• Default
  • Title
  • Date
  • عبد الأله سباهي
    المزيد
    باقة من الزهور الجميلة ، لفت بعناية بورق فضي لماع ، كانت
  • د. سعدي السعدي
    المزيد
    الناصرية ، تلك المدينة الجميلة ذات الرائحة العطرة التي تنبعث من
  • سعدي جبار مكلف
    المزيد
    چني ايد اتفوچومگطوعه اصابعهااشوغ وي الشمس ليفوگاعاتب گاع مدفون بنباعيهامكتوب
  • يَحيَى غَازِي الأَمِيرِيِّ
    المزيد
    وُلِدَ سَتار، بِبَيتٍ مَصنُوعٍ مِنْ طِينِ وَقَصَبِ مَيسان، يُغازِلُ بِودٍ
الإثنين, 30 حزيران/يونيو 2014

طيف و مأساة وطن

  حامد خيري الحيدر
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

مهداة الى عائلة الشهيد الخالد ستار خضير الحيدر في ذكراه الخامسة و الأربعين

 

قطرة .. قطرة ..... قطرات بطيئة من محلول لا لون له كحال أيام شعب العراق ، ظن الجميع أنه سيبقي متلقيه الممدد على أحد أسرة المستشفى معلقاً بخيط الحياة الواهي ... قطرة .. قطرة ... نفس الرتابة و الهدوء تتناغمان مع أنفاس و نبضات آخذة بالتباطؤ شيئاً فشيئاً .. عكس قلوب المحيطين بالرجل التي كادت تخرج من صدورهم خوفاً و قلقاً ... مثلهم عشرات ، منتشرين بين أروقة المستشفى و خارجها .. أفئدة غاضبة يعتصرها الألم .. صمت .. ترقب .. علب السكائر ما كانت تصمد بوجه التوتر .. الجميع ينطرون .. يدعون .. يبتهلون .. يذكرون جميع الأخيار و الشيوخ و الأولياء .... من رحل منهم و من لا زال يستنشق غبار الحياة .. علهم يأخذون بيد مصابهم و يُعجّلون بعافيته ...... الحركة تزداد .. همهمات عالية .. يتوافد الأطباء بسرعة .. فجأة يتوقف كل شيء القطرات ، النبضات ، الأنفاس .... صرخة مدوية .. يتبعها صرخات هستيرية متوالية .. بكاء .. عويل ...... أنتهى كل شيء .. لتنسل الروح الطاهرة النقية من ردائها متحدية الجميع سالكة طريقها الفسيح نحو الخلود.
أيام ، شهور ، سنون تمضي .. دهر كالحة دقائقه يلف الجميع ... قطرات الدمع ما توقفت .. آهات الفراق ما صمتت .. حسرات الوداع ما انقطعت ... أم متعبة صابرة لم تنحني هامتها أو يتهاون صمودها منذ عرفت درب زوجها الشهيد و أفكاره السامية الخالدة ... بعين ترنو الى تضحية رفيق حياتها و فراغ في بيتها أحدثه غيابه الابدي ، عجزت أن تعوضه غزارة دموعها الدافئة .. و بأخرى تحنو على أربع حمامات صغيرات ، تفتحت عيونهن على غياب أب حنون ، لم يتبق منه سوى طيف هائم يظلل بجناحيه على صغيراته ... لترافق مسيرة طفولتهن حيرة و سؤال عن سر الغياب ... البصائر بدأت تستفسر .. الأسئلة أخذت تتوارد على الام المفجوعة ، بعد أن ظلت طيلة ما مضى من أيام عجاف كاتمة حزنها و المها ، مخبأة جرحها الراعف أمام حمائمها ، اللواتي بدأن يفهمن الواقع الأليم ... لم يعد الانكار و اختلاق الحجج يجديان نفعاً مع الحمائم المتلهفات للمسات حانيات من أب مبتسم عطوف ... لتكتشف مرارة الحقيقة و هول الفاجعة و عظم المصاب ... رحيل دون عودة .. غياب بلا رجوع .. سفر نسي الاياب ... ضريبة قاسية فرضها وطن جريح على ابنائه الاوفياء ... ليفضل ذلك الفارس المترجل عن صهوة جواد الحرية دروب النضال و وحشتها على نفسه و عائلته رغم الحب و الشوق .... كان العراق أغلى .. كان الوطن أسمى ... كانت الشيوعية هي الهدف و الهاجس و المصير ... كانت حياة شعبه قبل حياته و حياة حمائمه .. كان مستقبل الكادحين و البائسين هو الأولى بالكفاح و التضحية .... لهذا كان الغياب .. من أجل ذلك كانت الشهادة و أسطورة الحزن.
ضحكات القتلة الحاقدين يعلو صوتها .. الطغيان يزداد يوماً بعد يوم .. مخالب البعث المجرم تغور أكثر فأكثر في جسد الشعب الصابر ... قوافل الضحايا تسير موازية لأنهار دماء الشهداء .. الجنوب ملتهب .. كوردستان ثائرة .. مدن الوطن تغلي .. مهالك الحروب تحرق يابس الوطن و أخضره .. طيف الشهيد يظهر حامياً لحمائمه محتضناً اياهن بدفئه السرمدي .... لا فائدة ، غدى الوطن سجناً كبيراً لأبنائه .. كلاب الدكتاتور في كل مكان .. ملاحقات .. مداهمات .. اغتيالات .. عوائل الشهداء تحت المجهر .. لا مجال للعيش بعد الآن في غابة الذئاب .. الهجرة هي العلاج و هي الدواء .. النظر من بعيد الى و طن يشتعل أهون من الحياة وسط أستعار اللهب .. رغم قسوة القرار لكنه كان .. لم يأخذن من الوطن شيء سوى بضع صور للشهيد و جرح ندي محال أن يندمل ..... لتأتي سنوات قاسية أخر ، تجري معها دورة أفلاك الغربة و ذلتها .. حياة باردة ، بطيئة ، رتيبة ، مملة .. معلقة أفكارها ، عواطفها ، أخلاقها ، مبادئها على لوحة مفاتيح الكومبيوتر .. هي الغربة أينما كانت و تكون .. قطع للجذور و ابتعاد عن المنبع .. لتظل عيون الحمائم ترنو باشتياق الى عشها القديم الجميل رغم ما أصابه من هدم و حروق.
رياح الحرية تهب .. نسمة باردة من عبق الانعتاق تلامس وجوه المظلومين .. ها هو أخيراً قد أتى .. يوم موعود انتظرته الجماهير على جمرٍ أحّر من مآسي الوطن .. تغيير فرضته قواعد الطبيعة على كل من يسير بعكس مسيرة التطور و أرادة الشعوب و تطلعاتها .. يوم أفرزته تناقضات دكتاتورية حمقاء ، و جنون اعمى لحاكم مستبد لم يستأسد الا على ابناء شعبه الصابر ، ساق العراق الى غياهب الظلام و عتمة المستقبل ..... سقط الصنم .. ها هي النِعال تنهال على رموزه القبيحة مصحوبة ببصاق شعب أزدرى حقبة مريرة سوداء من عمر الوطن .. لتذهب مع صانعيها الى مزابل التاريخ .. الطاغية مرتعداً كالجرذ في أحد الجحور ..... الام مع حمائمها تسمع الخبر الذي هز الدنيا .. فرحة حبيسة في الصدور قد تحررت .. أمل يعود لأرض الشهيد .. ستنبت براعم الحرية من جديد بعد أن روتها دماء الشهداء .. عودة لواحة الخير باتت وشيكة .. طيف الشهيد يبعث من عوالم المجد بابتسامة مفعمة بالأمل ليرافق أهازيج الحرية و فجرها الواعد .. مشاركاً شعبه فرحته بغبش أنعتاقه و أصيل تحرره ... طغمة العفالقة ولت الى غير رجعة .. الشعب على موعدٍ مع شمس حياته الجديدة .. لقاء النهرين قد حان .. ساعة الرجوع دقت أجراسها .. هكذا قالت الحمائم و جموع الاوفياء المُبعثرين على خريطة العالم .. سنلحق بركب الأخيار الحالمين بعراق الأمل و مستقبل أرضه المعطاء .. الحمائم عُدن صغاراً كما كن ، يتراقصن حول طيف الشهيد المتوج بأكاليل غار الجنان .. أخيراً سيلتم الشمل حتى و لو مع بقعة صغيرة من ارض الوطن احتضنت ذلك الجسد الشريف .. هناك سيكون الموعد و اللقاء.
لكن ما هذا ؟؟؟؟؟؟؟ احتلال .. ضجيج .. فوضى .... من هذا .. من ذاك .. من هؤلاء .. أقدام غريبة متسخة تطأ ارض الوطن .. أشباه بشر .. أنصاف رجال .. أنصاف نساء .... أفواه عريضة مفجوعة تكشف عن أنياب قبيحة دامية .. دماء .. خراب .. تفجيرات .. دمار .. كواتم صوت .. قطع رؤوس .. الموت مرة اخرى .. القتل هواية و لعبة و منهج .. الظلم من جديد .. لحاً و جبب و مسابح طويلة .. خواتم ضخمة كالتي في أصابع المشعوذين .. منظمات تكفيرية لقيطة .. غربان البعث بلباس آخر .. الدكتاتورية البغيضة تنهض من قبرها .. الهمجية و التطرف و الطائفية أنبتت لها جذوراً في الارض بعد اقتلاعها أزاهير التمدن .. كل يريد فتكاً بنخيل النهرين ..... طيف الشهيد يظهر مرة أخرى .. عابساً مُتجهماً .. عيونه حرى .. يعلو وجهه ذهول و اضطراب .. متسائلاً بدهشة .. أين الوطن؟ هل سرق من جديد؟ هل أحرقت أحلام شعبه؟ هل ذبحت طيوره بسيوف الجلادين؟ هل اغتيل الشهيد مرة أخرى؟ لتلاقيه لوعة عيون الام المخضرمة بالحزن ترافقها دمعات حمائمها المتشحات بآلام السنين .. ليس عندهن الاجابة و لا عند غيرهن .. ليس لديهن سوى سؤال واحد صعب حيّر الجميع .... أي قدر هو قدرك يا عراق ، أي قدر هو قدرك؟ أهكذا سيتم قتلك في كل حين ، لتغدوا مجرد طيف هائم يلامس أنفاس الوجود؟ يجيب الوطن حيرتهن باسماً رغم غور جراحه و ايلامها ... و هل يموت من تعمد بمياه الرافدين و جرت دماه في سواقيهما؟ قد أموت مرات و مرات .. لكني سأظل دوماً أبعث من جديد .. ممزقاً كفني ، صارخاً بوجه الأيام .. حالماً بفجرٍ وليد .. مكتوب بخيوط شمسه وطن حُر و شعب سعيد.

الدخول للتعليق

شهدائنا.. في ضمائرنا

ليس من الحكمة والانصاف والعدالة، تجاهل ونكران تضحيات مناضلينا المندائيين التي يعرفها الشعب العراقي حق المعرفة طيلة تاريخ العراق الحديث، منذ بدايات العقود الاولى من القرن الماضي وحتى الان، لقد دخلوا السجون، وتم اعدام الكثيرين منهم، وبسبب مواقفهم البطولية تعرضت عوائلهم وذويهم الى شتى انواع المضايقات والتمييز، لكونهم من قوى المعارضة لتلك الانظمة الديكتاتورية، ولكونهم من اقلية دينية. والمناضلون المندائيون مارسوا الكفاح بكل اشكاله والوانه، وخاضوا نضالاتهم في كل الساحات، جامعات، مدارس، معامل، مظاهرات، مسيرات، اعتصامات، ليسقط عشرات الشهداء والشهيدات، من اجل مسيرة الحرية للوطن، ومن اجل سعادة الشعب العراقي.

علينا جميعا ان نضع في سلم اولياتنا ونحن نتعامل مع هذا الملف ان نعتمد الامانة والعدالة في النظرة والاعتبار لهذه الكوكبة الزكية من ابنائنا وبناتنا البررة، بان نتذكرهم ونحث الدولة على بان تشملهم مع غيرهم من الشهداء العراقيين بكل الحقوق الواجبة عليها بتخصيص رواتب تقاعدية، وتوزيع للاراضي، ورعاية عوائلهم وذويهم، فدون عمل كهذا، يصبح الحديث عن الدولة الديمقراطية والقانون والمواطنة، فارغ من كل محتوياته.

ويدعو موقع اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر كافة الاخوة والاخوات من المندائيين واصدقائهم واخوتهم العراقيين، في كل مكان، بتزويدنا بما يتوفر لديهم، من معلومات بيوغرافية وصور فوتوغرافية بحجم كبير، لاي من الشهداء الذين سقطوا خلال السنوات الاخيرة بفعل اعمال الاجرام البربرية الظلامية الذي يزحف على بدمائه على ابناء الاقليات الدينية العراقية، ومنها ابناء طائفتنا الصابئية المندائية.

من اجل ارشفتها والاعلان عنها للضمير العالمي كجرائم للتصفية ترتكب ضد الانسانية