• Default
  • Title
  • Date
  • اعداد : عزيز عربي ساجت
    المزيد
    اللغة المندائية والحاجة الملحة للبحث العلمي الدائم هناك جملة تساؤلات
  • فهيم عيسى السليم
    المزيد
    كتب الكثير عن هذا التنظيم الإرهابي الدموي ودخل الإستخدام اللغوي
  • د . قيس مغشغش السعدي
    المزيد
    بتوقف  دراسة اللغة المندائية والتعامل مع معاني مفرداتها وأسس إشتقاق
  • د. قيس السعدي
    المزيد
    قصيدة لميعة عباس عمارة حين تتحدث مع لميعة عباس عمارة،
الأحد, 07 نيسان/أبريل 2013

هــل يـمـكـنـنا احـــيــاء اللـغـــة الـمـنـدائـيـــة؟

  صباح مال الله
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

سؤال يردده اكثر من مندائي بأسى وهو ينظر الى ما آلت اليه هذا اللغة المقدسة. فقد انكمشت على ذاتها واقتصر دورها على الطقوس الدينية واهمل استعمالها في الحياة اليومية ولم تعد لغة المندائيين الرسمية mother tongue واستعيض عنها باللغة العربية في العراق وبالفارسية في ايران وبلغات بلدان التواجد ، بعد موجة الهجرة الأخيرة . ثم بدأ الناشئة بدورهم بنسيان العربية وتبني اللغات الجديدة التي يتلقون علومهم بها ويحيون بها في اوطانهم المختلفة.
ان امر احياء لغة شبه ميتة ليس مستحيلا ، ولكنه ليس هينا ايضا ، وهو يستدعي في البدء والمنطلق نهضة مندائية شاملة ووعيا تاما بتداعيات اهمال التراث واللغة وايقاظا لحس الانتماء للمندائية الذي هو مفقود تماما لدى الكثيرين. ان جميع الاثنيات في العراق جاهدت للاحتفاظ بهوياتها ولغاتها الخاصة ولم تفرط بها ، فالكلداني والأرمني والآثوري والسرياني والتركماني والكردي لا يستخدم الا لغته الام في البيت وفي التخاطب مع ابناء جلدته، عدا الصابئة الذين نبذوا لغتهم وتخلوا عنها تماما لصالح اللغة العربية ، بالرغم من ان المندائية تعد من اجمل لهجات اللغة الآرامية، سيدة لغات وادي الرافدين ومنطقة الهلال الخصيب، محط اهتمام المستشرقين وعلماء اللغات السامية .

 لا حياة لأمة بدون لغة

ويمكن احياء اللغة المندائية عن طريق دراسة وربما تطبيق ما نجح فيه من سبقنا في هذا المجال. فقد مرت العبرية في الماضي بنفس ما تمر به المندائية في الوقت الحاضر ، اذ اقتصرت هي ايضا على تلاوة الصلوات والادعية والكتب الدينية الى ان برزت بين الشباب اليهود الأوربيين في بداية القرن التاسع عشر حركة دعت الى احياء اللغة العـبرية وكان من ابرز قادها "اليعيزر بن يهودا" صاحب مقولة (لا حياة لأمة بدون لغة). وقد دعا اليعيزر بن يهودا الى جعل العبرية لغة التخاطب للاجيال الجديدة في وقت لم يكن احد يتصور بأن تغدو العبرية لغة محادثة تستخدم في مختلف شؤون الحياة اليومية.
وقد هاجر اليعيزر بن يهودا مع زوجته الى فلسطين عام 1881 ، وظل على ما يقارب من اربعين عاما يكافح من اجل احياء اللغة العبرية. وقد فرض على نفسه وعلى زوجته واولاده التحدث فيما بينهم بالعبرية ولم يعبأ بانتقاد وسخرية اليهود انفسهم. وقد اصدر بن يهودا في القدس صحفا بالعبرية للكبار والصغار دعا فيها الى احياء اللغة العبرية واستعمالها للتخاطب ، وأسس رابطة للمتكلمين بالعبرية، فصارت داره منتدى يأمه الشباب اليهودي المثقف الطامح الى النهضة واحياء اللغة.

مشروعا ضخما

وقد انجز اليعيزر بن يهودا مشروعا ضخما تمثل في تأليف قاموس اللغة العبرية القديمة والجديدة وانكب ينقب بدون كلل او ملل عن كنوز اللغة في كتب الاقدمين في العهد القديم والتلمود وفي الادب العبري الذي نشأ في بلاد الأندلس وفي اللغات السامية التي استقى منها الفاظا ومصطلحات وجذور وجعلها صالحة للاستعمال في لغة التخاطب والكتابة ، ولما اعوزته الحاجة الى مصطلحات عادية ضرورية في الحياة اليومية قام بن يهودا فابتكرها بعد الرجوع والبحث في اللغة العبرية وبقية اللغات السامية. وبهذا اتم اليعيزر بن يهودا تسعة مجلدات مما يعرف اليوم "بالقاموس العبري الكبير" الذي يضم ستة عشر مجلدا.
وعندما ادرك اليهود الجهد الذي قام به بن يهودا انتخوا وبدءوا بانشاء المدارس الحديثة ليتلقى فيها الطلاب دروسهم وفق اسلوب تربوي حديث حيث يتدرج فيه التعليم تدرجا تربويا وتحتوي مناهج التعليم في المدرسة الحديثة القراءة الموضحة وقواعد اللغة ودراسة العهد القديم والهاگـاداه والمشنا والـگـاماراه وتاريخ بني اسرائيل والجغرافية والرياضيات والطبيعيات. وكانت لغة التدريس هي العبرية وحدها.

وصارت لغة حية

ونتيجة لهذا التطور في اللغة بدأ اليهود كتابا وشعراء وصحفيون يكتبون باللغة العبرية فازدهرت الصحافة العبرية ازدهارا ملحوظا فكانت تصدر في اوربا نشرات دورية سنوية وشهرية واسبوعية وصحف يومية وكلها بالعبرية ، ومن اهمها صحيفتي "هاتسفيرا" و"هامليتس" الى جانب الصحف الاخرى التي تصدر بلغة الايديش (وهي اللغة التي يتداولها اليهود في اوربا الشرقية) . كما برز منهم كتاب وشعراء كبار من امثال شالوم رابينوفتش واسحق بيرش والشاعر حاييم نحمان بياليك. لقد ادت كل هذه الجهود المشتركة الى جعل اللغة العبرية لغة حية تتردد على السنة الصغار والكبار. وقد ساهم مساهمة فعالة في نشر اللغة العبرية المثقفين اليهود من مختلف المذاهب والمعلمين (الراباي) ، فصارت لغة حية تستعمل في الكتابة والمحادثة والفنون والآداب والعلوم.

وماذا عن المندائية ؟

ان من يتصحف الكتب والدواوين المندائية سيجد تراثا مدونا ً بلغة ثرية بالمفردات والمعاني، وقد كتب بهذه اللغة العشرات من الكتب واللفائف والنصوص منها على سبيل المثال لا الحصر :
1 ـ كتاب گـنزا ربا ـ كتاب المندائيين المقدس بجزئيه اليمين والشمال، او (سيدرا ربا) و ديوان أباثر و دراشا اد يهيا و ديوان هران كويثا و أسفر ملواشا و ديوان نهرواثا.
2 ـ النصوص السرية الخاصة بالكهنة ومنها: (أ) آلما ريشايا ربا (بـ) الف ترسر شياله (جـ) ديوان ملكوثا اليتا
3 ـ كتب الطقوس الدينية ومنها: (ا) شرح د بروانايا (البنجه) (بـ) شرح طراسة د تاغه شيشلام ربا (جـ) شرح د قابين شيشلام ربا . وهناك المئات من مدونات الطلاسم والادعية والنصوص السحرية الخاصة بطرد الارواح الشريرة والحسد وأدعية لجلب المحبة والرزق والسلامة.
ان هذه المهمة التي تتعلق بمستقبل الامة المندائية ينبغي ان ينهض بها مثقفو الطائفة ذاتها، وهذا يستدعي الحصول على الدعم العلمي والمادي الللازمين من مراكز البحوث المتخصصة بالأثنيات والأديان القديمة الموجودة في الجامعات الاوربية، وخصوصا اقسام دراسة اللغات السامية، وفي مراكز ثقافية عالمية متخصصة كاليونسكو مثلا . ان مثل هذا الامر يستدعي تشكيل لجنة متخصصة من المندائيين تأخذ على عاتقها مخاطبة مثل هذه الجهات ذات العلاقة.
لقد كان الشيخ نجم الشيخ زهرون يتراسل مع المستشرقة دراور باللغة المندائية ... واذا كان بامكان سيدة انجليزية قراءة وفهم رسالة بالمندائية، فأليس من باب اولى ان يقوم المندائيين بدراسة لغتهم وفهمها ثم جعلها لغة استعمال يومي ..

الدخول للتعليق