• Default
  • Title
  • Date
  • د. تحسين عيسى السليم
    المزيد
    Starving Cancer Cells, scientific fact or science fiction هل خلايا
  • د. عبد الهادي صالح
    المزيد
    DVT Deep Venous Thrombosisقد تحدث لكثير من الناس . خطورتها تكمن
  • د. عبدالهادي صالح
    المزيد
    شكوى معظم الناس من كلا الجنسين ، ممكن أن يصيب أي
  • د. تحسين عيسى السليم
    المزيد
    Breast cancer, a tame lamb or a fierce beast?سرطان الثدي
السبت, 18 أيار 2013

ظاهرة الفوبيا

  عزيز ساجت
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

المقدمة :

تبنى علاقة الانسان بالخالق على عنصر اساسي وهو الايمان ( الكشطا ) ، فالخالق غير منظور ، وكل علاقتنا به تقع في حيز الايمان والثقة لا غير ، وتنمو قدرة الانسان على الثقة من خلال علاقات الحب والرعاية التي يتلقاها وبالاخص في فترة الطفولة ، وعندما يحدث شرخ او كسر منظومة العلاقات الانسانية بسبب اي اساءة معينة فان الانسان يفقد ايمانه بالبشر وبالخير بشكل نسبي ، فلا يطمئن الا لما يمكن رؤيته والسيطرة عليه ، وبهذه الطريقة تبنى علاقة الانسان مع خالقه على الخوف وبالتالي يكون التدين هو الحل كوسيلة لأرضاء الخالق وتجنب عقابه مما يكسبه الطمأنينة والامان لذاته الجريحة .

ظاهرة الخوف :-

الخوف او الفوبيا او مايطلق عليه ( الخواف ) هما واقعان مختلفان وان كانا مترابطين حين يعايش الفرد الخوف او حين يعاني الفوبيا ، والتساؤل الرئيسي الذي يفرض نفسه ، كيف يمكن ذلك ؟ وما هي الوسائل الكفيلة للحد من تلك الظاهرة ؟ .

يعتبر الخوف الواقعي الذي هو ملازم للفرح او الغضب ، احد الانفعالات الاساسية عند الانسان ، ويرتبط عموما بالمشاعر المتولدة عنده لدى تعرضه لمخاطر واقعية ، مثلا الخوف من شيء ما احد ما ، لكن قد يحس الانسان بالخوف من احداث معينة قبل حدوثها ، او التي يتم التحدث عنها بعدئذ ، الى جانب ذلك حالات الخوف غير الواقعي كالقلق مثلا وهذه ظاهرة تكاد تكون يومية ومتكررة .

حالات الخوف :

- يمكن تصنيف حالات المخاوف عند الطفل او المراهق بتعرض مجمل الاطفال ، وخلال نموهم لمخاوف شديدة التواتر وهذه تختلف تبعا لمرحلة النمو التي يجتازها ، منها من يخاف من المثيرات المفاجئة ، المثيرة للضجة وغير المتوقعة بشكل خاص ، وخصوصا عند نهاية السنة الاولى من عمره ، فهم يخشون الاشياء الجديدة ، وفي العمر ما قبل المدرسة يخاف الاطفال عموما من الحيوانات ، من الظلمة ومن المخلوقات الخيالية ( من الاشباح مثلا ) بشكل خاص وفي العمر المدرسي نجد عندهم مخاوف من الذهاب الى المدرسة في بادىء الامر ، او من المرض ، من حادث ، من جرح او حتى من زرق الابر الطبية ، او من ظواهر طبيعية ( البرق والرعد ) ..او ركوب السفن او الطائرات اوالخوف من الصعود للاماكن العالية ... الخ وهذه المخاوف تبدو اكثر تنوعا وكثافة عند البنات منها عند الاولاد . ويلاحظ عموما عن البالغين حالة الاَغورافبيا ( اي الخوف من الاماكن الفارغة او الفسيحة ) ، وحالة الكلوستروفوبيا ( اي الخوف من الوجود في اماكن مغلقة ) ، الخوف ايضا من وسائل النقل ( خواف من الوجود في سيارة ، او من اجتياز جسر او نفق مظلم ) وتسمى خوافات من وضعية معينة ، خوف من رمي الذات من النافذة ، خوف من الاسلحة او من الادوات المسننة والقاطعة كالسكين ، وتسمى بخوافات اندفاعية او نزوية ، خوف من الاحمرار ( ظاهرة جسدية غير قابلة للضبط عبر الخوف من فقدان الضبط الذاتي ) ، الخوف من الامراض كما اسلفت عند الصغار ، وعند البلغين الخوف من الامراض المستعصية ( من السرطان او الايدز .. .وغيرها ) .

بشكل عام يمكن القول ان المخاوف تقل مع انتقال الطفل من الطفولة الاولى الى مرحلة المراهقة ، كأن يكون الخوف من الظلام او من المخلوقات الشاذة ( الغريبة ) او من خلال اهمال الوالدين بتركه مشاهدة افلام او برامج تلفزيونية محفزة لذلك الخوف ، او مشاهدة افلام سينمائية تحمل نفس السمات ، وهذه الحالات تختفي تدريجيا عندما يبلغ الطفل عشر سنوات لكنها تبقى ذات اثر سلبي في حياته اللاحقة ، والملاحظ ان هذه المخاوف عند الاطفال وان كانت شديدة التواتر ، فانها لاتكون حادة الا في حالات نادرة ، وتكون مؤقته ، هنا لابد من التوقف عند نوع خاص من الخوف او الرفض ، الذي يمكن اعتباره بمنزلة الانفعال الاكثر مقاربة مع الخوف من الموت ، الاصعب والاكثر ألماً من بين كل المخاوف الملاحظة عند البالغ ، قد ينشا هذا الخوف من النبذ منذ الولادة ، اذ يرتبط بواقع المولود الجديد الذي يولد في حالة من عدم الاكتمال - حتى على المستوى الفسيولوجي - يحتاج لمن يعتني به ، ويرعاه ويمكنه من البقاء بحالة طمأنينة ، وهذه الحاجة الى الطمأنينة تشبع غالبا وبشكل مثيرللرضا ، من قبل الاهل هذا واجبهم ومسؤوليتهم ، لكن حين لا يشبع الاهل هذه الحاجة وهذا ما يحصل في كثير من الاحيان ، يتسبب عند الطفل المهمًل شعور بالنبذ قد يرافقه طول حياته .

كيفية تجاوزحالة الخوف :

- يقال غالبا عن حق ان على الاهل - خصوصا الوالدين – ان يكونوا مدربي اطفالهم ، مع من لا يخاف ويغالي في المخاطرة ، عليهم كبح ذلك عنده ، وبالعكس عليهم مساعدة من يخاف ويعاني الخجل على تدجين او تطويع موضوع مخاوفه بشكل تدريجي اذ يكمن دورهم ، لا في حمايته فحسب ، بل في حثه على مواجهة المخاوف ، مع احترامهم لانفعالاته ، في الواقع ، بدا موقع الاهل كتجنيب طفلهم وبشكل دائم لاحتمال التعرض لموضوع خوافه على سبيل المثال ، ان وقوفنا الى جانب العديد من الاطفال والمراهقين وحتى الراشدين يعتبر العامل الاساسي المسؤول عن استتباب الخواف ( الفوبيا ) عندهم .

ان النقطة الاهم ، هي مساعدة الطفل على ضبط رد الفعل المعبر عن الاستياء غير المرغوب فيه ، والناجم عنده من المخاوف الموجودة في واقع كل شخص – الانسان المعاصر بشكل خاص - اذ يكفيه ارهاف سمعه ، النظر الى برنامج تلفزيوني ، النظر حوله وفي داخله ليدرك ان الخوف موجود في كل مكان ، ينمو بتمهل فلا يحس به الا بعد ان يتمكن منه ، يلتقي به مرارا وتكرارا خلال مسيرة حياته ويمكن تصريفه بكل الصيغ الزمنية ( بالماضي ، بالحاضر ، وبالمستقبل ) ، وفي كل اللغات اذ يمكن اعتباره ، نوعا ما نتاجا للثقافة الاجتماعية ينقله الاهل للاولاد عبر توجيهاتهم لهم وعبر سلوكياتهم ، وهناك مثال ، لاتبك فالناس ينظرون اليك ، كيف يمكنك ان تخاف ، وهكذا ؟ .... الخ ، كما يمكن قراءته على الشفاه ، وفي اعين الكثيرين كانوا اطفالا ام راشدين، لانهم يدعون الخوف يقودهم .

قد تكون هذه المخاوف عبارة عن تخيلات تمثيلية – رمزية تتحول ، من حيث الشكل والمحتوى ، طيلة الطفولة : ان كان بخصوص مواضيعها او كيفية معايشة الطفل لها ورد فعله تجاه كل منها ، على صعيد الشكل ترتبط هذه المخاوف خلال السنوات الاولى من طفولته ، باحداث محسوسة ثم بصورة ذات طبيعة رمزية ، توضح المواضيع الكبرى المرتبطة بمختلف المشاعر ، مشاعر الانفصال والهدم بشكل خاص ، التي لابد له من تكبدها خلال مسيرة تطوره الحياتي .

وهناك حادثة طريفة يمكن ذكرها ، عندما كنت في المرحلة المتوسطة بين الطفولة والنضوج ، كنا نرواد دور السينما في كثير من الاوقات مع شلة الطفولة والدراسة في مدينة الناصرية فلا نسمح لاي فلم يفوتنا ، ان كان عربيا ام اجنبيا ، وخصوصا افلام الخوف والرعب كفلم مصاص الدماء او الطيور لهتشكوك اودقات قلب او الرجل الذئب وغيره من الافلام ، ونشاهده اكثر من مرة ، وكان ذاهبنا ليلا لدارسينما الاندلس الصيفية ، الواقعة في نهاية المدينة ، وعند خروجنا بعد مشاهدة الفلم ، كنا نشعر وكاننا مع احداثه وبشكل حقيقي ، حيث نتلفت يمينا ويسارا بخوف وبرعب ونرى ان اقدامنا لاتعيننا في الوصول الى البيت مهما اسرعنا ، هكذا كانت ايام الطفولة .

هناك العديد من الوسائل التي يمكن للراشد اللجوء اليها لمساعدة الطفل على ضبط ردود فعل الاستياء غير المحددة والتي يتعرض لها خلال مسيرة حياته يبقى اهمها :

عدم تعنيفه - نلاحظ بان هناك العديد من الافراد الراشدين يلجأون لذلك ، عن حسن نيه اعتقادا منهم انهم يساعدونه ، اذ من شان ذلك تعريض الطفل لمازق خطر ، هل يستمر بالتعبير عن مخاوفه مع المخاطرة بفقدان احترام الاهل له ام يكبت المشاعر الطبيعية التي يحس بها مع المخاطرة بارتفاع درجة الضعط النفسي الذي يحدثه هذا الكبت .

انما يبقى اهم هذه الوسائل لجوء الاهل الى القصص المروية عبر ادبيات الاطفال اذ تحمل في جعبتها كيسا مليئا بشتى المخاوف الموجودة والمتواترة عند الاطفال ، ان الهدف الاساسي عند المؤلفين بالفعل عند كتابتها ، للمساهمة فعليا بتحقيق النمو المتوازن عند الانسان عبر دعوتهم للاطفال على تحديد كل مخاوفهم والتعبير الواعي عنه ، لكن قراءة القصة مثلا لاتشكل بحد ذاتها سوى مرحلة من الطريق الطويلة اذ ينبغي دعوة الصغار لتحديد نمط الخوف المجسد عندهم ، لمواجهته ، للتحاور معه وحتى للتسلي به ، ولم لا ، ان الكتابة بخصوصه وكل ذلك بهدف تعداد النشاطات الابداعية والفرص الملائمة التي تؤمن امكانات شتى للتعبير عنه والنقاش حوله مع الاخرين ، مع الاهل والمدرس بشكل اساسي ، ويحتاج الخوف كي يصبح بالتدريج اقل اثارة للتهديد والالم ومن ثم اصغر مما هو فعليا ، الى تدريب طويل الامد يساعد الطفل على تعلم معايشة الخوف بشكل اخف واقل عدوانية من جهة ، ولتفحص خوفه مع محاولة استعادة الثقة والامان ووضع حد لعدوانيته ، الى ان تتوازن عنده هذه العناصر مع بعضها فيتم تجاوزه للصراع من جهة اخرى ، والسؤال الوارد للذهن ، اليس هكذا يصبح الطفل قادرا على ضبط الخوف عنده ؟ اليس هذا هو الهدف المتوقع ؟ . كان هذا ما يتعلق بالخوف

في نهاية هذا الموضوع هناك حكاية طريفة :- يحكى ان هناك رجل شجاع لا يهاب الموت في مدينة الناصرية وبالذات في محلة الصابئة ومعروف باقدامه وشهامته وبطولاته الاسطورية حسب ما تناقلته الالسن وقد اراد اصحابه اختباره على قوة بسالته وعدم خوفه من اي ظاهرة وقد اتفقوا معة على ان يذهب وحده ليلا الى مقبرة قربية من محل سكناهم ليثبت وتد مصنوع من الخشب هناك ، وليبرهن لهم ذلك ، ذهب فعلا الى المقبرة عند منتصف الليل وثبت الوتد هناك لكن عندما تحرك من مكانه نسى انه دق الوتد بالارض مع حافة دشداشته التي كان يرتديها ولشدة فزعه وخوفه وجدوه ميتا في مكانه ، انتهت الحكاية ، اذا يمكن القول ان ظاهرة الفوبيا او الخوف يمكننا اعتبارها حالة غزيزية متزامنه مع الالم في حياته ، كما هي موجودة في جميع الكائنات الحية كوسيلة دفاعية ولديمومة حياتها ، لكنها قد تكون خفيفة او تشتد حسب الظروف لكنها ظاهرة لاتنعدم ابدا .

المصادر :

1-الدكتور بنجامين سبوك - ظاهرة الخوف وكيفية العناية بالطفل .

2- مجلة العربي / العدد - 601 - الخوف المرضي عند الاطفال .

3- ستيف بيدولف / الكتاب الاول - سر الطفل السعيد.

4- ستيف بيدولف / الكتاب الثاني - المزيد من اسرار الطفل السعيد.

الدخول للتعليق