• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 24 تموز/يوليو 2014

السارق اللطيف

  نعيم عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)


شبابنا المندائيون الاعزاء .. بنات واولاد
.. مراهقون ويافعون وناضجون .. اليكم
كتبت هذا الموضــــــو ع ــ

دأب الانسان منذ بدايات حياته على هذه الارض ، وخلال مسيرته الحضارية الطويلة .. يسعى لإِكتشاف الاشياء والوسائل التي من شأنها ان تحقق له احسن المنافع والفوائد لإِرتقاء حياته .. فنراه يتدرج في مضمار الاكتشافات والاختراعات من مرحلة الى اخرى بدءاً
باستخدامه العصا والادوات الحجرية واختراعه العجلة واستخدام المعادن ومعرفته الكتابة مروراً بكل اكتشافاته واختراعاته الحضارية التي دخل بها عصر النهضة .. فكانت انجازاته الرائعة في العلوم والفنون والآداب والفلسفة وفن العمارة وبناء المدن ..ثم العصر الحديث حيث امتلك الانسان القطار والسيا رة والكهرباء والراديو والتلفزيون وسفن الفضاء واستخدام الذرة للاغراض السلمية واخيرا الكمبييوتر والانترنيت حتى سُمِّيَ عصرنا الحاضر بعصر الانترنيت لِأَنَّهُ دخل في صلب اغلب مجالات حياتنا . لقد اقترنت كافة المنجزات الحضارية التي ذكرناها بِأَعظم المنافع والفوائد التي وفرت للإِنسان وسائل حفظ بقائه من تهديد كوارث الطبيعة .. وتحسين حياته من جميع النواحي بجعلها اكثر رفاهية واستقراراً ..حياة يقل فيها التعب والعذاب وتتحسن الصحة بالقضاء على اغلب الامراض .. حياة وجد فيها الانسان. الوقت الكافي لينهلَ من العلم والثقافة والفن والادب وممارسة فنون الرياضة والسياحة والتجول بين احضان الطبيعة لاكتشاف العالم و اسرار الكون .. ولكن ما ان دخل عصره الجديد عصر الانترنيت حتى راح يهجر امه الطبيعة الجميلة الساحرة ويقطع جذوره بها ويسقط رويداً رويدا ًفي دوامة التعب والآلام عندما صار يغرق تماماً بعالم الاجهزة الرقميةِ .. الكومبيوتر والانترنيت والبلي ستيشن والمبايل بانواعه حتى غدا وخاصة الشباب جزءاً منها او سجيناً داخلها .. لقد سيطرت تلك الآلاتُ الرقميةُ عليهم تماماً الامر الذي جعل الكثير منهم حتى الصغار الذين بعمر السبع او العشر سنين يدمنون على استخدامها فهم يقضون الساعات الطوال نهاراً وليلا ًوالتي تصل عند بعضهم الى اكثر من عشر ساعات في اليوم ملتصقين بها كالطفل الرضيع الذي لا يفارق ثدي امه ، اما على الانترنيت و البلي ستيشن في البيت والمحلات ، اومع المبايل بانواعه في الطرقات والقطارات فتراهم مشدودي الاعصاب وعيونهم شاخصةً نحو الشاشات غير عابئين بمن حولهم من اخوانهم البشر وهم في حركتهم وافراحهم ومشاكلهم ولا الطبيعة وما فيها من جمال وبهجة .. ومن نتائج السهر مع الانترنيت ومع التعب والارهاق الفكري يصاب الكثير منهم بالامراض النفسية والعصبية والانعزال والسلوك العدواني واحيانا الخروج عن الاخلاق والآ داب وعدم احترام الآ خرين نتيجة مشاهدتهم للبرامج القذرة الملوثة ..كما يصابون بضعف البصر وحتى العمى وتدهور الجهاز العصبي واحيانا الجلطة الدماغية والسكتة القلبية .. وقد سمعنا وقرانا عن حالات الكثير من الشباب في اورباوامريكا والصين واليابان ادخلوا مصحات الامراض النفسية والعصبية من تأثيرات الادمان على الانترنيت .. فكثيرٌ من الاشياء الجيدة التي امتلكها الانسان اذا استخدمها استخداما خاطئا او مفرطا اضرته اشد الضرر حتى الغذاء والدواء اذا لم ناخذه بكمياتٍ وشروطٍ محددةٍ يضر بصحتنا وربما يميتنا ؛ وهناك مخاوف من ان تدمر التكنولوجيا العصرية المدنية الانسانية وتنتزع المواطن من انسانيته وتحوله الى مواطن معلومات واجهزة رقمية وبالتالي قد تؤدي الى فقدان القيمة للتجمعات البشرية ؛ تلك التجمعات هي التي صنعت في الماضي البعيد كل منجزات ـ التكنولوجيا والعلوم والفنون والآداب والفلسفه والقوانين .. الخ . فلم تعد اليوم الاماكن الفسيحة الجميلة على الارض وسائل للقاء الانسان بأخيه الانسان بل صار اللقاء والاجتماع عبر ــ الانترنيت ــ الذي يجري البث عبر شبكاته من مكان الى آخر بسرعة الضوء مما يجعل المرء دائم الدهشة والانشغال في عجلة من امره .. نعم لقد تحولت الاماكن الجميلة للقاء الناس بين احضان الطبيعة في السابق الى فضاء ـ كهرومغناطيسي ـ لتدفق المعلومات ليل نهار .. إذاً فالعقل السليم لا الاهواء والرغبات يحتم علينا ان لا نجعل من هذه الاجهزة الرقمية التي اصبحت من ضروريات هذا العصر..علينا ان لا نجعل منها كل شئ في حياتنا .. لا ندعها تستعبدنا وتلغي مشاعرنا الانسانية وتبعدنا عن امنا الطبيعة الرائعة التي تمدنا بنسغ الحياة والعافية والنشاط والفرح والاحلام والتأمل فمن ذلك التأمل وتلك الاحلام انتج الانسان ـ روائع الفكر والادب والفنون ـ.. ولاندعها تسلب مناالقيم الاخلاقية والعواطف الانسانية النبيلة وتميت في دواخلنا الشعور بالإِنتماء الاسري وتجعل منا تابعين لها نتحرك بإشاراتٍ تفرزها احشاؤها الرقمية .. ان الادمان عليها يجعل منا اناسا آليين بلا احاسيس بشرية بل باحاسيس رقمية .. متقزمين ، تائهين ..يجب علينا ان لا ندعها تسرق منا حلاوة الحياة وتأكل اعمارنا رويدا ً، رويداً ونحن لانشعر .. يجب استخدام الانترنيت استخداماً عقلانياً وللحالات الضرورية جدا مثل الدراسة والعيادات الطبية والمستشفيات ودوائر الدولة وفي حياتنا لمعرفة حالة الطقس واوقات سير وسائط النقل ودفع الفواتير والمعاملات المصرفية .. الخ على ان لا يتعدى استخدامنا ٌ للانترنيت الساعتين اوالثلاث ساعات في اليوم .. فعمرنا محسوبٌ ٌبالدقائق والساعاتِ .. فكيف نُضَيِّعُ مئاتَ الآلافِ من الساعاتِ وملايين الدقائق من عمرنا القصير في سجن الآلات الرقمية التي ذكرناها ؟ ..فرفقاً بشبابكم وحياتكم فهي اثمنُ ما في الوجود ..انها حياةٌ واحدةٌللانسان لاتتكرر. .فحذاري ثم حذاري ان يسرقها ويسرقكم منا ايها الأَبناءُ الاعزاء ..ويسرق منكم جمال الطبيعة وروعة التأمل .. هذا السارق اللطيف الذي اسمه ( الانترنيت ) ـ

ــ لقد نشر هذا الموضوع في مجلة ( الصدى ) العدد 51 في آذار 2012

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014