• Default
  • Title
  • Date
السبت, 08 آذار/مارس 2014

ظاهرة الوشم ... اسباب واشارات

  عزيز عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(2 عدد الأصوات)

لقد عرفت معظم الشعوب في مراحل تطورها الاولى ظاهرة الوشم ، وهوعبارة عن رسم حيوانات واشكال مختلفة على الجسم او على جزء منه عن طريق الوخز بالابر ، وقد استخدمت بعض الشعوب في المجتمعات الطبقية الوشم للتعبير عن مكانة الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه ، او انتمائه لقومية او لطبقة او لتيار فكري معين او لجماعة سرية ، وقد ورد ذكره في المراجع التاريخية القديمة في الشرق او الغرب ، وخصوصا في المراجع الصينية القديمة ، عند انتقال المجتمع البدائي الى مجتمع طبقي . والختم بالنار يعتبر ظاهرة معروفة عند الشعوب القديمة لكي تميز شعب عن شعب اخر بهذه الوسيلة ويكون بمثابة رمز لها تفتخر به ، ثم تحول بعد ذلك الى عامل زينه ، يزين به الجسم في جميع اقسامه حتى الوجه عرف ذلك عند الاوربيين الذين استخدموا طريقة ختم الحيوانات ، وعند ظهور الوشم انتقل من الحيوان الى الانسان لمعتقد نفسي وحب الظهور وكذلك عرف ايضا عند الهنود ضمن طقوسهم الخاصة اذ كان لهم ستايل خاص في هذا الشان ، والهند تكاد تتميز به كون تاثير المنطقة وجمال الطبيعة الهندية وعشقهم للالوان مما جعلهم يتوجهون الى الوشم ضمن رسوم تقديس الحيوانات وبخاصة ( البقر ) التي تمتاز بها الديانة الهندوسية . اما اليابانيون فقد وصلت اليهم عن طريق امريكا بعد الحرب العالمية الاولى اذ كان الامريكان يختمون البقر والماشية بعلامات مميزة لتكون معروفة لمن يمتلكها وتطور عندهم الى ما يعرف بالوشم عن طريق السكان الاصليين في امريكا وهم الهنود الحمر ، وكانت طريقة الوشم عندهم تعتمد على النقر بالابرة او بشيء حاد ومن ثم ادخال المواد الملونة الى داخل الجلد الذي يصيبه الخدر بعد فترة وجيزة من بداية العملية ، ثم وصل الى العرب واصبح وسيلة لتجميل النساء وكتابات ورسوما للرجال من اجل اعلان محبتهم لشخص ما .. او رسوما لابراز القوة ، او لدرء الحسد حسب مفهومهم ، ففي اوربا انتشر الوشم عن طريق الغجر الذين كانوا يغطون اجسادهم بها ، وفي افريقيا ونتيجة لطبيعة وحرارة الجو هناك اصبح الوشم يعوض عن الملابس بل اصبح هوية تميز قبيلة عن اخرى وهناك نقش خاص للنساء يتمثل باليد او الصدر ومنهم انتقل الى العراق وباقي الدول العربية الاخرى ، لغاية معينة عن طريق القبائل الرحل والمهاجرين ، واصبحت ظاهرة الوشم فيما بعد هواية والتفاخر بكثرتها ، وفي امريكا ينتشر عند الرجال بصورة خاصة ويتمثل بالنقش على الكتف واليد والظهر والصدر خاصة لدى الرياضيون لابراز عضلاتهم واصبح تقليدا عند المعجبين بهم كتذكار ضمن الرقعة الجغرافية التي يعيش بها المصارع او لاعب الاثقال او الملاكم .. الخ ، حتى دخل هذا ضمن الناحية السيكولوجية للشخص نفسه لتخليد المحب او الشعور بانه يمثل الحياة السعيدة وجمالها كونها تذكره بها دائما ، وفي العراق ينتشر في القرى والارياف وخاصة البادية وفي قرى الجنوب منذ ازمنة بعيدة الا ان التحضر الذي جاء نتيجة تطور التكنولوجيا العصرية جعل الكثير من العراقيين والعراقيات وفي البلدان العربية يعمل على ازالتها كونها اصبحت علامة تخلف الوعي والذائقة . واصبح كذلك ظاهرة واسعة الانتشار في السجون والمعتقلات كرسوم للحيوانات المؤذية كالحيتان او العقارب او كتابة اي معلومة للذكرى ، وقد لوحظ ايضا انتشاره في اوربا وامريكا حاليا بشكل لم يسبق له مثيل بين الشباب الهيبز او ما يدعى بالخنافس وكان سبب تطور ذلك هو الجنس هذا النوع اتخذ اشالا مختلفة حتى ان اشهر الرسامين العالميين يرسمون لوحات وزخارف فنية على الاجساد بل ان كثيرا من مصممي الازياء عاد الى القديم ضمن ازياء مستوحاة من العصور القديمة والتي تعتمد على بعض القطع الصغيرة من الاقمشة والباقي ياتي دور الرسام ليضع لمساته الفنية بواسطة الوشم حتى اصبح الجسد يشكل لوحة تشكيلية ضمن مدارس فنية متعددة ، وقد لوحظ مؤخرا استخدام هذه الظاهرة لاغراض طقسية دينية في بعض الفرق ذات توحهات شيطانية ويسمون ب ( عبدة الشيطان ) ويعتبر الوشم ذي الرسوم الغريبة من اهم سماتهم والمنتشرة حاليا في اروربا وامريكا وبعض بلدان العالم الثالث .
على اية حال فان خلاصة القول اسباب نشاة الوشم هي اسباب معقدة جدا بحسب الابحاث والدراسات ، كان الفرد في المجتمعات البدائية يستخدم التراب وزيوت النباتات في رسم بعض الخطوط والرموز على جسده لاعتقاده ان في ذلك فوائد كثيرة ، كأن يغطون اجسامهم بدهن الخنازير للوقاية من البرد ، ثم ادرك الانسان البدائي ان للوشم فوائد جمالية ، فكان المرء يدهن جسمه بغية الاحساس بذلك الشعور الجميل ، بعد ذلك وجدت النسوة في الندوب التي تتركها الحروب وصيد الحيوانات على اجساد الرجال علامات جميلة تدل على شجاعة الرجل وقوته ، وفي مرحلة لاحقة بدىء باستخدام الزينة ومنها الرشم في اخفاء بعضا من عيوب الجسد ، وكان الانسان البدائي يشم على جسده صورا لبعض الحيوانات او رموزا تشير الى القبيلة التي ينتمي اليها ، وكانوا ايضا يتصورن ان للوشم فائدة على صعيد الحياة الجنسية ، وكان للوشم عندهم اوقات محددة ، ان يبدا في سن الطفولة الى سن البلوغ ، او يبدا من سن البلوغ ويستمر لعدة سنوات تالية ، وفي معظم الحالات يعتبر عندهم اعلان للجماعة والمجتمع عن بلوغ الفرد سن البلوغ ، ومن هنا تاتي صلة الوشم بالحياة الجنسية باعتباره اشارة واضحة عن سن البلوغ ، وفيه يؤهل الفرد للانتماء الى القبيلة ويمنحه مؤهلات تلك القبيلة لاسيما على صعيد الحياة الجنسية والزواج ، وكما اسلفت ان الوشم والزينة يشكلان عنصرين فنيين لا ينفصلان ، وقد وجدت بعض النقوش على الاواني القديمة تعبر عن هذه الحالة .
ملاحظة : كتب الموضوع وبتصرف من مقال للكاتب العراقي وائل الملوك ونشر في جريدة الصباح الصادرة في بغداد بعددها المرقم 342 / الثلاثاء 24 اب / 2004م.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014