• Default
  • Title
  • Date
الثلاثاء, 08 تشرين1/أكتوير 2013

الموسيقيات "العصمليات"

  ثائر صالح

تناولت الاسبوع الماضي الدور الذي لعبه الموسيقيون الأرمن في اسطنبول، أما اليوم فسأتحدث عن دور المرأة الهام في الموسيقى التركية العثمانية. كانت "الحريم" في القصر السلطاني تعيش في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي على الدوام. وتألف حريم السلطان على الأغلب من أجمل سبايا الحروب التي شنها العثمانيون، أو من الرقيق الذي يقتنى هنا وهناك (من غير المسلمات بالطبع). في مقابل هذه الحالة العبودية التي لا تقرها الشرائع العصرية الحديثة، كان الحريم مدرسة راقية المستوى لتأهيل الفتيات الصغيرات للترفيه عن السلطان. فكنّ يتعلمن الفنون والآداب والعلوم على يد أفضل الأساتذة في الشعر وعزف الموسيقى والغناء والخط واللغات المختلفة ويدرسن حتى القرآن الكريم.
من هذه المدرسة خرجت موسيقيات ومؤلفات كبيرات مثل رفتار خلفة (توفيت حوالي 1700 ميلادية) وهي موسيقية دون مؤلفاتها الأمير المولدافي كانتمير في مجموعته الشهيرة. وكلمة خلفة تعني الاستاذ، التي تعادل الاسطة، وهو لقب صاحب الصنعة الذي أجادها وأصبح استاذاً فيها، والكلمتان مستعملتان في العراق كما نعلم.
المؤلفة الثانية كان اسمها ديل-حياة (ولدت في القرن الثامن عشر، لربما في 1710، وتوفيت ربما في 1780)، التي تعلم منها الموسيقى المصلح وراعي الفنون الكبير السلطان سليم الثالث (حكم بين 1789-1807 ثم عزله الانكشارية وقتلوه في 1808). ولديها نحو 100 عمل موسيقي مسموع حتى اليوم.
لكن أشهر المؤلفات العثمانيات على الاطلاق هي ليلى هانم المعروفة بليلى ساز التي ولدت سنة 1850. وقصتها مشوقة، لأن أبوها حكيم اسماعيل باشا كان في الأصل مملوكاً يونانياً بيع في إزمير وتعلم صنعة الطب والجراحة من مالكه، فبرع وأصبح لاحقاً كبير جراحي السلطان وانتقل بذلك للعيش في قصر السلطان. ادخلت ليلى مدرسة الحريم بعمر أربع سنوات رغم أنها لم تكن مملوكة أو جارية، وتعلمت هناك اللغات الفرنسية والفارسية والعربية واليونانية بالإضافة إلى التركية العثمانية، والفنون الموسيقية التركية والأوربية كذلك. قرضت الشعر وهي يافعة وكانت تؤلف الموسيقى لأشعارها. ألفت كثير من الأعمال المسموعة حتى اليوم منها مارش "وجدان معظم حريت" (نشيد الظفر أو الانتصار) تأييداً لثورة تركيا الفتاة في 1908. توفيت ليلى هانم سنة 1936.

سماعي أوشار من تأليف ديل-حياة

مقطوعة قصيرة من تأليف الأميرة رفيعة هانم (1842-1880) بنت السلطان عبد المجيد الأول

نشيد الانتصار من تأليف ليلى هانم، مقام حجازكار:

بستة في مقام حجازكار شعر ولحن ليلى هانم

إلى اللقاء السبت القادم مع المزيد من نوادر الموسيقى

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد