• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 08 كانون2/يناير 2017

الكونشرتو المزدوجة لبرامز

  ثائر صالح

خير ما أبدأ به العام الجديد هو الكونشرتو المزدوجة للكمان والتشيلو من تأليف الموسيقار الألماني يوهانس برامز (1833 – 1897). عدا عن أهمية هذا العمل وفخامته، فهو يرمز الى الصداقة وأهميتها. فقد كتب برامز هذ الكونشرتو المزدوج من أجل ترميم العلاقة بينه وبين صديقه القديم عازف الكمان المجري الماهر يوجف يواخيم (1831 - 1907) الذي نافس باغانيني العظيم على عرش أفضل عازف كمان. بدأت صداقتها سنة 1853 ولم يعكرها شيء سوى طلاق يواخيم من زوجته بداية ثمانينات القرن التاسع عشر، إذ وقف برامز مع زوجة يواخيم فساءت العلاقة بينهما، وهو أمر انزعج له الاثنان. غير أن برامز قرر إصلاح الأمر بكتابة كونشرتو مزدوج للكمان والتشيلو خصيصاً لصديقه القديم. كان برامز وقتها يكتب عملاً سيمفونيا جديداً بعد أن قدم سيمفونيته الرابعة سنة 1884، وأنجز من مخططات السيمفونية الجديدة الكثير، لكنه حينها قرر تحويلها إلى الكونشرتو المزدوج المذكور، وهذا يفسر ضخامة الاوركسترا التي استعملها برامز في الكونشرتو.
يعتمد هذا العمل على اوركسترا ضخمة كما مر، لكن هذا لم يمنع برامز من إضفاء أجواء موسيقى الحجرة على بعض أجزاء العمل باستعمال الأداتين الوتريتين، سيما أن الحوار الذي ميز التشيلو (ويرمز إلى المؤلف نفسه) والكمان (يرمز إلى يواخيم) كان السمة المميزة لكل الكونشرتو. وعادة ما بادر التشيلو في السؤال أو الحوار، فيجيبه الكمان، ثم يتحاوران سوية. أدخل برامز كذلك لحناً يرمز إلى شعار يواخيم Frei aber einsam، ويعني "حر لكن وحيد"، وبدايات حروفه FAE وهي حسب النظام الموسيقي الفرنسي الايطالي المستعمل عندنا تقابل فا لا مي.
أنجز برامز الكونشرتو صيف 1887، وأول مع سمعها كان عازفة البيانو البارعة والمؤلفة كلارا شومان (1819 – 1869) عندما عزفها برامز على البيانو مع روبرت هاوسمان على التشيلو، ولم ترق لها في البداية. لكنها غيرت رأيها عندما قدمها يواخيم على الكمان وهاوسمان على التشيلو بمصاحبة برامز على البيانو في اليوم التالي بعد وصول يواخيم الذي تقبل المصالحة.
قدم العمل في 18 تشرين الأول 1887، بقيادة برامز نفسه مع يواخيم وهاوسمان، لكن رد فعل الجمهور كان فاتراً. بين المآخذ على العمل بين النقاد المعاصرين: ميكانيكي الطابع، بارد الخ. لذلك نبذ برامز فكرة تأليف عمل آخر مشابه، ولم تقدم هذه الكونشرتو كثيراً فيما بعد. كان هذا العمل آخر عمل كبير كتبه برامز لأوركسترا، وبالتأكيد ليس بين أكثر أعماله شعبية. لكن برامز يقدم لنا في هذا العمل توازنا جميلاً بين الأدوات المنفردة والأوركسترا الضخمة، وحواراً مثيراً بين الكمان والتشيلو.

××××××××××××××××××××××××
اويستراخ وروستروبوفيتش مع فرقة كليفلاند بقيادة المجري جورج سيل، في تسجيل من 1970
https://www.youtube.com/watch?v=Et1zSwsXubE

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد