• Default
  • Title
  • Date
السبت, 07 أيلول/سبتمبر 2019

موسيقى نيجيريا

  ثائر صالح

لم تكن نيجيريا في القرن العشرين سوى مستعمرة بريطانية استقلت في الستينات. وقتها كانت ثقافتها الشعبية المحلية المتنوعة تنوع أعراق نيجيريا بعيدة عن الموسيقى الأوروبية التي نسميها كلاسيكية، وكانت سيرورة نشر هذا النوع من الفن بين الفئات المتعلمة والنخبة يذكرنا بما جرى في العراق تحت الحكم الملكي ولاحقاً في النصف الثاني من القرن مع فوارق ملموسة. من الاختلافات تنوع التأثيرات المتمثلة بطبيعة العلاقات بين غربي أفريقيا والمستعمر الأوروبي (البرتغال، اسبانيا، بريطانيا). لكن الاختلاف الأساسي يكمن في نجاح نشاط البعثات التبشيرية المسيحية خاصة بين السكان الذين اعتنقوا ديانات بدائية – طبيعية، على العكس من حالة العراق حيث اقتصر نجاح الارساليات على تحويل اتباع الكنائس المسيحية المشرقية الى مذاهب أخرى (التنافس بين الكاثوليك والبروتستانت) الخ. ونعرف عن الكنيسة الأهمية التي توليها للموسيقى والغناء الديني في الطقوس. أهم أوجه الشبه يكمن في توظيف الفن المحلي في الأعمال الموسيقية التي ألفها أبناء البلد مثل توزيع الأغاني الشعبية أو الفنية (المؤلفة) واستعمال العناصر الموسيقية والايقاعات المحلية في الأعمال المكتوبة وفق النظام الموسيقي الأوروبي.
كان توماس كنغ أكوندايو فيليبس (1884 – 1969) من أهم الموسيقيين الذين نشطوا في حقل الموسيقى الكنسية، لذا لُقّب بأبي الموسيقى الكنسية النيجيرية، وهو عازف اورغن ومؤلف موسيقي ومربٍ معروف وهو ابن أسقف غرب أفريقيا تشارلز فيليب (توفي 1906). وقد استعملت الكنيسة في غرب أفريقيا الألحان الشعبية المحلية في الأناشيد الكنسية حسب مقترح فيليبس في 1926 ومزجتها بالأناشيد الأوروبية مما قربها الى جموع المصلين.
وإذا كان فيليبس أبا الموسيقى الكنسية النيجيرية، فلابد من ذكر أبي الموسيقى النيجيرية المعاصرة، وهو فيلا أوبافونميلايو سُوانده (1905 – 1987). وفيلا هو الآخر ابن الكنيسة، فأبوه قس وأحد الموسيقيين الكنسيين النيجيريين الأوائل وصديق لفيليبس المذكور الذي درّسه العزف على الأورغن، وكلاهما أثرا كثيراً في فيلا الصبي ونشأته الموسيقية. درس الموسيقى في نيجيريا ثم في بريطانيا وأقام وعمل فيها لفترة كعازف اورغن وبيانو (كلاسيكي وجاز). اهتم سُوانده بالموسيقى المحلية وبموسيقى الجاز، واستعملها في أعماله (حوالي 50 عملا). كتب أعمالاً كثيرة للأورغن، والقليل للأوركسترا منها المتتابعة الأفريقية وسيمفونية الشعب، بالإضافة الى أغاني وكورالات.
أنجبت نيجيريا عدداً من الموسيقيين الذين حصلوا سمعة عالمية بسبب دراستهم في أوروبا أو الولايات المتحدة، مثل صموئيل آكـپـابوت (1932 – 2000) الذي درس العزف على الأورغن والترومبيت في الكلية الملكية للموسيقى في بريطانيا وحصل على الدكتوراه في علم الموسيقى الشعبية (أثنوميوزيكولوجي) في الولايات المتحدة. ألف أكثر من 14 عملاً بينها 12 عمل للأوركسترا بالإضافة الى كتابة الموسيقى للفرقة التي شكلها لتقدم الموسيقى المحلية ولديه عدة تسجيلات. تتميز أعماله بأنها سبيكة من موسيقى عدة ثقافات، فإلى جانب الثقافات المحلية (يوروبا، إغبو، أفيك وإيبيبيو) نجد عناصر الموسيقى الأفرو - أمريكية والصينية التي تعرف عليها أثناء دراسته في الولايات المتحدة. ولعل أشهر هذه الأعمال وأبكرها هو "مشاهد من أفريقيا" (1960). يستعمل في أعماله أدوات موسيقية أفريقية في الكثير من الأحيان.

 

https://www.youtube.com/watch?v=KQBbgQh2ahw

 

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد