• Default
  • Title
  • Date
  • عبد الأله سباهي
    المزيد
    باقة من الزهور الجميلة ، لفت بعناية بورق فضي لماع ، كانت
  • د. سعدي السعدي
    المزيد
    الناصرية ، تلك المدينة الجميلة ذات الرائحة العطرة التي تنبعث من
  • سعدي جبار مكلف
    المزيد
    چني ايد اتفوچومگطوعه اصابعهااشوغ وي الشمس ليفوگاعاتب گاع مدفون بنباعيهامكتوب
  • يَحيَى غَازِي الأَمِيرِيِّ
    المزيد
    وُلِدَ سَتار، بِبَيتٍ مَصنُوعٍ مِنْ طِينِ وَقَصَبِ مَيسان، يُغازِلُ بِودٍ
السبت, 23 شباط/فبراير 2013

الشهيد المناضل حميد شلتاغ.. كتب بدمائه مجد العراق

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

تاريخنا المندائي يحمل نقاط استدلال مضيئة وكثيرة، لا نتردد بالعودة اليها كلما حملتنا الامواج في هذا التيه الكبير الذي نسير فيه ، ولا زال يحمل الكثير من المرافىء التي نركن اليها بين الحين والاخر، والتي كان لها اثر كبير في تواصلنا الفكري والثقافي وتعميد نزعتنا العقلانية والانسانية. واحد هذه المرافىء المندائية هو الشهيد الراحل حميد شلتاغ الذي تصادف هذه الايام الذكرى الخامسة والعشرين لاغتياله.

انه احد الرجال الكبار في طائفتنا المندائية، الذين نذروا انفسهم من اجل بناء اوطانهم وتحقيق آمال شعوبهم، هذا الرجل الذي اسهم بجدية في احياء فكر ومنهج واضحين يتمثلان في الرؤية الحقيقية باتجاه تنمية القدرة ، على الفعل الثوري والابتكار النضالي لدى الانسان العراقي، اضافة الى انه يجسد حتى الان وبعد رحيله من 25 عاما المثل والنموذج الاصيل للانسان المندائي الوطني المثقف الملتزم بقضايا شعبه.

لقد ترك هذا الرجل بصمته النضالية في صميم واقعنا الثقافي والاجتماعي، فقد كان مناضلا حقيقيا مواكبا لكل المتغيرات التي عاشها المجتمع العراقي بشكل عام والمندائي بشكل خاص، من خلال امتلاكه رؤية استشرافية، بدأت بطرح الاسئلة الحياتية والاجتماعية والفكرية، ومنذ كان شابا في بداية الخمسينات من القرن الماضي ومنذ ومضات الوعي الاول، ايام كان مايزال طالبا في الثانوية في العمارة، احد المعاقل الثورية للطبقة العاملة، اعلن وبكل جرأة انحيازه الكامل لقضايا الناس العاديين، ودفاعه عنهم وخوضه من اجلهم وبكل جرأة ومعرفة، ووضع فكره وجسده ، منذ تلك اللحظة، في قلب المعركة، من اجل بناء وطن سعيد للجميع، وقد اضمر له اعداء الشعب، حقدا مميزا، لكونه من ابناء الجنوب ولكونه صابئي مندائي، فاعتقلوه عام 1962 حين كبست قوات الامن اجتماع اللجنة الحزبية التي كان يقودها والتي كانت تنظم عمال البرق والربريد في بغداد ، وظل معتقلا ورفاقه حتى عام 1967 حيث حكم عليه خمس سنوات، واخضعوا جسده النحيل لكل ما هو جديد في فنون تعذيبهم الوحشي، وتنقل من سجن الى اخر، يحمل جراح جسده ، ولم ينج وهو في السجن من حقد الفاشيين .

منذ عام 1949 حين تعرفه على الحزب الشيوعي ، تعرض الى الكثير من المواجهات مع اعداء الوطن، متسلحا بقلق الناس الذين احبهم وظل متعلقا بهم وآمالهم ومستقبلهم حتى النهاية.

Hameed-Shiltagتلك هي شيم المبرزين الذين ينكرون انفسهم من اجل الاخرين، وهم يركزون على استكمال اطار الرؤية الوطنية والشخصية العقلانية المفكرة والمستوعبة لواقعها ومستقبل ابناء وطنها، هكذا كان ( ابو مجيد) ، وهو يحتضن هموم وطنه ، وينهل من ينابيع المعرفة، منكبا على مواصلة العطاء، في نشاط لا يني يتجدد ويجدد ، كرس نفسه ووجود ه لهذا الوطن بلاحدود ودون مقابل، منسجما مع فكره التنويري وذاته متقبلا لكل التضحيات مهما كانت، وقد نجح رغم كل الصعوبات والمشكلات التي واجهته في غرس قيم انسانية، انعكست في ارض الواقع العراقي، وفي مجالات عمله السياسي كواحد من كوادر الحزب الشيوعي العراقي، وعلى الصعيد الاجتماعي كشخصية مندائية مرموقة بعلاقاتها والتزاماتها الاجتماعية والدينية، اكتسبت محبة الجميع.

لقد ترك الشهيد الراحل اتباعا ورفاقا لازالوا يحملون ذكرى نزيهة عنه من خلال امتلاكه شخصية وطنية واعية كانت على الدوام قادرة على رصد قضايا مجتمعه ، والتنبه الى المخاطر المحدقة، وشم رائحة العواصف قبل هبوبها، وهذا شأن القياديين المتميزين الذين يتركون بعد رحيلهم اثرا كبيرا على العلاقات والعمل والتطلعات.

ان اهتمام الراحل حميد شلتاغ بهموم الوطن الذي كان يركع تحت هيمنة ليل الفاشية الاسود، كان همه الشاغل، فاصر على استمرارية المسيرة النضالية من منطلق الحرض على مواصلة البناء لقواعد النضال الدائم، وهو السبب الذي رفض من خلاله مغادرة العراق بعد اشتداد الحملة الفاشية قائلا" لم يتبق من العمر الا سنوات قليلة، فدعونا نموت داخل الوطن وفي احضان الحزب" رغم تعرضه للاعتقال عدة مرات، معتبرا العمل النضالي على الساحة العراقية هي الخيار الوحيد امام الشعب، وهو يسعى للتخلص من الحكم الديكتاتوري الفاشي، من اجل بناء مشروعه الحضاري الانساني، وتنمية مقدراته وامكانياته لتحقيق ما تصبو اليه كل فئات وطوائف واحزاب المجتع العراقي لبناء الديمقراطية الحقيقة.

لقد عانى حميد شلتاغ كثيرا بسبب ما رآه من التغيرات الكبيرة التي احدثتها الفاشية في تركيبة البنية السكانية والاجتماعية من خلل كبير على الهوية الحقيقية لفكر وتربية الانسان العراقي، وكان في علاقاته وعمله اليومي يركز على الدور التربوي بين الناس، ولم يفقده الارهاب الذي ساد في عموم البلاد ، بعد عام 1978 قابلية ان يكون اكثر الناس حراكا وتميزا ونشاطا وقدرة على متابعة جميع من يحيطوه، وكان بتلك العفوية ، وطيب النفس، وسمة التسامح، يجذب الناس اليه، ويوأخي بينهم على المحبة.

حميد شلتاغ ،هذا الاسم المعروف على نطاق واسع عند المندائيين العراقيين في كل مكان. كانت حياته في النضال الثوري رديف للاخلاص لقضية تحرير شعبه العراقي من الفاشية. من باب الوفاء لهذا الانسان الرائع ، اسمح لنفسي ان اتحدث عن بعض الجوانب الانسانية في عطاءات هذا الرجل صاحب البعد والعمق الحقيقي، تعامله مع الحياة، واهتمامه بالشباب المندائي، وحثهم على المتابعة والاطلاع و زيادة الطموح، وتحقيق الامنيات الكبيرة والصغيرة.

التقط بعض ما يستحق التوثيق لحياة عامرة بالعطاء والنبل الانساني المتميز ، وفاء وامانة ، كواجب بحاجة الى متخصصين وقادة واقارب واصدقاء يدخرون العديد من الذكريات، فهذا حق، يجب ان نحرص عليه جميعا، حق الوفاء لتلك الحياة التي لا زالت مستمرة فينا، لتقييم العديد من الجوانب لما قدمه هذا الرجل الراحل الذي اتسمت ايامه بعطاء دافق لكل من التقاه، لاتشوبه منّة ولا ينقصه سخاء ووفاء صادق ،لا تزلف فيه وليس فيه رياء، عطاء المقتدر، ووفاء المتعلم القادر.

لم التقيه الافي خلال فترات قصيرة ما بين عامي 1975 و 1976، وطيلة تلك اللقاءات التي جمعتني به في اكثر الاحيان في بيته الذي كان يجاور بيتنا في منطقة كرادة مريم، ذلك البيت المتواضع الرحب، على ضيقه، كان الواحة والملتقى، هو الفيء وهو الملاذ، فيه تقترب الاعين، وبين جنباته تهدأ الخواطر.

وكان اخر لقاء بيننا ،حمل نفسه ليجيء الى بيتنا ليودعني بعد ان عرف اني انوي مغادرة العراق بشكل نهائي لاني كنت اشم رائحة عواصفهم الظلامية القادمة . جلس في حديقة البيت الصغيرة ، ممتلىء كعادته ثقافة ووعيا ، يسمع جلساءه طرافة الثقافة المتأصلة وهو ينتقل ، من مثل عراقي الى اخر، ويلقي على الاسماع اعذب الكلام واكثره جمالا، ونحن انا والام الطيبة ، والاخت الحبيبة كنا حوله بين مستمع ومترقب، كنت اراه ، لوحة ناطقة ممتلئة بحروف المستقبل، فلا احد يشعر وهو يحادثه ، ان الزمن قد تمكن من هذا الرجل، فهو من القوة ما كان يخفي من توقعات الالم القادم، ظللت احبه من بعيد كأني شريك له ،في ما كان يحمله من امل، كأني به احدى نخلات بلادي الباسقة، في تلك المشية المهيبة، وبتلك الابتسامة الواثقة وفي تلك الاناقة المتميزة ، وكانه فنان. في اول مرة ازوره في بيته ادركت بانه لم يكن مزيفا، فظللت احبه على البعد، وظللت اراه في الشارع، او باحدى محلات اقاربنا الصاغة، فكان اللقاء به محطة تعنيني وتهمني كثيرا، مثلما تهمني وتعنينني كل نخلات بلادي الباسقة، كان مدهش في حديثة المتواضع يلامس الاعماق على نحو قريب ومفرح وهو يتحدث عن المستقبل وكأنه يتأمله قريبا لا محال، ويأمل ان يكون لنا جميعا.

في كل مرة التقيته كان يبادر بخطوات انيقة وهادئة كما هي عادته الى الشاي الذي لايخلو من صحن مليء بالكعك البغدادي ، وكانت حواراتنا تأخذ ابعادا اكثر دقة فانا اتحدث عن الفن وهو يصغي ويتمنى ان يقتني احدى لوحاتي ليضعها في صالة الدار المتواضعة، وهو يتحدث عن غد الانسان، عن ايادي الجلادين، وعن الضحايا التي تخاف السلطة المستبدة وقمعها، وعن روائح الدم التي تستثير شهية الذئاب التي كانت تحيطنا نحن الشباب والتي كانت متحفزة للانقضاض علينا جميعا.

بينه وبين الناس حين يكونون حوله ، تنعدم المسافات، فقد ظلت لغته البسيطة التي تتسم بالسلاسة، جنبا الى جنب ابتسامته الدائمية، ومفرداته المنتقاة التي كانت تتحاور مع انامله التي كان يحركها كثيرا، والافكار كانت عنده متقتصدة ودالة، فهو من اولئك الرجال الذين يعتمدون الاستشهاد بالواقع والامثلة العراقية القديمة ومواقف الناس الطيبين الذين عرفوا بتصديهم لاصحاب الارض في الجنوب، وشجاعة "آل ازيرج " في محاربتهم الاقطاع ايام الحكم الملكي والتي كان ماخوذا بها.

لقد قدمت الاحداث السياسية براهين وامثلة واقعية اثبتت ان القوى المناضلة ليست قادرة على استعادة فعاليتها ونشاطها بعد كل ضربة تأتيها من القوى الفاشية، فكانت بكل عناصرها ومؤيديها تمتلك الممارسة في اختراق كل الحواجز الهادفة الى التحريم المطلق لوجودها بين صفوف الجماهير. وكان الراحل حميد شلتاغ ذو حضور واضح في ما كان يجري في التحرك الجماهيري. وعلى ارضية الاحداث المتسارعة بسخونتها، برهن حميد شلتاغ على قدرة فائقة في خلق علاقات مستفيدا من بعض الانفراجات التي خلقتها اللعبة السياسية التي شهدها العراق ما بين 1974 و وبداية التحولات السياسية في مواقع القوى المتصارعة والتي كنت اطلق عليها تسمية "المؤامرة القادمة" وكان ابو مجيد يبتسم طويلا حين يسمعها لانني كنت اكررها كثيرا،، فقد كان على المخاض والمعاناة والاستقطاب، وتبلور صورة الماضي واتضاح صورة المستقبل.

كانت مساهماته اضاة الى دوره القيادي الحزبي، ينصب في توعية الجماهير بأهمية العمل المنظم في سبيل تحقيق الاستقلال والديمقراطية وكان يخوض معارك كلامية هادئة، الواحدة تلو الاخرى ضد المجموعات الانتهازية مفندا طروحاتهم وكاشفا عن جوهرهم الطبقي.

ما اروع ما منحنا ابو مجيد، خلقا ورقة وافكارا، عمقت محبتنا بفكره الذي دفع حياته من اجله جميعا صغارا وكبارا نساءا ورجالا نتذكر هذا الانسان الفذ، ويمتلكنا الاسى والحزن. هذا هو حميد شلتاغ الذي ولد في مدينة العمارة عام 1924 الذي انتقل الى مدينة بغداد ليلتحق بالقوة الجوية، وليكمل دراسته الجامعية في كلية التجارة المسائية سنديانة حب مندائية ظلت خضراء حتى انطفائها مساحة قرة من العطاء الابوي والفكري والمندائي بيادر نبل واخلاق ظل مؤرقا حتى ان اغتاله الفاشيست ليرمو جثته الطاهرة في احدى المقابر الشعب الجماعية ايها الرجل تودعك المحبة، وكنت من رعاتها ويودعك الوفاء، وكنت من اهل بيته
ويودعك النقاء، وانت الرجل الكبير الذي عرف كيف يحيا الصدق وقوة الضمير نودعك جميعا كمندائيين، وانت من الذين ناضلوا من اجل حضورنا الدائم ستظل تسكن والى الابد في ذاكرتنا وعقولنا وقلوبنا فلست وحيد ولن تكون

الدخول للتعليق

شهدائنا.. في ضمائرنا

ليس من الحكمة والانصاف والعدالة، تجاهل ونكران تضحيات مناضلينا المندائيين التي يعرفها الشعب العراقي حق المعرفة طيلة تاريخ العراق الحديث، منذ بدايات العقود الاولى من القرن الماضي وحتى الان، لقد دخلوا السجون، وتم اعدام الكثيرين منهم، وبسبب مواقفهم البطولية تعرضت عوائلهم وذويهم الى شتى انواع المضايقات والتمييز، لكونهم من قوى المعارضة لتلك الانظمة الديكتاتورية، ولكونهم من اقلية دينية. والمناضلون المندائيون مارسوا الكفاح بكل اشكاله والوانه، وخاضوا نضالاتهم في كل الساحات، جامعات، مدارس، معامل، مظاهرات، مسيرات، اعتصامات، ليسقط عشرات الشهداء والشهيدات، من اجل مسيرة الحرية للوطن، ومن اجل سعادة الشعب العراقي.

علينا جميعا ان نضع في سلم اولياتنا ونحن نتعامل مع هذا الملف ان نعتمد الامانة والعدالة في النظرة والاعتبار لهذه الكوكبة الزكية من ابنائنا وبناتنا البررة، بان نتذكرهم ونحث الدولة على بان تشملهم مع غيرهم من الشهداء العراقيين بكل الحقوق الواجبة عليها بتخصيص رواتب تقاعدية، وتوزيع للاراضي، ورعاية عوائلهم وذويهم، فدون عمل كهذا، يصبح الحديث عن الدولة الديمقراطية والقانون والمواطنة، فارغ من كل محتوياته.

ويدعو موقع اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر كافة الاخوة والاخوات من المندائيين واصدقائهم واخوتهم العراقيين، في كل مكان، بتزويدنا بما يتوفر لديهم، من معلومات بيوغرافية وصور فوتوغرافية بحجم كبير، لاي من الشهداء الذين سقطوا خلال السنوات الاخيرة بفعل اعمال الاجرام البربرية الظلامية الذي يزحف على بدمائه على ابناء الاقليات الدينية العراقية، ومنها ابناء طائفتنا الصابئية المندائية.

من اجل ارشفتها والاعلان عنها للضمير العالمي كجرائم للتصفية ترتكب ضد الانسانية