• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 18 آذار/مارس 2015

الكُنى والألقاب لدى المندائيين

  مؤيد مكلف سوادي
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

ان المندائيين ليسوا عشائر او قبائل بل طائفة عريقة لها أصالتها وجذورها التاريخية والدينية.

المطلع على مجريات تاريخنا يعرف بأن اجدادنا المندائيين عاشوا منذ بداية وجودهم ومنذ ظهور دينهم بحاله انسجام واتفاق تام.
وكان الرباط الديني هو أقوى رابط وحد ما بين قلوبهم فساروا بمقاضى تعاليمه وطقوسه وتقاليده ألوف السنين وانصهروا في بوتقه المندائية ... وكذلك لا يجد المتصفح اي إشارة الى تقسيمات حدثت في صفوف المندائيين.

كان الكل مندائيين قلبا وقالبا ... ولكن ظهر في بعض الدواوين والازهارات* اسماء ( كنايين ) جمع كنيانه او كُنية ، لها معان وتفاسير وقد أطلقت على بعض المندائيين لأسباب نجهلها وفي ظروف لا نعرفها ... لكنها على اي حال لم تكن تميز بين هذا وذاك ، بل كانت للتعريف فقط ، وليس لتمييز أسرها عن اخرى ، ودون ان تحدث ثغرات او فجوات بين صفوف ابناء الطائفة.
واغلب الظن ان هذة ( الكنايين ) قد برزت خلال المسيرة الطويلة ، ويقال انه كان للمندائيين ستون كنيانه في زمن ما ، اي ستون بيتا ثم اندثر عدد كبير منها وانتهى لأسباب شتى ومن الكنايين التي اندثرت على سبيل المثال ،
الدوداني ، توتو ، المعيلي ، الفرابي ، النيروزي ، ، بهيير ، شوكار ، فراح ، المعيكي ، ساكيرا ، دقنانا ، وغيرها
وبقيت أسمائها فقط في هوامش الكنزا ربا وغيرها من الكتب الدينية اما ما تبقى منها الان فأثنتا عشر كنيانه فقط ، وأسماؤها خليط مابين اللغة المندائية او كلمات مركبة او صفات او اسماء جدود ، وهي كما يلي .. ( ريش دراز ، كومه ، هيوارا ، رسيتم ، باصة قاص ، كهيلي ، عسيكر ، جعفوري ، كِطانه ، صابوري ، عزيز ، رام زيوا )

ونعود فنقول :- ان هذة الكنايين لا تشكل حواجز ما بين المندائيين او تقسمهم الى عوائل متنافرة متباعدة ... انها مجرد تسميات تطلق للتعريف فقط ...

فالكنية في اللغة العربية هي ما يتكنى به الشخص من اجل ان يعرف به.

ولقد دققت كثيرا في اسماء العوائل المندائية وسألت رجال ديننا الأفاضل وبحثت في الكتب الدينية وسلالات الجدود فوجدت ان اسماء ( خميس و مندو و زهرون و كلمش و عزيز و جيزان و دهيس و كحيل و سيف و كيلان و عساكر و بنكان و صابور و عزاز و فريج و عامر و جعفوري وعثمان ومهنا و سبتي ) التي يتكنى بها المندائيون ما هي الا اسماء جدود لا اسماء عشائر او قبائل وان اغلبها قد ظهر حديثا
في فترة لا تتجاوز الستة او العشرة اجيال الماضية .. اما كيف ولماذا ظهرت هذة الألقاب والكنى وأسماء الجدود وبرزت للوجود في زماننا فأن لذلك اسبابا عديدة سنجملها كما يلي :-

١- بسبب التحالفات التي برزت في القرنين التاسع عشر والعشرين بين بعض العوائل المندائية و العشائر في جنوب العراق لغرض الحماية وحفظ الحقوق .. فكان رئيس العشيرة يسأل المتحالف معه :- انتم من بيت مَن ؟ فيقول :- من بيت فلان ... وينتسب هنا لاحد اجداده البارزين وتبقى هذة الكنيه عالقة به. كما انه في هذة الحالة يكون ملزما بأطاعة أوامر العشيرة التي حالفها وخاضعاً لما يترتب عليه من تلك العلاقة ، حتى انه كان يُسمى بها وينتسب اليها.

٢- بعد ايام الحكم الوطني عام ١٩٢١م بدأ المندائيون بالارتحال الى المدن الكُبرى مثل بغداد والبصرة وغيرهما ومارسوا مهنتهم المفضلة ( الصياغة ) التي اتقنوها على مر الازمان وقاموا بفتح دكاكين للعمل فيها.
فوجدوا انهم بحاجة الى تعريف انفسهم للناس ، ما يقتضيه ذلك من التنافس فيما بينهم ، فكتبوا لافتات على الأبواب ذكروا فيها اسماءهم و ألقابهم ، فطلعت علينا اسماء الصائغ فلان الخميسي وفلان السبتي وفلان الكحيلي وفلان العزازي ... الخ وهكذا عادوا الى اسماء جدودهم لتعريف انفسهم.

٣- بدأت الدولة بعد عام ١٩٣٠ بمنح الجنسية العراقية وشهادة الجنسية للمواطنين وكذلك بدأت بتسجيل الاملاك في دوائر الطابو ، وهنا اقتضت الحاجة الى ابتكار ألقاب ، وبما ان المندائيين ليسوا عشائر ولا ينتسبون الى قبائل فقط التجأوا الى اسماء جدودهم فكان ألقاب الخميسي والمندوي والزهيري والبنكاني والكيلاني ... الخ

٤- حين تخرج شباب مندائيون في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي وأصبحوا موظفين في الدولة وحين تجندوا في الجيش اضطروا الى التفتيش عن ألقاب لهم فعادوا الى اسماء جدودهم واتخذوها ألقابا.

٥- كما ان بعض التسميات كانت أوصافًا أطلقها بعض رؤساء العشائر جزافاً على بعض المندائيين فترسخت على النفوس وشاعت على الأسماء وكأنها تسميات لهم وهي في حقيقتها قيلت لأسباب يقصد بها الوصف ،
كما ان بعض المندائيين قد اتخذوا من مساقط رؤوسهم ومناطق سكناهم ألقابا لهم مثل (خفاجي) نسبة الى مدينة الخفاجية وكذلك (اهل الحويزة) او (شوشتريه) نسبة الى شوشتر ... الخ

يتبين من هذا ، وكما هو معلوم بأن المندائيين ليسوا عشائر او قبائل بل طائفة عريقة لها أصالتها وجذورها التاريخية القديمة ، ولهذا ينبغي علينا مع اعتزازنا بأسماء جدودنا ، الا نظهر تلك التسميات كأنها امر واقع او حقيقة لازمة لأننا بمجموعنا صابئة مندائيون نلتزم بالدين ذاته وبالطقوس والتقاليد ذاتها.

وعلينا ان ننتبه الى نقطة حساسة الا وهي :- عدم زرع هذة التسميات بأذهان اطفالنا وهم في عمر الزهور وبراءة الطبيعة ، خاصة وأنهم قد فتحوا اعيونهم في المندي والنادي على التسمية المحببة
( الصابئة المندائيين )
فينبغي ان لا نخلق حواجز نفسية في اذهانهم بهذة التسميات.

ولا يفوتني هنا ان أقول بأنه بعد عام ١٩٩٠ من القرن الماضي ارتأى قادة الطائفة آنذاك إيجاد هذة التسميات العائلية لأغراض تنظيمية فقط بعد وضع النظام الداخلي للطائفة واقتضى الحال انتخاب مجلس عموم لها ضمن تشكيلاتها.

إذن فأن قيام هذة التقسيمات العائلية هي كان وسيلة وليست غاية وما علينا الا ان نستظل جميعا بظل طائفتنا الوافر ونحتمي بدوحتها مع اعترافنا بأن الحياة تسير دائماً الى امام.

* الازهارات :- شروح يكتبها النساخ توضح زمن الاستنساخ واهم الأحداث التي تعاصرهم وعن الكتاب الذي استنسخوا منه.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014