• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 02 شباط/فبراير 2014

رواية الألف منزل للحلم والرعب للكاتب الافغاني عتيق رحيمي

  اعداد : عزيز عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

في رثاء الوطن المجنون رواية الألف منزل للحلم والرعب للكاتب الافغاني عتيق رحيمي

يقول عتيق رحيمي السيناريست والروائي الأفغاني ( لا يوجد بلد في العالم عرف وجرب خلال اربعين سنة كل الانظمة السياسية التي يمكن تخيلها كافغانستان ، أنظمة لا تخطر على البال دفعت بوطني الى شفير الهاوية ..) معبرا عن ألمه وحزنه لما يحدث لوطنه المجنون .
ان رواية ( الالف منزل للحلم والرعب ) هذه الرواية الخالدة التي اقتصرها النقاد ب ( المتاهة ) والتي حصل من خلالها هذا الروائي القدير على جائزة الجونكور الفرنسية عام 2008 . المولود سنة 1962 في عائلة غنيّـة ، متعلمة وغربيّـة الثقافة ، درس في الثانوية الفرنسية في العاصمة كابول ، اما والده فكان حاكم مقاطعة البانشير ، ملكي الانتماء والنزعة ، اصبح فيما بعد قاضي تحقيق ، وعندما جاء انقلاب 1973 الذي كان بقيادة محمد داود خان الذي وضع حداً للحكم الملكي واعلن الجمهورية وهو نظام موالي الى أمريكا والسعودية وباكستان وخلال تلك الاحداث ارسل العسكر عتيق رحيمي الى السجن لثلاث سنوات ، وبعد حركة نور محمد تراقي في 1978 سكرتير حزب الشعب الديمقراطي ذي الميول الماركسية المواليه للسوفيت ، سميت بجمهورية افغانستان الديمقراطية ، حيثُ تحوّل اخوه الى الشيوعية ، وقد اتجه عتيقي نحو السينما لما وجد عنده ميول لهذا النوع من الفن ، وبعدها هاجر الى فرنسا واستقر في مدينة روان الفرنسية ، لقى اخوه مصرعة على ايدي حكمتيار ، اما والداه فيعيشان في امريكا .
عتيق رحيمي هذا الانسان الكاره لوطنه البيولوجي الذي يمارس باسراف ثقافة الموت والانتحار الذاتي منذ سبعينيات القرن الماضي ، رحيمي هو ابن هذا الوطن الأطلال منه جاء وله يكتب نعيه وتعازيه في شكل روايات وسيناريوهات أفلام تسرد قصص الحلم الشخصي الميت ( رواية وسيناريو أرض ورماد ) ، هو ذاته الروائي المبدع وبأمتياز لعوالم سردية تمتزج بين الأمل والأسى ، الجنوح للتصوف والهروب من دوامة صراع دموي قال عنه إنه : ( ليس قضاء وقدر شعب كان في ما مضى شعباً مسالما ومحبا للحياة ومذواقا للفن والجمال ، تؤسس عوالمه المحكية حكايات لذيذه واّسره مأخوذه على قدر من الأبداع الجميل من فضاء الحكايات الفارسية القديمة ، تراث شعبي قديم زاخر بما هو رائع ومذهل ومثير )، هي بالطبع سرد يجمع بين الحقيقة والخرافة العبق بجاذبية الأمكنة والأزمنة وشاهد عيان على عذوبة وطن قبل ان يغتصب ، ايام الزمن الجميل الذي يحن اليه دائما .
كانت بداياته الاولى حيث اخرج رواية ( هيروشيما حبي ) للكاتبة الفرنسية مارغريت ديراس ، حيث قال ( جئت للسنما بفضل هذا الفلم ، لقد صدمني وقلب روحي وجعلني انظر للحياة بمنظور اخر ، قلت في نفسي ، بالطبع كابول هي هيروشيما حياتي .. ) ، والذي الف بعدها رواية ( أرض ورماد ) سنة 2000 وكانت باللغة الفارسية وهي نفس لغة بلاده واخرجها فلماَ ، حيث اجواءها تشبه أجواء ( هيروشيما حياتي ) ، لكنه كتب اول عمل روائي بالفرنسية 2008 كانت ( حجر الصبر ) الرواية التي فتحت له باب النجومية على مصراعيه والأغرب من هذا انه يشتغل على الرواية كان يعتمد أساساَ لإثراء ثقافته الفرنسية على قاموس روبير بأجزائه الثلاثة .
في سنة 2002 صدرت له رواية ( الألف منزل للحلم والرعب ) بعض النقاد اختصروها في كلمة ( المتاهة ) لان الالف منزل قد تكون ايضا الالف غرفة في التراث الفارسي التي تعبر عن حالة ( المتاهة ) في هذا المنزل المخيف والغامض والواسع بابوابه التي لا تُعد ولا تحصى ، حيث المداخل هي المخارج والمخارج خديعة ، من يدخله لا يخرج ، يتيه ، يفقد عقله ويجن او ربما ينتحر .
في هذه الرواية خمسُ شخصيات او اقطاب تتصارع وتناضل من اجل إنقاذ نفسها والهروب من امتداد المتاهة المفترس ، وهذا كلما تفسخت هزيمة الإنسان الى هزيمة الاخلاق على إيقاع جنون بشري يأتي على الاخضر واليابس وكأن بكل شيء يمسخ الى وحش او غول ميتافيزيقي يبتلع العباد والبلاد .
تقول الناقدة الفرنسية نتالي كروم عن الرواية : في روايته الثانية وتقصد رواية ( المتاهة ) برهن عتيق رحيمي بما لا يدعو للشك على موهبته كروائي متفرد في أصالة لغته التي تعبّـر عن الالم والمعاناة اللذين يلاحقانه حيثما ذهب وعاش ، هذا العالم الشعري القوي والنفاذ صنيعة مخيلته التي تجمع بين الخيال والواقع بين الحلم والحقيقة بين الراهن والذاكرة ، ذاكرته المعذبة والمريضة ، في عوالمه هذه يتعايش الاني الاكثر مرارة وفظاعة ، الحقيقة صعبة الشرح والفهم ، مد وجزر الاحلام شبه الميتة ، السرد الاسطوري والخيالي ، قصص مليئة بالالغاز والاسرار من التراث المحلي .اما ىالناقد الفرنسي ج.ب بيرين فيقول عن الرواية : ( بالنسبة لعتيق رحيمي فتاريخ بلاده الحديث يحكمه رعبان الاول ايدولوجي والثاني ديني ) ، اثناء الحكم العلماني قبل الاجتاح الروسي ، عندما تعثر الشرطة على الطالب فرهاد بطل الحكاية ، تعثر عليه مخمورا في احدى ازقة كابول فتطارده ، يفر فتنقذه مزهاد الجميلة وتخبئه عندها ، مزهاد هي ضحية النظام الذي اعدم زوجها وتعيش مع ولديها ، الصغير يحيى الذي يرى في الضيف الجديد أبا له ، ثم ينضم إليهم عبر أطوار السرد اخو يحيى الذي فقد عقله بسبب التعذيب ، احداث الفصول الاولى هي لفرهاد واستيقاظه من غفوته المخمورة ، إحساسه بتأنيب الضمير ، مساءلته لنفسه ، مساءلة دينية من هذا المنطلق تبرز للسطح الثقافة الدينية التي تسكن كيان الانسان الافغاني ، ثقافة دينية سطحية ، سطوة ثقافة الترهيب على العقل والاحساس الافغاني ، في الفصول الباقية من الرواية يولد الحب ، المعجزة بالنسبة لرحيمي ، سقوط فرهاد في غرام مزهاد الارملة ، التخطيط للهروب الذي اصبح حتمية ، الفراق الصعب والمر بين الحبيبين ، ستكون نهاية الرواية كبدايتها ويضيع فرهاد من جديد ، يضيع في المتاهة الافغانية ، اي ان كل الدروب والمسالك في بلاده تؤدي كلها الى نهاية واحدة ، وهي المتاهة ، اللاخروج ، التيه .
لقد حققت الرواية نجاحاً كبيرا بحيث صدرت في عدة طبعات منها الاسبانية والنرويجية والايطالية والفرنسية والفارسية والعربية ، ، وقد جاءت احداث 11 سبتمبر لتُزيد من نجاح هذا الروائي المقتدر وروايته التي صدرت ب 11 لغة اخرى . وهذه الرواية تعطي إنطباعاً كبيراً عما تدور احداثها المرعبة ليس في بلده فحسب بل في بلدان كثيرة ومنها بلدنا العراق التي عانت شعوبها من ويلات الاستبداد والتجبر والاحتلال لانظمة حَكمت تحت مظلة العلمانية والدين .


ملاحظة : كتبت وبتصرف من مقالة للكاتب الجزائري / عبد الغني بن رابح / بعنوان ثورة الجونكور

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014