• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 25 كانون2/يناير 2016

البيتلز في عصر النهضة

  ثائر صالح

يتفق مؤرخو الفن، أن عصر النهضة يبدأ في العام 1400، وهذا التأريخ المفترض ليس حداً فاصلاً بالطبع، فالانتقال من عصر فني لآخر يستغرق عقوداً من السنين قبل وبعد التاريخ الافتراضي. وكذا يقال عن أبرز الفنانين الذين ينسب الانتقال إليهم، فمونتفردي لم يكن وحيداً في التحول إلى عصر الباروك، ولا هايدن في التحول إلى العصر الكلاسيكي، ولم يكن كارل ماريا فون فيبر كان أول موسيقار رومانتيكي. فمع هؤلاء وقبلهم كان آخرون يحملون نفس الروحية الجديدة، وكل منهم أضاف شيئاً جديداً في بناء المدرسة الجديدة.
لكن في مقابل هذه الظاهرة، هناك موسيقيون فاقوا أقرانهم في قدرتهم على التأثير في مسار الفن. ففريق البيتلز كان ظاهرة من هذا النوع، فقد نجحوا في التأثير على مسار فن البوب منذ ظهورهم المدوي في الستينات. أغانيهم لم تنتشر في العالم فحسب، بل جعلوا الموسيقيين يستعملون اسلوبهم الجديد. نفس الشيء حدث في مطلع القرن الخامس عشر، عندما زار فرنسا وفلامانديا موسيقي انكليزي هو جون دونستبل (1380/1390 – 1453)، فقلب الموسيقى رأساً على عقب، وأغوى الموسيقيين لكتابة الموسيقى للمرة الأولى، الموسيقى التي نعرفها اليوم.
ودونستبل لم يكن موسيقياً راهباً كما هو الشائع والسائد حتى عصر النهضة، بل موسيقياً محترفاً على الأغلب، عمل في بلاط الأمير جون لانكستر الذي كان عاهلاً على فرنسا في نفس الوقت، وذهب معه إلى فرنسا وبورغونديا، وزار فلامانديا (وهي "القوة العظمى" في موسيقى تلك الفترة) ولربما إيطاليا، فأخذ موسيقيو تلك الأرجاء تجديداته الموسيقية وعندها بدأ عصر النهضة في الموسيقى بتأثير مباشر منه. وصلنا من أعماله 60 عملاً كانت مستنسخة في هذه الدول، لحسن الحظ، إذ لم تلقى مصير أعمال أقرانه مثل ليونيل باور التي فقدت عندما أمر الملك هنري الثامن بتدمير الأديرة الكاثوليكية بعد قرن من الزمان على اثر قطيعته مع البابا.
أهم ابتكاراته كان أيجاد صلة مباشرة بين النص والموسيقى، فأخذ إيقاع الموسيقى يتبع التقطيع اللفظي للنص، وبدأ الشكل الموسيقي يأخذ على يده صيغته الحالية عبر تقسيمه إلى أجزاء مميزة بفضل استعمال السكتات الزمنية والوقفات الهارمونية (القفلة). باختصار تمكن من صياغة نموذج موسيقي متين البناء مشذب الأركان سهل الانسياب تألفه الأذن وتميل إليه. وواقع الحال أن الاستماع إلى أعماله اليوم ليس ممتعاً تماماً بالنسبة لنا، على الأقل لا يخلو من عنصر الضجر، مع ذلك تعتبر أعماله الخطوة الأولى في الطريق الذي أوصلنا إلى باخ وبيتهوفن وبرامز وغيرهم.
×××××××××××××××××××
نشيد تعال أيها الروح القدس (من الطقس الكاثوليكي)
https://www.youtube.com/watch?v=Ei9btWV8uKc


ما أجملك (من أناشيد سليمان):
https://youtu.be/nxFNkcI8K4A


نزلت إلى البستان لأرى (من أناشيد سليمان):
https://www.youtube.com/watch?v=eNBsaMHHct4

 

إلى اللقاء السبت القادم

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد