• Default
  • Title
  • Date
السبت, 29 آذار/مارس 2014

جريمة قطار الموت ..... الجزء الثاني

  سعدي مكلف
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

 وصلت عربات النقل العسكريه الى محطة القطار قبيل منتصف الليل وهناك قضى المعتقلون وقتاً طويلاً وقوفاً امام المحطه ثم فوجئوا بالحرس يقتادهم نحو قطار حمولة لنقل البضائع يتألف من عربات تشبه الاسطبل او طولة حيوانات محكمة الاغلاق ماعدا القار الساخن جداً شحنت البضاعه السياسيه المؤلفه من خيرة شباب العراق بعد ان فكت قيودهم واربطتهم من الكلبچات وسلاسل الحديد وظلت حبال القنب التي ربطت ايدي بعضهم فتمكنوا من التخلص منها بسهوله ولكنهم شعروا بالرعب وضعفت معنوياتهم فور اغلاق الابواب الثقيله وحلول الظلام عليهم بدلاً من خيوط الصباح الذي بدأ يتنفس وبعد ترتيب كل شئ بما في ذلك احضار الركاب المزيفون ويمثلون الحرس واكمال الاجراءات الفنيه تحرك قطار الموت ببطئ لتبدأ اشهر رحله اجراميه في التاريخ العراقي حكم على ركابها الافذاذ بالاعدام خنقاً او شويأ قبل الوصول الى السماوه وقبل ان ينقلوا الى سجن نقرة السلمان....

 قبل بدء الرحله بساعات شعر الركاب بالبرد واثناء انتظارهم المبهم داخل العربات تسلل البرد الى اجسامهم النحيفه فبقي اكثرهم واقفاً بينما جلس الباقون القرفصاء منكمشين في زوايا

 العربات كانوا يتمنون ان لا تطلع الشمس حيث تتحول العربات

 الى افران حديديه ساخنه جداً وتلك صفات الجو في الصحراء

 وما ان حلت الساعه الثامنه حتى شعر الجميع انهم في تنانير حديديه اسطوريه سيقضون فيها حتفهم جميعاً ففيها العتمه الدائمه والابخره والغازات وبخار الماء ومن روائح اجسادهم وبها سينشغل الكل في تذكر احبابه الواحد تلو الاخرقبل ان يفقد توازنه ويشرع في الهذيان والصياح والدعاء ثم يغمى عليه طويلاً حتى يرحمه الموت من قسوة الالام وبشاعتها كل عربه اذاً هي قدر حديدي مغلق يتحرك وسط نار ببطئ وملتهبه تتصاعد حرارتها بقوه لتعلو على حرارة الشمس في الخارج لماذا كل هذا العقاب كان معظم السجناء لا يرتدون غير ملابسهم التي اعقلوا فيها وهي بجامة النوم وفي محطة المحاويل ادركوا من بغض الثقوب القليله جداً ان الفجر يبزغ والنهار قد بدأ يتكون تحولت جميع عربات قطار الموت المتكونه من خمس عشر عربه الى جحيم حقيقي بعد ان قطع 110 كيلو متر بين محطة الحله والهاشميه وحسب التقديرات الطبيه والعلميه يستسلم المعتقلون الى الموت بعد ساعتين فقط بعض ركاب قطار الموت تترنم بأغاني واناشيد وطنيه شعبيه قبل ان يستسلموا الى قدرهم المحتوم في حوالي الساعه التاسعه من ذلك اليوم المشوؤم بدأت حالة الركاب تسوء بسبب نضوح العرق وانخفاض نسبة الماء والملح في اجسامهم فشعروا بالاختناق والغثيان وهبوط ضغط الدم والضيق والاغماء والتقيؤوالتبول وبعدها فقدوا الرغبه في كل شئ يقول احد السجناء بدأت اجسامنا تفقد سوائلها بسبب التعرق الشديد واصبح الوقوف على الاقدام مؤلم جداً والاتكاء على العربه غير ممكن ولم تكن في حوزتنا قطرة ماء واحده بعد الغثيان ونقص الاوكسجين وأنشغل كثير من الركاب ببحث عبثي يائس فأحتشدوا حول ثقوب وهميه لآستنشاق الهواء واغرب ما قام به ركاب قطار الموت انهم مارسوا عملية لحس العرق من اجسادهم  الاطباء في قطار الموت من المعتقلين نصحوا رفاقهم عدم خلع ملابسهم لكي يحفظ طاقتهم كما يفعل البدو في الصحراء الكثير من السجناء مارسوا الصراخ والضرب على الجدران لكي يلفتوا الانظار ولكن دون جدوى لا احد يعرف من السجناء كيف سينتهي به الحال وهو يعلم علم اليقين انهم متروكون وحدهم لمصيرهم المحتوم وفي اعلى درجات اليأس الذي خيم على المعتقلين جميعاً في تلك العتمات الخانقه سمعوا صوتاً خافتاً من الخارج قرب شق الباب يقول اصبروا اخواني سيأتي الفرج قريباًسائق القطار ما يدري ماهو حمل قطاره وقد ادرك الان وسيصل بكم السماوه بسرعه كان شرطياً عراقياً شريفاً مجهولاً ايضاً انتقل من عربه الى اخرى لينقل الى المعتقلين نفس الرساله عندما شعر ركاب قطار الموت بتزايد سرعة القطار الى الدرجه التي بدأت عربات القطار تهتز وتتأرجح لفرط السرعه انتعشت امالهم من جديد وتشبثوا بالحياة ولو كانت وهماً لم يعرف السجناء ولا غيرهم حتى الان كيف علم ذلك النفر من ابناء المحاويل او في اي محطه اخرى بسر ذلك القطار ليحتشد حاملين اسطل الماء لرش عرباته اثناء توقف القطار او حين يبطئ في السرعه عند المحطات الاخرى كل هذه الاحداث العاصفه واللقطات العنيفه لم يكن سائق القطار يعرفها لاهو ولا حتى رجال الحرس انهم ضحايا ايضاً مثل ركاب القطار ومثل الملايين المحكومه دائماً بالبطش والارهاب والخداع ينفذون جرائم الطغاة بصمت واذا ما علم احدهم بسير هذه الجريمه او تلك اختار واحد من الاثنين اما الذهاب الى حبل المشنقه او حفر نفق ضيق والعيش فيه الى الابد عبد عباس عرف الان سر حمولة قطاره وهذه جريمه وادرك انه يقود توابيت جماعيه وهذه جريمة كبرى اذا ما استمر بتنفيذ التعليمات حتى نهاية المرحله فأن جميع الركاب سيدركهم الموت حتماً من الذي يهمه قتل هؤلاء الناس ولماذا يضعونهم في تنانير قاتله قرأ ابو مظهر المحنه من كل الجوانب وادرك انه في يوم عصيب ولكنه اختار عراقيته بسرعه فحزم امره واطلق صفارته مستعجلاً حراس حمولته لينطلق بالقطار بسرعه قصوى غير مسموح بها لقطار حموله في كل الاحوال لم يعد يهمه شئ اكثر من ايصال هذه الامانه بأقصى سرعه انهم من خيرة شباب العراق وهاهو المخدوع يدرك سرهم وسر الوجوه المهمه التي حضرت مراسيم الوداع والحرس الذين يحرسون الحديد دونما علم سار بقطاره بسرعه تفوق سرعة القطار العادي السريع بل قال بعض ركابه ان القطار كاد ان يطير بهم الى السماوه متجاوزاً اكثر المحطات الباقيه يقول السائق وقعت في ورطه بين الخيار في انقاذ الارواح البريئه وبين احتمال العقوبات المترتبه على عدم الالتزام بالتعليمات ولكن لابد من الذهاب بها الى النهايه وكان لابد من التحايل على العناصر الامنيه ايضاً لابد من التلاعب بمؤشر السرعه خشية افتضاح الامر ولابد الحفاظ على ارواح الركاب والسماح للثلج والماء الذي كان يرشه الناس على العربات لتبريد سطحها في المحطات التي كان يتوقف فيها القطار  كيف يتم التعامل مع هذه المعادله الصعبه ماهو الاختيار السرعه ام التوقف لرش الماء والثلج واقتربت مني امرأة وقبلت يدي في غفله مني وقالت ارجوك اوصلهم بسرعه

 

يقول السيد علاء المفرجي النجل السابع لسائق القطار سر لنا والدي رحمه الله انه تحايل على العنصر الامني المرافق له لكي لا يكتشف مقدار السرعه الهائله التي حصلت ولكن العنصر الامني تواطئ معه في النهايه ثم ابلغه بضرورة السرعه لآنقاذ الناس الابرياء ولكن كيف تسرب الخبر السري والشخصي والمكتوم الى الناس بهذه السرعه ومن قام بتبليغ الاهالي في المحطات واحضار الماء والثلج ورشه على العربات ...هل كان اجتهاداًوتعاطفاً من شخص او اشخاص ام هو عمل منظم قامت به جماعه او حزب ما .

 

كان بين سجناء القطار ضابط صيدلاني هو ابن السيد طالب والاخير هو احد وجهاء السماوه شخص ميسور الحال وحالما عرف بخبر القطار اتصل من بغداد بأهالي السماوه وأستنفرهم لاستقبال السجناء واحضار الماء والطعام والشاي اخيراً وصل قطار الجريمه الى السماوه قبل ثلاث او اربع ساعات على الموعد المقرر له كان سائقه الشهم عبد عباس المفرجي قد اختصر الكثير من التوقفات والطقوس المعتاده في رحلة قطار الحموله وكان كلما مر بمحطه وعرف من وجوه المحتشدين واشاراتهم انهم على علم بسر الحموله ازداد اصراراًعلى زيادة السرعه وانقاذ الركاب وما ان توقف القطار امام رصيف المحطه القصير وتعالى الصراخ من داخل العربات وخارجها حتى هرع صوب ناظر المحطه وطلب منه بسرعه فتح الابواب كان الجميع ومن فيهم سائق القطار بأنتظار ظهور المخلوقات الاسطوريه التي ستتهاوى امام اعينهم في مشهد اعجازي لن يتكرر ابداً كانوا اشباحاً وهياكل عاريه تطلق حشرجات واهنه وتزحف ببطئ من ظلام القبور نحو الماء والهواء والضوء كانوا موتى احياء يحركون اصابعهم ويطلبون العون المتأخر جداً في لحظه هي الاقرب الى الموت في تلك الزنازين المظلمه سقط بعضهم على الرصيف وتمدد اخرون

 

قرب القطار فيما زحف قسم منهم نحو حنفية الماء اما المغمى عليهم فظلوا على نومتهم حتى بعد رش الماء على وجوههم مما تطلب ارسال سبعة منهم بسيارة اسعاف الى المستشفى

 

وقد استشهد واحد منهم هو الرائد يحيى نادر كان العنصر الامني والحرس جميعاً في ذهول تام وهم يرون المواد الحديديه وقد تحولت فجأة الى مخلوقات بشريه زاحفه من اول عربه وعندها صرخ رجل الامن بأعلى صوته ...هاي رادوا

 

ايخلوها ابراسي.....لنا لقاء في العدد القادم

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014