• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 26 شباط/فبراير 2018

ماغنار

  ثائر صالح

لم يتردد اسم الفرنسي آلبريك ماغنار (1865 – 1914) كثيراً في عالم الموسيقى، صادفته للمرة الاولى بالأمس فقط عندما استمعت الى عمل للبيانو بعنوان "برومناد" فأثار اهتمامي لتفرده. وجدت فيه الكثير ملامح وتقنيات الجاز، لكن العمل كُتب حوالي سنة 1894 – 1895، قبل عقود طويلة من انتشار فن الجاز على صعيد عالمي. وفي نفس الوقت اختتم ماغنار قطع البيانو في هذا العمل بشكل الفوغا الذي ميز عصر الباروك. وكان ماغنار قد درس هذا الشكل بعمق في كونسرفاتوار باريس عند الموسيقار فنسان داندي (1851 – 1931) الذي أصبح صديقا له رغم الخلاف الذي نشب بينهما بسبب قضية الضابط اليهودي درايفوس، وهي قضية رأي عام قسمت المجتمع الفرنسي قسمين في نهاية القرن التاسع عشر.
كان ماغنار ابن فرانسيس ماغنار رئيس تحرير صحيفة الفيغارو المحافظة الشهيرة، وهو كاتب وصحفي ثري. لكن آلبريك لم يشأ أن يشب بصفته الولد المدلل للفيغارو، فبدأ يدرس الوسيقى ليبرع بها ويكتسب شهرته ونجاحه بجهوده الشخصية، ودعمه أبوه في هذا المسار قدر الامكان.
لديه القليل من الأعمال (22 فقط)، بضمنها أربع سمفونيات وثلاث اوبرات وأعمال موسيقى الحجرة مثل السوناتات (للكمان والبيانو وللتشيلو والبيانو) وثلاثية لللبيانو ورباعية وترية وخماسية للخشبيات والبيانو، ومجاميع من الأغاني، لكن هذا العدد القليل من الأعمال يشير الى موهبة موسيقية راقية.
قتل ماغنار على يد الجيش الألماني الغازي في بداية الحرب العالمية الاولى وهو يدافع عن بيته في بارون (منطقة اللواز القريبة من العاصمة باريس)، وعندها أحرق الجيش الألماني بيته فاحترق معه الكثير من أعماله الموسيقية غير المنشورة، بينها مجموعة أغاني جديدة.
اسلوبه خاص ومتميز، الحانه انسيابية وجميلة وفيها الكثير من الأصالة. يحمل سمات الموسيقى الفرنسية في تلك المرحلة التي برز فيها مؤلفون كبار مثل غابرييل فوريه وداندي وكلود ديبوسي وأريك ساتي ثم بول دوكا وموريس رافيل، وكلهم أضافوا الى الفنون الموسيقية لمساتهم الخاصة. وهنا نلمس تأثير تأثيراً واضحا للمدارس الفنية في الفن التشكيلي على الموسيقى، منها مايسمى بالانطباعية في الموسيقى، خاصة في أعمال ديبوسي الذي نفى بشدة أن تكون أعماله "انطباعية". الموسيقى الفرنسية وقتها طمحت الى التعبير عن الظل والضوء واللون بصورة غير مباشرة، تأثراً بالتشكيليين الفرنسيين الكبار آنئذ. ونلمس في أعمال ماغنار تأثير موسيقى فاغنر (وقد تأثر به الفرنسيون كثيراً على العموم)، ونلمس كذلك بعض التشابه مع موسيقى مالر، خاصة في تقنيات اللون وديناميكية الصوت. رغم نعته ببروكنر فرنسا (نسبة الى النمساوي آنتون بروكنر 1824 – 1896) ألا أن هذا يجانب الحقيقة بسبب تنوع موسيقاه مقارنة بموسيقى بروكنر ذات الاسلوب الواحد بطيئة الايقاع.
لم يكن ماغنار معروفاً في فرنسا كثيراً ومجهولاً لدرجة كبيرة خارجها حتى ما قبل ثلاثة عقود تقريباً، عندما بدأت الفرق تعزف أعماله وتصدر تسجيلاتها، خاصة سيمفونياته الأربع. اهتم الفرنسي ميشيل بلاسون بتقديم أعماله وصدرت تسجيلات كثيرة له وهو يقود بعض الفرق الفرنسية.

×××××××××××××××××××××××××××××× ××××××××××××××
برومناد للبيانو (عمل رقم 7)

https://www.youtube.com/watch?v=amWJ5GJhR2o

السيمفونية الثالثة (1893) بقيادة بلاسون مع فرقة تولوز
https://www.youtube.com/watch?v=KZt7GbwJCm0

السيمفونية الرابعة (1913)

https://www.youtube.com/watch?v=SDwfH5EsicA


خماسي للبيانو والخشبيات

https://www.youtube.com/watch?v=bf7Skl6L89I

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد