• Default
  • Title
  • Date
  • اعداد : عزيز عربي ساجت
    المزيد
    اللغة المندائية والحاجة الملحة للبحث العلمي الدائم هناك جملة تساؤلات
  • فهيم عيسى السليم
    المزيد
    كتب الكثير عن هذا التنظيم الإرهابي الدموي ودخل الإستخدام اللغوي
  • د . قيس مغشغش السعدي
    المزيد
    بتوقف  دراسة اللغة المندائية والتعامل مع معاني مفرداتها وأسس إشتقاق
  • د. قيس السعدي
    المزيد
    قصيدة لميعة عباس عمارة حين تتحدث مع لميعة عباس عمارة،
الأحد, 08 حزيران/يونيو 2014

مقابلة مع الدكتور قيس مغشغش السعدي حول اللغة المندائية

  مجلس الشؤون العام القسم الثقافي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

نقدم لكم اجابات الأسئلة التي وجهت من قبل السادة الحضور لمحاضرة الدكتور قيس السعدي ( التعليم في الكنزا ربا ) و(اللغة المندائية وموروثها في العامية العراقية ) والتي اقيمتا في صالة مطعم الدكتورة سعادة المهنا وقاعة الصليب الاحمر في سودرتاليا والتي جائت بناءا على الدعوة المقدمة من القسم الثقافي التابع الى مجلس الشؤون العام لطائفة الصابئة المندائيين في السويد وسنبقى متواصلين بأقامة نشاطاتنا الثقافية والمعرفية لما لها من دور مهم في نشر الوعي الديني لأهلنا المندائيين .
مع تحيات
مجلس الشؤون العام
القسم الثقافي

1- كثير من الباحثين والمختصين كتبوا عن اللغة المندائية.....
لا يمكن إعتبار اللغة المندائية أصل للعديد من اللغات، بل هي إحدى عائلة اللغات السامية وتقترن باللغة الآرامية المؤسسة على اللغة الأكدية. وهي أصل العامية العراقية وبخاصة في الجنوب العراقي حيث بيئتها والناطقين بها. ودليل ذلك مئات المفردات التي مازالت شائعة في اللسان العراقي. لها خصوصيتها في بعض جوانب اللفظ، وأبرز مايميزها إعتمادها أبجدية خاصة بها جميلة وذات دلالات رمزية في الكتابة. وهي بهذا تسجل قيمة كبيرة للمندائيين وتميزهم.
2- هل يمكن أن نعتبر اللغة المندائية دليلا تأريخيا موثقا عن المندائية كعقيدة وفكر؟ بمعنى آخر هل هناك إرتباط حقيقي بين المندائية كلغة والمندائية كديانة وعقيدة.
دينيا، نعم، هناك إرتباط. فالمندائيون يقدسون لغتهم وأبجديتهم بحسب التعاليم التي وردت في كتبهم. هم يذكرون أن الأبجدية قد انبثقت في عالم النور وارتسمت على وجه الماء ونقلها لهم الملاك العظيم هيبل زيوا وعلم بها آدم بحسب أمر الحي. كما أن تسلسل إبتداعها قيم بدءً بأول حرف الذي يمثل الفتح في الحلقة والتكامل، والحرف الثاني قدس الحرف الأول وسبحه وكان،... وهكذا في تشكلها في البناء يتوسط أبجديتها حرف اللام ودلالته أنه لـــبنة البناء كما يرد في كتاب الف ترسر شيالا. أما إعتماد اللغة دليلا تأريخيا، فلا شك أن أحد أهم مصادر معرفة تأريخ قوم أو ديانة هو العودة إلى لغتهم والوقوف على مصدرها ومفرداتها وأقدمية هذه المفردات. وبالنسبة لي فإن اللغة المندائية يمكن إعتمادها بقوة في المحاجة من حيث البت في بيئة ظهور المندائية إن كانت في فلسطين أم في بلاد ما بين النهرين.
3- بعد العديد من المؤلفات....
يقترن بالفقرة السابقة فإننا نرى أن اللغة يمكن أن تكون عاملا حاسما في هذا الموضوع. أنا شخصيا من أنصار الأصل الرافديني للمندائية، بإشارات عديدة تأخذ مبحثا خاصا لا يتسع لها المجال هنا، ولكن أهمها إصرار المندائيين أنفسهم على ذلك، علما بأن البيئتين راقيتين ومشرفتين. ولغة المندائيين مؤشر دامغ آخر يسعى البعض للتقليل منه لأن الأمر يرتبط بما هو أبعد. فإن إشارات ودلائل التوحيد الموجودة في الديانة المندائية تعطي الأسبقية لظهور التوحيد في البيئة التي ظهر فيها المندائيون، والبعض لا يريد أن يعترف بأن بلاد ما بين النهرين كانت السابقة في التوحيد من خلال المندائية، ولذلك يصر على أن أصل المندائيين من فلسطين. فإن جاء المندائيون من فلسطين إلى العراق في ظل ظروف النزوح، يكون من الصعب عليهم أن يعملوا على إبتكار لغة خاصة بهم أو أبجدية متميزة، ذلك أن هذا الأمر يتطلب الكثير جهدا وزمنا مما أشرنا له في الفصل الأول من كتابنا معجم المفردات المندائية في العامية العراقية، وسيكون الأسهل عليهم إعتماد ما موجود من لغات غنية. وأما إن جاء المندائيون بلغة تامة كما يشير ماتسوخ، فإن هذا لا يصمد أمام ما معروف عن شرقية المندائية من حيث أساسها الآرامي. كما أنه لا يصمد إزاء مئات المفردات المعتمدة في العامية العراقية والتي نجد جذورها وإستخداماتها لفظا وصرفا وقواعدا ومعان في اللغة المندائية إلى الآن.
4- هل اللغة المندائية برأيك في طريقها إلى النسيان....
هي ليست في طريقها للنسيان، بل هي للأسف قد طواها النسيان من اللسان، ولم تعد إلا لغة طقس ديني يردد قسما منها رجال الدين في تأدية الطقوس الدينية التي تملي ذكر نص ديني. ولذلك نرى حتى رجال الدين لا يتحدثون بها إلا على مدى السلام والتحية. ولهذا الأمر أسبابه التي إشترك فيها المندائيون وغير المندائيين. فمعروف أن اللغة التي لا يتم التحدث بها في البيت هي لغة ميتة، ولغتنا المندائية لا نتحدث بها، حتى لو قيل في إيران فالأمر محدود جدا كما أن المعتمد لدى البعض هناك هو خليط من المفردات المندائية والفارسية والعربية، ولذلك تسمى بالرطنة المتفق والمتعارف عليها بين المجموعة المتحدثة ذاتها. وحتى هذا يشهد انحسارا كبيرا.
إن إحياء أي لغة هو أمر مناط بالمجموعة البشرية ذاتها، إن رغبت استطاعت. ولكن الأمر يعتمد على درجة حاجة المندائيين للغة المندائية في مجال التحدث خاصة وقد تبلبلت ألسنتهم اليوم بعدة لغات بحكم توزعهم، حتى أن العربية التي صارت لغة أم لقرون سابقة تراجعت جدا لدى الجيل الحالي وستنمحي من لسان أجيالهم القادمة في دول المهجر التي تشكل غالبيتهم اليوم.
أما إحياء اللغة المندائية، فأمر ممكن ولكنه يتطلب إقرار قبول ذلك من قبل الأبناء، وإمكانيات مغرية لهذا الإحياء وتوفير متطلباته من حيث الكتب ووسائل التعليم وتقنياته. وكل هذا لا تتوافر إمكانياته للمندائيين في الوقت الحاضر. على أننا نشهد جوانب طيبة في هذا الخصوص تتمثل باعتزاز المندائيين أن لديهم لغة خاصة بهم، والمساعي الملموسة في إيجاد كتب وبرامجيات التعليم وقواميس اللغة وفتح الصفوف والدورات الخاصة بالتعليم، وكل هذا مؤشرات طيبة بلا شك.

5- هل تعتقد أن ما صدر إلى الآن عن المندائية.....
المندائية أرض خصبة شاسعة وعميقة وفيها الكثير مما يمكن البحث فيه والإفادة منه، وما تم من بحث فيها لا يكاد يصل إلى ربع مما نعتقد أنه يمكن أن يتم. فالمندائية تعد من منابع أديان الشرق ولذلك تم التوجه لترجمة كتابها المقدس الكنزا ربا إلى اللغة الألمانية من قبل مارك ليدزبارسكي. والمندائية قيـّمة في معتقدها وفي طقوسها وفي لغتها وفي إصرارها على الوجود والبقاء رغم كل أنواع الإضطهادات التي عانت منها الى الحد الذي يمكن أن تـُقدم في ذلك إنموذجا للبقاء. وما صدر عنها وبخصوصها، رغم أساسيته، هو قليل قياسا بمجالات البحث الكثيرة والمفيدة، ومثالنا في ذلك هو عدد المقبلين على الدراسة الأكاديمية والحصول على شهادات الماجستير والدكتوراة فيها اليوم والذين صاروا بتزايد، وإقدام العديد من الأجانب على إقتناء ترجمتنا الإنكليزية لكتابنا الكنزا ربا وتعلم اللغة المندائية. وحيث قدم الآخرون من أكاديميين وغير أكاديميين نتاجاتهم في البحث المندائي، فإن الدور الأهم يجب أن يكون من قبل المندائيين أنفسهم قياسا على ما يتباهون به في المندائية ليكون التباه صحيحا.
6- ما هو السبيل لنهضة معرفية مندائية...
هي سبل متنوعة ومتعددة تعدد ما تكتنزه المندائية في فكر المعتقد، وقِدم الطقوس وتعددها، ونوع اللغة، والإنسان تأريخه وتراثه. ولكي يكون العمل مؤسسا لنهضة معرفية مندائية، لابد من قيام مؤسسة أكاديمية متخصصة تعنى بذلك تجمع شمل الباحثين المندائيين وتقيم وتربط العلاقة مع باحثين غير مندائيين، تبحث وتترجم وتقارن وتعلم. وعلى هذا كان مقترحنا ومسعانا بقيام الأكاديمية المندائية التي دعيت لها وهيأت متطلباتها ومازال الأمل معقودا على قيامها بتوفر الدعم المادي اللازم لتكون منارا معرفيا مندائيا متخصصا نفتخر به قياسا بما ستقدم من إنجازات ملموسة.
7- خلال العشرين سنة الماضية، تمت ترجمة....
السؤال بشقين، الأول حول ترجمة الكتب الدينية إلى العربية، وهو أمر جيد ومطلوب ذلك أن اللغة هي وسيلة التفاهم وواسطة العلاقة والتلاقي. وبما أن كتبنا الدينية تتضمن تعليمات ومعلومات يجب أن نعرفها ونفهمها لكي نتبعها ونلتزم بها فإنه من الواجب أن تكون بلغة قادرين على قراءتها وفهمها. سيكون الأمر أفضل لو كنا نقدر على ذلك باللغة المندائية التي كتبت بها، ولكن لأن هذا الأمر صار عسيرا، توجب أن تعتمد الترجمة ، وهذا ما حصل رغم أنه تأخر ورغم ما يحاتجه من إصلاح.
أما الشق الثاني المتعلق بمن ترجم، فمعلوم أن الترجمة الأساسية والكبيرة لكتبنا المندائية قد تمت أولا من قبل غير المندائيين، ثم صار لنا توجه بهذا الخصوص وربما العديد منه يستند إلى ترجمات الأجانب ويعتمدها، لتوقف معرفة اللغة المندائية معرفة دقيقة. وأغلب رجال الدين لا تعدو معرفتهم للغة المندائية أكثر من حفظ نصوص بعض الطقوس التي يمارسونها. ومعلوم أن ترجمة النصوص المندائية تتطلب ليس اللغة وحسب، بل ومعرفة فكر المعتقد المندائي وتوجهاته بحيث تكون ترجمة النص متسقة مع الفكر لا متناقضة معه أو قاصرة عن فهمه. كما أن هذه المعرفة تساعد في تصويب النص في حال إختلافات النـُسخ بأسباب تعدد عمليات النـَسخ وأخطائها. ونجد اليوم أن عددا محدودا من رجال الدين صارت لهم المعرفة والتمكن اللغوي وقدرة النفاذ إلى النص ومعرفته، ولذلك نجد لزاما أن تمر أي ترجمة على هذا النفر من رجال الدين، وهذا ما إعتمدته أنا شخصيا في نقل ترجمة كتابنا المقدس الكنزا ربا الصادرة في العراق إلى اللغة الإنكليزية في التصويبات التي تمت تأسيسا على الأصل المندائي وفهم النص بشكل أكبر من خلال الإستعانة ببعض رجال الدين للوثوقية. وأرى إن إشراك رجال الدين سيعزز الثقة لديهم وسيكون عامل حفز لمزيد من الدرس خاصة وأن مثل هذه المهام يجب أن تكون من ضمن أدوار عملهم. ومعلوم في جميع الأديان أن ليس رجال الدين بمستوى واحد من حيث المعرفة والطقس وهذا ينطبق على المندائية أيضا خاصة ونحن نعلم أن إعداد رجل الدين المندائي ما يزال يعاني من عدم قيامه على أساس أكاديمي ديني.

8- ماذا تقول لو طلبت من حضرتك رأيا في الأسماء التالية:
الليدي دراور، ناجية مراني، عزيز سباهي
هؤلاء وآخرون غيرهم أساتذة لنا، كان لهم قصب السبق في الميدان المندائي كل بمنحى.
فالليدي دراور، لم يصل لما قدمته للمندائيين إلى الآن أي شخص آخر. هي شخصية عايشت المندائيين وأحبتهم وأوصت بهم. كتبت عنهم بحيادية، صورتهم فوتغرافيا وقدمت أول الأفلام الوثائقية عنهم. تعلمت لغتهم إلى حد الإتقان، أقدمت على الترجمة على صعوبة النصوص وإشاراتها الرمزية. وضعت لنا القاموس المندائي الذي نستند إليه في ما قدمنا وما تعلمنا. كل ما أقدمت عليه يقع ضمن ما يسمى بالبحث الأصيل. يا لها من قدرة وهمة في الكم الكبير من الكتب والدواوين التي ترجمتها ونسختها. توفت والمخطوطات المهيئة للطبع كثيرة. إنها بحق أفضل شخصية قدمت المندائية للأكاديميين من غير المندائيين أولا ومن ثم المندائيين. تستحق منا أن نقيم مؤتمرا أكاديميا تكريما لها وعرضا لمساهمتها للمندائيين، وتستحق أن نسمي مركزا أكاديميا وثقافيا مندائيا باسمها.
وأما ناجية المراني، فهي، رواه نهويلا، شخصية أكاديمية مندائية ميزتها أنها تتقن العربية والإنكليزية والمندائية، وفوق ذلك فهي تربت في بيئة مندائية تتعامل مع الطقوس ومعانيها. نفذت ببصيرة ذكية إلى جوانب أساسية وسعت أن تضع ذلك في الكتاب الذي تابعت صدوره ليكون بين أيدينا. قابلتها وإلتقيتها ووثقنا فلما لها. من المؤسف أننا لم نسع لأن نستفيد من كل ما تملك وبخاصة في ترجمة النصوص المندائية التي كان يمكن أن تكون لدينا مادة أساسية نقتني منها ما نريد، فهي خير من ترجم.
وأما الأستاذ عزيز سباهي، فمندائيا عرفناه من خلال كتابه أصول الصابئة المندائيين، وهو جهد ومبحث أكاديمي طيب سعى فيه للإطلاع على ما كتب عن المندائيين من قبل باحثين أجانب وعرب وبمواضيع متعددة وقدم الكثير من وجهات النظر بطريقة الأكاديمي الذي يتحمل مسؤولية عرض المادة وملاقاة مصادرها وبيان إختلاف وجهات النظر فيها، فكان كتابه أساسيا وبخاصة أنه يكاد يكون أول كتاب في اللغة العربية يعتمد منهجية عرض أكاديمي لجوانب عديدة تتعلق بالمندائية.
9- ما هي أكثر ثلاثة كتب....
قراءتي مستمرة لكتب بعينها كاملة وأحيانا فصولا من كتب. وطالما أني أختار هذه الكتب فلا شك أني أتأثر بها وأستفيد منها. أما أبرز ثلاثة كتب أحببت قراءتها فهي بحسب ثلاثة ميادين. دينيا قراءتي المستمرة في كتاب الكنزا ربا ومقارناته مع ما يرد في أديان أخرى وفلسفة ولاهوت الأديان. وفي الأدب رواية عزازيل للكاتب المصري الدكتور يوسف زيدان، وفلسفيا كتاب فلسفة التأويل: دراسة في فلسفة تأويل القرآن عند ابن عربي.
10 ختاما، بعد رحلتك الطويلة..
للأسف لقد بدأت متأخرا نسبيا في ميدان الدراسة الأكاديمية المندائية. أحيانا ألوم نفسي أنه لو قيض لي دراسة المندائية بدلا من تخصصي في علم النفس التربوي لكان مجال خدمتي أسبق، ومع ذلك فأحمد الحي العظيم أني توجهت لهذا الميدان الذي حين أحاجج أقول أن هنالك الآلاف في إختصاصاتنا الأكاديمية، ولكن هنالك قلة قليلة جدا في الدراسة الأكاديمية المندائية. أنا فخور حقا بأنني تعلمت الكثير عن المندائية معتقدا ولغة وطقسا وسعيت، تأسيسا على القدرة البحثية، للتعلم والنتاج فيها فأسهمت بوضع عدد من الكتب والترجمات وكتابة المقالات والدراسات التي أشعر بالسعادة حينما تفيد المندائيين وتعلم الراغبين، وقد لمست ذلك من خلال الإقبال عليها وردود الأفعال بتلقيها. وأجد أنني مثلما ساهمت وخدمت كياننا المندائي في مؤسساته الإدارية، فإن مساهماتي في الميدان المعرفي والأكاديمي قياسا بعمرها تعتبر جيدة، فلي ستة كتب في ذلك يتقدمها ترجمة كتابنا المقدس للغة الإنكليزية، وهنالك أربعة كتب مهيئة للطبع بعون الحي، كما أن عملي قائم ومستمر في وضع الموسوعة المندائية.
أشكر لكم هذه الفرصة داعيا الحي العظيم أن يوفقنا جميعا في خدمة مندائيتنا العزيزة.

الدخول للتعليق