• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 17 كانون2/يناير 2016

الثورة في الموسيقى

  ثائر صالح

تصادف اليوم الذكرى الحادية عشرة بعد المئة لمجزرة القصر الشتوي التي حصلت في سنتبطرسبرغ، وهي ما بات يعرف بالأحد الدامي، وكانت الشرارة التي فجرت ثورة 1905 في روسيا. هذا كان الموضوع الذي استمده ديمتري شوستاكوفيتش لكتابة سيمفونيته الحادية عشرة الملحمية، التي عنونها "العام 1905".

أنجز شوستاكوفيتش هذه السيمفونية سنة 1957، لكننا نعرف أنه كان قد قرر كتابتها قبل هذا التأريخ، لتقدم في الذكرى الخمسينية للثورة في 1955. لكن عدد من الظروف والمتغيرات أطالت في أمد إكمالها، منها وفاة والدته ومشاكل زواجه وكذلك الافراج عن الكثير من أصدقائه الذين أمضوا سنوات طويلة في معتقلات ستالين الرهيبة. ويرى الباحثون كذلك أن شوستاكوفيتش هزه القضاء على ثورة 1956 المجرية. فقد قمعها الجيش السوفيتي، مثلما قمع الحرس القيصري مسيرة العمال يوم 9 كانون الثاني 1905.

تصور الحركة الأولى البطيئة (أداجيو) ساحة القصر الشتوي كما يدل على ذلك اسم الحركة، استعمل شوستاكوفيتش فيها لحنا بطيئاً مؤثراً بدأه بالسلم الكبير، وتحول عدة مرات بين السلم الكبير والصغير خلال الحركة. أما الحركة الثانية (9 كانون الثاني) فتصور يوم الأحد الدامي، وهي بجزأين، الأول يصور تقديم عرائض ومطاليب الجموع إلى القيصر وهم يحملون الأقانيم والأعلام الارثوذكسية، والثاني وابل الرصاص الذي جابههم به الحرس. الحركة الثالثة (بطيئة، أداجيو) تتميز باستعمال شوستاكوفيتش ألحان المارش الجنائزي لضحايا الثورة. أما الحركة الأخيرة (سريعة دون إفراط) ترمز إلى ثورة اكتوبر 1917، كنتيجة لأحداث 1905.، وتنتهي نهاية درامية في صراع شديد (استعمل فيه دقات الناقوس).

يندرج هذا العمل في خانة المزاوجة بين الفن والسياسة، ولا أقول أنها موسيقى دعاية سياسية، لأنها ليست كذلك. فهي برأيي موسيقى برنامجية تصور أحداث تاريخية محددة، لكنها تعبر إلى ما وراء الأحداث التاريخية المحددة هذه لترمز إلى كل الثورات التي تقوم بها الشعوب ضد القهر. انه عمل ملحمي ابداعي يحمل قيمة فنية عالية وأفكاراً انسانية عامة – مثل التوق إلى الحرية والمساواة والعدالة، صاغها المؤلف حسب رؤيته الخاصة وليس كما يراها بعين السلطة الحاكمة.

×××××××××××××××××××××××××

توماس سوندرغورد يقود فرقة هيئة الاذاعة البريطانية الوطنية الويلشية، تسجيل حفل من سنة 2013.

https://www.youtube.com/watch?v=g9lo9ZDYuDU

 

إلى اللقاء السبت القادم
ثائر صالح

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد