• Default
  • Title
  • Date
  • نعيم عربي ساجت
    المزيد
    استيقظت من النوم على اثر هزة خفيفة لرأسي ، وصوت امي
  • مؤسسة الذاكرة المندائية
    المزيد
    the Foundation for the Preservation and Riviving of Mandaean Memory
  • عبد الحميد الشيخ دخيل
    المزيد
    كان التجمع في شارع ابي نؤاس عصرا وكما اتذكر مساء
  • همام عبد الغني
    المزيد
      تواصلت رحلتنا , متنقلين بين قرى كردستان , التي كانت آمنة
السبت, 14 كانون1/ديسمبر 2013

انتخابات نقابة المعلمين في البصرة1962

  همام عبد الغني
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

منذ ان نشر الصديق العزيز المناضل فاضل فرج ( ابو عمار ) ذكرياته الجميلة عن انتخابات نقابة المعلمين , والمسيرة الراجلة التي قادها للوصول الى مراكز الأقتراع للتصويت لصالح القائمة المهنية , وانا احاول ان اكتب عن تلك المناسبة في البصرة , وحين تأخرتُ في الكتابة , تركت الموضوع لفرصة اخرى . وقبل ايام عاد الأستاذ ابو عمار , للموضوع , في عتابه لجماهير العمارة , بسبب فشل التيار الديمقراطي في الحصول على اي مقعد في مجلس المحافظة . فحفزني للكتابة عما حصل بنفس المناسبة عام 1962 في البصرة .
كان الصراع بين قوى اليسار بقيادة الحزب الشيوعي العراقي , والقوى الرجعية والقومية , المدعومة من الأجهزة الأمنية , كان هذا الصراع يدور حول انتزاع المنظمات الديمقراطية , من قياداتها التقدمية وتسليمها لتلك القوى الرجعية , تمهيداً لانقلابهم المشؤوم في شباط 1963 . وكانت نقابة المعلمين من اكبر واهم تلك المنظمات , لسعتها , كونها تشمل كل العراق , وكون هذه الفئة المتعلمة هي مركز الأشعاع والتنوير في المجتمع , فمن هذه الفئة المتعلمة والمتنورة , تتوالد اجيال المجتمع العراقي وتتوجه للبناء والتقدم .
ومعروف ان البصرة كانت معقلاً شامخاً وحصيناً لقوى اليسار بقيادة الحزب , فهي مركز كبير للطبقة العاملة العراقية ( عمال النفط , والمواني ,والسكك ) اضافة الى الفئات الكادحة الأخرى , بالأضافة الى احتكاكها بالعالم الخارجي , وتأثيراته الأيجابية , كونها الميناء العراقي الوحيد . ولهذا كانت معركة انتخابات نقابة المعلمين , ذات اهمية مادية ومعنوية كبيرة .
كُلفتُ ان اقود تلك المواجهة في المركز الرئيس للتصويت , في دار العدالة , المحكمة , التي تقع في منتصف الطريق الرابط بين العشار والبصرة داخل ( البصرة القديمة ) . وكانت مهمتنا الأولى حماية الأسرة التعليمية وضمان وصول اعضاء النقابة الى صناديق الأقتراع للأدلاء بأصواتهم , حيث كان الفوز مضموناً في مثل هذه الحالة . وحيث انني لست من سلك التعليم , فقد اتخذتُ من دار قريبة للمحكمة , مقراً لقيادة المواجهة .
ويعرف من سكن البصرة او زارها , ان هناك جسراً امام المحكمة فوق نهر العشار . وفي الجانب المقابل للمحكمة , عبر النهر , كان مقهى الشبيبة الديمقراطية , وهناك , حشدنا قرابة 150-200 من رفاقنا لمساندة الهيئة التعليمية وحمايتها . وقد اخترنا احد رفاقنا من شركة نفط البصرة , هو المناضل " علي ذهب " قائداً ميدانياً في الشارع , وكان يومها عضواً في مكتب اللجنة العمالية للحزب , في البصرة .
ومنذ الصباح الباكر , بدأت عملية التصويت , وكان الشارع بين المحافظة والمحكمة خاليا تماماً , إلا من جموع المعلمات والمعلمين وبقية اعضاء سلك التعليم , الذين يأتون للتصويت ....وكانت مجموعة من البعثيين والقوميين , وبمساندة الأمن والشرطة تقف على مسافة مائة مترٍ تقريباً , من دار المحكمة , يقطعون الطريق على اعضاء النقابة فيمزقون هوياتهم ويضربونهم , ولا يسمحون إلا للعناصر المحسوبة على ملاكهم بالمرور والتصويت .
بعد مرور قرابة ساعتين على بدء التصويت , جاءني الرفيق علي ذهب ليقص عليَ ما يجري . ...سالته , وانت والرفاق الذين معك , ماذا فعلتم لحماية الهيئة التعليمية ؟
صمت علي ...ثم قال , ماذا افعل رفيق ؟
كنت اغلي , قلت , أجلس أنت هنا , وسانزل انا الى الشارع ...فرد علي ..لا , قل لي ماذا تريد ؟
ألا تعرف ما اريد ؟ ولماذا نحن في الشارع ؟ ! أريد حماية المعلمات والمعلمين , لكي يدلوا باصواتهم , هذا كل ما اريد , حتى لو اضطررتَ ان تلقي بهؤلاء في " المدّة " , خرج علي مرتجفاً مسرعاً , شاعراً انه لم يؤدِ واجبه المكلف به بصورة صحيحة .
وانتظرتُ على احر من الجمر ...وما هي إلا ساعة او ساعة ونصف , حتى عاد علي ...بيده حربة بندقية , وكانت كفه تنزف ..وبعد ان ربطتُ له يده , قلت حدثني الآن
قال : اخذت قرابة خمسةً وعشرين من شبابنا , وعبرت لهؤلاء , وكان عددهم لا يتجاوز ,
العشرة افراد , , وطلبت منهم ان يغادروا الشارع وان يفتحوا الطريق امام اعضاء النقابة للأدلاء باصواتهم , وحيث انهم مدعومون من الشرطة والأمن , فلم ينصاعوا للطلب , وعندها اضطررنا للأشتباك معهم , ورمينا اثنين منهم في المدَّة , وهرب الباقون . وجاءت الشرطة لمساندتهم , فاشتبكنا معهم , وهذه الحربة , انتزعتها من بندقية احدهم , فتراجعت الشرطة وفُتح الطريق امام المعلمات والمعلمين للأدلاء بأصواتهم , ثم قال هذه الحربة هدية للحزب , فقلت هذه الحربة هدية لك احتفظ بها للذكرى , وسأثبت ذلك في التقرير الذي سنقدمه للحزب . واستمرت مراقبتنا للشارع لكي لا تعود تلك العصابة .

استمر التصويت بسلاسة وهدوء , حتى انتهاء المدة المقررة للتصويت , وكنا بانتظار نتائج الفوز المؤكد . ...وفي المساء أُعلن رسمياً فوز " الجبهة التعليمية " الرجعية في البصرة .

وفي المؤتمر الذي انعقد في بغداد , بعد ايام , فضح رفاقنا الذين فرضوا الفوز في العمارة واربيل , فضحوا التزوير وممارسات اجهزة الدولة , امام الزعيم عبد الكريم قاسم , مما تسبب في اعتقالهم على مشارف مدينة العمارة ( الدبيسات ) عند عودتهم , وكان بين هؤلاء الأبطال المناضل المحروم زكي طرفي والأخت المناضلة خيرية مطشر الهلالي , ام عادل , وآخرون لا اعرف اسماءهم .

واخيراً اقول للعزيز ابي عمار :

لابدَ عائدةٌ الى اصحابها تلك العهودُ وإن حُسبنَ خواليا

ملاحظة : لم يقع المناضل علي ذهب بيد البعثيين بعد انقلاب شباط الأسود , وحكم عليه
غيابياً بالسجن عشر سنوات , في الدعوى المرقمة 167/64 بتاريخ 19-4-1964 , مع مجموعة من المناضلين الذين لم يقعوا بيد العدو في تلك الفترة ,,,فتحية للمناضل الباسل علي ذهب اينما يكون الآن .

الدخول للتعليق