• Default
  • Title
  • Date
  • اعداد : عزيز عربي ساجت
    المزيد
    اللغة المندائية والحاجة الملحة للبحث العلمي الدائم هناك جملة تساؤلات
  • فهيم عيسى السليم
    المزيد
    كتب الكثير عن هذا التنظيم الإرهابي الدموي ودخل الإستخدام اللغوي
  • د . قيس مغشغش السعدي
    المزيد
    بتوقف  دراسة اللغة المندائية والتعامل مع معاني مفرداتها وأسس إشتقاق
  • د. قيس السعدي
    المزيد
    قصيدة لميعة عباس عمارة حين تتحدث مع لميعة عباس عمارة،
الأحد, 07 نيسان/أبريل 2013

اللغة المندائية بين الاخذ و الرد

  سنان نافل والي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كتب صديقي و اخي ترميذا علاء النشمي قبل فترة مقالاً حول كيفية احياء اللغة المندائية على المستوى النظري و العملي و خلص الى عده امور منها انه لايوجد احد يتحدث الان اللغة الكلاسيكيه المندائية (لغة الشعر و النثر )و يستعمالها في حياته اليوميه و ان بنك المفردات المندائية في الحياة اليوميه اقل من ضئيل ، و ان مواد التدريس المبنيه على اسس علميه و لغويه من كتيبات و كراريس و ملصقات غير متوافره ، اضافه لافتقادنا الى مدرسين مؤهلين لتدريس هذه اللغة ، و ختم ملاحظاته بضربه تشاؤميه اجهزت على ما تبقى عندما ذكر ان عمليه بقاء اللغة متوقفه على مدى تعلق متحدثيها بها ويتسائل بمرارة (فأين نحن من ذلك )؟!!
اعتقد ان هذه الملاحظات على الرغم من مسحه التشاؤم التي تسودها فهي بالتاكيد نابعه من حرص ممزوج بالأسى لحال اللغة المندائية الذي وصل اليه بعد ان كانت حتى عهود ليست ببعيدة منتشرة في ارجاء و اسعة من بلاد مابين النهرين و قسم من بلاد الشام و فلسطين ، معززه ذلك التواجد و الانتشار الكثيف بطبع نقود متداوله باللغة المندائية ، و المخطوطات و اللفائف و الاواني التي و جدت منتشره في ارجاء تلك البلدان مما كشف النقاب عنه و مالم يكشف عنه بعد الا بالكاد ، كما هو الحال في مخطوطات قمران ، خير دليل على ذلك.
نعم انا اتفق معه في مسأل رئيسية و احدة و هي ان ما يميز اي امه عن غيرها هي لغتها بما تحويه من تراث و فلكلور و علم وحياة يومية ، و الحفاظ على هذه اللغة هو الحفاظ على كل هذا الخصائص ، و يمكن لنا ان نفهم بعد ذلك مثلاً، لماذا قامت فرنسا بعد الحرب العالميه الثانيه بحصر كل المفردات الدخيله عن اللغة الفرنسية و اخراجها من القواميس اللغويه لديها ، و ايضاً يمكن ان نفهم تعصب البعض من الشعوب للغتها بحيث لا يتحدثون مع الغرباء في بلدانهم الا بلغتهم الخاصه حتى لو كانو يجيدون لغة هؤلاء الغرباء ، و ايضاً اعتزاز العرب بلغتهم و ادبهم و شعرهم ....الخ ، بمعنى اخر ، نحن ندرك كل هذه الصعوبات في عمليه تعلم و تعليم اللغة المندائية ، و ندرك جيداً كم هي كبيره تلك المعوقات التي تعترض قيام نهضة تعليمية لغوية حقيقية في الطائفة ، و لكن هل هذا كافٍ لكي نجلس و نتحسر على ماض تولى ؟!.
لقد بدأنا في الطائفة و بالتحديد منذ عام (1998) في انشاء مدرسه هي اقرب ما تكون الى المدارس النظامية المعمول بها في مجتمعنا العراقي ، ذات ادارة وصفوف دراسية ومناهج ، و هذه المناهج ربما تكون ليست منهجيه مئه بالمئه او علمية واكاديمية متكاملة كما يطلب البعض ، و لكنها بالتاكيد خطوة كبيرة وصحيحة في درب الالف ميل اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الامكانيات المتوفرة مادياً و فنياً و حتى علمياً ، وخططنا للأمر مستفيدين من اخطاء الدورات العشوائيه التي كانت تقام في المندي سابقاًَ في اوقات متباعده و لفترات قصيره لا تتجاوز الشهر الواحد او الشهرين و بمدرس و احد من رجال الدين يكون هو المدرس و المدير و معد المنهج ، و تعطى فيها دروس لا يربطها تخطيط او منهج و اضح ، انما هي مزيج من اللغة و المفاهيم الدينيه و بشكل غير مبرمج ، مع اعتزازنا الكبير بالطبع بما قدمه رجال الدين في هذا المضمار كبدايه كان لا بد منها بما احتوته من ايجابيات و سلبيات ، الا ان الامر اختلف بعد انشاء تلك المدرسه ، فجعلنا مده الدراسه فيها ثلاثه سنوات ، اي ثلاث مواسم دراسيه بمعدل سته اشهر لكل موسم دراسي ، تبدأ في العطله الصيفيه في (1/7) و تنتهي في (24/12) حيث حفل التخرج ، يتدرج الطالب فيها من الصف الاول وصولاًَ الى الصف الثالث مع تغير في نوعيه المناهج و مستواها في كل سنه من هذه السنوات الثلاثه في حركه تصاعديه عموديه ، و تم تقسيم الطلاب الى ثلاثه فئات عمريه لغرض تحقيق التجانس العمري في الصف الواحد قدر الامكان ، فكانت مرحله الصغار تبدأ من (8-12) سنه و الثانية من (13-20) سنه اما الثالثة فتبدأ من (21)سنه فما فوق،و كانت نسبه الطلاب في كل سنه تتراوح بين ال (350-500) طالب و طالبه من كل الاعمار و خصوصاً في المرحله العمريه الصغيره حيث تجاوز عدد الطلاب الاطفال في كل سنه ال (100) طالب وبالطبع خصصت لكل مرحله عمريه منهج خاص بها في ماده اللغة (قواعد- محادثه- قراءه-املاء) و التربيه الدينيه (تعليم – طقوس-كتابيات-لاهوت) ، و المهم في ذلك كله اننا ركزنا على ان نسبه تعليم اللغة يجب ان تكون (70%) مقابل (30%) للتربية الدينيه و انعكس ذلك على جدول الحصص و عدد الدروس المعطاة لمادة اللغة مقابل عددها لمادة التربية الدينية ، على اعتبار ان الثقافة الدينية بما تحويه من مفاهيم و تعاليم و تربية يمكن الحصول عليها من خلال القراءه او حضور المناسبات و الاحتفالات الدينية و القداسات او حتى من خلال مجالسه رجال الدين او الحديث معهم ، بينما اللغة لايمكن اكتسابها بأي حال من الاحوال الا عن طريق مدرسه او منهج او استاذ ، اضافة الى ايماننا كادارة مدرسه في تلك الفترة ، بضرورة رفع شعار (احياء اللغة المندائية) ، و اعتقد اننا نجحنا في ذلك الى حد كبير حيث يتخرج الطالب من المدرسة المندائية بعد ثلاثة سنوات و هو قادر، لا اقول على التحدث بطلاقة باللغة المندائية ، ولكنه على الاقل يستطيع ان يقرأ ويكتب (بسهولة) و الاهم من ذلك اننا حصلنا على جيل متعلم لغوياً يستطيع البعض منه من المتفوقين ان يكون مدرساً في تلك المدرسة ليعلم الاخرين كجيل اول من الاساتذة اللذين يمكن الاعتماد عليهم بنسبة (60-70%) .
ربما البعض يقول ان هذا غير كافٍ او كما يقول الشيخ علاء اننا نفتقر الى مدرسين مؤهلين (اكاديمياً) لتدريس هذه اللغة و يجيدون المندائية في نفس الوقت ، ثم يذكر بعد ذلك اقتراحه بانشاء مجمع لغوي للغة المندائية يضم في اروقته كافة المتخصصين باللغة المندائية ..! ، اعتقد اننا يجب ان نكون و اقعيين بعض الشي لكي نستطيع ان نحقق عملاً او انجازاً حقيقين على ارض الواقع ، من اين نأتي بهؤلاء المتخصصين ، هل نستوردهم من دول اخرى أم ماذا و اين هي الامكانيات المادية و بالذات المادية التي توهلنا لانشاء مجمع لغوي رصين ومعروف ؟ ربما البعض من المندائين عندما يسمع هكذا اطروحات سيكون من حقه ان يتسائل ويقول اليس من الانفع و الاجدى ان نبني مندي آخر في جهة الرصافة من بغداد ليكون احدهما مخصص للامور الادارية فقط بكل اقسامها وتفرعاتها من مجالس و انشطه ، و الاخر يخصص لاجراء المراسيم و الاحتفالات و الطقوس الدينيه ،؟! مع العلم و هذا ليس بخاف على احد ان تمويل الطائفة بالكامل هو تمويل ذاتي ياتي من خلال تبرعات من المندائين من داخل و خارج العراق ليغطي احتياجات لا اول لها و لا اخر.
اضافة الى مسألة مهمة اخرى ذكرها اخي ترميذا علاء و هي اعتقادة الخاطئ بان استعمال مفردات اللغة في الحياة اليوميه لا تعد ديلاً على اجادة هذه اللغة و ان ذلك بمثابه القشره في اللب !! و انه لايوجد من يجيد الكلاسيكية المندائية ( التي يكتب بها الشعر و النثر ) و يستعملها في الحياة اليومية ، في الحقيقة هناك عده مستويات في ايه لغة يمكن ان يتعلمها المرء ، مثلاً في اللغة العربية . كما هو معروف ، هناك الفصحى و هي اللغة التي كتب بها الشعراء الجاهليين قصائدهم و ايضاً تلك اللغة الرفيعة التي نزل بها القران الكريم ، و هناك الفصيحة و هي لغة الكتب والمجلات والصحف ، وتأتي بالمرتبة الثالثة العامية وهي مزيج من الفصحى والفصيحة ومفردات مبتكرة وأخرى من لغات مختلفة تؤدي وظائفها في تلبية أحتياجات الفرد في مجتمعه ، لذلك لا يمكن لمن يريد أن يتعلم اللغة سواء المندائية أو غيرها ، أن يبدأ من فوق نزولاً الى الأساس ، أي اننا لا يمكن ان نعلم اللغة الأنكليزية مثلاً لطالب لا يفقه منها شيئاً من خلال تدريسه مسرحيات وليم شكسبير أو اللغة الفرنسية من خلال كتابات موليير وفكتور هوغو أو الألمانية من خلال روايات غوته أو حتى العربية من خلال قصائد طرفه بن العبد او زهير بن أبي سلمى ونقول له بعد ذلك ، عليك أن تستعمل هذا الاسلوب الراقي جداً من اللغة في حياتك اليومية ومتطلباتها ، أن اللغة الحية كما يعرّفها علماء اللغة هي لغة الحديث الفعلية المستعملة يومياً وليست تلك الموجودة في دواوين الشعر وروائع النثر والأدب ، أو كما قال العلامة ( مصطفى جواد ) رحمه الله ، أن الخطأ الشائع أفضل من الصحيح المهجور . يمكن لنا أن نفهم بعد ذلك تلك التجربة التي قام بها أحد المعاهد الفرنسية المتخصصة في علوم اللسانيات عندما أجرى أمتحاناً في قواعد اللغة الفرنسية لمجموعة من (الكتاب والأدباء الفرنسيين) المشهورين ، أي أصحاب الحرفة مثلما يقال ، ماذا كانت النتيجة ؟ ، أتضحت أن نسبة الرسوب وصلت الى أكثر من (50%) بالضبط وهم أهل الصنعة وأهل القلم ، ما اريد قوله هو اننا لسنا بحاجة لمعرفة اللغة الكلاسيكية المندائية لكي نتعلم لغتنا الجميلة ، أنما يكفينا في البداية أن نجيد هذه اللغة كمفردات يومية مستعملة ، نستطيع بعدها أن نطور أنفسنا ، على أعتبار أن اللغة هي مجهود ذاتي اولاً وأخيراً وأن الأستاذ يعطينا المفاتيح فقط لنكمل الدرب وحدنا ونتعمق بعد ذلك في أدبيات وروائع هذه اللغة من دواوين وشعر وأدب ، نحن لا نريد أن ننتظر سنوات أخرى بأنتظار التمويل المادي الذي قد يأتي أو لا يأتي ، لكي ننشأ مؤسساتنا التعليمية ، أو ننتظر سنوات أخرى طويلة لكي يصبح لدينا ربما بالصدفة ، أحد الاكاديميين المتمرسين باللغة المندائية لنعتمد عليه بعد ذلك في وضع حجر الأساس لأنطلاقة تعليمية قد تبدأ أو لا تبدأ ابداً ، أنما أقول أن نبدأ بأمكانياتنا البسيطة والمتوفرة ، وبما هو موجود حالياً من خبرات بسيطة أو كبيرة ونفتح الصفحة الأولى في سجلٍ تعليمي يمكن له أن يتطور ويتجاوز الاخطاء التي يقع فيها وتزداد خبرة العاملين فيه مع أحتكاكهم المستمر بدورات تدريبية وطروحات وأفكار ونظريات لغوية حديثة عالمياً ، وما بدأته المدرسة المندائية قبل ثمانية سنوات ( المدرسة متوقفة منذ سقوط النظام السابق لعدم أستقرار الوضع الأمني في البلد وستعود الى سابق عهدها بمجرد أستقرار وأستتباب الامن والنظام ) ، يمكن له أن يستمر وأن ينشأ لنا جيلاً متعلماً قادراً على أستيعاب لغته بمفرداتها البسيطة ولكن ليست القليلة ، وبقواعدها السهلة وبخطها الجميل وأن يكون فعلاً الحجر الأساس والحقيقي والواقعي في نشر وأنتشار هذه اللغة بين المندائيين داخل وحتى خارج العراق ، متمنين أن يوفقنا هيي قدمايي في معرفة الصواب من الخطأ وأتباع الطريق القويم بعون الحي العظيم .

الدخول للتعليق