• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 21 كانون1/ديسمبر 2015

الموسيقى الزجاجية

  ثائر صالح

يخيل لي أن الأصوات المنبعثة من الأداة المسماة بالهارمونيكا الزجاجية أو القيثارة الزجاجية هي من أغرب الأصوات الموسيقية وأكثرها التصاقاً بالخيال. إذ تعتمد هذه الأصوات على الرنين المنبعث من الأقداح الزجاجية بعد فرك حافاتها بالأصابع أو بواسطة احتكاكها بجسم ما بطريقة ميكانيكية. يجري تحديد طبقة الصوت المنبعث من الكأس بسكب كمية محددة من الماء فيه للحصول على التردد المطلوب (بهذا المعنى يمكن اعتبار سكب الكمية المناسبة من الماء عملية تعيير الصوت أو دوزنته)، فيصبح كل كأس يقابل نغمة معينة من نغمات السلم الموسيقي. وتسمى الأداة غي هذه الحالة القيثارة الزجاجية. وقد ابتكر الرئيس الأمريكي بنجامين فرانكلين أثناء اقامته في اوكسفورد بأنكلترا سنة 1761 أداة موسيقية اسماها بالهارمونيكا الزجاجية تتألف من محور حديدي ثبتت إليه أقراص زجاجية مختلفة الأحجام لكن بشكل افقي. الابتكار الذي أدخله فرانكلين كان التخلص من الماء الموضوع في الأقداح، لأن كل قرص يعطي التردد المطلوب بسبب صنعه بأبعاد محددة (سعته وعرضه) تختلف عن أبعاد الأقراص الأخرى. ويجري تدوير المحور بواسعة دواسة تحرك بالارجل وترتبط بالمحور، أما الصوت فيصدر بوضع الأصابع التي يجري ترطيبها بالماء على الأقراص المطلوبة، أي بنفس الطريقة التي تستعمل لاستنباط الصوت من حافة الكؤوس.

ألّف عدد من الموسيقيين لهذه الأقداح، منهم موتسارت الذي ألف أداجيو وروندو تصنيف كوخل رقم 617 سنة 1791، قدمته العازفة ماريانا كيرشغيسنر التي كانت أول من عزف على الأداة التي اخترعها بنجامين فرانكلين. كتب لها بيتهوفن أيضاً واستعملها سين-سانص في عمله الشهير كرنفال الحيوانات (الحركتين 7 و 14)، كما يستعملها اليوم بكثرة المؤلفون المعاصرون أيضاً.

ويعود سبب الاهتمام بصوت الأقداح إلى موقع الرنين الصادر منها في مستويات التردد التي تستطيع الاذن البشرية تمييزها، فالدماغ البشري لا يستطيع تحديد الموقع الذي ينبعث منه الصوت بسهولة لأن التردد المنبعث من الأقداح (بين 1 و4 كيلوهرتس) لا يساعد على ذلك، ولهذا يتميز صوت الهارمونيكا الزجاجية بطبيعة "سماوية" أو ميتافيزيقية مثيرة.

موتسارت: أداجيو وروندو للهارمونيكا الزجاجية مع الفلوت والأوبو والفيولا والتشلو:

https://www.youtube.com/watch?v=CxsPTgSDuh4

 

رقصة الجنيات من باليه تشايكوفسكي كسارة البندق:

https://www.youtube.com/watch?v=QdoTdG_VNV4

 

مشهد الجنون من اوبرا لوتشيا دي لامرمور (من تأليف دونيتستّي):

https://www.youtube.com/watch?v=ILJiNLDHGWM

 

إلى اللقاء الاسبوع القادم

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد