• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 27 نيسان/أبريل 2014

صرخة أَلم

  نـعـيم عـربـي ســاجت
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

يـقـول الــشاعـر  :

الجسمُ عندي غيرَ أَنَّ الروحَ عندكمُ                                  

فالجسمُ في غربةٍ والروحُ في الوطنِ

ان كل مندائي غيور،صار يشعرُفي كل لحظة يعيشها في دول المهجر، ان جسدهُ يتحرك على ارض الغربة لكن روحهُ هناك تحلقُ في سماء الوطن الأم " بلاد الرافدين " وطن الأجداد والآباء .. مهد الطفولة وملعب الصبا والشباب .. الوطن الذي تركنا فيه قبور ورفات اهلنا وشيوخنا..

رجالُ ديننا العظام الذين رفعوا راية المندائية البيضاء .. عاليةً خفاقةً على

مدى مئات السنين ولم يتركوها يوماً من الايام..وقدعملوا بكل جدٍ واخلاص وتفانٍ من اجل صيانة وترسيخ الديانةالمندائية.. طيَّبَ الحي العظيم ثراهم واسكنهم عوالم النور..اقولُ ان وطننا.. بلاد الرافدين .. قد هجرناهُ قسراً لا اختياراً .. تحت وطأة الظلم والارهاب والموت قتلاً.. وطننا الذي احتضننا عدة آلاف من السنين مع الاديان الاخرى التي نشأَت وترعرعت على ربوعه الخصبة .. ديانة سومر وبابل أكد وآشور والكلدان واليهودية والمسيحية واخيراً الاسلام .. نعم ذلك هو وطن المندائيين ليس كأشخاص وانما ككيان ديني مميز ،هو من اقدم الديانات التي دعت الى عبادة اله واحد وملائكته .. ديانة نقية منزهة عن كل ما يسيئ للانسان ، فقد حرَّمت القتل والزنا والفساد بكل انواعه والسرقة والكذب والنميمة والنفاق والكره والتعالي..ودعت الى المحبة والتسامح والتعاون والسلام بين بني البشر. ان المندائية منذ نشأتها المباركة لم تقم على العنف والاكراه لنشر تعاليمها بين الناس .. وانما أنتشرت بينهم كما ينتشرُ عبير الورود في الحدائق والبساتين .. انها ديانة عرفانية تستند الى العقل والضمير والاحساس الفطري بوجود الخالق الواحد المدبرلهذا الكون اللامتناهي والذي تكوَّنَ من ذاته .. مما لاشكَ فيه ايها الاخوة المندائيون .. ان الطائفة والديانة المندائية يمرانٍ بأَصعبَ مرحلةٍ واقسى محنة ..بعد ان تشردنا في شتى بقاع الارضِ ، وانقطعت جذورنا مع وطن المندائية الام .. يحقُّ لنا اليوم ان نتساءلَ .. اينَ كياننا المندائي السابق؟.. ما مصيرنا ؟  وهل لمندائيتنا مستقبل واضح  ؟ .. اسئلة بأذهان الجميع من المندائيين الحائرين.. المتألمين.. على حالنا اليوم.. بعد ان صارَ كياننا اشبه بمركبٍ حطمتهُ العاصفةُ فتناثرت اجزاؤهُ في البحر وراحت امواجهُ تتقاذفها في كل ناحية .. اذن كيف السبيلُ الى لملمةِ .. تلك الاجزاء ؟؟  ايتها الاخوات .. ايها الاخوة .. هناك تهديدٌ حقيقي للمندائيةِ ، كياناً وديناً .. وذلك مؤكداً ، من خلال ذوباننا في مجتمعات دول المهجر.. إن عاجلاً اوآجلاً .. وذلك بسبب قوانينها وطبيعة الحياة الاجتماعية فيها.. والتي تساعد على انفلات الشباب من الجنسين .. لوجود المغريات الكثيرة التي تدفعهم الى النهم الغرائزي الخطر الذي يؤدي في النهاية الى استهلاك الذات وتحطيم العقل .. وبمرورالايام الى الضياع في متاهات الشر والرذيلة..والذي ينشأ عنه حتماً الابتعاد عن القيم والمبادئ الدينية والاخلاقية ..الامر الذي يُسَهِلُ انسلاخهم عن اسرهم ومن ثم عن طائفتهم لذا نرى أن الواجب يحتمُ علينا جميعاً أن نتدارك هذه الناحية الخطيرة قبل فوات الاوان

.. فلقد كنّا في وطننا العراق بظل مجتمعٍ محافظ لهُ تقاليده و عاداته الخاصة ذات القيم النبيلة كالمروءة والوفاء والعفة والشهامة والغيرة وصيانة الشرف والعرض.. بالاضافة الى ذلك وهو الاهم .. قوة الرابطة الاسرية ، ورابطة الفرد بالطائفة والدين وذلك بسبب تواجدنا ومنذ مئات السنين في تجمعات متقاربة بالسكن داخل الوطن الواحد، ونحنُ الآن تائهون .. مشردون بلا وطن .. اذن 

( نكون او لانكون .. تلك هي المسألة ) .. كما يقولُ شكسبير. اي اننا اما أن نحافظ على ديانتنا وطائفتنا.. كما حافظ اجدادنا وآباؤنا عليها ..ولذلك علينا ان نتكاتف جميعاً كباراً وصغاراً.. يداً واحدةً وقلباً واحداً ونترك اللامبالاة والانانية والعصبية العائلية العشائرية .. ولا ندع هذا الامر على عاتق رجال الدين فقط وهم غير مقصرين في ذلك .. بل هو دور المجالس والجمعيات المندائية في كل العالم ،وعلى عاتق كل اسرة مندائية يقع دور كبير في هذا .. جميع افراد الاسرة لهم دورٌ اساسي فالاسرةُ هي حجر الاساس للديانة المندائية وهي في ذات الوقت الساحة لتطبيق ديانتنا ، فإذا تمسكت الاسرةُ  بإعتزاز وحب في تطبيقها كانت دعامةً قويةً للكيان المندائي ..  ( اولانكون . . فندع الحبلَ على الغارب لنضيع وتضيعُ جهودُ كل الخيرين هباءً .. فلنتمثل بقول الشاعر العظيم ابو العلاء المعري حيثُ يقول :

ما دان الفتى بحجىً ولكن    يعلمهُ التدينَ اقربوهُ

وينشأُ ناشئُ الفتيان منا         على ما كان عوَّدهُ ابوهُ

إن في تباعدنا وتشتتنا .. ضعفنا وضياعنا وتلاشينا .. وبالعكس تماماً فإن تقاربنا وتماسكنا وثباتنا .. بقاءٌ لكياننا وديانتنا على مر السنين والأجيال ، اذن ليرتفعَ كلٌ منا الى درجةٍ عاليةٍ من الشعور بالمسؤولية ولنفكرجميعاً بالسبل التي نخدمُ بها طائفتنا بتفانٍ واخلاص وليذيب كلٌ منا ذاته وحياته في الطائفة المندائية الكريمة ..ويجعل كل ما هو خاص بنفسه خاصٌ بها .. ولتكونوا ايها الاعزاء على يقين بأن تكاتفنا وغيرتنا على بعضنا وتعاطفنا هو الزيت الدائم الذي يغذي شعلة بقاءنا على امتداد الزمن .. فليحفظنا الحي العظيم جميعاً .. والحياةُ والنجاةُ للمندائـــية .

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014