• Default
  • Title
  • Date
  • عبد الأله سباهي
    المزيد
    باقة من الزهور الجميلة ، لفت بعناية بورق فضي لماع ، كانت
  • د. سعدي السعدي
    المزيد
    الناصرية ، تلك المدينة الجميلة ذات الرائحة العطرة التي تنبعث من
  • سعدي جبار مكلف
    المزيد
    چني ايد اتفوچومگطوعه اصابعهااشوغ وي الشمس ليفوگاعاتب گاع مدفون بنباعيهامكتوب
  • يَحيَى غَازِي الأَمِيرِيِّ
    المزيد
    وُلِدَ سَتار، بِبَيتٍ مَصنُوعٍ مِنْ طِينِ وَقَصَبِ مَيسان، يُغازِلُ بِودٍ
الجمعة, 24 أيار 2013

مناضل مــن بلادي ...مع مذكرات المناضل جبار عبود لفتة ـ ابو نضال ـ الجزء الاول

  نعيم الزهيري
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

 

 

ما يبعث الفرح والتفاؤل، بمستقبل العراق، النشاط المتواصل والمتزايد لمبدعينا ومثقفينا ومناضلينا الذين ما ضنوا لحظة واحدة في عطائهم ملتصقين بالشعب وقضيته يعانون معه ويشاركونه معاركه النضالية ضد الحرب والفاشية والتسلط وقهر الانسان.
ويحتل مناضلونا المندائيون مكانة بارزة بمساهماتهم مع رفاقهم في كل المناسبات ، وفي اعمالهم ومواقفهم وحياتهم وعلاقاتهم. ان ما يقدمه المبدعون المندائيون سواء في الداخل او الخارج، في الماضي حيث كانوا يعيشون ظروف النضال السري الصعبة، او في الحاضر وهم يتساقطون بسكاكين الطغاة الجدد من قوى الظلام، يشكل صرخة قوية بوجه كل الطغاة وثقافتهم المعبرة عن الحقد والتخلف والغاء الاخر.
وتأتي ثقافتنا العراقية التقدمية جزء من هذه الحقيقة التي تبزغ اكثر سطوعا، كل يوم، مبشرة بالغد السعيد، هذه الثقافة الجامحة للافلات من الديماغوجيات والطائفيات والافكار والممارسات الفاشية التي تورثناها من العهد البائد الفاشي، والتي تعمل بتسليط الضوء على محتواها الرجعي، وتعبر بالوقت نفسه على المواصلة وباشكال مختلفة عن جوهرها التقدمي والمحتوى الديمقراطي للثقافة العراقية الاصيلة بشكل اوسع، ويشكل ما قدمه كبارنا من المندائيين في حياتهم النضالية عنصرا حيويا لاينفصم عن نضال اخوتنا في الداخل والخارج.
ان العمل الخلاق يقلق قوى الظلام في اي مكان وزمان كانت، وان عودتنا بين الحين والاخر لذكر شهدائنا ومناضلينا الابرار، يعطينا قوة وثبات تعزز صلتنا يوما بعد اخر بحياة شعبنا، والمناضل المقاتل والانسان الراحل جبار عبود لفتة الذي عاش قريب من الجماهير، هو علم من اعلامنا المندائية الفذة، ساهم بكل مكابرة وعزة نفس واباء في تحطيم ابواب العتمة الي كانت تحجب نور المعرفة والوعي والمصير عن ابناء شعبنا.
هو من الرعيل المناضل للشيوعيين العراقيين، ساهم في الاربعينات والخمسينات في الحركة الوطنية الديمقراطية، وهو فتى يافع، واشترك في عشرات التظاهرات الشعبية. حياة تكرست منذ الفتوة للنضال من اجل تحرر الوطن وسعادة الشعب، وظل حتى اواخر ايامه، يخوض الكفاح السياسي والفكري، بهمة تعز على شباب كثيرين.
عمل في صفوف الحركة الثورية العراقية طيلة سنوات، وامضى في السجن سنوات طويلة، عانى فيها ورفاقه السجناء الشيوعيون والديمقراطيون عذابات السجون واضراباتهم البطولية عن الطعام، وعانى مجازر السلطات البشعة التي نظمها حكام العهد الملكي والحكم العارفي وبعدها سلطات البعث الفاشية.
جبار عبود( ابو نضال) بالنسبة للعديد منا نحن المندائيون، بمثابة بطل حقيقي ذي البعد الاممي، فما قدمه في حياته ونضاله من اجل الانسان العراقي يجسمان هذا الانسان الذي اصبح رمزا خالدا في حياتنا وحياة الاجيال القادمة
ولد المناضل جبار عبود سنة 1924 من عائلة كادحة في مدينة الصويرة، حيث كان ابوه صائغ متجول اصيب بمرض فقد فيه بصره، فاضطر اولاده الثمانية من ضمنهم جبار الى العمل والدراسة لاعالة العائلة الكبيرة، فتخرج من دار المعلمين تالريفية سنة 1943، حيث عملا معلما في مدينة الكوت، ثم انتقل الى قرية الحفرية قرب ناحية العزيزية في السنة ذاتها.
مزج الراحل بين التعليم والنضال بين الجماهير الكادحة، فامتلك عدة ادوار بين جماهير الفلاحين، حيث كان معلما ونجارا وحدادا لوسائل انتاج الفلاحين ومضمدا لمرضاهم وحلاقا لابنائهم.
قاد نضال الجماهير الكادحة والتنظيمات الحزبية في مدينة العزيزية والصويرة وقرية الزبيدية حتى سنة 1953
وبعد نشاط سياسي ملحوظ ادى الى اكتشاف امره مما اضطره الى الهرب والاختفاء في مدينة النعمانية، ومن ثم الى بغداد حيث عاش متخفيا في بيوت الاقرباء. سخر كل افراد اسرته للعمل من اجل خدمة اهداف حزبه السياسي. وفي احدى المرات تم القاء القبض على زوجته المناضلة " ام نضال" وهي تحمل بريدا حزبيا، وكانت حاملا في طفلها الثاني ( طارق) الذي ولد في سجون العهد الملكي البائد، ونالت هذه المرأة الشجاعة ظروف قاسية من سلطات القمع داخل سجن النساء، فاضطرت بتسمية ابنها الوليد " انسان" احتجلجا على فضاعة الانتهاكات التي تعرضت لها نساء العراق المناضلات في اقبية السجون والمعتقلات.
ارسل الحزب الشيوعي العراقي المناضل جبار عبود لقيادة تنظيم لواء المنتفك حيث ارسى وبشكل جديد اعادة تنظيمات الحزب في كل من مدن الناصرية وسوق الشيوخ والرفاعي والشطرة وقلعة سكر والفهود وكرمة بني حسن .
القي القبض عليه عام 1954 واودع السجن في مدينة الناصرية، واضرب عن الطعام ثلاث مرات احتجاجا على المعاملة اللا انسانية ، بعدها اضطرت السلطات الى تقديمه للمحكمة في مدينة النعمانية، حيث اصدر عليه حكم بالسجن لمدة سنة ونصف.
كتبت عنه السيدة ناجية يوسف في كتابها" سلام عادل":
"
اما لجنة محلية الناصرية فقد قادها الرفيق ابو نضال( جبار عبود) وهو من اتلرفاق الصابئة، وقد عمل في اليمن الشعبية خلال الثمانينات، توفي في سوريا ودفن في مقبرة الشهداء فيها" وتضيف" كان عملنا في مدينة الناصرية صعب، فقد كان لمنظمة راية الشغيلة المشقة النفوذ الاقوى فيها، وعندما بدأ الشكيل الجديد للجنة المحلية فيها نهاية 1953، اصبح الرفيق ابو نضال مسؤولا عنها فتوسع نشاطنا هناك ، ولكن في فترة اضراب عمال نفط البصرة، وجه العدو ضربة كبيرة للمدينة عندما اعتقل اعضاء اللجنة ومسؤولها. اما عن ذكرياتي عن ام نضال ومجيئها الى البصرة لاستلام واخذ البريد الحزبي، فانها اعتقلت مع زوجها حيث وضعت للولادة في موقف سجن المدينة في ظروف قاسية جدا، ولما سمع ابو نضال بذلك طلب تسمية ابنه( انسان) احتجاجا علاى المعاملة اللاانسانية التي قوبل بها لدى اطلالته على هذا العالم. والتقيت كثير بام نضال طوال حياتي في البيوت الحزبية، وكانت العزيزة وهي تتابع سيرها النضالي في درب النضال، تحمل عبء العائلة الثقيل، فقد كان الرفيق ابو نضال لايخرج من السجن الا ليدخله مرة اخرى"
ارسلو المناضل جبار عبود الى سجن الكوت فاضرب عن الطعام هناك لمدة 30 يوما ثم نقل الى سجن بعقوبة في الحبس الانفرادي.
بعد انتهاء مدة الحكم تم نفيه الى قضاء بدره لغاية 1956 . وبعد انتهاء مدة النفي ارسلوه الى بغداد حيث اطلق سراحه ولكن لم تمر فترة وجيزة حيث تم القاء القبض عليه وارسل الى الصويرة خرج منها بعد ان دفع رشوة.
بعد ثورة 14 تموز اعيد الى التعليم في مدينة الكوت وانتخب في عام 1959 رئيسا لنقابة المعلمين وتقلد منصب مدير المعارف في نفس المدينة.
سنة 1960 انتقل اداريا الى مدينة الحلة فعمل بمكتب لجنتها المحلية.
اعتقل في عام 1962 اثر اشتراكه بتظاهرة عمال النفط المشهورة التي شاركت فيها جميع تنظيمات واصدقاء الحزب في كل مكان
حكم عليه بالسجن لمدة اربع سنوات ارسل الى سجن البصرة ثم ارسل الى سجن نقرة السلمان وبقي معتقلا هناك حتى سنة 1965
بعد اطلاق سراحه عاد مباشرة لمزاولة عمله في صفوق الحزب كقائد محنك وثوري صلب وفيا لحزبه وشعبه فعمل في اشكل نضالية متنوعة حيث عمل في محلية الرصافة ثم محلية الكرخ
اعيد الى سلك التعليم بعد قرار اعادة المفصولين السياسيين سنة 1968
اشتغل في الخط العسكري ثم انتقل الى محلية ىالرصافة وهرب الى كردستان بعد ان اشتدت الحملة ضد الشيوعيين وبعد انهيارات في منظمة بغداد حيث كان عضو منطقة بغداد عام 1969
عينته الثورة الكردية معلما للغة العربية في مدن كردستان في المناطق الخارجة عن سلطة الحكومة المركزية. احترمته قيادة ىالثورة الكردية فاستقر هناك لغاية سنة 1974 حيث بدأت الحخرب فاضطران يهرب مع الاف اللاجئين الى ايران، لكنه كان يعرف بداخله ان ذلك ليس نهاية مشواره، فرجع الى العراق بطريق خطر جدا تحت قصف قوات الحكومة. فتوجه هو وزوجته وثلاثة من اولاده الى مدينة دربندرابات ثم بعد ذلك توجهوا الى مدينة كلاله بطريق صعب ومعقد، وكانت مقفرة خالية من الناس سوى بعض الحخرس من هناك رافقتهم قوة من قوات البشمركه متوجهين لطلب الموافقة من مكتب حزب البارتي( الديمقراطي الكردستاني) وكان الطريق شاقا ومفعم بالاخطار، حيث طلب البيشمركه ان تطفىء اضوية السيارة خلال السياقة، وهذا يعني خطورة بالغة، فقد كانت قوات الحكومة تصب حمم قنابلها على نفس الطريق عن رؤية اي شيء. واثناء السير توجهت السيارة التي تحملهم بسرعة فائقة لتلافي القذائف، وبسبب مهارة السائق نجوا من الموت المحتم، ثم واصلوا سيرهم مارين بمدينة سري حسن بيك ثم قرية الشيخ خالد، ثم قرية لقمان، ثم قرية بله، ثم العمادية، واخيرا مدينة سرسنك، حيث بقوا فيها بعد حصول جملة صعوبات لم تكن متوقعة، تمثلت برفض المسؤولين في تلك المدينة ابداء المساعدة لهم بالوصول الى مدينة زاخو، وعدم السماح لهم للمرور بقرية خيزاوة، وهي قرية مهمة للوصول الى زاخو. ولحسن الحظ عرفة بعض رجال قوات البشمركه كانوا معه سابقا، فتقدموا بطلب من المسؤولين لابداء المساعدة له ولعائلته للوصول الى زاخو، ففتحت لهذا المناضل الابواب للتوجه الى زاخو مستخدمين السيارات والبغال والمشي على الاقدام، وكانت رحلة اسغرقت نحو ثلاثة ايام وصلوا خلالها الى منطقة شرانيش وهي تقع على الحدود الشرقية الشمالية من حدود تركيا. وقد كتب المناضل القدير جبار عبود مذكراته عن سلسلة الاحداث االرهيبة والخطيرة التي واجهها وعائلته، حيث شرح الاهوال الخطرة في هذه المسيرة الصعبة بعد خروجه من مناطق الحرب في كردستان .
بعد وصوله وعائلته للقرية التركية ومن ثم العبور الى سوريا في مدين القامشلي بتاريخ 16/ 11/ 1974، فقد كانت الاوضاع السورية وخاصة على شيوعيها الاكراد قاسية للغاية، الا انهم استقبلوه بحفاوة واحتضنوه، ومهدوا كل السبل له للسفر الى بيروت، بعد ان ساعدوه بتزويده بهوية مزورة لتسهيل التنقل والوصول الى بيروت سالما. وخلال وجوده في مدينة بيروت عمل حمالا في المرفأ، ونجارا في احدى الورش، ومن ثم عاملا في احد المصانع ليوفر لقمة العيش لعائلته في لبنان، وبوجود علاقات حميمة مع افراد من الحزب البارتي اليساري الذين يحملون الافكار الماركسية اللينينية، حصل على عمل كمحاضر في مقر الحزب للكوادر الحزبية كي يرفع من مستوياتهم النظرية والخبرة العملية النضالية.
الشيوعيون اللبنانيون كانوا يكنون له تقديرا كبيرا، وقد منحوه عضوية الحزب الشيوعي اللبناني بموافقة الحزب الشيوعي العراقي تقديرا لمواقفه النضالية
في 13 نيسان بدأت بوادر الحرب الاهلية اللبنانية، وبدأت اثار الحرب تسحب رياحها المريرة لكل المناضلين واحدهم جبار عبود، مما اضطره للسفر الى اليمن ليستقر فيها بعد ان حصل على جواز سفر مزور، فهي الدولة العربية الوحيدة التي كانت تحتضن الشيوعين العراقيين.
فسافر من بيروت الى صيدا ليركب الباخرة متوجها الى عن طريق البحر ليصل الى دولة اليمن الشعبية وليعمل مدرسا في دار المعلمين والمعلمات، فنال رضى الجميع لما كان يتمتع به من خصال فكرية رفيعة، منتظرا الفرصة السانحة للعودة الى الوطن لاتمام دوره النضالي. وجاءت الفرصة باصدار العفو الرسمي من العراق عنه ونشر في جريدة الوثائق الرسمية لكنه لم يرجع الى العراق لانه لايحمل اية ثقة بالفاشيست البعثيين
ترك اليمن سنة 1987 متوجها الى سوريا ليكون قريبا للعراق، لكنه اصيب بمرض السرطان هناك الذي لم يمهله طويلا فتوفي ليدفن بمقبرة الشهداء.

يسر موقع اتحاد الجمعيات المندائية نشر مذكرات المناضل جبار عبود التي حررها الزميل نعيم الزهيري على شكل حلقات تحت اسم( مناضل من بلادي) حيث تزامن نشرها مع اعدادنا لمادة اخرى مشابهة تحوي صفحات من مذكرات الراحل، الا اننا سنتابع نشر ماحققه زميلنا الفاضل نعيم الزهيري مشكورا لجهوده القيمة:

مناضل مــن بلادي ...مع مذكرات المناضل جبار عبود لفتة ـ ابو نضال ـ الحلقة ( 1 )
اعداد نعيم الزهيري

لم ينس الشعب ابناءه مهما تراكم غبار النسيان ،ولم ينس الوطن ولا الحركة الثورية أولئك البناة الاوائل الذين سطروا اللبنات الاؤلى للبناء الشامخ الذي لم تتمكن معاول الشر من تهديمه ولا الايادي الخبيثة والمدعية من حجبه بستار أو تشويهه ...
لا نكشف سرا ً ؛ فهو ليس سر،بل نريد ان نرفع علما ً من أعلام حزبنا ،وما أكثرها،عَلماً ما لفه النسيان ،بل بقي شامخا بوجه الاعاصير ،ذلك هـو المرحوم جبار عبود لفته،ابو نضال ...
فـي اواخر عام 1964 ،في سجن نقرة السلمان ،في القاعة رقم 7 ،عندما كنت في زيارة لصديقي وزميلي في اتحاد الطلبة في اواخر الخمسينات،المرحوم خلف جودة الذي توفي في الغربة ودفن في مقبرة شهداء الشعوب في برلين ،جلب انتباهي ذلك الرجل الاشقر البدين القصير القامة ذوالعينين الزرقاوين المدورتين والنظرات الحادة جدا، بضحكته المجلجلة في القاووش وصوته العالي في الحديث. لم أسأل عن تفاصيله إذ كلما اعرف عنه انه رجل مسن وشيوعي قديم. لم تتوطد بيننا علاقة آنذاك ،وافترقنا، وفي 2/ 4/ 1979، وفي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التقينا ثانية وكانت معه عائلته، وصارت لنا علاقة حميمة وأسماهـا العلاقة الرفاقية. وقد تزودتُ بالكثير من تجاربه وخبرته النضالية، ومن خبرة زوجته الكريمة (وعد) ام نضال التي استلمت بطاقة عضوية الحزب من الرفيق سلام عادل مباشرة عندما كانت في بيت حزبي .ومن الملفت للانتباه انه كان يعقد اجتماعا لعائلته في كل يوم جمعة ولمدة ساعتين وفق برنامج مرسوم يناقشون فيه: وضع العائلة والوضع السياسي ودراسة كراس ماركسي والنظام الداخلي للحزب، وما يصدر من ادبيات ... سيق ولده الاكبر نضال الى الخدمة العسكرية وهو معاون طبيب،ووقع في الاسر في ايران واطلق سراحه بعد عشر سنوات .اما ابنه الاصغرعائد فلبّى نداء الحزب والتحق بقوات انصار الحزب الشيوعي العراقي في كردستان .وفي احداث جمهورية اليمن اليمقراطية الشعبية المؤلمة والدامية غادر مع عائلته الى سوريا،وفيها توفي ودفن في مقبرة الغرباء مشيّعا من قبل العراقيين وحركات التحرر هناك ...ان ما دفعني لاعداد مذكراته هو انني قراتها عندما كنت في اليمن الديمقراطية ،وبعد ان دار علينا الزمن واخرجنا السلاح الكيمياوي من كردستان ،حيث كنت ضمن قوات انصار حزبنا الشيوعي، وعبر ايران وصلت سورية وعثرت على تلك المذكرات بمساعدة احد اقاربي . فاتصلت باخيه في السويد سامي ،ورد اسمه في المذكرات، وطلبت منه اعدادها ونشرها لاهميتها .وقد مضى على طلبي ثلاث سنوات ولم يتحرك ساكنٌ ؛ووفاء ً لذلك المناضل المقدام واسهاما مني في تغطية شيء من التاريخ السياسي لحزبنا والحركة الثورة في عراقنا الحبيب ،بذلت هذا الجهد المتواضع في اعداد هذه المذكرات ،عسى اكون قد وفيّتُ بعض الشيء.علما بانني لم اضف شيئا او اتلاعب بجوهر الاحداث صيانة للامانة واحتراما للكلمة التي دونها فقيدنا بقلمه،ولا زلت احتفظ بنسخة من المذكرات ....

تقول هويته الشخصية :
ـ الاسم الكامل جبار عبود لفته ـ ابو نضال ـ
ـ تاريخ الولادة 1921 / العمارة
ـ المنشأ مدينة الصويرة
ـ الانحدار الطبقي حرفي ( والده صائغ )
ـ المهنة معلم، خريج دار المعلمين الريفية
ـ تاريخ عضوية الحزب 1947 / بغداد
ويكتب ابو نضال عن حياته السياسية والمهنية ويقـول :
منــذ حركة رشيد عالي الكيلاني دخلنا معترك الحياة السياسية والعمل الوطني ،حيث المظاهرات العفوية في قضاء الصويرة ضد الانكليز .وجراء مشاركتي فيها اُلقي القبض عليّ وتم حجزي لمدة اربع ساعات ...دخلت دار المعلمين الريفية في الرستمية في بغداد في 1941 ،وانتقل اهلي الى بغداد ..وفي عام 1944 كانت تجتمع في بيتنا خلية من عسكريي القوة الجوية مكونة من اربعة عناصر بضمنهم اخي الاكبر خضير عبود وشخص اخر اسمه كاظم حمدان ، وقد شرح لي كاظم اهدافهم وعملهم وعن الاتحاد السوفييتي وعظمته وعن اهداف الحركة الشيوعية .فاقتنعت بما قاله لي ،وقدموا لي قصة الام لمكسيم غوركي .ومنذ ذلك التاريخ انغمرت معهم في العمل بنشاط وهمّــــــة،
بعدها قابلت داود الصائغ وصار اتصالي معه هو واكرم حسين وسلمانــــــي المطبعة
فوضعتها في بيتي وهو كوخ في العواضية في بغداد، ومن تلك المطبعة خرج اول عدد من جريدة العمل... وفي مجرى العمل تعرفت على عبد الامير عباس، وكاظم حمدون، وخلف، وسليم الفخري، وحسين الدوري، وغضبان السعد، وحسين الوردي، وفاروق برتو وجليل صخيل، وعبد الحسين[عامل سكك] وصادق الفلاحي والكثير غيرهم... وخاصة عندما فتحت مكتبة الرابطة في شارع غازي [ شارع الكفاح حاليا ]
ولم ينفك عملي عن جماعة المطبعة التي كانت باشراف اكرم حسين ، هذا بالاضافة الى نشاطي الحزبي في دار المعلمين الريفية. حيث كسبت العديد من الطلبة والمدرسين،كما كان بيتي ماوى لطلبة كلية بغداد في اضرابهم، ونشطت في جمع التبرعات لهم .وكنت ايضا من النشطين في مقارعة بيروقراطية ادارة دار المعلمين انذاك.وعندما توضح لي باننا نعمل في كتلة منشقة عن الحزب ،رحت ابحث عن الحقيقة اذ كان داوود الصائغ يتكلم دائما ًعن الرفيق فهد واصفا اياه بالبيروقراطي والمستبد ...كان استمراري في البحث عن الحقيقة لا يخلو من البساطة والسذاجة احيانا، واخيرا استدعيت الاخ عزيز سباهي وهو احد اقاربي واوضحت له ما يمليه عليّ داود الصائغ ،وكان النقاش بيننا يدور حول :هل يوجد حزب شيوعي في العراق ام لا ؟ ولم نتفق بادء الامر ولكن ،ومع استمراري بالعمل اكتشفت ان داود الصائغ كان يضم كل فرد يطرد من الحزب ،ومثال ذلك هو فاضل فعل الذي طرده الرفيق فهد بعد اتهامه بالتجسس لصالح الامن ،ففي احد الايام كنت جالسا امام مكتبة الرابطة واذا بجليل صخيل يستصحب معه فاضل فعل ويقدمه لداود الصائغ ،وما كان من داود الاّ قبول فاضل عضوا في الرابطة وادخاله لجنة العمال !؟ وبهذا اخذ فاضل يتحرك مع العناصر التي تعمل في مطبعة الرابطة ،وفي تلك الفترة انكشف البيت الذي يحوي المطبعة في الكرادة الشرقية واحترازا تقرر نقلها الى مكان آخر ولما لم يكن قد تهيأ بيت لها كلف داود الصائغ اكرم حسين لنقل حروف المطبعة الى بيت عبد الامير عباس لحين توفير بيت اخر ،وكان هذا التوجيه امام فاضل فعل ..نقل اكرم حسين حروف المطبعة الى بيت عبد الامير عباس . وبنفس الليلة ألقي القبض على اكرم حسين وعذب وكسر سنّه فلم يصمد فاعترف على انه نقل حروف المطبعة الى بيت عبد الامير عباس .وبعدها القي القبض على داود الصائغ وغضبان السعد وخضير عبود لفته( اخي) وآخرين .وبنفس الوقت وفي ليلة واحدة ألقي القبض على الرفيق فهد ورفاقه {{ حدثت تلك الاعترافات والاعتقالات في أيام اصدار مكتبة الرابطة كتاب الدولة والثورة للينين ترجمة سليم الفخري ،وبنفس الوقت أُصدر كتاب حياة ديمتروف من مكتبة دار الحكمة العائدة للحزب الشيوعي}}
كانت الحملة شديدة جدا ًسواءً بالاعتقالات او بمصادرة الكتب من المطابع.. وبعد صدور الاحكام على الرفيق فهد ورفاقه ،تم الاتفاق على حلّ الرابطة والانضمام الى صفوف الحزب .ذهبت الى الرفيق عزيز سباهي فاعطاني اشارة اتصال واتصلت باحد الرفاق وكان حلاقا في شارع الشيخ معروف ،واستمر الاتصال لغاية تخرجي من دار المعلمين وتعييني معلما في قرية الحفرية .

فــي قريــــة الحفريـــــة

استمر اتصالي بالرفيق الحلاق وبعدها بالرفيق صبري سباهي ،حتى سنة 1950 حيث كنت استلم الادبيات والمنشورات عن طريقه لان عملي كان ضيّق جدا لان المدرسة التي اسكنها بعيدة عن القرى الاخرى وقريبة جدا عن بيت الشيخ حامد السيد وخدمه ووكلائه ، وان سيطرته على الفلاحين كانت شديدة جدا ،تصل حد كتم الانفاس، ..... درست مع نفسي ظروف المنطقة وامكانية العمل بين صفوف الفلاحين ،منطلقا من الاحتكاك المباشر بهم وتلبية بعض احتياجاتهم اليومية ،فكنت احلق شعر تلاميذ المدرسة كما وفرت عدّة لتصليح الفؤوس والمناجل ،وكنت احصل على الادوية والضمادات من مستوصف الصويرة ،وظفتها لخدمة الفلاحين .ثم اشتريت راديو اسمع به مع الفلاحين الاخبار والتعليقات وبالاخص برامج اذاعة موسكو كما عملت حفلتين ومهرجانا رياضيا للفلاحين ثم مزرعة لتوفير الخضار ووظفت وارداتها لمساعدة التلاميذ الفقراء .وبهذا دخلت قلوب الفلاحين ،وأدى عملي الى كسب ثلاثة من الفلاحين وكونت منهم خلية حزبية ويرتبط بتلك عدد من الاصدقاء ...

فـــي قريـــة الحريــــــــــة

في مطلع العام الدراسي الجديد نقلت اداريا الى قرية الحفرية وهي قرية تابعة الى قضاء الصويرة وتبعد عنها 21 كيلو متر ،صاحب تلك القرية عبد الله المجيد وهوشخص متعلم يدعي الديمقراطيةالبرجوازية ،ويشاع انه من جماعة النقطة الرابعة .وفي العهد الجمهوري شارك في المؤامرات ضد النظام الجمهوري ...في هذه القرية كنت مستمرا على نفس النهج ،نهج الاختلاط بالفلاحين وكان اغلبهم من الفلاحين المتوسطين الذين يملكون قطع ارض صغيرة على امتداد نهر الكَص .أنشات مزرعة قطن تصرف وارداتها للتلاميذ الفقراء ، وشراء عربة تجرها الخيول لجلب التلاميذ من الاماكن البعيدة ، ثم فتحت صفا لمحو الامية مجانا ً،ضم فلاحين فقراء وسراق .وعندما شعر الملاك عبد الله المجيد بالتفاف الفلاحين حولي ،راى في ذلك خطورة على مكانته بينهم فاتصل بمديرية المعارف بغية نقلي من المدرسة ،وبالفعل تم ذلك فنقلوني الى قرية بدعــة، بعد اربعة اشهر ...

فـــي مدرســــــة قريـــــــــة بدعـــــــة

بدعة قرية تبعد عن الصويرة 10 كيلومتر،شيوخها ثانويون ،يسمون شيوخ الفحل وكلهم من عشيرة زبيــــد .تمكنت في تلك القرية من كسب بعض الشباب المتنورين وبشكل خاص من اولاد الشيوخ فصاروا اصدقاء للحزب ...كان مركز عملي في قضاء الصويرة التي ترعرعت فيها واكملت دراستي الابتدائية . عملت لجذب شباب المدينة من مختلف الفئات الكادحة ومن المثقفين والطلبة والمعلمين بحيث صارت لي قاعدة جماهيرية وبذلك كونت منظمة واسعة تضم لجنة المدينة وترتبط بها عدة خلايا من الكسبة والكادحين وحلقة للاصدقاء بالاضافة الى الاصدقاء الفرديين ،وكذلك كان لنا عمل مع النساء لرابطة الدفاع عن حقوق المرأة ... كانت لجنة المدينة تتكون مني ومن رسول واسماعيل حمه الخياط واخيه خليل حمه الخياط ،وكانت سمعة الحزب كبيرة جدا ولها وزنها في المدينة .لقد ساعد على ذلك التحرك الظروف السياسية المؤاتية انذاك ،حيث كان جو الانتخابات حماسيا وبالاخص المنافسة بين الشيخ حامد العجيل مرشح الحزب الوطني الديمقراطي وبين مزهر السمرمد المرشح عن حزب الدستور ( حزب نوري سعيد ) .وفي ذلك الجو المشحون بالحماس والتسابق ،قتل الشيخ حامد من قبل جماعة نوري السعيد .وقد لعبت منظمتنا دورا ً بارزا ًفي فضح مزهر وحكومة نوري السعيد وبالرغم من اعلان الاحكام العرفية ،والهجمة على الحزب وايقاع ضربة به في بغداد ،توسعت منظمتنا اكثر فاكثر ،وفي تلك الاثناء اصدر امر اداري بنقلي الى الزبيدية ....

يتبع

 

الدخول للتعليق

شهدائنا.. في ضمائرنا

ليس من الحكمة والانصاف والعدالة، تجاهل ونكران تضحيات مناضلينا المندائيين التي يعرفها الشعب العراقي حق المعرفة طيلة تاريخ العراق الحديث، منذ بدايات العقود الاولى من القرن الماضي وحتى الان، لقد دخلوا السجون، وتم اعدام الكثيرين منهم، وبسبب مواقفهم البطولية تعرضت عوائلهم وذويهم الى شتى انواع المضايقات والتمييز، لكونهم من قوى المعارضة لتلك الانظمة الديكتاتورية، ولكونهم من اقلية دينية. والمناضلون المندائيون مارسوا الكفاح بكل اشكاله والوانه، وخاضوا نضالاتهم في كل الساحات، جامعات، مدارس، معامل، مظاهرات، مسيرات، اعتصامات، ليسقط عشرات الشهداء والشهيدات، من اجل مسيرة الحرية للوطن، ومن اجل سعادة الشعب العراقي.

علينا جميعا ان نضع في سلم اولياتنا ونحن نتعامل مع هذا الملف ان نعتمد الامانة والعدالة في النظرة والاعتبار لهذه الكوكبة الزكية من ابنائنا وبناتنا البررة، بان نتذكرهم ونحث الدولة على بان تشملهم مع غيرهم من الشهداء العراقيين بكل الحقوق الواجبة عليها بتخصيص رواتب تقاعدية، وتوزيع للاراضي، ورعاية عوائلهم وذويهم، فدون عمل كهذا، يصبح الحديث عن الدولة الديمقراطية والقانون والمواطنة، فارغ من كل محتوياته.

ويدعو موقع اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر كافة الاخوة والاخوات من المندائيين واصدقائهم واخوتهم العراقيين، في كل مكان، بتزويدنا بما يتوفر لديهم، من معلومات بيوغرافية وصور فوتوغرافية بحجم كبير، لاي من الشهداء الذين سقطوا خلال السنوات الاخيرة بفعل اعمال الاجرام البربرية الظلامية الذي يزحف على بدمائه على ابناء الاقليات الدينية العراقية، ومنها ابناء طائفتنا الصابئية المندائية.

من اجل ارشفتها والاعلان عنها للضمير العالمي كجرائم للتصفية ترتكب ضد الانسانية