• Default
  • Title
  • Date
  • نعيم عربي ساجت
    المزيد
    استيقظت من النوم على اثر هزة خفيفة لرأسي ، وصوت امي
  • مؤسسة الذاكرة المندائية
    المزيد
    the Foundation for the Preservation and Riviving of Mandaean Memory
  • عبد الحميد الشيخ دخيل
    المزيد
    كان التجمع في شارع ابي نؤاس عصرا وكما اتذكر مساء
  • همام عبد الغني
    المزيد
      تواصلت رحلتنا , متنقلين بين قرى كردستان , التي كانت آمنة
الخميس, 24 تشرين1/أكتوير 2013

أيام لاتُنسى - نفق نگرة السلمان

  همام عبد الغني
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

أيام لاتُنسى

نفق نگرة السلمان

همام عبد الغني

القسم الأول

وصلنا سجن نگرة السلمان , في أواخر حزيران 1966 , بعد ان امضينا أربعة ايامٍ في موقف السراي , وبتّنا ليلة في مركز شرطة السماوة , في طريقنا الى سجن نگرة السلمان . وفي السجن وجدت المناضلين الباسلين , سامي احمد وعبد الوهاب طاهر , قد سبقاني الى هناك , فقد عادا محتجزين الى السجن خلال فترة وجودي في زنزانة الأنفرادي في الأمن العامة . بعد يومين أو ثلاثة بُلغتُ بظمّي الى لجنة تنظيم السجن , كما أناطوا بي مسؤوليةاستلام الأرزاق من متعهد السجن , يساعدني في هذه المهمة عدد من الزملاء القصابين والخبازين وخفراء المطبخ , وكانت هذه العملية تستغرق اكثر من ثلاثة ساعات يومياً , فأرزاق قرابة 450 سجيناً , كمية كبيرة وتحتاج لتدقيق وتفتيش الكمية والنوعية , إلا ان زملاءنا في السجن قد رتبوها بشكل جيد وبالأتفاق مع ادارة السجن , وتجري تصفية حساباتها شهرياً . وكنت حين اعود الى الردهة ( رقم 4 ) التي كنت احد نزلائها , اجد ان صحن شوربة العدس ورغيف الخبز , وهو الفطور اليومي الدائم للسجناء , قد بَرَدَ وصار كتلة واحدة , أتناوله مع قدح من الشاي . بيد ان " زملاء الأرزاق " , قالوا لي بعد بضعة أيام " يا زميل فلان , ان عملنا في استلام الأرزاق وتهيئتها للطبخ , يضطرنا ان نتناول فطورنا هنا , لأن العدس بعد ان يبرد لا يمكن تناوله , ولهذا فإننا نجمع شهرياً نصف دينار من كلٍ منا , ونعطيها للمتعهد , فيجلب لنا بعض المعلبات , كالجبنة والقشطة وبعض المربيات , لفطورنا , فهل تشترك معنا ؟ وبلا تردد وافقت واعطيتهم نصف دينار " . بعد ثلاثة او اربعة ايام , لا حظت ان بعض السجناء الذين يمرون ويلاحظون اننا نتناول فطوراً مختلفاً , ينظرون الي باستغراب وتساؤل , عندها قررت ان اعود الى الفطور العام , وأبلغت الزملاء , بأنني لن أكون شريكاً لهم بعد اليوم .

كنت قد حدثت الزميلين سامي وعبد الوهاب , عن الوضع في الخارج وتوجهات الحزب وقرارات الأجتماع الموسع . بعد قرابة اسبوعين على وصولي الى السجن , ايقظني المرحوم سامي احمد فجر احد الأيام , ليبلغني , أن اذاعة بغداد تذيع بياناً انقلابياً , وأنصتنا للبيان , ثم أبلغته , ان هذه ليست لهجتنا ولا لغتنا , انها عملية انقلابية لجهة أخرى . بعد ساعات استمعنا من الأذاعات , أن محاولة انقلابية حصلت انطلاقاً من معسكر " ابو غريب " وان الذي كان يتلو بيان الأنقلاب هو العقيد هادي خماس وهو من القوى القومية , كما اعلن فشل هذه المحاولة ....وتتابعت الأيام , وبدءنا نسمع عن تحركات بعثية لجماعة احمد حسن البكر – صدام حسين , وان تظاهرة لهم انطلقت من الجعيفر يقودها البكر شخصياً .

وفي أول بريد حزبي وصل الى السجن , بعد وصولي , كانت هناك تحية وتثمين لموقفي في التحقيق , من المكتب السياسي للحزب , وكان ذلك أرفع وسام اعتز به حتى آخر يوم من حياتي .

وثيقتا التقويم ( التقييم )

لقد سبق حصول الأنقسام التنظيمي , في ايلول 1967 , اختلاف وجهات النظر بشأن سياسة الحزب قبل انقلاب 8 شباط 1963 , وما تبعها من سياسة يمينية بعد سقوط البعث الفاشي وحرسه القومي المجرم , وقد تبلور ذلك بوضوح تام في اجتماع وتقرير آب 1964 , للجنة المركزية , الذي كان موضع ادانة ورفض من كوادر وقواعد الحزب وجماهير الشعب الملتفة حوله , مما سبب انقساماً فكرياً واضحاً في كافة منظمات الحزب , بما فيها قيادة الحزب , حيث برز هذا الأنقسام واضحاً في الأجتماع الموسع للجنة المركزية في تشرين الأول 1965 , والذي تحدثت عنه بالتفصيل في حلقة سابقة من ( أيام لا تني ) .

لقد اتخذت قيادة الحزب قراراً بإجراء دراسة وتقويم لسياسة الحزب السابقة , وقد وُضِعَ تقويمان بهذا الشأن , الأول يدافع عن النهج السابق , بما فيه نهج خط آب 1964 اليميني , والثاني يدين تلك السياسة ويحمل قيادة الحزب مسؤولية ما حصل للبلد والحزب على وجه الخصوص من خسائر كبيرة ....كما قررت القيادة طرح التقويمين للمناقشة ضمن مستويات تنظيمية معينة . وقد وصل التقويمان الى السجن , وبدأت دراستهما داخل السجن , مما عمق الأنقسام الفكري بين المناضلين . والحقيقة , كان التأييد شبه إجماعي للتقويم الثاني . ان طرح التقويمين للمناقشة , في اجواء الحياة الحزبية غير الطبيعية التي كانت سائدة , وفي ضوء جرائم انقلاب شباط , التي  لم تجف دماؤها بعد , قد عمق الفجوة بين غالبية اللجنة المركزية التي كانت تتبنى التقويم الأول وبين كوادر وقواعد الحزب التي تبنت التقويم الثاني , وهيأ الأرضية المناسبة للعمل الأنقسامي الذي قادته لجنة منطقة بغداد للحزب . لقد كانت عملية الأنقسام تتنافى وقواعد الأنضباط الحزبي , وقد رافقها سلوك انقلابي لم نعتد عليه في الحياة الحزبية , كاحتجاز بعض الرفاق من اعضاء ل . م . وتعرض احدهم للضرب كما قيل في حينها , بيد ان الحماس للتغيير , وتراكم الأخطاء التي ارتكبها عدد من هؤلاء , وبقاؤهم في مراكز المسؤولية رغم ذلك , والتفافهم على قرارات الأجتماع الموسع , جعلنا نفاضل بين الأفكار التي نؤمن بها والتي نعتقد انها من صميم فكر الحزب ومبادئه , وبين الأنضباط التنظيمي الذي يفرض علينا , رفض وادانة الأنقسام ...وبعد اجتماعات ومداولات ومناقشات واسعة , قررت لجنة تنظيم السجن , تأجيل اتخاذ قرار بهذا الشأن , وبعثت برسالة الى المكتب السياسي للحزب , تطلب فيها طرد العناصر اليمينية من ل . م . وادانتها , وتفعيل قرارات اجتماع تشرين الموسع , وتبني وجهات نظر قيادة منطقة بغداد ,لإعادة وحدة الحزب , وقد حددت لجنة التنظيم فترة شهر واحد انتظاراً لرد المكتب السياسي , وبالتأكيد , فإن اسلوباً كهذا لم يكن مقبولاً وفق قواعد العمل التنظيمي . ومما اعتبر مخالفة تنظيمية أخرى , هو ارسال نسخة من الرسالة الى المناضل عزيز الحاج ( رمزي ) الذي كان على رأس عملية الأنقسام  ...وقبل ان تنتهي فترة الشهر , علمنا ان  المكتب السياسي , رفض موقفنا وادانه , وهذا كان متوقعاً , وهكذا , قررت لجنة تنظيم السجن , تأييد العملية الأنقسامية , والأنحياز للقيادة المركزية . وقد اعلن نزلاء السجن ال 450 تأييدهم للقرار وابتهاجهم به , باستثناء :

1-المناضل كاظم فرهود, الذي كان فكرياً وسياسياً ضد العناصر والسياسة اليمينة ورموزها , إلا انه يرفض الأنشقاق التنظيمي , وهكذا ترك لجنة تنظيم السجن وكان مسؤولها , ووقف محايداً , فلم يهاجم الأنقسام أو ينحاز له , ولم يدافع عن ل . م . او سياستها .

2- مجموعة من مناضلي الفرات الأوسط , وعددهم سبعة أو ثمانية مناضلين , اعتقلوا إثر الضربة الموجعة لمنظمة الفرات الأوسط التي سببها انهيار المدعو حمد الله مرتضى , عضو لجنة منطقة الفرات الأوسط , والذي تسبب في اعتقالي والمناضل أ . أ . عضو ل . م . كما ذكرت ذلك في الحلقة السابقة .

3- أما المرحوم المناضل عبد الوهاب طاهر , والذي كان مسؤولاً للسجن ولجنة التنظيم , طوال فترة سجنه واحتجازه التي زادت عن سبع سنوات, فقد أيد العملية , إلا انه لم يكن متحمساً كالآخرين , وما ان أُطلقَ سراحه , بعد 17 تموز 1968 , حتى أعلن انحيازه الى ل . م . , تاركاً صفوف القيادة المركزية 

الدخول للتعليق