرغ للعمل الحزبي وحمودي،عامل،ونافع ،طالب ثانوية .كما كنت اقوم بمهمة الاشراف على جميع تنظيمات الصويرة وتتكون من( لجان؛الزبيدية والصويرة والعزيزية والقرى المرتبطة باللجان التابعة لتنظيم المدن ). 

ــ عبد الرزاق عبد الرضا / مسؤول عن لجنة مدينة الحي وريفها والجمعيات الفلاحية هناك .

ــ جليل ابراهيم عبادة / مسؤول عن ناحية النعمانية وريفها والجمعيات الفلاحية هناك .

ــ حسون الحركَاني / مسؤول عن لجنة الفلاحين المحيطة بارياف الكوت والدجيلة وكذلك عن الجمعيات الفلاحية .

استلمت تنظيم الكوت المكون من عدد من الاعضاء والاصدقاء، والمرشحين الذين قُبلوا بصفة اعضاء بقرار من المكتب السياسي ،وعددهم 60 مرشحا ًوكان ماجد عبد الرضا الذي غادر الكوت قبل وصولي اليها ،مرشحا ًكما اخبرني عباس محمود الطباطبائي ... 

وبرغم عرقلة حسون الحركاني وجليل ابراهيم للعمل الا ان عملنا سار على ما يرام ،فقد وضعنا خطة للعمل تقضي بتقسيم لواء الكوت الى مناطق وقد ركزنا في عملنا بداية الامر على المعلمين والمثقفين واكثرهم من ابناء الكادحين وهم الوجه الظاهر والمتحرك للبلدة ،وخصصنا انضج الرفاق الى عمال ميكانيك السيارات والمكائن ..وحصيلة عملنا كانت جيدة جدا حيث تجاوز عدد الاعضاء والمرشحين 800 شخصا في داخل مركز مدينة الكوت وحدها ،وقد سُلم التنظيم الى الرفيق حسين سلطان عندما كلف باستلام التنظيم انذاك . ومن الاعمال الاخرى ايضا ،جمع آلاف التواقيع من اجل اجازة جريدة اتحاد الشعب ،وبذلك استلمنا تقييما جيدا من المكتب السياسي لعملنا باعتبار تنظيم الكوت من التنظيمات المتقدمة في عملها ....وللعلم لم تحدث حوادث مؤلمة في لواء الكوت في عام 1959 ما عدا ماحدث في النعمانية والحي من مماحكات ورد على اعمال شغب [ في اول ثورة تموز كان محسن الشيخ حمود ،اخو الشهيد علي الشيخ حمود الذي اعدم مع رفيقه عطا الدباس في عام 1956 في انتفاضة الحي المجيدة ،قد باع نفسه الى الاقطاعي الكبير مهدي البلاسم وتستر محسن بواجهة الحزب الوطني الديمقراطي وفعل فعله التخريبي وبذلك حصلت بعض الحوادث في مدينة الحيٍ] ...طلب مني الحزب ان احضر مع لجنة مدينة الحي اجتماعا في بغداد ،فاجتمع بنا الرفيق سلام عادل وبهاء الدين نوري وهادي هاشم في بيت هادي هاشم في الاعظمية، اكد سلام في الاجتماع على ضرورة القضاء على كل الخلافات الثانوية داخل التنظيم ، وينبغي لفّ اوسع الجماهير وبالاخص الفلاحية منها حول الحزب كما اكد على تحاشي التصادم مع القوى الوطنية. والعمل على ايجاد جو من التعاون والتضامن ضد الاقطاع والعناصر المخربة من امثال محسن الشيخ حمود ..وبعد فترة طلب الحزب حضور لجنة لواء الكوت ولجنة مدينــــــة مركز الكوت .أدار الاجتماع بهاء الدين نوري .وفيه تقرر تشكيل لجنة محلية تتكون من ابراهيم عبد الكريم وجليل ابراهيم عباده وحسون الحركَاني ورشيد طاهر وعباس الطباطبائي ،ويكون مسؤولها جبار عبود (ابو نضال) .وبقي عباس محمود ونافع نادر وحمودي في لجنة المدينة ،على ان يضاف اليهم رفاق نشطين من لجان الاحيــــــــاء.. 

وبعد اشتداد عرقلة حسون الحركاني وخليل ابراهيم عباده وابراهيم عبد الكريم ( الان هم بعثيون معادون للحزب بشدة )،بعد عرقلة هؤلاء وعدم انسجامهم في العمل الحزبي ،ويعارضون حتى الاشياء الصحيحة والتوجيهات التي تأتي من الحزب ،قرر الحزب ارسال الرفيق حسين سلطان عضو اللجنة المركزية لقيادة المحلية ،وان ياخذ ابراهيم عبد الكريم تنظيم لجنة المدينة في الكوت ،وهناك بدأ نضال ،الافندية؟ ،فلم يتطور التنظيم بل تراجع بشكل كبير ...اما الحركاني حسون فعمل وكأنه اقطاعي بين الفلاحين فكان يقدّر السراكيل ووكلاء الاقطاع المكروهين من قبل الفلاحين ويحترمهم ويزدري المسحوقين والفقراء مما فاقم المشاكل وضاعفها ،وبذلك اضطر الحزب ان يستدعي الحركاني ويضمه الى ريف بغداد ،ويعهد بالتنظيم الذي يقوده اليّ ( ريف الكوت) إضافة الى عملي في قيادة اللواء كله ...اما جليل عباده فكان هو الاخر يهمل تنظيم النعمانية ويكتب تقارير غير واقعية ،وصارت مشاكل وتصادم بين رفاقنا وبين الحزب الوطني الديمقراطي الذي عشعشت فيه الرجعية واخذت تحركه ...ولا يفوتني ان اذكر قبل استدعاء حسون الى بغداد وعزله من الريف في الكوت ،استدعاني الحزب وكلفني بالعمل مكانه ،هناك قابلت الرفيق حسين سلطان وذهبنا سوية الى الرفيق كريم احمد وبعد الحديث معه تقرر ان نذهب نحن الثلاثة الى الرفيق بهاءالدين نوري ، ولما تحدثت عن تصرفات الحركاني غضب بهاء كثيرا وتهجم عليّ من دون مبرر موضوعي وانتهى الاجتماع دون نتيجة تذكر ... وبعد حسين سلطان استلم التنظيم احمد الحلاق وعملت معه دون تردد ،انطلاقا من ان العمل الحزبي ليس بالمراكز بقدر ما هو مهمة نضالية يؤديها العضو الحزبي ... 

في 3/ تموز/ 1959 نظمت اجتماعا واسعا حضره اكثر من 200 فلاح وكان مهرجانا ناجحا . في تلك الاجواء الحماسية اتى المبشر بالثورة ،الرفيق حسين سلطان ، ومعه قرار الحزب باعلان الثورة من الكوت وتحديدا في يوم 5/ تموز/59 فكانت فرحتي كبيرة لا توصف فصحت :مرحبا بثورة العمال والفلاحين بقيادة حزب فهد ،مرحبا بالراية الحمراء وعلى الفور اجتمعنا ( حسين سلطان واحمد الحلاق وأنا ) وقررنا ان اذهب الى عموم ريف الكوت واضع الفلاحين على اهبة الاستعداد واعطائهم اشارة بدء التحرك الى مدينة الكوت واحتلالها سوية ً مع جماهير الحزب فيها .وفي المساء أخذت اربعة مسلحين اشداء معروفين لدى الفلاحين وركبنا سيارة جيب وسرنا الى التنظيمات الفلاحية واسغرقت الرحلة من المساء حتى صباح اليوم التالي نتجول فيها بين القرى والجمعيات الفلاحية نخبرهم باعلان الثورة ونعطيهم الاشارة ،مع تبليغ بعض الفلاحين باخذ سلاحهم والتوجه الى الفلاحين في الكوت .وفي اثناء رجوعنا تعرضنا الى كمين كاد ان يبيدنا إلا ان المصادفة خدمتنا وذلك ان افراد الكمين عرفوا احد الرفاق الذين معنا .ولدى وصولنا ،مع طلوع الشمس ذهبت الى المقر وابلغت حسين سلطان بما فعلنا ،وفي اليوم الثاني ،وفي نفس الموعد المقررلاعلان الثورة 5/7/1959 لم نسمع اي شيء من الاذاعة فاجتمعنا ،نحن الثلاثة ،على الفور لنتدارس الموضوع فكان رأي الرفيق حسين سلطان ان نعلن الثورة من مدينة الكوت واريافها ولكن احمد الحلاق عارض ذلك وقال : علينا اخبار الحزب ومن ثم العمل حسب ظروفنا فرد حسين سلطان بإن المسألة مدروسة وجميع اعضاء اللجنة المركزية ومكتبها السياسي موزعون فــــي جميع انحاء العراق استعدادا لهذا العمل .طلبت الاستراحة لانني مرهق جدا ً وفي المساء ذهبت لمعاودة الاجتماع فلم اجد حسين سلطان واخبروني بان الرفيق سلام عادل وبهاء الدين نوري جاؤا واخذوه معهم الى بغداد ..( مؤخرا علمت ان عبد الكريم قاسم اعطى الحزب وزيرين فصرف النظر عن القيام بالثورة وكأن الثورة تساوي وزيرين !؟ ). وأبدل شعار( كفاح ـ تضامن ـ كفاح ) بشعار ( تضامن ـ كفاح ـ تضامن ). ونسينا انه لايمكن تحقيق طموحات الطبقة العاملة الا باخذ السلطة السياسية ،وقد كان بامكان ذلك وباقل تضحيات مما اعطيناه من خلال سياسة التراجع المنظم .وفي سجن نقرة السلمان سمعت الكثير من هذا القبيل من رفاقنا العسكريين وسوف اكتبه في مذكراتي لاحقا .

العمـــل فـــي مدينــــة الحلـــــــــة 

وفــي ردة عبد الكريم قاسم السوداء نقلوني اداريا سنة 1960 الى الحلة ،التحقت بالتنطيم هناك وكان مسؤول المحلية آنذاك الرفيق ابو هشام ( محمد حسن مبارك ) وكنت في مكتب المحلية ومسؤول عن التنظيم النسوي وبعد القاء القبض على كاظم الجاسم عهد اليّ تنظيم الريف ..كانت اللجنة المحلية تتالف من ابو هشام سكرتيرا( وهو عضو منطقة الفرات الاوسط) 

ومن الرفاق مجيد وهادي صالح من بعقوبة ،كانت نشاطاتنا كثيرة ومنوعة منها القيام بتحشيد مظاهرة كبيرة من الحلة تتوجه الى بغداد تطالب بايقاف مساومات قاسم مع شركات النفط ( منها خضوع قاسم لمطلب شركات النفط بغلق جريدة اتحاد الشعب ) .كانت الهتافات تتعالى :هذي الارض للشعب مو للحرامية، نريد حصة من النفط 70% ،عاش السلام العالمي هوّ وحماماته يسقط الاستعمار هو وعصاباته . في المظاهرة شخصني بعض رجال أمن الكوت ومن عملاء النظام من معلمي الحلة ،وحال رجوعي الى الحلة القي القبض عليّ وارسلوني الى الكوت وبعد فترة احالوني الى المحكمة العرفية في 17/ 12/ 1961 وحكم عليّ وعلى بعض الرفاق من الكوت وعددهم ( 15) لمدة 4 سنوات كما حكم على ابراهيم عبد الكريم الذي احيل معنا الى المجلس العرفي العسكري كذلك ،(11 ) شهرا ًمع ايقاف التنفيذ وارسلونا الى سجن البصرة وهناك التقيت الرفاق حسين من عمال البصرة ومعه في المنظمة الرفيق وعد الله النجار وكان محكوما بالاعدام وخفض من قبل عبد الكريم قاسم وكان ممثل للسجن امام الدائرة ،ولدى التحاقنا بالسجن جاءت رسالة من البصرة تقضي بتسليمي قيادة منظمة السجن ،ولما كان وعد الله على خلاف دائم مع حسين وكانت ارائي تتفق بالاغلب مع اراء حسين عمل وعد الله على نقلي اداريا الى سجن نقرة السلمان وللتغطية نقلور معي ثلاثة رفاق من الذين جاؤا معي من الكوت وهم عباس ، طالب في دار المعلمين وعريبي دشنة وعاصم وهو طالب ثانوية .وللتاريخ اذكر بان الوشاية كانت بصورة غير مباشرة كما اعتقد .حدث ذلك بعد شهر من وصولنا السجن . 

فــي9/ 3/ 1962 وصلنا سجن نقرة السلمان بعد ان تأخرنا كثيرا في معتقل السماوة وهناك وجدنا ثمانية رفاق من الموصل قسم منهم مخفضة محكومياتهم من الاعدام وكان مسؤلهم الحزبي الرفيق محمد وهو فلاح من الجمعيات الفلاحية في العزيزية وادعى كونه عضو عضو في لجنة مدينة العزيزية وذلك غير صحيح كما اعرفه انا .بعد فترة ارسل الى السجن رفاق اخرون حتى صار العدد 70 سجينا من الشيوعيين وعدد قليل من البعثيين والقوميين ومنهم أياد سعيد ثابت وخالد صالح الذي قام بتعذيب الرفيق حمزة سلمان حتى الموت .كما كان معنا الرفيق مهدي حميد وجماعة من كركوك ومن دهوك ومن عين تمر ...وغيرهم ذلك بالاضافة الى 250 محجوزا كرديا ومنهم 60 برزانيا ً ولهؤلاء البرزانيين تنظيمهم الخاص .

انقلاب شـباط الاسـود في 8/ شباط / 1963

بعـــد انقلاب شباط الاسود ارسل الى سجن نقرة السلمان الكثير من السجناء سواء كانوا محكومين قبل الانقلاب ام بعده وكان اغلبهم من الذين لم يتمكنوا من الصمود في التعذيب والمسالخ البشرية التي مارسها البعثيون وحلفائهم ضد الشيوعيين في قصر النهاية والنادي الاولمبي وفي السجون والمعتقلات الاخرى ...وبعد انقلاب 18/ تشرين الثاني / 1963 كانت المحاكم ترسل من تصدر عليه الحكم باكثر من خمس سنوات الى سجن نقرة السلمان ،حتى وصل العدد اكثر من 2000 سجين ومحجوز سياسي .واكيدا ً

لم يكن هؤلاء السجناء على مستوى واحد ولا حتى متقارب من الوعي الاجتماعي والتحصيل الدراسي والانحدار الطبقي .فقد ضم السجن من حاملي الشهادات العليا والاختصاصات الاخرى الى الاميين ،عسكريين ومدنيين ،اضافة الى مستوى مواقفهم في التحقيق وتحملهم التعذيب فلا بد ان تحدث في هذه الحالة مماحكات ومواقف وانتقادات ومفارقات ..

كان على راس التنظيم الحزبي في السجن عبد الوهاب طاهر وسامي احمد ومظفر عباس وهم لجنة التنظيم الحزبي في السجن ،اضافة الى مكرم الطالباني واحمد غفور وعادل سليم وعزيز سباهي وانا ...وفي 17/1/1965 اطق سراح المحجوزين وكان عددهم 52 سياسي ومنهم عزيز سباهي ود. احمد ومحمد ملا كريم وغيرهم وكنت معهم فارسلوني الى الحلة وهناك اطلق سراحي .

العمل في الخط العسكري 

عنــــد وصولي الى بغداد اتصلت بالحزب عن طريق زوجتي ـ ام نضال ـ وانتظمت في الخط العسكري وكان اتصالي بالرفيق عبد الرحمن السامرائي بشكل فردي ، وقد عرفت لاحقا ان صلته كانت بعباس محمود من اهالي الكوت ، وقد كتبت رسالة عنه وعن تاريخه (عن عباس محمود) وكشفت تسيبه وقلّة التزامه، وعندما التقيت معه قال لي : لماذا تكتب عليّ ( اصعد فوق في التنظيم وشوف الجيفة ) .كان عباس محمود يتصل بصالح دكلة المنهار وخائن الشعب . 

بقيت عدة اشهر من دون اجتماعات او احاديث لتطوير العمل السياسي والتنظيمي العسكري من اجل الثورة سيما وان الظروف كانت مؤاتية فكنا فقط نركب سيارة مصلحة نقل الركاب ونتجول على طول خط الباص ونتحدث بالاخبار التي تبثها وكالات الانباء العامة او الحديث بقضايا خاصة ليس لهما اية علاقة بالسياسة ،او الحديث عن السجون واعمالها وعن العسكريين المنهارين وقصصهم المريعة اثناء ردة شباط الاسود وغير ذلك من الاحاديث غير المجدية .ولا يفوتني القول إنني خلال تلك الفترة استلمت الرئيس مصطفى عبد الله وهو من الرفاق الاكراد وقد ساهم مع جنوده في ضرب قصر الرحاب في ثورة 14/تموز /1958 وهو الذي قتل الملك فيصل الثاني والوصي ،كما استلمت جندي من معسكر الوشاش والاخر المقدم علي وهو كردي كذلك وامر القوة البحرية في البصرة وكان قد سلم الى البعث فسالته عن سبب تسليمه تلك القوة الضاربة او لماذا لم يقاوم الانقلاب ؟ قال :كان بامكاني المقاومة وحتى احتلال البصرة كلها ! ولكني لم افعل لانني كنت اضن ان احتلال البصرة غير مجدي لان الانقلابيين سياتون وتصبح مجزرة في البصرة !!؟وانني اتصور ان مثل تلك العقلية لايمكن ان تعمل ثورة ـ كان موقفه في التحقيق مخزي ـ ...كتبت للحزب عن اعمال عبد الرحمن السامرائي وقلت ان مثل هؤلاء لايمكن ان يخدموا الخط العسكري لكن صوتي لم يسمع ! فما كان امامي الاّ ان اطلب نقلي الى الخط المدني .في بداية الامر لم تتم الموافقة ،ثم التقى معي صالح دكلة كمشرف من الحزب ،ناقشته اولا عن اوضاع عباس محمود وعبد الرحمن السامرائي فاخذ يبرر اعمالهم كون الخط سري للغاية فشككت بجدوى مثل ذلك العمل سيما وانني عضو قيادي وبقائي في مثل هذا العمل غير مجدي ، لكنني دهشت في حينها لوجود صالح دكلة في الخط العسكري ،وهو من العناصر التي خانت الحزب واعترف بالكامل وعلى كل شيء في قصر النهاية واكملها في النادي الاولمبي ،وانني اعتقد ان هزيمته ما هي الا مسرحية اراد تمريرها على الحزب وقد برهن الزمن على ذلك .وقد زودت الحزب بمعلومات عنه بعد خروجي من السجن في عام 1965 ، وبعد مجيء صالح دكلة جاء الرفيق آراخاجادور وطرحت عليه ما كان عندي من معلومات وكذلك عن الغبن الذي اشعر فيه وموقف الحزب مني ،وعن عباس محمود وعبد الرحمن السامرائي وتاريخهما وعن صالح دكلة وانهياره في التحقيق ،ثم طرحت الطريقة التي ينبغي ان يقيّم بها الحزب كادره واضعا امامه تضحيات الرفيق وصموده امام العدو وتماسكه في الشدائد ومحنة الحزب وغيرها...فقال :الى الان لا توجد قاعدة في الحزب لتقييم الكادر .فاصررت على نقلي الى الخط المدني لانني لااتمكن من العمل في مثل هذه الاجواء ... 

وافق الحزب على نقلي فسلمتهم علي مصطفى وعبد الله وغازي وهم من المتقاعدين ،وبقيت دون اتصال لثلاثة اشهر وبالمصادفة التقيت كاظم علي ( ابو سلام ) وشرحت له موضوع انقطاعي عن الحزب فاكد لي موعدا مع احد الرفاق ،وبالفعل التقى معي بيتر يوسف فطرحت له كل ما اريد وبذلك تم نقلي الى محلية الرصافـــــــة .

العمـــل فــي الخـــط المدنـــــي 

بعـــــد اجتماعي في محلية الرصافة ثلاث مرات وفي هذه الاجتماعات كانت تدور حول الثورة وكيف يمكن ان ندخل معسكر الرشيد ونستولي عليه مع الرفاق المتقاعدين! وساهمت في وضع خطة لذلك وبعدها ارسلوني الى محلية الكرخ حيث مسكني في البياع وعملت عمل جيد وبحماس ونكران ذات وساهمت برسم خطة من اجل الثورة واستلمت متفرعة ومعها تابعتين، ولما كنت مفصول عن التدريس ولايوجد عندي مورد اخر اعيش فيه مع عائلتي فعملت مع عمال البناء احمل على ظهري الطابوق وادفع عرباته وغيرها من الاعمال الشاقة بالنسبة الى عمري وكان في حينها منظم المحلية لايتجاوز عمره 24 سنة وهو من رفاقنا الاكراد واخيه ضابط لااتذكر اسمه) ثم اتى من بعده مالك منصور وكان معنا في المحلية نورعلي من اهالي النجف او كربلاء وقد انهار وسلم كل شيء للسافاك عندما القي القبض عليه في ايران وكان يعترض عليه عباس مظفر لانه معنا في المحلية وايضا معنا عبدالعال ( ابو مؤيد ) من اهالي الشطرة ونوري العاني الذي قتله البعث في العزيزية وعبدالعال ونوري هما خط مائل في الحزب لصالح ابراهيم علاوي( نجم ) او ابو ليلى، وهم من جماعة مايسمى الكادر المتقدم المنشقة عن الحزب علما ان ابراهيم علاوي من الجواسيس الدوليين وهناك دلائل كثيرة تشيرالى انه عميل. ولقد لعب نوري وعبد العال دورا كبيرا جدا بدخول ابراهيم علاوي مع عزيز الحاج المنشق كما لعب مالك منصور دورا كبيرا في الانشقاق في محلية الكرخ... وفي احد الاجتماعات جاءنا كمشرف ابو جعفر ( خضير من اهالي زاخو) وكذلك الرفيق الخضري والرفيق باقر ابراهيم وكان موضوع الاشراف قضايا تنظيمية ومسألة نور علي واعتراض عباس مظفر عليه والجدير بالذكر ( ان نور علي هو الذي قال نحن وقعنا في فخ وتصورنا نحن متصلين في حزب تودا وعلى هذا اعترفنا على كل ماطلب منا.) واعتبر عباس مظفر هذا الموقف تحدي للمبادىء الاصيلة في حزبنا كما طلب ان يعاقب بالتخفيض الى لجنة اقل من مستوى المحلية،على اقل تقدير،. ثم نوقشت مسألة الثورة كثيرا واخذنا استعدادات واسعة حتى قسمنا منطقة الكرخ ووزعناها على رفاق المحلية واصبحنا في انذار دائم ثم تأجلت ولم نعرف السبب الابعد فوات الاوان. وعند انقطاع عباس محمود عني كصديق عرفنا فيما بعد اننا كنا مخترقين حيث كان في صفوفنا بعض العرفاء من النظام كخط مائل.

عملي مع الانشقاق سنة 1967 

ان الانشقاق مدان ولايبررمطلقا مهما كانت الظروف . فهو تخريب ويخدم العدو بالدرجة الاولى ولحزبنا تجارب في الكتل والانشقاقيه منذ اوائل الاربعينات حتى الان امثال عبدالله مسعود القريني وكتله الى الامام ذنون ايوب وكتلة داود الصائغ وشورش (الحزب الشيوعي الكردي) وازادى والنجمة وغيرها في عقد الاربعينيات .والانشقاق الكبير الذي اضعف الحزب هو راية الشغيلة في الخمسينات و حزب بهاء الدين نوري، كل تلك الانشقاقات مدانة وكنت احاربها محاربة شديدة حيث ضاع من عمري ليس بالقليل مع كتلة داود الصائغ ونتيجة للممارسات والغبن الذي لحقني من لدن قيادة الحزب حيث من ابنائي وطلابي اصبحوا ينظموني قبل الانشقاق وكذلك ابتعاد رفاقي عني واصدقائي في نفس الوقت ولم يأتوا من اجل توضيح الظروف التي يمر بها الحزب والاخطار المحدقة به وهم رفاق على رأس الحزب وايضا في هذه الظروف الغامضة علىّ ومايجرى داخل الحزب وكل هذا وغيره انجررت الى المنشقين من دون ان اعرف بالانشقاق وان الشعارات التي رفعت استهوتني وجذبتني اليهم واكثر من هذا وذاك هو ادعاء الانشقاقيين بأنهم هم الحزب علما ان الحزب بأهدافه ومبادئه وليس باشخاص. 

قبل الانشقاق 1967 بأسبوع تكلم معي عبد العال ( أبو مؤيد ) عن اوضاع الحزب واين يسير فقلت: ان هذه الشعارات التي تقولها صحيحة ولكن لايمكن ان نشق الحزب مهما كانت الظروف والشعارات صحيحة لان الانشقاق يخدم الاستعمار بالدرجة الاولى وليس الحزب والشيوعية فقال: نعم انا ايضا ضد الانشقاق وقال نحن الحزب. وبعدها حدث الانشقاق ولم يخرج من المحلية غير نورعلى علما باني لم اشترك بأي عمل اثناء الانشقاق ضد الحزب، لقد عملت وكأنني في الحزب. وبعدما تأكد لي وانا في كردستان اعمال الانشقاقيين سنة 1969 جلست على التل وارسلت رسالة الى الحزب اعترفت بكل ماعملته من تخريب داخل الانشقاق ( من حيث لاادري) وللتاريخ اقول كانت زوجتي ضدي ومع الحزب وكانت تطرد من يأتي الى البيت من الانشقاقيين وتتهجم عليه وتخاصمني وحتى تمزق الادبيات وتتلفها وسوف اكتب في مذكراتي اللاحقة ذلك مرورا بخيانة خضير ( ابو جعفر) الى حافظ رسن ،وكيف اشتراهم البعث ثم اعدموا على ايدي رفاقهم واكتب ايضا عن ابراهيم علاوي الذي لعب دورا كبيرا في قتلهم واتطرق لمعارضتي قتلهم والاسباب التي دفعتني لهذه المعارضة لاعتقادى بان الحزب يستفاد بما يملكون من اسرار اقصد ( حافظ وخضير).

ومن المعروف حدث وان القي القبض على بعض اعضاء منطقة بغداد واذكر منهم مسؤل الطلبة وهو في الكلية الطبية فاعترف عليّ وكنت معلما في مدرسة كشاف في ناحية كوير/ قضاء مخمور/ اربيل، بعدما تم ارجاعنا الى الوظيفة في ايلول 1968 . وعندما كنا في مديرية تربية اربيل بغية استلام الراتب الشهري اشعرني مدير المدرسة بصدور القاء القبض عليّ فهربت بمساعدة احد اعضاء الحزب وهو صاحب دكان واسمه طلعت وبدوره سلمني الى الانشقاقين ومن هناك خرجت الى الجبل بتاريخ 4/2/1969. اطلعت اطلاعا كاملا على الانشقاق فقطعت علاقتي بتاريخ 8/11/1969 وبعد التوسط لدى القيادات الكردية عينت معلما في دربندرايات وهناك التقيت بالكثير من قياديي الحزب امثال الرفيق كريم احمد وجاسم الحلوائي وبهاء الدين نوري ومهدي عبد الكريم وملازم خضر وعمر الياس واحمد الجبوري وابو حكمت وغيرهم فكتبت رساله الى الحزب واعطيتها الى الرفيق عمر الياس عندما ذهب الى بغداد ادنت فيها الانشقاق ولكن لم استلم الجواب. وقبل خروج رفاقنا من كردستان التقيت مع ابو حكمت مصادفة في مدينة جومان فاوقفت سيارته وسألته عن وضعي فقال نرسلك الى امن اربيل وتعترف بكل شيء داخل الانشقاق فرفضت رفضا باتا حفاظا على كرامتي السياسية وشيوعيتي. وقلت في نفسى هذا الراي لايمثل رأي الحزب ومبادئه انه رايه الشخصي مهما كان مركزه ومؤخرا علمت ان الرساله التي ارسلتها الى الرفيق كريم احمد بيد عمر الياس انزلت الى محلية الكرخ ومنها الى تنظيماتهم وكان ابني في احدى الهيئات الحزبية فصاح هذه رسالة والدي.

بقيت معلما في جومان اتحين الفرص للخروج من هناك حتى تمكنت من اقناع الحركة الكردية بمساعدتي بالسفر الى سوريا كون سوريا قريبة من بغداد ويمكنني ان اجلب زوجتي واولادي وهم خمسة، مع المسافرين من بغداد الى سوريا. فاقنعت عضو المكتب السياسي حبيب عبدالكريم بواسطة العقيد نوري معروف وبدأت رحلتي الشاقة المليئة بالمجازفات والخطورة ومعي زوجتي وثلاثة من صغاري، بعد ان تمكنوا من الالتحاق بي وبقي الاثنان الكبار في بغداد، واتخذت طريق بهدينان – تركيا – سوريا – لبنان بمساعدة الحركة الكردية وساعدني في سوريا جماعة محمد نيو وفي لبنان جماعة صلاح بدرالدين. 

وفي 25/11/1974 اتصلت بالسفارة اليمنية بمساعدة صلاح بدرالدين بعد ان بقيت في لبنان سنتين وقد ساعدني الحزب الشيوعي اللبناني في الذهاب الى اليمن بعد ان حصلت على تزكية من الرفيق اليمني حسن سلامي استنادا الى رسالة كامل شاهين عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني. وفي اليمن تم تعييني بصفة مدرس في دار المعلمين والمعلمات في عدن اعتبارا من 21/10/1976 وبعد ثلاثة اشهر ارسلت رسالة الى الرفيق عزيز محمد ادنت فيها الانشقاق ونفسي وكل الاعمال التخريبية ضد الحزب. ارسلتها بواسطة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد ان رفضها الرفيق توفيق رشيدي (قتل من قبل السفارة العراقية في عدن بتاريخ 2/6/1979 ) وبذلك اعاد لي المكتب السياسي لحزبنا عضويتي. وهناك مارست حقي الطبيعي في العمل في صفوف حزبي مجددا ...

 

 

الدخول للتعليق